طباعة

ـ كتب: لخضر خلفاوي ـ باريس*

 تنبيه إلى القراء و القارئات ، هذا المقال كتب  تحت عنوان " - أنقذوا وطنكم و رئيسكم !قاصر ، مريض ، مَقْسُور و موضوع في مقصورة " و نشر منذ أكثر من سنتين في " صحيفة الوطن الجزائري"، و لأن الحديث و الجدل السياسي أو الانسداد في إيجاد مخرج يشرف الجزائريين مازال كما هو، فما عليكم سوى تغيير بعض الأسماء المذكورة و تعويضها بأخري لها صلة و وزن في تفعيل الوضع ـ إلى الأسوأ ـ في هرم السلطة..

و عليه رغم أن المقال قديم إلا أن ما ورد فيه صالح لكل زمان و مكان حتى يموت هذا النظام أو يقرر  الشعب الجزائري الهجرة جماعيا نحو كوكب آخر غير الأرض في المستقبل البعيد!*

"منذ وقت طويل و أنا أحاول ـ تشفير ـ  و فهم ما يُبيّتُ له من قبل العُصْبة الحاكمة في الجزائر و الأمور الغير عادية في تسيير الأمور في شتى القطاعات .. و ككل متتبّع من الإعلاميين و المثقفين لهذا البلد أحاول من خلال قراءاتي للأحداث أن أَصِلَ إلى صورة تقريبية تفسيرية ما لتساؤلات الشعب و كل طبقات المجتمع .. و كانت لديّ دائما احترازات في أعماقي فيما يتعلّق في مدى ـ تورّط ـ الرئيس بوتفليقة منذ 2013 في ما يحدث داخل سُدة الحكم و الإنعكاسات السلبية التي تجلّت في الشارع و جعلت الرأي العام الجزائري يلجأ إلى " العوالم الإفتراضية " للتعبير عن قلقه و خوفه من المستقبل و مما يُبيّتُ له من قبل " أشخاص " في الحكم حيث يُشكُّ في نزاهتهم ، بل  ثبت تورّطهم في قضايا فساد عدة " إقتصاديا و سياسيا " ! كيف بالرجل يعلنها في سنة 2012 ضمن خطاب رسمي أمام الشعب ( في شرق البلاد) أنه أدى ما عليه و آن الأوان لتسليم المشعل.. ثم يسقط بعد ذلك في مطبة صحية لم يشهدها من قبل ، و يُنقل على جناح السرعة إلى فرنسا للعلاج لمدة 80 يوما،  ثمّ تمّ إعادته إلى الجزائر في شكل مخالف تماما على للذي كان عليه قبل أشهر من إصابته! أعادوه على كرسي متحرّك ، و بجسم  مشلول و أخفوه لأشهر كثيرة  عن الإعلام و الشعب ، و ظننا أنهم سيعلنون إنتخاباتا مسبقة و يتمّ انتخاب رئيسا نزيها كفؤا في كامل قواه العقلية و البدينية ؛ غير أنهم أحدثوا ( كما العادة ) المفجأة بكل خُرافيتها ، و  قيل لنا بعدها ؛ أنه جاهز ليقوم بمهامه كرئيس دولة و يود الترشُّح لعهدة رابعة! حينها بدأتُ أشكّ مثلي مثل الكثير من الملاحظين و المتتبعين أن في الأمر  "إنَّ"  و هي أداة ـ نصْب من مَكيدْ ! ـ فالجلطة التى تعرّض لها و راح ضحيتها لم تبق فيه ولم تذر .. و لم تترك للرجل شيئا يُعوّل عليه في المستقبل القريب..ثمَّ فرضوا على الجميع منطق " بوتفليقة أو نهاية العالم!" دون منازع حتى و لو كان على كرسي " مُحرّكْ ـ !  و استمروا في تنفيذ مشروعهم في فرض الرجل المشلول و " المريض" كبديل لا ثان له .. و كانت آلة تعيين " شبح بوتفليقة " أقوى بكثير من جيوش الأحزاب  الصورية و التنظيمات المدنية و الإعلامية و كل الجمعيات . و نجحوا في الذهاب و الوصول إلى مبتغاهم ضد إرادة الشرفاء من هذا الشعب .  ابتدعوا أزمة و خلافاتا بين المؤسسة العسكرية و جهاز المخابرات و الرئاسة ، ثمّ شرعوا في تصفية الحسابات السياسية و الإقتصادية و فجروا القضايا الإقتصادية الكبرى و اشغلوا الشعب بها؛ في حين عملية " برمجة خلافة بوتفليقة " بدأت قبل ترشيحه للعهدة الرابعة؛ بمعنى لو تركوا عملية إنتخابه تمر بكل شفافية من المستحيلات أن يفوز بهذه الإنتخابات التي شكلت " عارا" و  فضيحة في تاريخ البلد!  و المراد من ذلك هو تمرير بإسم " الرئيس ـ المغلوب على أمره ـ كل المشاريع السياسية و الإقتصادية التي تخدم مصالح قوية في الحكم ( سياسية و عسكرية ) ! آخر هذه السيناريوهات التي تؤكّد ( الملعوب و الإحتيال على إرادة الشعب ) هي الدستور الجديد و عودة من بلاد ( العم سام )السيد " شكيب خليل "  زعيم عصابة  دون أن يتعرّض لأي ضغوط أو مساءلة ، بل أستقبل إستقبال الشرفاء و السلاطين بمطار وهران ( الغرب الجزائري)!  و أذكر أني كتبتُ في الأسابيع الفارطة مقالا بصحيفة " الوطن الجزائري" بعنوان :" القرصنة على الشعب ؛ من الإستعمار .. إلى الإرهاب .. إلى النهب و الإغتصاب!" حيث نوّهت إلى ما يلي :( أعتقد إن دخول " شكيب علي بَابَا " إلى الجزائر لم يكن إلا بتزكية و بضمانات قوية مِن طرف مَن يُديرون كل صغيرة و كبيرة في دوائر (النظام الحقيقي) ، و أن هناكَ  شيئا عظيما يُحظّر له منذ سنة تقريبا  .. و هم بصدد ضبط التفاصيل الدقيقة للإعلان عن نهاية " بوتفليقة رسميا " و تقديم البديل في " زي مفبرك ، و " شكيب علي بَابَا" سيكون ضمن الطبخة الجديدة التي ستجعل الشعب الجزائرفي موضع " الرهينة الأبدية " لصعاليك حكومية "مستنسخة نظاميا() و تساءلتُ ـ مُخمّنا في ذات المقال : 

(…) هل  فخامته  السيد " عبد العزيز بوتفليقة " ما زال على قيد الحياة! نعلم أنه يقاوم المرض منذ وقت طويل، نعلم أن حركاته محسوبة ( بحكم شلله الواضح!)، نعلم أنه لا يتكلّم ، لكن الذي لا نعلمه ؛ هل هو على عِلم فعلا بما يجري من فظائع و جرائم إقتصادية و سياسية؟ و هل ما زال بكامل قواه " العقلية" و يستطيع فهم ما يُرتكب و يُقال بإسمه ؟! أم وضعه الصحي المتردّي جعل منه رهينة " المُحيطين به " هو أيضا و لا يملك من زمام أمره أي شيء،  شأنه شأن الشعب الجزائري و يُنتظر الفرصة السانحة و من ثمة سوف يُعلن عن وفاته حال إتمامهم آخر تفاصيل " السيناريو " الذي يُحضّر له منذ وقت طويل ؟ ! …)

‎إن  الزيارات المتعددة و المتنوعة لساسة و مسئولين فرنسيين كبار من بينهم  ( الرئيس فرانسوا هولاند ، حيث زار الجزائر لمرتين في أقل من ثلاث سنوات ، و اليميني " آلان جيبي" و رئيسة بلدية باريس ، و رئيس حكومة فرنسا مؤخرا السيد  " مانويل فالز"  لم تكن مجرّد زيارات تعاون و شراكة طبيعية  بقدر ما هي متعلقة بمستقبل الجزائر سياسيا و بمرحلة ما بعد " بوتفليقة "  ؛ لأن فرنسا منذ الإستقلال كانت و ما تزال شريكا فعالا في  كل السيناريوهات و الترتيبات  و هذا بفضل " حزب فرنسا الحاكم " المتمثل في زمرة " فرونكوفيلية " و ولائية حتى النخاع لفرنسا ، بحكم قدرتها على دعم " دوائر في الحكم " التي تضمن الأمان و الإستمرار للمصالح الإستراتيجية للمُستَعْمِرة السابقة! 

