wrapper

الخميس 25 أبريل 2024

مختصرات :

 ـ لخضر خلفاوي ـ باريس‪*‬

 

ككل سنة في الثامن من شهر مارس، تقام الاحتفالات و التظاهرات الثقافية و الفنية و الندوات و غيرها من الأنشطة إحتفالا و احتفاءا بالمرأة في يومها العالمي و ككل مناسبة لا تغيب الفقرة الأهم من هذا الموضوع المتكرر و هي " الحقوق و المساواة " في ذات الوقت يحرص بشدة على إدانة الظروف القاهرة و القاسية التي سلطت على المرأة خصوصا في المجتمعات النائية و المحافظة المحكومة بتقاليد في أغلبها " بالية و مجحفة". اليوم هو عالمي،

و ـ اختراع ـ هذا العيد أو اليوم هو ـ إختراع غربي ـ عام 1911 في يوم الـ 19 من شهر مارس و هي أول مناسبة تم فيها المطالبة بحق المرأة في العمل و الإنتخاب و الكف عن التمييز و الإجحاف؛ جاء هذا في مظاهرات و حراكات نسوية مليونية في كل من " ألمانيا و النمسا و الدانمارك و سويسرا" ‪و هو نشاط ممتد من حراك جمعيات نسوية في أوروبا و أمريكا الـ 28 فيفري 1909‬ . بعد هذا التاريخ النضالي في مطلع القرن الماضي، تم الاتفاق على تخصيص الثامن من مارس كيوم رسمي عالمي لحقوق المرأة. منذ أكثر من قرن استطاعت المنظمات و الجمعيات النسوية خاصة في العالم الغربي أن تتنتزع من الرجل كثيرا من الحقوق و إعادة مفهوم " المساواة" و إثراء مشروع المساواة المطلقة التي تحلم بها على وجه التحديد بعض الجمعيات و التنظيمات النسوية الغربية. كانت المجتمعات العربية بحكوماتها جد قلقة و "حذرة و محترسة " في بداية الأمر تنظر إلى هذا " المد الحقوقي النسوي " بالخطر الآتي من كبريات الدول الغربية و تحديدا باسم " هيئة الأمم" التي تتولي رسميا و عالميا كل القضايا التي تمس المرأة في العالم و تحاول تنبيه من خلال الدعوات إلى هكذا حكومات و أنظمة دول "عالم ـ ثالثية" المُتهمة بتقصيرها في ترقية المرأة و تحسين ظروفها المعيشية و إنصافها بقدر الإمكان. طيلة القرن الماضي موضوع "حقوق المرأة" و " الديمقراطية" ثم " أُضيف في بداية الثمانينات من نفس القرن ملف " حقوق المثليين" كانت كلمات حق أُريد بها باطلا من قبل الدول الغربية لجعل هذه الملفات " ورقات ضغط" على المستعمرات القديمة أو على الدول التي تتجه سياساتها ضد مصالح الحكومات الغربية. لا يختلف إثنان عن الأشواط الهائلة المهمة التي قطعها نضال الحركة النسوية في العالم و في المجتمعات العربية الإسلامية و غير الإسلامية. و أصبح للمرأة صوت مسموع في أعلى المستويات و في شتى القطاعات من النسيج المؤسساتي في هذه الدول؛ بغض النظر طبعا عن بقاء بعض السلوكات المتخلفة المجحفة الظالمة التي تنقص من شأن وجود و دور المرأة التنموي في المجتمع. نظريا يعتبرونها عماد الأسرة و نصف المجتمع و تحت قدميها باب من أبواب الجنة و على أرض الواقع تتضح الفوارق و الفصامية بين الخطاب و الفعل! من وجهة نظري أعتبر هذا الموضوع الحديث فيه مضيعة للوقت و سنبقى في اعتقادي نتحدث عن " المساواة بين المرأة و الرجل " إلى نهاية العالم، فقط يبقى الاحتفال باليوم العالمي في الدول العربية أو العالم مناسبة للتشدق بأطنان من الخطابات و الإعلان عن التدابير لترقية مكانة المرأة في العالم و الحقيقة في الأمر "ما كل هذا" إلا ذر للرماد في أعين نساء العالم ككل! هذا النفاق ليس مقتصرا فقط على المجتمعات العربية و الإسلامية عكس ما يتصوره الكثير. فبالرغم أن "عادة الإحتفال " باليوم العالمي جيئ بها من الغرب إلا أن هؤلاء مازالوا يجحفون في حقها عمليا، صعدوا الفضاء، أحدثوا تطوراتا