wrapper

الخميس 28 مارس 2024

مختصرات :

كتب: د.كفاح جرار | الجزائر


أربعون عاما بحالها انصرمت صرما "بالصرامي" على زيارة الرئيس المصري المغتال أنور السادات للقدس المحتلة، وما تبع الزيارة من انهيارات عصفت بالبنيان العربي المائل والآيل للسقوط، فعجل السادات بنهايته، وتكشفت معه اليوم حقائق عرّت بقسوة الوضع العربي برمته، فصار جيش مصر الذي قهر خط بارليف المنيع يبيع اليوم السردين والبلطي والقريدس،

وجيش سوريا فتح جحيمه على رأس شعبه، وجيش العراق تلاشى واندثر، وغيره تفجر وتبعثر، وتلك فتنة عظيمة فتح بابها السادات وما زال الباب مكسورا يئن تحت ضربات الغرباء.
وإذن.
ما بين الانتحار والشهادة شعرة رفيعة دقيقة، هي أدق وأعظم من شعرة معاوية، أحد دهاة العرب الذي تحالف مع الداهية الآخر في حلف لست أدري ما أسميه، فضاع بسببهما التاريخ والفكر والحقيقة، وهو الذي أوصى ابنه يزيد عليها، فإن شدوا فارخها وإن أرخوها فشدها، ولكن حاذر أن تقطعها، فقطعها يزيد، فدخلنا في عداوات مذهبية وفكرية واجتماعية تاريخية، ما زلنا نقتتل بسببها حتى يفصل فيها رب العالمين.
فهل أتاكم قوله تعالى، "وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".
قال فيها "ناس" لا تقتلوا أنفسكم ولا تنتحروا واتخذوا من الآية منطلقا لتحريم الانتحار، ولست أرى أية إشارة للانتحار هنا، سوى عند فقهاء السيسي الذي أصدر قائمة يقنن فيها ويحدد من يحق له الحديث في الدين، من مشايخ هم في معظمهم "بتوع السيسي".
وقد فسرها بعض الناس بمعنى التخاذل والجبن والقعود، والآية لا علاقة لها البتة بالانتحار أو ماشابه، إنما أنفقوا في طريق الله تعالى، وإن بخلتم ورفضتم ففي ذلك هلكتكم وقد كان.
وأكثر من ذلك بخل الناس عن الإنفاق في سبيل الله تعالى فذهبت أموالهم سدى في سبيل الشيطان، وإلا كم بلغت نفقات حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة والرابعة؟ وكم تبلغ ميزانيات التسلح العربية التي حاربت بعضها أو قتلت شعوبها، مقارنة بما تم إنفاقه في حروبنا الهشة مع الصهاينة؟.
كيف يمكن إيقاف شاب يلبس حزاما ناسفا ليفجر نفسه بغيره، وكيف نفسر هذه الظاهرة، سوى أن يكون مؤمنا ومتيقنا ومعتقدا أن الجنة بانتظاره، في أنه سينتقل من حياة البؤس الدنيوية إلى حياة النعيم السماوية؟.
هي ظاهرة نعم، ويخطئ من يستعمل هذه المفردة بمعنى الحدث الآني، فالظاهرة لا تتكرس إلا إذا كثرت وتنامت وتكررت بما فيها من استهجان وغرابة واستنكار وربما العكس، بما تحمله من فضيلة واحترام وتعاون وتضامن، المهم أنها برزت وظهرت فأضحت ظاهرة، وقد سألوا الجنرال الهالك شارون مرة عن الاستشهاديين الفلسطينيين وليسوا انتحاريين كما سماهم شيخ الأزهر الهالك، فقال شارون، وكيف يمكن لجيش الدفاع الإسرائيلي أن يوقف شابا جاء ليفجر نفسه؟. في هذه الحالة إن لم تتمكن من قتله فاهرب من أمامه ما استطعت، أما اليوم فالجميع تقريبا تحولوا إلى جبهة شارون، أو بالأحرى هم كانوا فيها فنزعوا الأقنعة فقط، وقد أمر الرئيس المصري المغتال أنور السادات وزارة خارجيته ألا تكيل السباب والشتائم للسعودية بسبب اتفاقية كامب ديفيد، ونشهد اليوم 40 سنة على زيارة السادات للقدس، المهم أمرهم السادات بذلك مبررا بالقول "إنهم معنا ويدعمونا، فلا تحرجوهم". كما كشف عمرو موسى في كتابه "كتابيه" ويا للاسم، عن مفاوضات سرية بين الأسد الأب والصهاينة في سويسرا سنة 1978، وكما يقول المثل: وراء الأكمة ما وراءها، فهل ظل للأنظمة العربية من بقية تختفي وراءها؟.
معظمهم اليوم إلا من في وجهه بعض كرامة يهرول وراء جيش الدفاع الإسرائيلي، الذي لم يكن يوما للدفاع.
لاحظوا كيف يستعملون كلمة "الدفاع" وهم أتونا غرباء شراذم فاحتلوا وقتلوا وهجروا وطردوا، ثم يقولون إن قواتهم للدفاع فقط، وفينا من يراهن لغباوته على سلميتهم وإمكان الوصول إلى سلام معهم، وهي الدولة الوحيدة على أرض الله التي يقتلها السلم والأمنة، ولا كينونة لها إلا بالحرب والقوة، وإلا لم صنعوا قنبلتهم الذرية والعالم القوي برمته يقف معهم ويؤيدهم ويدعمهم، لكنهم لا يطمئنون إلا لأنفسهم.
الانتحاريون إذن كثرة، حيث الانتحار من الأعمال المذمومة المرفوضة والمستنكرة، والشك في أعمالهم ومقاصدهم ونياتهم، وذلك في العراق وسوريا وباكستان والأفغان وبلاد الغرب وما جاورها، وهم قلة قليلة جدا حيث الشهادة حق وواجب، وهذه مفارقة لا يلتقطها إلا الحصيف العاقل، ليسأل ما بال هؤلاء قد ضيعوا بوصلتهم وضلوا طريقهم، وانحرفوا عن مسارهم النبيل، فذهبوا يقتلون أنفسهم والأبرياء منهم ومن غيرهم، وتركوا الطريق الحق المستقيم والواضح؟، ولمن يشك ويشكك، لأن الإنسان كان أكثر شيء جدلا وشكا، نسأل: كم من صهيوني معتد لئيم قتل المتطرفون والمغالون ومن كان على شاكلتهم، في المشارق والمغارب؟.
وأكثر من ذلك، الذين وضعوا وحققوا وألفوا آلاف الكتب في الحيض والنفاس والطهارة والطاعة والحجاب وحرمة الموسيقى والتصوير و كم من كتاب وضع هؤلاء عن فلسطين وضد الصهيونية، بل هل يعتبرون في أدبياتهم الدينية الصهاينة من الأعداء؟ هم اليوم يتحدثون عن حرمة قتل الإسرائيلي وحرمة سب إسرائيل وضرورة التحالف معه، وأن من نصر "رافضيا" على إسرائيليا أو قاتل مع رافضي ضد الصهاينة عليه التوبة والاستغفار وألا يعود لهذا الذنب أبدا، أي ذنب قتال الصهاينة.

ـــــــــ

‎*طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

آخر تعديل على الثلاثاء, 21 تشرين2/نوفمبر 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :