و لكن كان الذي لم يكن في الحسبان؛ حالة تدافع قوية مبنية على الخوف من " الجوع " من أجل الحصول على مساعدات من قبل هيئات خيرية متطوعة في سبيل الإحسان و التكافل بمدينة الصويرة منطقة " سيدي بوعلام" و ذلك للضرر و الحاجة الاجتماعية المعيشية القاهرة التي تعيشها كثيرا من الأسر المغربية و خصوصا العنصر النسوي. لقمة العيش و الحاجة الماسة لضمان قوت اليوم دفعت بـ " شهيدات" الفقر إلى " التدافع" و محاولة الاستفادة من أدنى شيء بإمكانه أن يجعل الحياة قابلة لتقبلها و استمرارها لبعض الوقت في انتظار محسنين آخرين و رزق آخر ! هذا وضع المجتمع المغربي العميق و وضع كثير من المجتمعات العربية التي ما زالت تسير بسياسات فاشلة و عقيمة و فاسدة أفرزت هذه الاختلالات العميقة و الخطيرة في النسيج الاجتماعي و صارت ضروريات الحياة من بين الكوابيس التي تنغص عيش المغلوبين على أمرهم .. هذه الضروريات و المتطلبات تحولت من حقوق أساسية و بديهيات كونية لا نقاش فيها، حولتها " عنتريات" الحكم بالإنقلابات و بالوراثة و التزوير و القمع بكل إشكاله إلى امتيازات يصعب على المحكومين الحصول عليها.. لا يقتصر الأمر فقط على المغرب الأقصى الشقيق بل هذه الأوضاع تتشابه و بدرجات متفاوتة من بلد إلى آخر في القطر العربي.
في أوطاننا العربية هناك من يحرق نفسه بشهادته الجامعية حيا احتجاجا على ظروفه القاهرة المعدومة الكرامة.. و هناك من ينكل بنفسه أمام إدارات حكومية و يهدد بتفجير أو قتل نفسه ما لم يوفر لأسرته سكنا كريما و هناك من يختار سبيل التطرف أي ما يسمى " الجهاد" و الإجرام ليوجه خنجره و رصاصه صوب صدور الضعفاء مثله مقابل المال ، و هناك من يصبح قاطعا للطرق و مقتحما للبيوت و حرماتها في سبيل الحصول على شيء مادي يستطيع من خلاله الاستمرار في الوجود. ما دامت أنظمة كثيرة عربية تتشدد من أجل البقاء و تشد على حبل الإقصاء و الفساد و زرع أكثر مسببات الحرمان و الفقر. إن الفقر ، الحاجة ، التهميش و الظلم أو اللاعدالة الاجتماعية هم أمهات الخبائث و الموبقات!
لو مات مواطنا واحدا في أوروبا أو في بلد متقدم آخر و كان المتسبب هو الجوع و الفقر لسقطت كل الحكومة ؛ أو على أقل تقدير يتم عزل الوزير المكلف بالقطاع، أما في أوطاننا تموت جموع من النساء و الأطفال بفعل دهس "الأقدام الشقيقة الجائعة" بدافع الرغبة في ـ احتمال ـ الاستفادة من الإعانات الغذائية دون أن يرتد طرف السلطة القائمة و عدم شعور تام بمسؤولية هذه الجريمة.. في أوطان بعيدة نتهمها دائما جهلا و غباءا بالكفر ، تدرج أو تصنف حادثة كهذه في خانة الجرائم البشعة و تتابع قضائيا الوزارة أو الحكومة بتهمة : " تعريض المواطنين إلى الخطر مع إعطاء ( الموت) ـ دون قصد ـ " مع المطالبة بالتعويضات و الإدانة بالعقوبة القصوى !
عندنا نكتفي بالبكاء و الاحتساب إلى الله و توكيله ضد المتسببين ، و قد نسينا بالمرة أن معجزة " الموائد" المنزلة من السماء انتهى عهدها مع " عيسى " عليه السلام و أتباعه، فإذا ما ثرنا مطالبين بالعدل و الإحسان و الكرامة الإجتماعية نُتهم بالتطرف و التآمر على الوطن و تحركنا أيادٍ خارجية !تضحكني بعض الدمى ذات الأصول العربية المصنفة في خانة " الكتاب و المثقفين" كالكاتبة الصحفية " ليلى سليماني" المغربية الفرنسية الجنسية ، التي اشتهرت في السنوات الأخيرة بحملاتها التشويهية لمجتمعها الأصلي المغرب ، حيث تطرح انتقاداتها متجنية بذلك على المجتمع و المرأة المغربيين و حصرتهما في مجتمع متخلف و متطرف تحكمه طابوهات جنسية و حسبها يجب تحرير الشبيبة المغربية من هذه الطابوهات و يجب أن تتكرّس في المجتمع المغربي ثقافة الجنس و الحرية في ممارسة طقوسه دون أي رادع عاداتي أو ديني . و تتخذ كمقياس بعض الشهادات من نساء مغربيات لا يمثلن كافة أطياف المجتمع المغربي العربي. و كتابها المنشور منذ شهرين :"جنس و أكاذيب ..الحياة الجنسية للمغاربة!" .. ليلى سليماني مناضلة في الجمعيات التحررية النسوية ـ الأنوثية ـ الفرنسية و صديقة الرئيس الفرنسي و ممثلته الرسمية للفرونكوفونية تريد إسقاط " خيالها و رغباتها و تحررها الجنسي الشخصي على بيئة مختلفة رغم فوارقها الإجتماعية. حادثة الصويرة بكل ما تحمله من مأساة إنسانية تؤكد ما قلناه و كتبناه في وقت قريب حول " ظاهرة ليلى سليماني" و الجهات التي تحركها ضد جذورها الأصلية باسم الأدب و الثقافة و المساواة .. فالأسرة المغربية و العربية ليست بحاجة إلى دروس ليلى سليماني و توجيهاتها و لا إرشاداتها في مسائل و قضايا " النيك بلا حدود و لا عوائق أخلاقية " بل هي في حاجة ماسة إلى حياة كريمة خالية من الحاجة و الجوع أما الفروج الهائجة و الجائعة في وطننا عليها أن تنتظر حال ما يسد رمق الأمعاء و البطون؛ فعندما تشبع المعدة ربما سيغني الرأس ويرقص الفرج فرحا على منوال مثلنا العربي الشعبي:" كي تشبع الكرش يغني الراس"! !
ـــــ
- Pour visiter notre page FB, cliquez sur ce lien:
طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة
: https://www.facebook.com/khelfaoui2/