wrapper

الجمعة 29 مارس 2024

مختصرات :

عبد الكريم ساورة*

 

نشرت مند سنتين تقريبا مقالا بعنوان " السطو على الله " وكنت أقصد به السطو على ثلاثة أشياء أسياسية وهي : الوطن والثروة والدين " من طرف ما أسميتهم بلصوص الوطن، المقال تم نشره بالعديد من المواقع الدولية والوطنية وبعض الجرائد المغربية،

وفجأة اتصل بي شاب عبر الفيسبوك وقال لي دون تحية : هل أنت مغربي ؟ فأجبته نعم، فسألني وهل أنت مسلم ؟ فقلت له : نعم، فرد علي : أنت مجرد زنديق وفاجر وتستحق الذبح بسبب عنوان مقالك الذي يمس الله ومقامه العالي.

أنهيت المحادثة في حينها، ودخلت بسرعة إلى صفحة هذا الشاب الذي يلبس جلبابا ويحمل حقيبة في يديه، فاكتشفت أنه طالب بمسجد الحسن الثاني.

بصراحة أصبت بدهشة كبيرة، ولم أصدق أنني فعلا في المغرب، أبسبب عنوان لمقال جد بسيط، قد يعرضني للتصفية الجسدية. ومند تلك الحادثة فهمت أن المجتمع المغربي تغير فعلا و دخل مرحلة الخطر، نعم الخطر الحقيقي الذي يتوغل في صمت مريب وفي غفلة من الجميع.

ولا أخفي عليكم أن حادثة ذبح السائحتين البريئتين، أيقظتْ في روحي ماكنت أحاول أن أخفيه ولا أريد أن أبوح به، وكنت أريد أن أطمئن نفسي بأن ما حدث لي مجرد تهديد من طرف مراهق تغلبُ عليه عصبية الأمر بالمعروف والانتصار للدين الإسلامي، لكن بعد الذي أصبحنا نسمعه كل يوم من العمليات الإرهابية في العديد من الدول، وما حدث من ذبح في بيتنا الذي كنا نعتقده آمنا، فقد أضحى الأمر يتطلب قرع الأجراس بصدق وأمانة.

وعلى ذكر الأمانة، فيجب علينا أن نوجه اللوم لأنفسنا قبل لوم الشبان الثلاثة الأغبياء، الذين تم استعمالهم كما يستعمل العازل الطبي ويرمى به في القمامة، لقد تم استعمالهم لأنهم لم يتعلموا يوما مامعنى الوطن، لأنهم طردوا باكرا من  المدرسة،  لم يسمعوا يوما عن مفهوم العدالة، لأنه تم إقصائهم مبكرا وتم رميهم في مستنقع الفقر، لم يشعروا يوما بالانتماء، لأن  أحدا من السلطات لم يسمع يوما لصراخهم المدوي، وفي أول فرصة وجدوا فيه وطنا إسمه داعش، ارتموا في أحضانه وطلبوا اللجوء إليه، طلبا للرحمة وبحثا عن الخلاص

علينا أن نعترف جميعا أنهم فتية آمنوا بربهم الجديد بطريقة أخرى، بدين آخر، بملة مختلفة، لكن السؤال المر : أين تعلموا هذا الدين الجديد ؟ وفي أي مدرسة تعلموا كل هذه القسوة ؟ ألهذا الحد تم خداعهم ؟ أم تم خداعنا ؟

نعم لقد تم خداعنا جميعا، أن المغرب بلدنا العزيز بلد معتدل في إسلامه، وهاهي الهمجية تظهر بين الفينة والأخرى في مناطقنا السياحية الجميلة، وهاهي الوحشية ترقد وتستيقظ في كل فرائس أولادنا، نعم أولادنا الجياع لأكل لحم الضيوف وشرب دم من أوهمناهم بحماسة الاستقبال و حسن الضيافة

لقد ارتكبنا خطيئة كبرى عندما صورنا للعالم أننا بلد آمن، ولنا نظريات عظيمة في مجال الأمن الاستباقي، لقد خدعنا أنفسنا وخدعنا الآخرين بأننا بلد آمن من مصاصي الدماء. هل سيصدقنا العالم بعد اليوم بعدما شاهد الأعناق تتدلى والدماء تتدفق كشلال ؟ إننا مخطئون جميعا، مخطئون لأننا لم نقل لهم الحقيقة، بأن الذئاب تتربص بنا في كل جهات المملكة، وتنتظر الفرصة الملائمة للإنقضاض على ضحايا جدد. علينا أن نقول لهم أن بلادنا تغيرت، و أننا لم نعد ننعم بالإسلام المعتدل، وأنه أصبح بين ظهراننا جيل جديد من عبدة الأوثان، جيل جديد بعقيدة لا تمت لدين الدولة بأي صلة، إنه دين العنف والقتل

صدقوني لقد تغير العالم، و حان الوقت، لنغير من خطابنا الاستهلاكي القديم، من خططنا القديمة، الخطر يتهددنا جميعا، ولايمكن مواجهته بالصراخ والتنديد، وحدها الثقافة، وحدها الديمقراطية قادرتان على تحقيق المعجزة، وصناعة بلد متوازن، أما الإيمان بالمقاربة الأمنية كخيار وحيد، فستبقى دائما بلا طعم ولا روح، وستبقى الأشباح تحلق في سمائنا سنوات طويلة.

*كاتب وباحث

ـــــــــــــ

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الثلاثاء, 25 كانون1/ديسمبر 2018

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :