wrapper

الخميس 28 مارس 2024

مختصرات :

ـ عبد الكريم ساورة ـ المغرب 

 

دخل طفلان إلى المقهى الأول يحمل علبة واحدة من " كلنيكس " يبلغ من العمر 6 سنوات، وبجانبه طفل لايتعدى 4 سنوات، يبدو على لباسهما أنهما من عائلة ليست متوسطة ولا فقيرة، أجد صعوبة بالغة في وصفهما، تقدما عندي لأشتري منهما العلبة الوحيدة التي يملكان وثمنها درهم واحد.

 

سألتهما وأنا أذكِرهُما قائلا لهما: إنها التاسعة والنصف ليلا ماذا تفعلان في هذا الوقت خارج المنزل، فأجاب الطفل الأكبر: إننا كما ترى نبيع علب " كلنيكس" فقلت لهما وأنا مصاب بالدهشة : نعم إنني أرى هذا بعيني لكن ألا تتابعان دراستكما ؟ فرد علي بسرعة نعم إننا ندرس بالنهار ونبيع فور خروجنا من المدرسة، فقلت لهما ومراجعة الدروس في المساء، سكت ولم يرد ببنت شفة، تم أعدت أسأله وماذا يفعل أبوكما ؟ فرد علي إنه يبيع الأحذية ، فسألته ولماذا تبيع أنت وأخوك الصغير؟ فرد علي لأن أخي الكبير يطلب مني ذلك، وقبل أن يتمم كلامه خرج يجري وأخوه الصغير يتبعه كقط صغير.

الحقيقة، دقائق وأنا لا أ ستطيع استيعاب المنظر، فلو كان فصل الصيف وأيام العطلة أتفهم الوضع لأن مجموعة من الأطفال يتحولون إلى بائعي " الكلنيكس " ومنهم من يتحول إلى ماسح للأحذية ولكن الحالة جد مختلفة ومثيرة ومقلقة لأن الوقت غير مناسب والأطفال صغار جدا، والخطير في الأمر الذي أخافني أكثر هو تنقلهما من مكان إلى مكان ومن مقهى إلى مقهى ولا أحد انتبه إليهما أو التفت لحالتهما أو سألهما عن وضعيتهما، لقد رأيت بأم عيني أن كل الجالسين بالمقهى مشغولون بهواتفهم المحمولة، وفي كل مرة يقتربا الطفلان ليقدما لهم بضاعتهما، ينظرون إليهما نصف نظرة وبرؤوسهم  يجيبون بعدم القبول دون أي جهد أو تكلف.

أما هذا المشهد الذي لم أجد له بصراحة أي توصيف، أجد صعوبة كبيرة في تفكيكه، ولهذا فكرت في تقديمه أو بالأحرى بنقله بكل صدق وأمانة حتى يمكن أن نسلط الضوء عليه ولو قليلا ونبحث في صيغة لوقف هذا النزيف الفاظع لفلذات أكبدانا، لأطفال صغار يخرجون في الليل دون أية حماية، أنا على يقين أن الله وحده القادر فقط على معرفة معدل خطواتهم كل ليلة.

إنهم يخرجون كل يوم بنفسية، وبعد مرور أكثر من ثلاث ساعات بين المقاهي وداخل أسواق المدينة، وهم يسمعون يوميا قاموسا من الألفاظ " الزنقوية " وكذلك مايتعرضون له من عنف لفظي وتحرش وركل وكلام نابي من طرف بعض المنحرفين، كيف سيعودون إلى المنزل ؟ وماذا سينقلون في الغد إلى زملائهم بالمدرسة من سموم ومن كره ومن كلمات  فاحشة ؟

داخل هذه الحلقة المفزعة هناك، سؤال أصبح يؤرقني مند مدة وهو :

هل حان الوقت لنتحدث عن نهاية أو موت المجتمع  "المسلم" بالمغرب ؟ وأؤكد على كلمة المسلم لأن المجتمع أصبح يقدم نفسه في هذا الركن الأخلاقي الإحساني من أكثر أي وقت آخر ؟ وماهي وظيفة المجتمع المسلم الحقيقية إذا كان لا يتصدى إلى هذه الأنواع من الظواهر المخجلة والمقرفة والتي تعطي صورة سلبية عن المملكة المغربية وعن المواطن المغربي الذي يتشدق طول الوقت بأنه من قبيلة المسلمين ؟

بصراحة، لقد سئمنا في كل مرة ونحن نسمع أن المملكة المغربية منشغلة بأمور مهمة وقضايا كبرى، وعندما ننصت إلى التقارير الدولية حول وضعية المغرب في قطاع من القطاعات، نجده يحتل المرتبة الأخيرة وإن كان محظوظا يحتل المرتبة ماقبل الأخيرة، أليس هذه أكبر إهانة للبلاد من خلال هذه الترتيبات المخيفة، والمخجل هو ردود الحكومة على هذه التقارير أنها تستهدفها، ياللعار عندما يقف صناع القرار على حقيقة هذه الأرقام ولايشعرون بالخجل.

ووجب الاعتراف ماتقوم به الدولة في الجانب الاجتماعي، وماترصده من أموال لفائدة المجتمع المدني، لكن معظم الجمعيات أصبح لايحركها سوى الدعم السخي الذي تقدم الدولة حتى أصبحت هذه الجمعيات يلقبها البعض " بجمعيات المخزن " قلبا وقالبا، وهي تضع لها موضوع التنمية كأولوية، لكن السؤال الذي يسكت عنه الجميع في طرحه وهو : ألا تدخل الطفولة بكل هواجسها المرعبة في خضم التنمية ؟ وهل كل شيء يخرج عن دائرة فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يعتبر نزقا وخروجا عن الخط الرسمي ؟

يجب الاعتراف، أن المجتمع يقوم بأكبر خيانة لذاته، عندما يختبئ، وينكمش عن نفسه، ويتهرب من واجبه المقدس في الدفاع وحماية الطفولة، عندما يتحالف مع الدولة على إنكار حق الأطفال الصغار في العيش، في الحياة وفي ضمان الحقوق المتعارف عليها عالميا.

****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصر ي الكلمة الحرة و العدل

لتحميل الملحق الشهري العدد 12 أوت 2019

و مشاركته عبر التويتر أو الرسائل القصيرة هذا الرابط الخاص:

https://pdf.lu/q9EY

المسنجر و البريد الإلكتروني  و واتس آب  استعملوا هذا الرابط :

https://www.fichier-pdf.fr/2019/11/09/----12--2019/

لمشاركته على موقع أو مدونة يجب نسخ هذا الرابط و لصقه على محرك البحث:

<a href="https://www.fichier-pdf.fr/2019/11/09/----12--2019/">Fichier PDF ملحق الفيصل الشهري  العدد12ـ أكتوبر 2019.pdf</a>

Pour télécharger le supplément  mensuel de "elfaycal.com" numéro 12 en format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الأحد, 17 تشرين2/نوفمبر 2019

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :