طباعة

 ـ الفيصل ـ أعمدة: إن الحكم الأخير الصادر في حق الرئيس الأسبق ‫"‬ محمد مرسي‫"‬ يؤكد أن العدالة في الوطن العربي بشكل تقريبي هي عدالة صورية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسياسة و بمواقع و سلطات نفوذ‫..‬ لو كان ‫"‬ حسني مبارك‫"‬ مثلا في دولة من الدول المتقدمة و هو شيء مستبعد إن لم نقل من المستحيلات لن يصل هذا الصنف من الرجال منصب قيادة أمة بحكم انتمائه إلى مؤسسة عسكرية مهما كانت تضحياته و تاريخه العسكري ،

بالإضافة إلى ارتباطاته الوثيقة طيلة حكمه بعد السادات بالفساد الشامل وباستغلال النفوذ لمصالحه الشخصية و عائلته‫…‬ العدالة سواء كانت في مصر أو في أي بلد ‫"‬ عالم ثالثي ‫"‬ هي مرادفة لـ ‫"‬ اللاعدالة ، فهي تسير حسب أهواء التغيرات السياسية، و يتبع هذه المطاطية القضائية و الإنفصامية في تطبيق الدستور و القانون كتائب من الإعلاميين التي من عادتها الميل ميلة واحدة و تضع كل إمكاناتها و أبواقها في خدمة المعتدي و منتزع الحكم بالقوة‫!‬ لا نجد تقريبا نخبة ثقافية إعلامية ناضجة و محايدة مهما كانت توجهاتها السياسية و الدينية و الفكرية أن تنصر الحق حتى و لو كان على نفسها و لا ينحصر ذلك في ‫"‬ مجال الانتماءات و القناعات الخاصة‫"!‬ بعد ثورة الـ 25 يناير 2011 و قبل اختراقها فيما بعد و تحريفها و تشويه أهدافها من قبل بقايا النظام المباركي و تيارات علمانية موالية للإملاءات الغربية كان ينظر لـ ‫"‬ حسني مبارك ‫"‬ بعد الأحداث الأليمة التي دفع فيها الشعب المصري المعتصم الحر في الشارع الثمن الغالي على أنه مجرم و متورط ‫(‬ بالمنطق و القانون‫)‬ في تلك الأحداث التي أزهقت الأرواح بالمئات و سجنت و شردت الآلاف من الضحايا و المعتصمين و المنتفضين ضد الفساد الممنهج من قبل نظام ‫"‬ مبارك ‫"..‬ اعتقدنا أن محاكمة ‫"‬ مبارك و مقربيه و أفراد عائلته‫"‬ ستكون محاكمة العصر في التاريخ العربي و ستكون أم الدنيا مثلا يقتدى به في إصلاح سياسي و قضائي من شأنه أن تنتشر عدواه المباركة إلى باقي الدول العربية ‫..‬ هؤلاء المشهود لهم لدى الخاص و العام في الشارع المصري بفسادهم و فحش نظامهم و استغلالهم لموارد الشعب المصري ؛ إلا أن المؤسسة العسكرية شأنها شأن كل المؤسسات العسكرية في الجزائر و سوريا و الأردن و بعض الدول العربية في الشرق الأوسط وظيفتها أين تكون تقليديا وظيفتها الأولى هي الحفاظ على كرسي النظام و تقاسم مداخيل البلد و مصالحه و ليس وظيفة دستورية كما في كل الدول التي تعيش بمنأى عن الفساد الشامل ، أين يكون دور الجيش حياديا و يقتصر على مهمات عليا ، كالحفاظ على حدود الوطن و حماية المواطن ليس العكس كما هو معمول به في بلداننا ؛ ترهيب و قمع المواطنين و المعارضين تحت مسميات و ذرائع فضفاضة و جوفاء مختلفة بحجة الحفاظ على وحدة الوطن‫.‬ عموما أُقيمت الدنيا بمنأى عن ‫"‬ أمها‫"‬ و تمخض جبل الطور فولد ‫"‬ فأرا‫"‬ في شبه جزيرة سيناء كان فارا من غوغاء و هرج سياسي أمني لا حصر له‫!‬ و تم مع مضي الوقت تمييع الثورة و مكاسبها ليستعد ‫"‬ نظام مبارك‫"‬ نفسه للخروج بحلة جديدة يواصل من خلالها الاحتيال على عقول المصريين، فأُعدت العدة ، و كان الفريق الأول ‫"‬ عبد الفتاح السيسي‫"‬ يبرمج بإحكام عملية استعادة نظام ‫"‬ مبارك‫"‬ بنسخة محدثة و بأقنعة مختلفة ، في ذات الوقت كان ‫"‬ محمد مرسي‫"‬ يخطط بدوره للاستغناء عن خدمات ‫"‬ السيسي‫"‬ بحكم أنه امتداد لنظام ‫"‬ مبارك الفاسد و قد يكون خطرا في أي وقت قد يفسد برنامجه الرئاسي‫.‬ للإشارة فإن ‫"‬ محمد مرسي‫"‬ يعد أول رئيس مصري مدني منتخب‫.‬ فكان كل من مرسي و السيسي يترصدان بعضهما البعض ‫:"‬من يبدأ بالآخر؟