طباعة

ـ عبد الكريم ساورة*


كثيرا مانعيش فترات نفقد فيها توازننا بالكامل، قد لانعلن عن حالة البوار الكبير الذي أصابنا، فنلوذ بالفرار إلى ركن من أركان الوحدة، نهرب من الجميع، اعتقادا منا أننا بهذه الطريقة المهينة أننا نتخلص من العدو، من هو هذا العدو الذي نهرب منه، أكيد لانعرفه، أكيد أننا نواجهه طول الوقت ولا نتعرف عليه، فننتظر الفرصة المواتية لنقرأ في جريدة نفس الحالة التي نعيشها،

أو يمكن أن نصادفها في فلم من الأفلام أو برنامج من البرامج، فنصرخ من الفرح أو الألم، الألم لأننا عشنا فترة طويلة لانبحث عن حل لأنفسنا، وارتكنا ننتظر الخلاص يأتي لوحده، الفرصة لاتأتي لوحدها، الفرصة نصنعها بمشيئتنا، عندما نريد أن نواجه العالم بأننا حقيقيون، بأننا أحياء وليس أمواتا، وقد نصرخ من الفرح كذلك عندما نجد الحل يمشي برجليه يتحرك أمامنا، إنه إحساس جميل بأن الحظ كان يميل في اتجاهنا، فنقول بصوت مرتفع : نعم إنه نفس المرض الذي نعاني منه....لا ، ليس بمرض إنه شيء يشبه المرض، ربما هو إحساس باللاجدوى من الحياة، إنه اليأس، لا ليس اليأس إنه يشبهه، تختلط علينا الأسماء وربما الحالة ولانعرف بالضبط ماهو هذا الشيء المقيت الذي نعاني منه ولا نستطيع تحديده بدقة. نحن الآن في وضع حرج جدا، نهرب من الناس، ولانكلم أحدا فيما نتعرض له من نوبات نفسية مزلزلة، فنودع كل شيء وننتظر الفرج .
هل سيتحقق فعلا الفرج ؟ لن يتحقق لأنك في وضعية الهارب، والهارب يصعب اللحاق به خصوصا إذا كان يأخذ وجهة مجهولة، فهي صعوبة أخرى تنضاف إلى مجموع الصعاب التي نتوارثها قسرا أو التي تعترضنا من فيض ذواتنا.
قصة الإنسان مع نفسه غريبة، ومع الآخرين أكثر غرابة، عندما ندشن طول الوقت سلسلة من الانتقادات القاسية الموجهة لهذا الآخر، ونعتبره مصدر الشرور وسبب نكباتنا وحزننا، لكن في نفس الوقت نبحث عنه في كل لحظة من أجل نحكي له قصصنا المفزعة والغبية من أجل أن يشاركننا برأيه وحلوله، هاهو هذا الآخر الجحيم يتحول في رمشة عين إلى طبيب نفسي يفكك مكبوتاتنا المدفونة في جلدنا المتورم مند قرون.
هذا الإنسان، الذي يخيفنا، ونحترس جدا أن نظل في حالة يقظة حتي لايفاجئنا بالضربة القاضية، نجله ونعشقه ونهابه، هاهو يتحول في دقة زمن إلى أو كسجين ينقد أرواحنا، ونصبح بكرمه وعطاءه سجناء لدينه بل لديونه التي تصبح تثقل كهولنا فترة من الزمن.
الآخر في لحظة غضب، أو تعب، نعتبره مصدر عذابنا، ولكن مع أنفسنا نعرف أنه مصدر إلهامنا، والقوت الذي نتغذى به طول الوقت من أجل أن نضمن المشي طويلا في حياتنا، إنه الأمل، إنه الباب الواسع الذي ندخل منه لنحقق فعلا إنسانيتنا، أوحتى ساديتنا التي نحاول جاهدين بكل الطرق على عدم كشفها. إننا نبرر وحشيتنا بإنسانيتنا، هذا هو الإنسان القديم الجديد، هذا هو الإنسان الذي نحمله في دواخلنا، ومهما نختلف في تفسير تاريخه يبقى دائما نافذة أمل نطل منه على قبحنا.
*كاتب وباحث مغربي

ـــــــــ

‎ الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
@elfaycalnews
instagram: journalelfaycal
‎ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

 

آخر تعديل على السبت, 12 كانون2/يناير 2019

وسائط