طباعة

 بقلم: خالد عبد الكريم | العراق


إن الشعوب غالباً ما تتحدى المصاعب وتقاوم الإحتلال وأفكارهِ العدوانية ، ولكن بمرور الزمن ستضعف تلك المقاومة وسوف تنحدر من جيل إلى جيل بإختلاف الأفكار والتطلعات والطموحات وكذلك المعطيات المتواجدة على أرض الواقع. فالإرادة الشعبية الموحدة هي السلاح الأخطر لدى الشعب

وبهذا السلاح فقط تستطيع أن تقلب الطاولة في أصعب الظروف؛ ولكن الشعب العراقي لا يمتلك إرادة موحدة اليوم لقد تفرق حسب المذاهب والملل والقوميات ثم عاد ليتفرق من جديد على يد الأحزاب والتيارات الدينية والسياسية المتفرعة من ذات المذاهب والقوميات والملل المنتشرة في المجتمع، لهذا السبب لن يحدث تغيير جذري وشامل لواقع المجتمع العراقي مستقبلاً لأنه شعب مسلوب الإرادة الموحدة ، بل سيكون المستقبل أكثر شتاتاً خاصة في ظل تدهور أسعار النفط وحالة الإفلاس، التي ستكون ذريعة مهمة لإنطلاق مشروع التقسيم الناعم للمجتمع العراقي وضمهُ إلى الدول الطامعة في العراق ! بعدما عجز الإحتلال الأمريكي لمدة 17 عاماً عن فرض رأيه على الشعب العراقي وتقسيم العراق بقوة السلاح ، تغيرت قواعد اللعبة اليوم لتبدأ مرحلة جديدة وهي أطلقت عليها التسمية "سياسة التقسيم الناعم " فهذه السياسة تنخر مصادر قوى الشعب من الداخل كما يفعل مرض السرطان في الجسد ثم تسلبك الإرادة على الرفض للداء لتبدأ مرحلة فرض قراراتها بموافقة الشعب الشبه محسومة لصالحها . وإن سياسة التقسيم الناعم لن تبدأ وتنتهي بليلة وضحاها على العكس تماما فهي تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها وهي مقسمة إلى عدة مراحل وأهمها. ● المرحلة الأولى: وهي مرحلة حروب الإستنزاف التي شهدها المجتمع العراقي بعدة مراحل ومسميات منذُ العام ٢٠٠٣م فقد بدأت بالصراعات الدينية الطائفية والقومية ، ثم تطورت إلى الصراعات السياسية وحرب الكتلة الأكبر للهيمنة على قرار غالبية الشعب والانتفاع من مغانم السلطة ، ثم تطورت مرة أخرى لصراعات شخصية وحزبية لتصفية حسابات سياسية إقليمية ودولية ، وبعدها إنتقل الصراع إلى داخل كل مكون وفرقة من مكونات المجتمع . فهي مرحلة صعبة جداً لكنها تمت بنجاح داخل العراق وهدفها قد تحقق بفاعلية عميقة تم إغتيال "الإرادة الشعبية الموحدة" وبات التشتت والصراعات واضحة بين أبناء الشعب العراقي. ● المرحلة الثانية : وهي مرحلة الصراع الإقتصادي وتحجيم الموارد للوصول إلى حالة الإفلاس والتجويع. وهذا الصراع نشهده اليوم خاصة في ظل تدهور أسعار النفط وحالة الإفلاس التي وصلت إليها الخزينة العامة للدولة العراقية، وحجم الديون الذي تضاعف وسيتضاعف في الأيام القادمة. كذلك ضعف القرار السياسي العراقي الغير قادر على تجاوز أبسط الأزمات فهو غير قادر بالمرة على بناء مشاريع واستثمارات تنمي الدخل القومي بل عطل تماماً عن التقدم منذ سنين طويلة في بناء وتطوير الاتفاقيات الاقتصادية مع الدول الاقتصادية الضخمة ، فنحن نسمع بإتفاقية الصين ولكننا لم نشهد شيئاً على أرض الواقع، وكذلك هو القرار السياسي لبناء ميناء الفاو الكبير الذي لم يتقدم فيه العمل حتى الآن وكل ما يقال مجرد تأويل فارغ . ناهيك إنعدام الاستثمار الأجنبي في البلد المنهار تماماً في قطاعات التعليم والصحة والصناعة والزراعة وبات العراق شعب مستهلك غير منتج لأي شيء يذكر وهذا هو الهدف الرئيسي لتمكين سياسة التقسيم الناعم . ● المرحلة الثالثة : وهي مرحلة خلق الأزمات وتضخيمها ونقل ساحة الصراع السياسي إلى الشارع العراقي. في هذه المرحلة ستزداد الأزمات الاقتصادية قوة وستكبر فجوة الصراعات والفتن الداخلية وسوف تكون الدولة غير قادرة على دفع الرواتب والخدمات للمواطنين، وكذلك هي غير قادرة على بسط الأمن في المجتمع وسوف تتضخم الأزمات وترتفع نسبة البطالة والفقر والجوع سيقلب موازين القرارات السياسية التي ستنهار بعدها قوى الدولة تماماً وستظهر قوة السلاح المنفلت عن سيطرة الدولة، ليبدأ الصراع على الموارد الاقتصادية التي تدر دخلاً وستكون الصراعات الداخلية في أوجها ولن تستطيع الحكومة إيقاف الخسائر ونزف الدم ؛ بل سوف تسلم أمرها إلى القوى الطامعة التي ستتدخل بكل شفافية وسهولة لتفرض رأيها بعد أن توفر ما يحتاجه الشعب عن طريق بوابة الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص العمل وبناء البنى التحتية المنهارة . ● المرحلة الرابعة : التدخلات الخارجية لفض المنازعات المسلحة على الموارد وحرب البقاء وبدأ إعلان التقسيم ورسم حدوده رسمياً . في هذه المرحلة سوف تتشكل قوى سياسية جديدة داخل كل محافظة ذات غالبية طائفية وقومية وقبلية معينة لتبدأ بتقرير مصيرها بنفسها ، عن طرق إختيار الدولة التي ستبسط الأمن فيها وترعى مصالح سكانها وتوفر فرص العمل والاستثمارات التي يمكنها أن تقلب الموازين لتحول المناطق ذات الصراع إلى مصانع ضخمة واستثمارات في شتى المجالات ، لتبدأ بعدها بإعلان قرار التقسيم وترسيم حدودهُ بموافقة الشعب العراقي الذي سيساعدهُ الدستور الأعور! بتحديد مصيره وترسيم الحدود من جديد. وبقرار شعبي واضح سيصوت الشعب على الانقسام مستقبلا وبكل أريحية ، وسوف تكون الدولة المستثمرة في العراق هي الدولة المسيطرة على القرار السياسي العراقي. ومن المرجح ستكون المناطق الجنوبية تحت رعاية إيرانية ومناطق الوسطى والغربية ستكون تحت رعاية السعودية والخليج ومناطق الشمال سيكون مشروع مشترك بين إسرائيل والأتراك . فهذه هي النظرة البعيدة لسياسة التقسيم الناعم التي ستأتي بإحتلال الفكر أولاً ومن ثم الأرض وسلب الإرادة الشعبية الموحدة ، لتكون السيطرة واضحة المعالم في ذاكرة الأجيال القادمة. ويبقى السؤال الأهم هو : من سيقف نداً لهذا المشروع الخطير ومن سيكون أداةً غبية ورخيصة لإنجاح سياسة التقسيم ؟! ربمى ستجيبنا الأجيال القادمة بمقالة أخرى تتحدث فيها عن أبطال تحالفات التقسيم وقادة صنع القرار الجديد .

 

 

*****

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 25/ ديسمبر 2020 ـ جانفي 2021

https://fr.calameo.com/read/006233594d978f067c2c3

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 23 et 24 mois (octobre et novembre 2020
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://www.calameo.com/books/0062335945021221c6506
*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الثلاثاء, 19 كانون2/يناير 2021

وسائط