‎الزيارة الأخيرة  لـ " مانوال فالز" ، رئيس حكومة فرنسا الإشتراكي و ظهوره جنبا إلى جنب مع " الرئيس  بوتفليقة" ، تأكّد لي أن الرجل لا يملك من أمره شيئا .. لا يمكن لهذه الرجل المريض ، المشلول ، القاصر، أن يسّير و يحكم ! كيف برجلٌ يعجز عن الكلام و عن تحريك لسانه و أعضائه و التحكم في جسمه بإمكانه أن يحكم بلدا بكامله ؟!   الصور التي تداولتها وكالات الأنباء العالمية و الصحف المحتلفة أوصلتني إلى هذه القناعة و المتمثلة في ما يلي :

‎لقد رُفع القلم عن هذا الرجل منذ إصابته بتلك الجلطة الدماغية التي أوصلته إلى مستشفيات فرنسا  و وضعه تحت الرعاية و العناية  الطبية المركزة لقرابة 3  أشهر!  يعني الرجل لا يعتبر مسئولا عن كل ما حدث منذ 2013.. و دوائر الحكم التي كانت وراء  العهدة الرابعة  هي المسئولة عن كل الكوارث التي حدثت بعد حدوث تلك الوعكة الصحية الخطيرة .. لقد كان ترشيحا إجباريا  و من المحتمل جدا أن يكون  أقرب الناس إليه  عنصرا فعالا في إدارة هذه المؤامرة.. لأنهم يدركون أنه لا يمكن لهذا الرجل  الذي تُشبه حالته حالة " الميّت السريري" أو " الإكلينيكي" أن يُتِمَّ أقصى تقدير نصف العهدة الرابعة .. لذا سرّعوا عمدا عمليه فرضه على الشعب حتى يتسنى لهم ترتيب ـ تعيين ـ الرئيس المقبل الذي يرعى استمرارية  نهب و خيرات البلاد   ، و عند انتهاء كل الترتيبات ، يتم الإعلان الرسمي لوفاته و تقديم البديل ؛ ففي الجزائر؛ الرؤساء لا ينتخبون بل يعيّنون من قبل دوائر في النظام حسب ما تقتضيه مصالحها!  و منه يُعلن عن إنتخابات رئاسية مُسبقة لإنتخاب رئيس جديد للجزائر بكل " حرية و  شفافية و نزاهة" كالعادة !! و تُصرف الملايير لتنفيذ هذه الحملة الإنتخابية الإحتيالية الزائفة من أجل إبقاء دار " لُقمان على حالها".  هل عودة " خليل " اللص ، معززا و مكرما بدليل دعوات القضاء الجزائري و الأجنبي  ـ و التقارير الدولية كان أمرا مفروضا على الجزائر و عملية لوي ذراع من قبل " الإدارة الإمريكية " و كذلك إدارة " الإليزي" ؛ بحكم المصالح المشتركة التي لا يمكن أن تكون بمنأى عن أيّ خطر إذا غيِّبَ السيد " خليل" و زمرته  التي تعتبر الراعي الأوحد للمصالح " الطاقوية " لهذه البلدان الأجنبية ؟!  بالرغم أن بوتفيقة كان المسئول الأول عن كل صغيرة و كبيرة بشرها و خيرها ، و حسابه و حسابنا ( عند الله !) . كما أن الأعمار بيد الله،  لكن بعد  " جلطته " هذه  قبل آخر إنتخابات رئاسية  لا يمكن تحميله ما لا طاقة له ! فالرجل " يعاني المرض و يصارع الموت " و يعيش أيامه الأخيرة ، فهو رئيس " مشلول ، مريض ، مقصور و "قصرُ الرئاسة بـ المرادية " تحوّل إلى "مقصورة " و إقامة قسرية و هو الذي كان يدعى " عبد العزيز" !    و بدلا من الإعتناء به و  وضعه تحت العناية المركّزة  و عدم إرهاقه و تحميله ما لا طاقة له به ، يُؤتى به في كل مرة  (لإهانته و إهانة الجزائر)  ـ مثلما يُؤتي بعرائس القراقوز ـ  لتحريكها أما المشاهدين لإثارة المرح و السخرية.. و يُوضع  كـ " ديكور " أمام الكاميرات إلى جنب ضيوفه الأجانب لنقول للعالم بأن رئيس الجزائر ما زال " يتنفس" و لم تطلع روحه بعد!   نعم الظهور  الأخير للسيّد " عبد العزيز بوتفليقة " أكّد لي بأن الرجل لا يملك زمام أموره و فقد القدرة على القِوامَة و الولاية، و أنه رهن و رهينة من يريده  أن يبقى هكذا في صورة المومياء أو " الحيّ ـ الميّت " ؛  لنبرّر بعد ذلك أيّ طارئ، كإنقلاب  على الحكم من قبل أطراف معيّنة بحجة " الحالة الصحية المرضية" ؛ مثلما فعل " زين العابدين بن علي  مع بورقيبة " .. لا يُمكن أن يكون التعمّد في إظهاره بهذا الشكل المُهين الكارثي و الصعب يرضاه " بوتفليقة" لو كان بكامل قواه العقلية و الجسدية .. فهو كإنسان، كمواطن ، كمُسن ، كمعوّق ، كمريض  يثير فعلا الشفقة ! ..   هذه الحالة وراءها حيلة عظيمة ستتضح معالمها في الأسابيع أو الأشهر القادمة!. 

‎لا بُدّ للقوى الحية في البلاد من أحرار و أشراف الجيش ، من أحزاب و مجتمع مدني أن تنتبه لهذا الأمر و أن تطالب برفع " القرصنة على الرئيس المريض "  و تحريره كرهينة في يد من كانوا في فلكه يسبحون و الإسراع في وضعه تحت العناية المركزة و توفير له كل شروط النقاهة .. تركه على هذا الوضع هو الإستمرار في " تنكيله " و إهانته كإنسان يحتاج إلى الراحة و العلاج المستمر و كممثل دولة تُعتبر إساءة لصورة الجزائر و الجزائريين  دوليا !  فلماذا يستمرون في هذا التهريج و التنكيل بجسد و صور رجل صار تماما قاصرا ، عاجزا ، و يتكلّم  بشق الأنفس كلاما غير مفهوما!   في العهدة الأولى و الثانية و الثالثة ربما كان الشعب رهينة جماعة مقرّبة من " بوتفليقة" استفادت بشكل فاحش من غض طرفه كرئيس دولة على ذمته مسئولية أمة و شعب ، أما في العهدة الرابعة صار الشعب و الرئيس بوتفليقة   سيّان ، رهينتان  مسكينتان   تحت رحمة  الدوائر و التكتلات الحاكمة  نفسها! 

‎و في الختام أطرح بكل براءة و سذاجة هذه الأسئلة: ماذا يحدث و يجري  يا وطني؟ لماذا كل شيء  فيك صار رأسا عن عقب؟! لماذا صار فيك خيرَةً و أشرافاً لصوصكَ و خونتكَ و رموز الظلم و النهب؟!  لماذا صار فيكَ  كُلّ مِنْ غيورٍ و شريفٍ و حاميكَ من المُغيّبين و من المُبعدين و الغُربْ؟!   متى ينتفض الأحرار و الأشراف لإنقاذك من المهانة ، أو سيُنتَظَرُ حتى تشرقُ شمسكَ من الغربْ؟!

 ـ *"اصحيفة لوطن الجزائري" في 18 أفريل 2016

http://www.elwatandz.com/algerie/23749.html

‎ـ مفكّر، إعلامي مدير صحيفة " الفيصل" ، كاتب ، و فنان تشكيلي| باريس

****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien:

آخر تعديل على السبت, 29 أيلول/سبتمبر 2018

وسائط