طباعة
كتب عن ماضيه: لخضر خلفاوي*
 
 
-شدّدت نِعال المنفى ب - شِراك- .. ما أفظع قوارع الظروف لمّا تجعلك تُشرِكُ -بوطنك - جسدا، أنتَ تراهُ في كل تفاصيل الفقد، في شوارع المنافي القسرية و في تفاصيل غيمها ، و بردها و في وجوه البؤساء و المغمورين بالأمل فتسأل نفسك في لحظة ضياع و يأس -ما إن كان الوطن- أمٌّ تذكَّرت بأنوثة العواطف كلها ، وطنٌ هو شاعرٌ ببؤسك -المجْبون- و النّواصي ليس لها جبين .. و لكنه وطنٌ مازال يُحِبُّكَ .. و إن كان مُحرّم عليك رؤيته فهو فيكَ على دوام الحرمان و من -فيكَ- يراك !..
-عندما جئتهم بغتة و دون سابق إشعار تسوقني أسمالي المتفلّقة المشقوقة، المفلوقة بسبب مسالك الحدود التونسية الجزائرية الوعرة الشّائكة أثناء هروبي من انتعاش الفتن لمّا اسودّت الحياة و العيشة باتجاه أرض الوحشة طمعا في ملكِ عادل لا يُظلمُ عنده وغدُ ثائر مثلي ! هربتُ خلسة دون تصريح ذات ليلة خوفا على حياة حرّيتي من خطر محدق كان يترصّدني بألف وجه و وجه .. ليست الحفلات الماجنة التّنكّرية لدى المجتمعات الإفرنجية وحدها التي تحترف وضع الأقنعة، فعندنا في الجزائر إبّانَ تلك الألفية الغابرة الرُعب و الترهيب المتمتّع بأوجهه المتعددة اللامعلومة و له رقصاته المُنكّرة و المنكّلة .. لقد نكّرت لي عصابة ذلك الزّمان عرشي الخاص الذي حرّضني وجوده لأمشي مرفوع الرأس ، فكلمة ( جزائري ) قبل كل الانقلابات المبيتة كانت تعني للعالمين من الشرق و الغرب ( بطولي ، ملحمي ، جنس فحل ذكرٌ، ذكّار، لا يتكرر، كرّار … )… عرشي كان ( حضن وطني ) .. إرث أجدادي و مسرح استشهاد أبناء عمومتي ، و استشهاد عمّي الذي أحمل أوزار اسمه ! سامحني -بالمناسبة- يا عمّي إن طلبتُ اللجوء من حفيدة اليد التي رمتك بالرصاص في حقل القمح العائلي ! سامح جبني و سامحهم ، فقد خلف من بعدكم خلف اعتقدوا أنّ دمكم المراق دم كذب!.. و -يعقوبُنا- يا رفيق الشهداء مات قبل أن يعيدوا إليه القميص حتى يرتدّ بصيراً و يكتشف ماذا فعلوا بالاستقلال ( السّاطون على الثورة و الثروة هم الذين ضاقوا بنا ذرعا و طردونا بشتى أنواع التغريب و التهجير ، حيث كانت عقولنا لا تحتمل لا أقفاص و لا زناد كلّ مهين قنّاص .. يكفي أذهاننا احتراف قنص الفكرة التي تبدأ باغتيالنا نحن أوّلاً لحظة ولادتها قبل أن يتلقفها قرّاء الحرّية )!
-مذُ البدايات الأولى من عمر شتات الروح و الجسد كلٌّ في وطن مختلف .. حاولت رغم كل شيء أن أصنع شيئا ينتصر للكلمة الحرة ، كنتُ لم أسأل نفسي أو تجاهلت في لاوعيي هذا السؤال الوجيه: هل يمكن للمهزومين مثلي أن ينتصروا لغيرهم !؟) و مع ذلك كررت المحاولة .. محاول، معاند شرس مثلي يريد أن ينتصر للممنوعين من بلدي و من قارّتي السمراء فأسست رفقة رفقاء الدّرب من مختلف الآفاق ( منظمة صحفية دولية JAFE) غرضها الأساس الدّفاع عن مصلحة و هوية الوافدين من الصحفيين الأفارقة إلى أرض المنفى هنا بباريس .. و كنت سكريتيرها العام ؛ بحيث كنت أناضل لقضية الإعلاميين من القارة المظلومة و أتواصل مع الإدارة و المؤسسات الرسمية للبلد المُضيف لللاجئين من الصحفيين لتسهيل وضعيتهم الاجتماعية و أوّلها ضرورة تسريع منحهم وثائق الإقامة كي يستطيعوا إيجاد حرف و وظائف، أيّ وظيفة تغنيهم من الحاجة في المنفى بعيدا عن أهاليهم و أوطانهم.
كان وقتها جاك شِراك Jacques Chirac/1932/2019 "(١٩٣٢/٢٠١٩). رئيسا للجمهورية الفرنسية ".
-يُعتبر جاك شراك من أبرز و أشهر رؤساء الجمهورية الخامسة ينتمي إلى حزب RPR اليمين ، التيار الوارث للفكر الدوغولي..
-كانت مواقفه في آخر الألفية الفارطة مربكة في خصوص الهجرة و الأجانب ، بل حدث و أن قام بتصريحات منزلقة أثارت الكثير من الحبر و الجدل إذ بدت بعض التصريحات جد عنصرية و تقزيمية و تشويهية للمهاجرين الأفارقة ككل . كجملة ( الضجيج و الصخب و الرّائحة الكريهة )/ أو وصفه الأجانب ب (overdose ) أي جرعة زائدة في المشهد الفرنسي …
-مع مرّ الوقت بدأ الرئيس " شراك" ينضج اكثر فاكثر و يتراجع عن مواقف كانت تلصق بجلده تهمة العنصرية المقيتة … و بدأ يكسب قلوب الأغلبية لما واجه زعيم اليمين المتطرف ( Le Pen) في الدور الثاني الحاسم من رئاسيات 2002 و أحدث -إجبارا - حسب السياق الانتخابي وقتها وفاقا وطنيا لقطع الطريق أمام زحف المتطرفين من ذلك الحزب الأكثر عنصرية و عداءًا تاريخيا و إلى يومنا هذا ضد العرب و المسلمين و الأفارقة .
-كانت تلك الانتخابات مفصلية بالنسبة لمسيرة الرئيس جاك شِراك السياسية الذي فهم الدّرس أنه لا خيار له عد العمل على نبذ العنصرية في فرنسا و إبداء مواقف تاريخية توافقية إجماعية شريفة. تزامن فوزه في العهدة الثانية له كرئيس لفرنسا مع أزمة حرب الخليج و تكالب الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة ( جورج بوش الإبن) بنيّة غزو العراق مجددا و جلب الحلفاء معه لفرض الحرب على العراقيين و غزوهم و تدمير البلد بحجة ( القضاء على أسلحة الدمار الشامل و قلب الحكم و حماية المنطقة من كل تهديد للجيش و النظام العراقي برئاسة صدام حسين)..
-فاجأ الرئيس الفرنسي العالم و على رأسهم الولايات المتحدة برفض فرنسا المشاركة في الحرب ضد العراق و اعتبرها حربا غير مبررة و غير أخلاقية و أبدى تفضيله للطرق الديبلوماسية .. هذا الموقف التاريخي أغضب كثيرا الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا التي لم تتوقع هكذا موقف داع للسلام و مندد بتسرّع (بوش) في نيته لتدمير العراق بحجج لم تقنع الكثير من الدول و المراقبين الدوليين .. لكن ( أمريكا ) بقيادة بوش ركبت رأسها و حلفائها و نفّذت أجندتها لفرض أهوال الحرب بعد حرب الحصار لزعزعة العراق و المنطقة . و كان خطاب فرنسا في منبر الأمم المتحدة على لسان وزير خارجيتها أنذاك Dominique de Villepin "دومينيك دوفيلبان"خطابا تاريخيا أحرج أمريكا و كل من حالفها .
و لم تغفر أمريكا فعلة و موقف شِرَاك التاريخي إزاء هذه الحرب ، فحاولت عزل و تشويه فرنسا إعلاميا و اقتصاديا و كل ما هو فرنسيا كضريبة و كعقاب اصطفافها مع دعاة السلام في العراق و منطقة الخليج .
**
كانت اتصالاتي كسكرتير عام للمنظمة التي أسسناها للدفاع عن الصحفيين الأفارقة و غيرهم من المشرق بوزارات ( داخلية ، خارجية ، و كل الإدارات الرسمية الفرنسية ) لتسهيل اندماج زملاءنا الذين هربوا من بلدان غير مستقرة أو يعانون الأمرّين في مجال ممارساتهم لمهام الصحافة . و عليه نشأت بيني و بين هكذا جهات رسمية علاقة ودية و احترام فنتبادل -من باب اللباقات و التعاملات - التهاني و التمنيات في المناسبات التي تقتضي هكذا لَفْتَات و مبادرات.
-الرسالة أو التهنئة الخاصة المرفقة هنا هي رسالة للمثل لا للحصر أرسلها إلي الرئيس " جاكْ شِراك " في مستهل الألفية الجديدة هذه. و هو أيضا صاحب المقولة الشهيرة:  ( بيتنا يحترق و نحن ننظر في الاتجاه المُعاكس!)…
‏Notre maison brûle et nous regardons ailleurs
و ذلك خلال خطابه لافتتاح الجمعية العامة لمؤتمر قمة الأرض الرابع في 2 سبتمبر 2002 في
جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا.
**
(إلى السّيد لخضر خلفاوي
‏Lakhdar KHELFAOUI
-الأمين العام للصحفيين الأفارقة في المنفى .
‏51 rue de Mouzaïa-75019 Paris
لقد تلقيّت بشكل مُلفت و خاص أمنياتكم الودية وأشكركم على ذلك. و عليه أُقدم أنا بدوري التمنيات الحارّة و الخالصة لكم و لكل قريب عزيز عليكم بمناسبة هذه السنة الجديدة التي أتمنّاها فاتحة خير من بداية الألفية الجديدة ؛ و عساها أن تكون مجلبة لأفراحكم و سعادتكم و كل ما تتمنوه و تتطلعون إليه.
مع أطيب التحيات .
*"جاك شيراك"
رئيس الجمهورية .)
——
*)صورة ( المنحوتة الفنية) على بطاقة المعايدة الرّسمية:
-(نحت هضبة دوغون *Dogonالقرن الرابع عشر).*/سيّد و أستاذ الأمومة الحمراء"  مالي .
-قصر الإليزي ( الرئاسة الفرنسية ) 2001.
***
-*ماتت " منظمتنا للأسف بسنوات قبل أن يموت الرئيس جاك شِراك عام 2019.. و تبعثرت ارهاصات و أماني و أحلام و مشاريع الكثير من الصحفيين الأفارقة و العرب الذين وفدوا بعد تلك الحقبة و الذين جاءوا قبلهم في عهدنا و ما بدّلنا تبديلا ! بقيت ظروف الاستقبال للمثقفين و الإعلاميين و الإنسان ككل تؤول من سوء إلى أسوأ كما هو الحال في قارّتنا و لم تكن تلك التحولات إلا أنكى من سابقاتها! و نعيدُ نفس الأسئلة الموجعة ككلّ مرة و التي تتكرر في حيواتنا:"لماذا دائما الجدّ يلقى بالنهاية مصير الإفلاس التام و لماذا الأشياء العابثة تزدهر أكثر فأكثر !."
—-
باريس الكبرى جنوبا
جويلية ٢٠٢٣
*من أجندتي و مفكرتي الإلكترونية .
ـ المقال نشر في "منبر العراق الحر" و "الحوار المتمدن".
 
****
 
 
 

 *مختصرات صحيفة | الفيصل | باريس لمختارات من منشورات الأشهر الأخيرة ـ أفريل 2023
* تتمنى لكم (الصحيفة) عيد فطر سعيد 2023
Aperçu de dernières publications du journal « elfayal.com » Paris , en ces derniers mois. Avril 2023

https://youtu.be/dn8CF2Qd_eo
Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://youtu.be/zINuvMAPlbQ
https://youtu.be/dT4j8KRYk7Q

https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

وسائط