طباعة

*بقلم: عبد الكريم ساورة | المغرب


مند سنوات أتفادى الكتابة عن فلسطين، ليس لأنها لا تعنيني من قريب أو بعيد، ولكن لأنه أصبح الحديث عنها، كأنك تتحدث عن ميت قضى نحبه من زمان بعيد، وأصبح من العبث الكلام في سيرته، أليس يقول الفقهاء أذكروا أمواتكم بخير.


ولا أخيفكم أن القدس ضاعت من يوم خفتت فيه أصوات الأحرار، أصوات من كانوا يرددون بصوت مرتفع " عاشت فلسطين، عاشت فلسطين"، والآن ، بالله عليكم أين هي فلسطين ؟ أين الأطفال الذي كبروا يوما بعد يوم في ساحات المعارك وهم يرمون بالحجارة ؟ يصنعون المقالع ويقذفون العدو في كل الاتجاهات.
من يذكرني بآخر قصيدة حول القدس ؟ صدقوني لقد ماتت القدس مع موت درويش، وهل سمعتم أغنية تدخل القلب كالسهم مثل زهرة المدائن لسيدة الطرب العربي فيروز؟ هل تستطعون أن تجدوا من يغني لكم عن القدس أوحتى من يرسم وجهها الباكي ؟ لقد ماتت كل الأصوات ورحلت كل الأقلام عنك والآن هاأنت تعيشين وحيدة في عزلة وغربة مؤلمة، لم يعد أحد يذكرك سوى في المناسبات الرسمية أو في بعض الأناشيد المدرسية ولم يعد أحد يسألك عنك سوى لقضاء غرض شخصي.
أعلم أجيدا أن اسمك أضحى من الماضي، نذكره في الحكايات والأحاجي، ليس غريبا على " أهلك " هذا النسيان المر، فقد نسوا كل شيء جميل وثمين يربطهم بك، أنت الآن ينظرون إليك بتقزز، أنت الآن جثة معفنة في نظرهم يحاولون أن  يتجنبوك حتى لايسألون عن الثمن الذي قبضوه من أجل بيعك.
لاتحزني هذا هو حال الدنيا فيها الرخيص وفيها الغالي، وبطبيعة الحال سوف يتشبت بك من يعرف تاريخك وحمولتك ومغزاك، وسيعطيك بالظهر الجبان الواطي، هم كثر والكل يعرفهم بالاسم والعنوان.
سيدتي، يازهرة المدائن، لاتحزني فإن خذلك اليوم حقير أو متربص أو تاجر فإن الأيام كفيلة بضمد الجراح، وجمع الشتات، ولقاء الأحبة ومحاسبة الخائن.
الآن أكتب إليك،  كالبقية من الذين يحبونك في صمت،  أعرف أننا لن نستطيع أن نغير من الأمر شيئا، لكننا لن نستطيع أن ننساك وسيبقى إسمك منقوشا على القلب مدى الدهر،  فسلام عليك، وأنت تعدين نار الصباح...........

ــــــ

ـ طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة

https://www.facebook.com/khelfaoui2/

- Pour visiter notre page FB, cliquez sur ce lien:

 

آخر تعديل على الأحد, 10 كانون1/ديسمبر 2017

وسائط