wrapper

الخميس 28 مارس 2024

مختصرات :

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

 

ما زالت كلماته حاضرة ومواقفه ثابتة، وقناعاته راسخة وقيمة سائدة، وكأنه حاضرٌ بيننا لم يغب، رغم أنه قد مضى على رحيله اغتيالاً سبعةٌ وأربعون عاماً، عندما زرع عملاء المخابرات الإسرائيلية في سيارته وتحت مقعده عبوةً شديدةَ الانفجار، أدت إلى استشهاده وابنة أخته لميس في بيروت في الثامن من تموز 1972،

إلا أنه ما زال بيننا حاضراً بقوةٍ بكتبه الرائعة ورواياته الرمزية، ومقالاته الحرة ومقابلاته الوطنية، وكلماته المدوية ومواقفه الصلبة، وصورته التي لا تغيب عن المحافل، ولا تزال تتصدر المعارض والمؤتمرات.

غسان كنفاني الأديب الراوائي المقاوم المناضل، الكاتب الإعلامي الفلسطيني المقاتل، مؤسس مجلة الهدف ورئيس تحريرها الأول، يذكرنا دوماً بمواصفات المثقف القومي العربي المناضل، وقيم الكاتب والمفكر الوطني الفلسطيني الحر، الذي يمزج مداد كلماته بدماء قلبه، وينسج حروف مقالاته من معاناة شعبه، ويكتب صفحات رواياته من قصص وحكايا أهله، ويلون بالصوت النابض والكلمة الحرة لوحاته الوطنية التي جاءت على صور كتبٍ ومقالاتٍ ومقابلاتٍ ولقاءاتٍ، ما زلنا نشعر بقيمتها، ونستلهم وطنيتها، ونسمو بمعانيها، وكأنه بها يذكرنا بقدسية قضيته وطهرها، فهي التي من أجلها ناضل وفي سبيلها استشهد.

غسان كنفاني كان ولا زال في القمة، إذ كان عالي الهمة، شديد العزم، صادق القول، حر الكلمة، رصين الفكرة، صائب الرأي حازم الموقف، محدد الاتجاه عالماً بالطريق، وعارفاً بالسبيل، مدركاً للعدو خبيراً فيه، مطلعاً على خفاياه وعالماً بعيوبه، مقدراً لشعبه الفلسطيني العظيم وواثقاً بقدراته، فعرف أن الإنسان في نهاية الأمر قضية، وأن من حق الفلسطيني أن يناضل من أجل قضيته ولو استشهد في سبيلها أو أعتقل ونفي وشرد، وأكد طوال حياته بعزمٍ وقوةٍ ويقينٍ وبأسٍ شديدٍ، أنه يدع أحداً يسلبه حقه، وقد استشهد وهو على عهده، متمسكاً بوعده، وغير ناكثٍ بقسمه.

كان غسان يريد بقلمه الثائر أن يثأر لشعبه، وأن يستعيد حقه، وأن يحرر وطنه، وأن يعود إليه وأهله، فما اعترف بالعدو ولا استسلم للواقع، ولا قَبِلَ بقوته ولا أقر بتفوقه، بل اعتد بقوته وشعبه، وتأكد من قدرته وعزمه، واستنكر مبكراً التطبيع مع العدو والجلوس إليه والتفاوض معه، وأنكر على مثقفي زمانه مجالسته ومحاورته، ولو عبر شاشةٍ تلفزيونية أو على صفحات وسيلةٍ إعلامية، واعتبر أن مفاوضة العدو لا تكون بغير السلاح، ومحاورته لا تتحقق بغير البندقية، فالسلاح قوة واستخدامه ضد العدو عزة، والتفريط به ضعفٌ، وتسليمه أو التنازل عنه مذلةٌ وهوان.

غسان كنفاني استشرف المستقبل قبل غيره وقال عن محادثات السلام أنها وهمٌ وسراب، وأن حوار العدو خيانة ومجالسته تفريط وتنازل، وأدرك أن العدو كاذبٌ ماكرٌ، وأنه خبيثٌ غادر، ولكنه خواءٌ ضعيفٌ وكيانٌ خائفٌ مهزوزٌ، لا تبقيه القوة ولا تحميه تحالفاته، ودعا شعبه إلى الصمود في قتاله والثبات في مقاومته، وإلى التأسي بمن سبقهم من الشعوب، إذ قاتلوا أعداءهم حتى دحروهم من أوطانهم، وأخرجوهم من بلادهم، ولم يمدوا إليهم يداً للمصالحة، ولا كفاً للسلام، إلا أن تعود إليهم حقوقهم، ويتحرر وطنهم، ويعود اللاجئون إلى ديارهم.

أغاظهم قلمه فقتلوه، وأزعجهم فكره فاغتالوه، وآذاهم موقفه فغيبوه، ولكنهم ما علموا أنه بذر في الأرض المباركة بذوراً طيبة فأحسن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين غراسها، فأنبتت من بعده رجالاً آمنوا بفكره، وامتشقوا قلمه، ورددوا كلماته، وحملوا البندقية، وواصلوا المقاومة، وأقسموا بالله جهد أيمانهم أن ينتقموا له ويثأروا من قاتله بالحفاظ على ثوابت شعبه، والتمسك بحقوقه وقيمه، وعدم التفريط في أيٍ منها، إذ بهذا يتحقق الوفاء، ويخيب رجاء العدو، ويعض أصابعه ندماً على ما اقترف، وقد خلفت دماء غسان من بعده رجالاً كباراً، ومقاتلين شجعاناً وقادةً أبطالاً، وما زال مداد دمه لم يجف، وعطاء فكره لم ينقطع، وباتت مواقفه شعاراتٍ خالدة، وأهدافاً سامية، ستتحقق يوماً ولو طال الزمن.

سلام الله عليك غسان، أيها القلم المبري وطنيةً، السيال صدقاً، الوفي موقفاً، أيها المثقف الجليل والمناضل الأصيل، يا صاحب الهدف وصانعه، يا ابن الجبهة التي ما زالت تحمل لواءك، وتسير على هدى كلماتك، وتقتفي بالصدق خطاك، طبت حياً يا غسان وسعدت شهيداً.

بيروت في9/7/2019

****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصر ي الكلمة الحرة و العدل:

ـ لتحميل ملحق "الفيصل"  الشهري   عدد 8 وفق تطبيق البي دي آف  إضغط على الرابط التالي أو أعمل قص/ ثم لصق على محرك البحث:

<a href="https://www.fichier-pdf.fr/2019/07/03/-------2019/">Fichier PDF « ملحق الفيصل شهري  ـ جوان  2019».pdf</a>

Pour télécharger le supplément  mensuel de "elfaycal.com" numéro 8 en format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الأربعاء, 10 تموز/يوليو 2019

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :