طباعة

 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

ثلاثيُ الهزيمةِ الإسرائيليةِ يجرُ أذيال َالخيبةِ..الإسرائيليون إثرَ وقفِ إطلاقِ النارِ:
ما إن وضعت الحرب الهمجية على قطاع غزة أوزارها، وانتهت العمليات الحربية العدوانية عليه، حتى بدأ المستوطنون الإسرائيليون يصبون جام غضبهم على الذين أوردوهم موارد الهلاك، وألحقوا بهم الهزيمة، وتسببوا لهم بالنزول إلى الملاجئ والهروب،

وعرضوهم للتهكم والاستهزاء، وجعلوا منهم أضحوكةً ومثاراً للسخرية، وهم الذين كانوا يتشدقون بأن جيشهم لا يقهر، وأن كيانهم لا يهزم، وأنهم أقوى دول المنطقة وأكثرها تسليحاً وقدرةً، لكنهم أمام هول الصدمة وشدة الصفعة، َعَلَا صوتُ نحيبهم صاخباً، وخَشُنَت كلماتهم انتقاداً، وفَحُشَ ردهم غضباً وألماً، وتوالت الدعوات للمحاسبة والمسائلة، والتحقيق والعقاب والإقصاء.
 
فقد فوجئوا جميعاً، حكومةً وجيشاً، ومستوطنين ومراقبين، أن ثلةً قليلةً من المقاومين في قطاع غزة قد هزموهم، وأمطروا سماءهم بآلاف الصورايخ، التي وصلت إلى عمقهم وشمالهم، وجنوبهم وأقصاهم، وألحقت بهم خسائر حقيقية، بشرية ومادية ونفسية، يصعب محوها بسهولة، أو تجاوزها ببساطة، إذ تركت أثراً بالغاً وجرحاً غائراً لا شفاء منه ولا نجاة من عاقبته، وقد زادت المقاومة الفلسطينية بانتصارها قوةً واشتدت عزماً، بينما ازداد جيشهم بهزيمته اهتزازاً وخيبة، وفقد سمعته وردعه، ولم ينفعه تدريبه وتأهيله، ولا ترميمه ومناوراته، واضطربت حكومتهم واختلت، وازدادت تفككاً وضعفاً، وحيرةً وقلقاً.
 
كثيرون هم أولئك الذين ألهب المستوطنون ظهورهم، وأوجعوهم بكلماتهم، وسلطوا عليهم سيف انتقادهم، وحملوهم المسؤولية عما نزل بهم وحل فيهم، فهم مجموعة واسعة وفريقٌ كبير، لكنهم ركزوا في هجومهم على ثلاثي الهزيمة وشركاء الفشل، الذين تشدقوا بالعلو والغلبة، وادَّعوا الفوز والنصر، وسوقوا بين مستوطنيهم نصراً مزعوماً كاذباً، وباعوهم الوهم والسراب غبناً، وظهروا أمام وسائل الإعلام يبتسمون ويضحكون، ويهزأون ويتوعدون، بينما التقارير العسكرية تكذبهم، وما يصل من صورٍ من مختلف المدن تفضحهم، لكنهم بقوا مصرين على كذبتهم، وأرادوا من المجتمع الصهيوني أن يصدقهم، وأن يثق في وعودهم ولا يشك في قدراتهم.
 
أما كبير الثلاثة وزعيمهم، وأولهم وأخزاهم، وأغشهم وأكذبهم، فهو رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو، الذي استخدم الإسرائيليين واستنوقهم لخدمة أغراضه وتحقيق منافعه، وأجَّجَ المشاعر وألهب حماس المستوطنين، وهو يجيشهم في القدس ضد الفلسطينيين، ويعدهم بالسيطرة على "جبل الهيكل"، والصلاة فيه بلا مسلمين، ويمنيهم بــ"استعادة" البيوت التي اغتصبها الفلسطينيون في حي الشيخ جراح، وقد كان يعلم أنه يكذب ويغش، ويخدع ولا يصدق، فعينه على مقعد رئيس الحكومة، الذي هو حبل النجاة من مقصلة المحكمة وغول السجن ومرَّ العقاب، ودعاؤه أن يسقط خصومه ويفشل منافسوه في تشكيل حكومةٍ بديلةٍ، فافتعل الحرب وسوَّق لها، ودافع عنها وبشر شعبها بنتائجها.
 
أما ثاني الملعونين وأهبلهم، وأضعفهم وأسخفهم، فهو وزير الحرب بيني غانتس، الذي استخدمه نتنياهو في التوقيع والمصادقة، وحمله مسؤولية القرار وتبعة النتائج، وقدمه أمامه كبشاً للفداء أو مطيةً للكسب والربح، لكن بيني غانتس دار بين الأول والثالت كالحائر المضروب على رأسه، فتارةً يجره الجيش وقيادة الأركان، فينفخون فيه كالطبل، ويستثيرونه كالثور، وتارةً يستخدمه نتنياهو ويقدمه ليورطه، أو يرفعه ليسخطه، فكان بينهما كالصبي يتنقل، فلا قراراً أصدر ولا حكماً أبرم، ولا نصراً أنجزَ ولا ردعاً حقق.
 
أما ثالثهم فهو الدعي المتغطرس، المنتفخ الريش المتعجرف، رئيس هيئة أركان جيشهم أفيف كوخافي، الذي درب جيشه، وأجرى له العديد من المناورات، وأعلن جاهزيته أكثر من مرةٍ لحربٍ قاسيةٍ مؤلمةٍ، يوجع فيها المقاومة ويكسرها، ويفكك بنية فصائلها وينزع سلاحها، ويؤمن للمستوطنين في بلدات الغلاف سنيناً من الهدوء والراحة، وأخرى مثلها من الدعة والأمان، وتغنى خلالها بخطة تنوفا، واعتبرها العصا الغليظة والسكين الحادة، التي سيضرب بها بقوة، ويقطع بها أوتار المقاومة بسرعةٍ، ويهدم عليها أنفاقها ويجردها من سلاحها، وقد بنى مدناً تشبه مدنهم، وشكل مجموعاتٍ تشبه مجموعاتهم، لكن الميدان أثبت كذبه وأظهر عجزه وخرفه.
 
ستكشف الأيام القليلة القادمة أنهم ليسوا ثلاثة فقط، بل هم جمعٌ كبيرٌ من الشياطين، ورهطٌ غير قليلٍ من المجرمين، وإن كانوا هم الذين سعروا الحرب وأشعلوا أوارها، وتولوا قرارها وخططوا لاستمرارها، وأوهموا أنفسهم بالنصر وفيها، وخدعوا شعبهم بنتائجها، ولكن يسعدنا أنهم في الساقية كالثيران يدورون، وبالسياط يكتوون، ومن العامة والخاصة يشتمون، وعلى مدرجات المذبح يهيأون، ليكونوا كبش محرقة الغباء، وضحية الخرف والجهل، وضحالة الفكر وعقم التجربة، ألا تعساً لهم وتباً عليهم، ولعنةً عليهم وشماتةً بهم.


الإسرائيليون إثرَ وقفِ إطلاقِ النارِ وصبيحةَ الجمعةِ



رغم أن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة كان مدمراً ومهولاً، وقاسياً وعنيفاً، ومرعباً ومخيفاً، وقد زلزل الأرض ورَجَّهَا رجَّاً وبَسها بَساً، وكادت لهول القصف لولا لطف الله عز وجل أن تكون هباءً منبثاً، إذ مادت الأرض بما عليها وانتفضت، فسقطت مبانيها، ودمرت أبراجها، وانهارت بيوتها، وتشققت طرقها، وبُقِرَ جوفها، واحترقت معاملها، وسويت بالتراب مصانعها، واشتعلت النيران في مخازنها، وقد استشهد من أبنائها 250 شهيداً، وسقط مئات الجرحى، ولكن صوت الفلسطينيين لم يصخب شاكياً، ولم يعلُ طالباً الهدنة ومستعجلاً وقف إطلاق النار، بل بقيت المقاومة صامدة، ومع شعبها ثابتة، وما توقف قصفها، ولا هدأت صواريخها، ولا تمكن العدو من معرفة منصاتها وإسكات فوهاتها.
 
لكن الإسرائيليين الذين قاموا بكل هذه الجرائم النكراء، وارتكبوا فعلتهم الخبيثة في قطاع غزة، فاستحقوا أن تقصفهم المقاومة بالمثل، وأن ترد عليهم صاعاً بصاعٍ، وصفعةً بصفعةٍ وركلةً بركلةٍ حتى يرتدعوا، فارتعبوا تحت هول الصدمة واختبأوا، وخافوا ولجأوا، وجبنوا وصرخوا، أدركوا صبيحة الجمعة العظيمة أنهم لم ينتصروا في الحرب، ولم يكسبوا المعركة ولا جولة القتال، ولم يحققوا شيئاً من أهدافهم، ولم يصلوا إلى غاياتهم، فلا هم دمروا الأنفاق، ولا هم قتلوا المقاومين أو جردوهم من سلاحهم، ولا هم استطاعوا أن يدخلوا قطاع غزة، ويخوضوا فيه حرباً بريةً، يطهرونها من "المقاومة"، و"يحررونها" من حماس، ويستعيدونها إليهم، أو يسلمونها إلى غيرهم لإدارتها وإعادة تنظيمها.
 
خرج الإسرائيليون وهم ستة ملايين أو ربما أكثر من ملاجئهم، وتحرروا من سجنهم، الذي خضعوا فيه مكرهين كرهائن حربٍ، ولعلهم فرحوا بالحرية لكنهم لم يفرحوا بالنصر، إذ لم يعيشوه ولم يدركوه، وفرحوا بالخروج من ضيق الملاجئ إلى سعة الدنيا، لكنهم لم يخرجوا ليلاً إلى الشوارع والطرقات، ولا إلى الميادين والساحات، وهم يرددون أهازيج النصر وأغاني العزة، ولم يسيروا في مسيراتٍ سيارةٍ وأخرى راجلةٍ، ولم يطلقوا الرصاص في الهواء فرحاً وطرباً وابتهاجاً، ولم تنقل وسائل إعلامهم صور النصر ومظاهر الفرح بين مستوطنيهم، وهم يتبادلون التهاني ويضجون بالضحكات، ويوزعون الحلوى ويرفعون بالشكر الدعوات.
 
نام الإسرائيليون ليلتهم كموتى، وأغلقوا الأبواب عليهم حزنى، ولم يفتحوا لأحدٍ حسرةً وخجلاً، إذ علام يفرحون، وبماذا يبتهجون، وكيف يفتحون عيونهم في وجوه بعضهم وهي الكسيرة الضعيفة، بل كانوا يفرون من بعضهم، ويخافون أن يلتقوا بأنفسهم، وقد زاد في حسرتهم مظاهر الفرح الفلسطينية، والأبواق التي أطلقت في الهواء طرباً، فكانت أقوى من صافرات الإنذار لكنها كانت تغيظ وتقهر، وتزيد في حنقهم وتضاعف في ألمهم، إذ شملت الأفراح كل فلسطين، وغطت مساحة الأرض كلها، فلم يعد لهم فيها موطئ قدمٍ إلا لأسىً أو رحيلٍ، أو لصمتٍ كسيرٍ أو استسلامٍ ضعيفٍ.
 
أصاب وسائل الإعلام الإسرائيلية صمتٌ كصمت القبور، وطغت على برامجها الموسيقى الجنائزية، وبدأت تذيع برامج وكأنها في حدادٍ، وتنقل صوراً وكأنها تعيش مأتماً، وتنقل تصريحاتٍ وكأنها العويل، اللهم إلا من بعض الكاذبين الجهلة، الذي حاولوا أن يظهروا هزيمتهم نصراً، وأن يصوروا فشلهم نجاحاً، وأن يُزَوِّروا الوقائع ويبدلوا الحقائق، ليبيعوا نفسهم وشعبهم نصراً زائفاً وتفوقا مشوهاً، ولكنهم سرعان ما فشلوا، إذ أن بضاعتهم كاسدة وروايتهم باطلة، وحقائق الأمور على الأرضة قوية دامغة، فالمقاومة نفذت وعيدها وبقيت، وأطلقت صواريخها وصدقت، وأجبرت المستوطنين على تصديقها وفعلت.
 
عجز الإسرائيليون عن تفسير ما يحدث لأطفالهم، وحاروا في شرح ما جرى لهم، فقد استجابوا لهم إذ أجبروهم على النزول إلى الملاجئ، ولكنهم كذبوا عليهم إذ قالوا لهم بأنهم سينتصرون على الفلسطينيين وسيهزمونهم، وأنهم سيذهبون بعد المعركة إلى الملاهي والملاعب، وإلى الحدائق والمنتزهات، ولكن شيئاً مما وعدوا به أطفالهم لم يتحقق، بل عادوا بهم إلى بيوتهم والحزن بجللهم، والصمت يشملهم، والوجوم يطغى عليهم، وكأن المصاب لم يستثنِ أحداً منهم.
 
سيفكر الإسرائيليون ألف مرةٍ قبل أن يعيدوا التجربة، ويفكروا من جديد قصف غزة أو الاعتداء عليها، فاستهدافها لن يكون بلا ثمن، وقصفها سيلزمه ردٌ موجعٌ ومؤلمٌ، كما لن يتفردوا بقطاعٍ من شعبنا أو بشريطٍ من أرضنا، فنحن جميعاً واحدٌ، أرضاً وشعباً ومقاومةً، ولم يعد ضرب المقاومة سهلاً، أو اجتياح أرضها نزهةً، ولن يستمر ألمُ الفلسطينيين وحدهم، بل سيتألم الإسرائيليون وسيبكون، وسيكتوون بنار الحرب وسيحترقون، وإن عادوا لمثلها فإن كيانهم سيتفكك وعن أرضنا سيرحلون.

 

****

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 29/ 30 أفريل ـ ماي 2021 ـ
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 29 et 30 mois (avril et mai 2021)
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174
*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=LTuxqpDqnds

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

وسائط