wrapper

الخميس 28 مارس 2024

مختصرات :

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

 

بدأ الخناق حول نتنياهو يضيق والحصار عليه يشتد، والحرب عليه تتسع والتآمر عليه يزيد، والجموع من حوله تنفض، والأرض من تحته تميد وتهتز، والنار من حوله تشتعل وتضطرم، وخفتت الأصوات المدافعة عنه وانخفض مستوى التأييد له، وأخذ التململ في حزبه ضده يزداد، والحراك في الشارع لإسقاطه يكبر، وأخذ المنافسون له في قيادة الحزب ينظمون صفوفهم ويوحدون كلمتهم، ويدعون لانتخاباتٍ تمهيديةٍ تقصيه،

وقيادةٍ للحزب جديدةٍ تستثنيه، وبات خصومه في الأحزاب الأخرى يحرضون عليه، ويشجعون على اختيار بديلٍ له، يكون لهم شريكاً ومعهم في الحكومة رئيساً، وقد أصبح الرأي العام المحلي يقبل ذلك، والإدارة الأمريكية لا يزعجها استبداله، سواء بآخر من حزبه أو ببني غانتس زعيم حزب أزرق.

أمام هذه الحقائق المزعجة تضاءلت آمال نتنياهو في مواجهة خصومه، وتراجعت حظوظه بتجاوز أزمته واستعادة مكانته، وباتت الطرق كلها أمامه إلى المحكمة مفتوحة، وفي مواجهة القضاء مشرعة، وللدخول إلى السجن محتومة، ولم يعد أمامه من فرصةٍ للنجاة أو سبيل للفرار إلا بمعجزةٍ تنقذه، أو مفاجئةٍ تنجيه، أو كارثةٍ تشغلهم عنه، أو حربٍ تلجئهم إليه، أو موتٍ يغيبه، أو عفوٍ يجرده، أو اعتذارٍ واعتزالٍ واستقالةٍ تذله، وغير ذلك لن ينقذه من مصيره المحتوم وخاتمته الوخيمة ونهايته الأليمة، ولعل اضطرابه الأخير وتخبطه اللافت، وتصريحاته الحادة، واتهاماته الموزعة، وتشكيكه بمؤسسات الكيان الشرطية والقضائية والأمنية، تؤكد عمق مأزقه، وتشير إلى قرب نهايته.

ولكن نتنياهو ليس هو الوحيد المتضرر من غرقه، والخاسر من رحيله وإقصائه، بل إن آخرين سواه سيطالهم بعض الشرر أو الكثير من الضرر، ولهذا فإنهم وفي مواجهة الأخطار المحدقة بنتنياهو، ولتجنب المصير المريع الذي ينتظره، والخاتمة المخيفة التي تترصده، فقد انبروا والفريق المحيط به في حزب الليكود، وقادة الأحزاب الدينية المؤيدة له والمشكلة للكتلة اليمينية المتحالفة معه، بالقيام ببعض الخطوات والإجراءات التي من شأنها إبعاد شبح الإدانة والمحاكمة، والسجن والتجريد عنه، وإبطال الدعوات إلى عزله، والتقليل من فرص استقالته وتنحيه عن منصبه، وهو الأمر الذي يعتبرونه حد المقصلة القاتل الذي وقع فيه أيهود أولمرت، الذي قدم استقالته من رئاسة الحكومة فساق نفسه كبشاً بلا قرونٍ للمحكمة والقضاء، الذي أدانه وعاقبه، وحبسه وجرده، وقد كان بإمكانه أن يتحصن بمنصبه، وأن يحمي نفسه بما نص عليه القانون.

بدأت المظاهرات الشعبية تجوب شوارع تل أبيب وكبريات المدن والمستوطنات الإسرائيلية، ينظمها المتطرفون والمتدينون، والقوميون واليمينيون، يرفعون فيها صور نتنياهو ويؤيدونه في معركته القضائية، ويرفعون شعاراتٍ يهاجمون فيها المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت، الذي عينه نتنياهو شخصياً وقدمه بنفسه لهذا المنصب الرفيع، فإذا به ينقلب عليه ويقدمه للقضاء متهماً، وقد كان قادراً على مساعدته والوقوف معه، بل إنهم يتهمونه بعدم الإنصاف والموضوعية، وبأنه لا يتحلى بالنزاهة والمصداقية، وأنه رأس الأفعى إذ كان يعلم بحجم الضغوط التي تعرض لها الشهود، وبأن الأدلة التي جمعت لإدانة نتنياهو قد جمعت بطرقٍ غير شرعية، وقد كان من الممكن الطعن فيها وعدم القبول بها، لكنه شجع الشرطة ودفع الشهود وحرض الخصوم.

