طباعة

*بقلم :  لخضر خلفاوي

 

و كأن الزمن متوقف بنا في الجزائر‫!!!‬ و أنا أراجع بعض وثائقي و أرشيفي البعيد عثرت على واحدة من قصاصاتي المتعلقة بزاويتي الساخرة الأسبوعية ‫"‬ خيبات آخر ساعة‫"‬ سنة 1997 ؛ التي كنت أكتبها بصحيفة أسبوعية وطنية شاملة أين كنت أشغل منصب رئيس تحريرها و مسؤول نشرها

‫..‬ شدني موضوع هذه الزاوية التي تتحدث عن الوضع الشامل لجزائر أواخر التسعينيات و وقتها كان بطبيعة الحال السيد ‫"‬ أويحيى ‫"‬ رئيسا للحكومة ‫..‬للذكر ‫"‬ خيبات آخر ساعة‫"‬ ترجمت معظم مقالاتها ـ التي بحوزتي ـ إلى الفرنسية و نشرت في كتاب بعنوان ‫"‬ الثائر ‫(‬أو المتمرّد‫)‬ و غضب الكتابة ـ يوميات حلم مغتال‫"‬ ‫..‬ صدر في فرنسا في أوت 2015‫.‬
‎شدني موضوع و محتوى هذه الزاوية و تطابقه العجيب مع الواقع الحالي‫..‬ عشرون سنة خلت و مازالت الجزائر تُدار بالعقلية نفسها و بنفس الشخصيات ، و كأن الحكومة لم تتغيّر منذ 20 عاما‫و لم ننته بعد من " أويحيى " و زمره!‬
‎‫فإليكم ماكتبته منذ عشرين حولا و الجزائر لا أبا لها يسأم!:‬

*
‎‫"خيبات آخر ساعة:‬ هل بإمكان حكومة ‫"‬ أويحيى ‫" أن تحيينا؟!‬


‎ـ بقلم‫:‬ أبو ماجدة ‫*.‬
‎ عندما قررنا العودة إليكم أيها الأعزاء ، و في الحقيقة لم نقرر العودة ، و إنما كانت العزيمة و التحدي وراء هذه ‫"‬ الرجعة‫"‬ ‫!..‬ وجدت نفسي وسط هالة تشكل تراكمات لهيستيرية نعايشها لحظة بلحظة ؛ حتى لا أتكلم بتفاؤل و أقول نعايشها يوما بعد يوم ‫!‬ إنها ‫"‬ خيبات متتالية‫"‬ تزاوجت بذاكرتي و تكاثرت كثرة الألم و الوجع‫!.‬
‎دائما كانت الحيرة عنوان اختياري لإحدى الخيبات‫..‬ هل أتكلم عن اليد الممدودة، الغليظة و التي كانت دوما وراء توقيف الجريدة ، أم عن مرارة الانتظار و الترقّب لهذا الصدور الذي دام 8 أشهر كاملة‫!‬ كانت الحيرة تشكل الفجيعة التي أحياها يوميا، فجيعة السؤال الذي يشكل كنه الغموض الذي أودى بالجزائر ‫(‬ ضحية ، مضرجة بالدماء‫)‬، جسدا منكّلا، منهار القوى ، بعدما تمكنت قوى الهدم و الذبح و الفتن منها ، و جعلت هذه ‫"‬ الجزائر‫"‬ بلدا ـ غير آمن ـ يفوق الهند في تناقضاته و غرائبه؟‫!‬ ـ و لا نملك نهرا كـ ‫"‬ الغانج‫"‬ مثلا ‫؛ نرمي فيه خيباتنا هذه! ـ فالتناقضات و الغرائب عندنا أخذت مستوى رفيعا جدا، و لا يفهمها حتى " التقنوقراطي من جملة المجموعة التقنوقراطية التي تشكّل طاقم حكومة أويحيى في زمن جزائر تموت، شعب يموت و الأرض أيضا تموت!! خيبتي تزداد عندما يزداد الإنسان الجزائري صلة بالموت، و يتباعد بسرعة " الضوء" عن الحياة الطبيعية المألوفة! خيبتي تزيدني وجعا عندما تتعالى التنديدات المتنوعة ـ شكلا و لونا و لغة ـ من أجل إيقاف النزيف الدموي كذلك النزيف البشري ؟!. و من أجل الحفاظ على ما تبقى من الشعب؟! … إني أعجز ـ تصورا ـ عجز ( هؤلاء الذين تأويهم بيوت العجزة؟!) ؛ عندما لا أجد تفسيرا لما حدث أو يحدث أو الذي قد سيحدث، لأني لا أكاد أفهم و استوعب أن الشعب الجزائري ـ يهضم فعلا ـ فكرة التطبع مع الموت و مع العنف و صور التطاحن … ‬إني لا أتصوّر ماذا لو استمرت ـ العقلية الاستئصالية ـ ‫للعنصر الجزائري و العقلية ‬ التنفيرية للطاقة الفكرية لمثقفينا ؟‫!‬ و ماذا لو تضامنت الدول المنشغلة بوضعنا و فتحت أبوابها للراغبين في اللجوء إليها دون استثناء و للطاقة الثقافية بشكل خاص؟‫!‬ حتما ستبقى الجزائر عبارة عن ضيعة صغيرة تأوي الكتل التي ـ تفضل العيش في البر ـ بعقلية مائية؟‫!‬ ـ إلى جانب الكراسي البرلمانية ‫…‬ و ‫(طواقم) أخرى ليست لها علاقة بعملية الهضم و الطحن ؟! طبعا قد يحدث هذا بعد فشل ذريع في إيجاد أسباب البقاء و البناء و النضال و تفشي اليأس و الإحباط داخل جميع الشرائح و التركيبات الاجتماعية لهذا الشعب‬ الضحية ، لهذا الوطن الذبيح الذي راح و ما زال رهينة ‫(‬ لتشكيلة هجينة ‫)‬ تسمى في نظرهم بالفعاليات أو الحساسيات الديمقراطية؟‫!‬ فهل يمكن لحكومة السيد ‫"‬ أويحيى‫"‬ و هذه ـ النماذج الداعية إلى السلم و الديمقراطية ـ تغيير مجرى الموت ، فننجو جميعنا من واقع المجازر الجماعية و لغة الإبادة و الموت؟‫!‬
‎ ‫(‬ لخضر خلفاوي‫)‬*

‎ في 18أكتوبر 1997

آخر تعديل على السبت, 14 تشرين1/أكتوير 2017

وسائط