تكنولوجية كانت تصنف في علم الخيال لكن مجتمعهم " الرجالي" مازال لم يسوّ وضعية الأجور بين الرجال و النساء حتى و لو كانوا بنفس الكفاءات و لم يستطيعوا التسوية في اعتلاء المناصب المرموقة و العليا و الحساسة حيث مازال الرجل في هذه المجتمعات الغربية يحتل المناصب العليا في المؤسسات و السياسة ذات الحل و الربط و نسب إشراك العنصر النسوي مازالت تسير باحتشام و ببطء، دائما تُعطى في أغلب الأحيان المناصب غير السيادية للجنس الذي لقبوه باللطيف و نصف المجتمع. في المجتمع العربي أرى من وجهة نظري أنه لا يمكن أن نطبق عليه حذافر مبادئ المساواة في كل شيء بحكم البيئة و المعطى الأنتربرلوجي و الديني. فلكل مجتمع خصوصياته و عاداته و نواميسه. شأن حقوق المرأة هو شأن الديمقراطية لا يمكننا تطبيقها بحذافرها على أوطاننا. أعتقد أنه قبل أن نتحدث عن حقوق المرأة و المساواة في الوطن العربي ، يجب أن نتخلص من "طاعون الأمية" الذي ينخر مجتمعاتنا إذ حسب التقارير فإن ما يفوق الـ 100 مليون نسمة في الوطني العربي تعاني الأمية منها 60 بالمئة نساء و هذه النسبة الإجمالية هي ثمن الأميين في العالم الذي وصلت إحصاءاته إلى 7 مليار نسمة!! هذه إحصائيات 2014 فما بالكم إحصائيات 2018‪-‬ 2019! ـ أولوية الأولويات في الوطن العربي هو كسب رهان التعليم و جودته، و التغلب عن البطالة و كسب معركة التشغيل و سن العدالة الإجتماعية و الحقوق السياسية ؛ لأن الحقوق المهضومة التي نتحدث عنها تبدو ثانوية مقارنة مع مستوى معيشة نساء الدول المتقدمة. فبلا يمكن أن نهزم هذه الفوارق في مجتمعاتنا في ظل غياب أساسيات الحياة الكريمة للرجل و للمرأة! لذا يبدو لي الحديث عن حقوق " المرأة العالمي" في البيئة العربية و الواقع المفروض حديثا غير منسجما مع المعطيات و الحاجة الملحة العربية لكسب معركة التخلف الشامل و التبعية للغرب! و لهذا أعتبر أن الحديث عن هكذا "يوم" في الوطن العربي كمن يتحدث عن شخص أُصيب بانهيار عصبي حاد لأنه أخطأ قصة شعره! إذا وجد الرجل سعة الرزق و الحال و استفاد من تعليم جيد و يعيش الحرية و العدالة يمكنه أن يتقاسم كل ما يملك مع المرأة عن طيب خاطر و عن حب و إيمان و اعتقاد، المجتمع الرجالي يعاني في مجمله من أزمة سكن و من أزمات إقتصادية و من سوء توزيع الثروة المستحوذ عليها من قبل أقليات موزعة على الحكم في كثير إن لم أقل في معظم الدول العربية؛ فلو لم يتوفر الإيمان و " الوازع الديني " في مجتمعاتنا لكان الوضع أكثر كارثية على ما عليه بالنسبة للمرأة. هذا لا يعني التذرع بالظروف الإقتصادية و السياسية لإحلال انتهاك حقوق المرأة و الإساءة إليها و الإنقاص من دورها الرئيس فهي ليست كما وصفوها بنصف ، بل هي " الكل" و " الكل المُطلق" للمجتمع لهذا نكاد أن نفقد كل شيء! فكل الرجال حملتهم و ربتهم إمرأة (النساء )، فقط في المجتمع العربي المرأة تتحمل نصيبا من " سوء التربية" هذه التي لقنتها للرجل، فلو كانت مثقفة و واعية و بعيدة النظر، لعلمته قيمة احترامه لأخواته في البيت و لجاراته و لأستاذته و لزوجته مثلما علمته تقديسها و احترامها و تفادت التفرقة و الميز بينه و بين أخواته، و هذا واقع لا يجب نكرانه في المجتمعات العربية خصوصا المحافظة.

ـــ

‎ ـ* أديب، مفكر، إعلامي و مدير تحرير ، مسؤول النشر لصحيفة ‫"‬ الفيصل‫"‬ الدولية ـ باريس

ـــــــ

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الجمعة, 08 آذار/مارس 2019

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :