طباعة

*بقلم: د.كفاح جرار | الجزائر


ليس للأقصى من ينصره، ومن يقل غير ذلك فهو كاذب أو حالم وواهم، وهذه مسلمة أشبه ما تكون ببديهية في وقتنا الراهن الذي لن يدوم، وقد حلت علينا ذكرى أوسلو التي شهدت مباحثات لاتفاقية، لم يحترمها من وقعها وشهد عليها وصفق لها.


وقع الاتفاقية عباس الحالي نيابة عن عرفات الراحل، ووقع بيريز الميت نيابة عن رابين القتيل، وشهد عليها كلينتون لوينسكي وصفق كل العالم الحر ونصف الحر وشبه المستعبد، ولست أدري أي معنى يعتد به لصفة العالم الحر، بعد سقوط جدار برلين وتلاشي الاتحاد السوفياتي الذي زعموا أنه حديدي فاكتشفناه خشبا مسوسا مهترئا.
وبمناسبة موسم الحج الذي ما زلنا في إرهاصاته ولم تغادرنا بعد رائحته، ساءني أحدهم وأغضبني، وهو من جماعة اللحى والسواك والنصف ساق، عندما تذمر أمامي قائلا، إن الاختلاط في المسجد الأقصى لا يجوز وهو من المحرمات، فهو لم ير مما يحدث في تلك المدينة السليبة سوى نسوة ورجال يتخالطون، ومن هن النسوة ومن هم الرجال؟.
إنه في وهابيته المقيتة التي استبدلت الشيطان بالمرأة، أسوأ ألف مرة من النائبة الايطالية السابقة تشيتشولينا، وهذه لمن يجهل بطلة أفلام إباحية من أصل صربي، تمنح الحب والمتعة والفرفشة ولا تطالب أحدا بحضور أفلامها، ولا تعتدي على خيارات الناس.
لم يشعر أبو اللحية نصف ساق بالحنق والغيظ ولم تثر حميته وتفور دماءه لقدس تنتهك، وإنما الذي أحزنه وعكر صفوه أن تجلس امرأة إلى جانب رجل، يدافعون جميعا عن مسجد كم تغنينا أنه أول قبلة وثالث مسجد، فاكتشفنا في زمن حصار قطر وذكرى أوسلو وتحطيم اليمن وإبادة الروهينقا، أنه يحتل الرقم خمسين في أولويات قادة الأمة وحكامها، وربما لا يحتل أي مكانة، ما يعني لغولدا مائير التي هجر النوم عينيها يوم أحرقه صهيوني نازي في 1969، لهذه المرأة أو بالأحرى لأحفادها أن يعربدوا كيف يشاؤوا، وهل أكثر من حرق عائلة بحالها، بل وهل أكثر من حرق قطاع بأكمله، ولم ندر حتى الساعة ماذا فعل رئيس السلطة المحترمة بانضمامه للمحكمة الجنايات الدولية؟.
كل الظن أن الشعب الفلسطيني مطالب برفع دعوى عاجلة أمام تلك المحكمة للتخلص من محمود عباس وسلطته وأزلامه، ولصعوبة حتى لا أقول استحالة وقوع ذلك، نذكر من لا يتذكر أنه وكما قال تعالى "ولسوف تسألون".
نعلم فإن من لا يخشى الناس لا يخاف الله، وأنه من لم يستح فليضع البرقع والخمار في غير مكانه، مع ملاحظة غاية في الأهمية، تتمثل في عدم سماح الصهاينة للشباب من الجنسين من دخول الأقصى، فهو مفتوح للعجائز والكهول فقط، فعن أي اختلاط يحدثنا ذلك النصف ساقي المعتوه.. بل الأفاك المتخاذل؟.
قد جهل الناس أنه لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومع معرفتهم لما تناسوه، فإنهم يزعمون ويدعون يتنافخون، ثم يفتح أحدهم فمه كمن يلوك لحما نيئا يأبى البلع، ويقول لو كنا لصنعنا وفعلنا.
وما يؤسف له ذلك الاهتمام "فوق العادة" الذي حظيت به حادثة الغناء والردح ضد قطر، ومن الذي غنى.. محمد عبده، هزلت وتمطت وأخرجت لسانها وأشياء أخرى لأمة فقدت أو تكاد عقلها.
ونسي هؤلاء أن الكبار غنوا لفلسطين وقدسها من أم كلثوم إلى عبد الوهاب وفريد وفيروز.. بل وتناسوا أن القتال في سبيل الله يكون فقط لنصرة القدس وفلسطينها، وهو أهم عند الله ألف مرة من حج وعمرة وطواف، وأن يقال الشهيد لهو الخير من قولهم جاء الحاج وذهب الحاج.
ومع أوسلو مضت ذكرى 11 سبتمبر، وقد سمعت من يترحم على بن لادن وجماعته، وغيره يترحم على البرجين وضحاياهما، ويحدث ذلك بطريقة مضحكة ومخجلة فيها من قلة العقل والإدراك وسخافة التفكير وسذاجته، ما يوحي بأننا أمة معظم أبنائها يعيشون ويتكاثرون ويمضون على هامش التاريخ الإنساني، وإن تركوا أثرا فبعض إرهاب وفوضى فقط، مع أن الإرهاب الحقيقي كان لغيرنا واقترفه من هو بعيد عنا، لكننا عجزنا حتى من الدفاع عن مبادئنا وعقيدتنا وأفكارنا ووجودنا، فانصرفنا لقطع رقابنا والعدو العظيم بيننا، وما بنا من داء واستلاب ومصائب سببه الوحيد والأوحد هو الاستبداد والاستبداد فقط، فنسينا ذلك لنتحدث عن حصار وتاريخ وغضب سماوي ووهابية ووو ويا ليت شعري بالكسرة وشعري بالفتحة، هل بقي لنا من شعر يقال أو شعر يسرح ويمشط.
لقد أخرسونا ونتفونا نتفا ونحن نضحك ببلادة ونتبسم.

 

آخر تعديل على الخميس, 21 أيلول/سبتمبر 2017

وسائط