‫"‬ ؛ و عادة من يباغت في الضربة الأولى تكون له بالمنطق الغلبة‫!‬ و بحكم أن ‫"‬ محمد مرسي‫"‬ يفتقر إلى الخبرة في الحكم و يعتبر دخيلا على الممارسة السياسية و ينقصه ‫"‬ التكتيك و الدهاء السياسي‫"‬ الذي يؤمنه من المؤامرات على حكمه كان مضغة سهلة لحركة الضباط و الجيش الذين يشتغلون لحساب الفريق الأول عبد الفتاح السيسي و ـ اتغدا السيسي بمرسي ‫"‬ قبل أن ينوي الرئيس مرسي ـ الساذج سياسيا ـ أن ـ يتعشَّّا بـ ‫"‬ السيسي‫"‬ و نجح إنقلاب العسكر و جيء بكل التهم التي فُصّلت تفصيلا بليل ، بل بليالٍ طوال ، و قدم ‫"‬ أول رئيس مدني منتخب ‫"‬ على أنه العدو الأول للشعب و للبلد و خُوّن و إلى ما ذلك من الحملة النظامية العسكرية التي أعادت تنظيم الخارطة السياسية في البلاد و بسطت نفوذها من جديد و قُدم ‫"‬ عبد الفتاح السيسي ‫"‬ و هو دون خبرة سياسية تذكر كـ ‫"‬ مخلص البلاد و العباد‫"‬ ، و التهم التي وجهت كلها للرئيس ‫"‬ مبارك‫"‬ انتقلت من المستشفى العسكري لتلتصق بقدرة قادر في النهاية بشخص آخر و هو المخلوع رغم الدستور ‫"‬ محمد مرسي‫"!‬ و تم إخلاء سبيل ‫"‬ حسني مبارك و ذويه ‫"‬ و فيما بعد تم تبرئته من كل التهم تقريبا و صار حرا طليقا و تلتقط له صورا عند كل تنقل من تنقلاته و أبنائه في منتجعات مصر الفخمة و الفاخرة، و كأنه لم يحدث شيء ‫!‬ هذا إن دل على شيء فإنه يدل على هشاشة و ‫"‬ كارتونية‫"‬ الجهاز القضائي في بلداننا العربية و في مصر تحديدا؛ فخبر الحكم الأخير على مرسي بـ 3 سنوات حبس تضاف إلى الأحكام ‫"‬ المجهزة‫"‬ السابقة لدليل على أن المحاكمات تحت الطلب السياسي هي سيدة الموقف ، و توبع ‫"‬ محمد مرسي‫"‬ المحكوم عليه و عشرات المتهمين معه في قضية ‫" إهانة و شتم و سب الجهاز القضائي المصري" و هي كما سوق لها إعلاميا محاكمة جاءت لترد الاعتبار لهيئة العدالة الموقرة!‬ إنه لمن المؤسف أن تبقى أجهزة القضاء في الوطن العربي سيفا بيد النظام يسلط دون رحمة و لا شفقة ضد كل من خرج عن دائرة النظام ، أكيد أن ‫"‬ عبد الفتاح السيسي‫"‬ ما زال لم يشف غليله في الرئيس الذي كان يخطط لعزله و التخلص من مقالبه و من مخلفات رموز الفساد لنظام ‫"‬ حسني مبارك ‫"‬ المعادلة بسيطة و معقدة من أربع حروف كانت متورطة في أكبر و أعنف صراع دموي مفرق بين الإخوة أو الإخوان ـ كلاهما صحيح المعنى ‫بهذا التحليل الرياضي ‬ ‫:‬ ‫(‬ م‫.‬ ر ‫.‬ س ‫.‬ ي ‫)= مُر + سي مضاعف ـ تعطينا : مرسي و في ذات الوقت مرّ سي سي " يعني الإثنين يشتركان في المرارة التي يتجرعها الشعب المصري يوميا!!! ..‬ على كلّ ستظهر تهمٌ أخرى ضد ‫"‬ مرسي ‫"‬ سياحكم فيها ؛ و سينعت بأبشع الصور و سيشوه إعلاميا إلى أقصى تشويه ممكن ، ما دام هو الآن في السجن و في قبضة جلاده، ‫"‬ اللي طالع يضرب و يشتم في مرسي و اللي نازل يضرب كمان و العيال كمان بتعيط و تضرب و النسوان و الفنانات بتزغرد و الصحفيين و كل الإعلام بيشتموا و بيعملوا حاجات غريبة من وراه و بيهتفوا ‫"‬ تحيا السيسي مخلص مصر و رئيسي ‫!!!‬ مادام ‫"‬ خياط التهم الماهر‫"‬ في قصور النظام لم يَكِل في تسخير العدالة و الدساتير لخدمة العساكر و مجموعات و لوبيات الضغط السياس ـ مالية في الوطن العربي و ليست العدالة و الدساتير لخدمة و لضمان حقوق المواطن و المواطنة‫..‬ لكم نشبه ‫"‬ عرائس الأرجوز ‫"‬ أو ‫"‬ اليأس في بلاد العجائب‫"‬ نحن العرب أينما كنا‫!!"‬

ـ ل .خ

****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/


- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce lien:

ـــــــــ

آخر تعديل على الإثنين, 01 كانون2/يناير 2018

وسائط