.. شدني موضوع هذه الزاوية التي تتحدث عن الوضع الشامل لجزائر أواخر التسعينيات و وقتها كان بطبيعة الحال السيد " أويحيى " رئيسا للحكومة ..للذكر " خيبات آخر ساعة" ترجمت معظم مقالاتها ـ التي بحوزتي ـ إلى الفرنسية و نشرت في كتاب بعنوان " الثائر (أو المتمرّد) و غضب الكتابة ـ يوميات حلم مغتال" .. صدر في فرنسا في أوت 2015.
شدني موضوع و محتوى هذه الزاوية و تطابقه العجيب مع الواقع الحالي.. عشرون سنة خلت و مازالت الجزائر تُدار بالعقلية نفسها و بنفس الشخصيات ، و كأن الحكومة لم تتغيّر منذ 20 عاماو لم ننته بعد من " أويحيى " و زمره!
فإليكم ماكتبته منذ عشرين حولا و الجزائر لا أبا لها يسأم!:
*
"خيبات آخر ساعة: هل بإمكان حكومة " أويحيى " أن تحيينا؟!
ـ بقلم: أبو ماجدة *.
عندما قررنا العودة إليكم أيها الأعزاء ، و في الحقيقة لم نقرر العودة ، و إنما كانت العزيمة و التحدي وراء هذه " الرجعة" !.. وجدت نفسي وسط هالة تشكل تراكمات لهيستيرية نعايشها لحظة بلحظة ؛ حتى لا أتكلم بتفاؤل و أقول نعايشها يوما بعد يوم ! إنها " خيبات متتالية" تزاوجت بذاكرتي و تكاثرت كثرة الألم و الوجع!.
دائما كانت الحيرة عنوان اختياري لإحدى الخيبات.. هل أتكلم عن اليد الممدودة، الغليظة و التي كانت دوما وراء توقيف الجريدة ، أم عن مرارة الانتظار و الترقّب لهذا الصدور الذي دام 8 أشهر كاملة! كانت الحيرة تشكل الفجيعة التي أحياها يوميا، فجيعة السؤال الذي يشكل كنه الغموض الذي أودى بالجزائر ( ضحية ، مضرجة بالدماء)، جسدا منكّلا، منهار القوى ، بعدما تمكنت قوى الهدم و الذبح و الفتن منها ، و جعلت هذه " الجزائر" بلدا ـ غير آمن ـ يفوق الهند في تناقضاته و غرائبه؟! ـ و لا نملك نهرا كـ " الغانج" مثلا ؛ نرمي فيه خيباتنا هذه! ـ فالتناقضات و الغرائب عندنا أخذت مستوى رفيعا جدا، و لا يفهمها حتى " التقنوقراطي من جملة المجموعة التقنوقراطية التي تشكّل طاقم حكومة أويحيى في زمن جزائر تموت، شعب يموت و الأرض أيضا تموت!! خيبتي تزداد عندما يزداد الإنسان الجزائري صلة بالموت، و يتباعد بسرعة " الضوء" عن الحياة الطبيعية المألوفة! خيبتي تزيدني وجعا عندما تتعالى التنديدات المتنوعة ـ شكلا و لونا و لغة ـ من أجل إيقاف النزيف الدموي كذلك النزيف البشري ؟!. و من أجل الحفاظ على ما تبقى من الشعب؟! … إني أعجز ـ تصورا ـ عجز ( هؤلاء الذين تأويهم بيوت العجزة؟!) ؛ عندما لا أجد تفسيرا لما حدث أو يحدث أو الذي قد سيحدث، لأني لا أكاد أفهم و استوعب أن الشعب الجزائري ـ يهضم فعلا ـ فكرة التطبع مع الموت و مع العنف و صور التطاحن … إني لا أتصوّر ماذا لو استمرت ـ العقلية الاستئصالية ـ للعنصر الجزائري و العقلية التنفيرية للطاقة الفكرية لمثقفينا ؟! و ماذا لو تضامنت الدول المنشغلة بوضعنا و فتحت أبوابها للراغبين في اللجوء إليها دون استثناء و للطاقة الثقافية بشكل خاص؟! حتما ستبقى الجزائر عبارة عن ضيعة صغيرة تأوي الكتل التي ـ تفضل العيش في البر ـ بعقلية مائية؟! ـ إلى جانب الكراسي البرلمانية … و (طواقم) أخرى ليست لها علاقة بعملية الهضم و الطحن ؟! طبعا قد يحدث هذا بعد فشل ذريع في إيجاد أسباب البقاء و البناء و النضال و تفشي اليأس و الإحباط داخل جميع الشرائح و التركيبات الاجتماعية لهذا الشعب الضحية ، لهذا الوطن الذبيح الذي راح و ما زال رهينة ( لتشكيلة هجينة ) تسمى في نظرهم بالفعاليات أو الحساسيات الديمقراطية؟! فهل يمكن لحكومة السيد " أويحيى" و هذه ـ النماذج الداعية إلى السلم و الديمقراطية ـ تغيير مجرى الموت ، فننجو جميعنا من واقع المجازر الجماعية و لغة الإبادة و الموت؟!
( لخضر خلفاوي)*
في 18أكتوبر 1997
آخر تعديل على السبت, 14 تشرين1/أكتوير 2017