أما جهات الاستطلاع والشركات العاملة في السبر والاستبيان، فقد أكدت جميعها أن حزب الليكود قويٌ بنتنياهو وضعيف بدونه، وأنه يستطيع المنافسة والحصول على نسبة تمثيلٍ عاليةٍ في ظل رئاسة نتنياهو له، لكنه يهوي وينهار، وتتراجع حصصه ويقل تمثيله في مواجهة حزب أزرق أبيض وغيره، في حال أقصي نتنياهو عن رئاسة الحزب، وجيء بآخرٍ مكانه، علماً أن المسافة التي تفصل بينه وبين ساعر في رئاسة الليكود كبيرة لصالحه، فضلاً عن أن آخر استطلاعات الرأي تشير أنه الأكثر شعبيةً لتولي رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وأنه ما زال رغم الاتهامات الموجهة إليه يحظى بتأييدٍ شعبي كبير يتفوق به على بيني غانتس.

لعل هذه المؤشرات الاستقرائية مرسومةٌ ومقصودة، وقد تكون مهنية ونزيهة، إلا أنها في كلا الحالتين تحمل رسائل متعمدة وموجهة إلى جهاتٍ عدةٍ، أولها إلى خصوم نتنياهو والقضاء الذين يتربصون به، ويهيئون الساحة السياسية لغيابه، مفادها أنه ما زال الأقوى والأكثر تمثيلاً والأوفر حظاً، وإلى أعضاء حزبه المؤيدين له ليتمسكوا به، وإلى المخالفين له والمعارضين لرئاسته لييأسوا ويتخلوا عن مطالبهم، ويتوقفوا عن الدعوة إلى إجراء انتخاباتٍ تمهيديةٍ لإقصائه واستبداله، وهي أيضاً رساله إلى تحالفه اليميني ليتمسك به ويحافظ على إطاره، كونه ما زال الأقوى، والأكثر حظاً للعودة والبقاء، ولعلها رسالة مباشرة إلى زعيم البيت اليهودي أفيغودور ليبرمان ليعود أدراجه إلى حليفه القديم وصديقه الأول، فهو رهانه الصحيح وخياره الأمثل.

مظاهر التأييد الشعبي لنتنياهو تزداد، وجموع المتدينين تتحرك، وقطعان المستوطنين تتنظم، ومواقع التواصل الاجتماعي تشتعل، والأحزاب القومية والدينية التي ألقى لها نتنياهو في الوقت بدل الضائع ببعض العظام البالية تحلم بمستقبلٍ أفضلٍ وتمثيلٍ أوسع في حال عودته، والجيش والمؤسسات الأمنية الطامحة لمزيدٍ من الدعم والتمويل، يقودها وينوب عنه في إدارتها مؤيدوه، الذين يصعدون لخدمته، ويسخنون الجبهات لمساعدته، وينفذون الغارات ويعتدون ويغتالون أملاً في إثبات أنه الأقوى والأجدر، وكأن الجيش والأمن قد قررا أن يكونا في خدمته، وأن يسخرا قدراتهما وإجماع الشعب عليهما لمساعدته، فهل يقوى الحراك الشعبي الإسرائيلي على حماية ويحول دون محاكمته وإدانته، أم أنه الحراك الذي سيسقطه، والغضب الذي سيلعنه والنار التي ستحرقه.

بيروت في 27/11/2019

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصر ي الكلمة الحرة و العدل

لتحميل الملحق الشهري العدد 12 أوت 2019

و مشاركته عبر التويتر أو الرسائل القصيرة هذا الرابط الخاص:

https://pdf.lu/q9EY

المسنجر و البريد الإلكتروني  و واتس آب  استعملوا هذا الرابط :

https://www.fichier-pdf.fr/2019/11/09/----12--2019/

لمشاركته على موقع أو مدونة يجب نسخ هذا الرابط و لصقه على محرك البحث:

<a href="https://www.fichier-pdf.fr/2019/11/09/----12--2019/">Fichier PDF ملحق الفيصل الشهري  العدد12ـ أكتوبر 2019.pdf</a>

Pour télécharger le supplément  mensuel de "elfaycal.com" numéro 12 en format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :