wrapper

الجمعة 29 مارس 2024

مختصرات :

ـ د.فتحي عبد العال ـ مصر


مقدمة :تعد الأخلاق عنصرا جوهريا في بناء الشخصية المثالية  السوية ومن هذا السبيل ترتقي المجتمعات وتتقدم الأمم على أسس سليمة وثابتة. ذلك أن الأخلاق الفاضلة تعصم عرى  المجتمعات من التفكك وتحفظ للحضارات بقائها وللقيم الإنسانية مصداقيتها ورونقها.


ويبرهن لنا التاريخ عبر استحضار صفحاته كيف كفل العلم والأخلاق نهوض الحضارات وازدهارها وعندما تخلت  الحضارات عن الأخلاق الحميدة والسير الفاضلة وتركت شعوبها للجهل والتخلف والشهوات والانحلال فضلت واضلت وكان مصير هذه الحضارات الخفوت والتهاوي والسقوط في النهاية.

الدين والأخلاق :
لقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم الغاية من الدين حينما قال صلى الله عليه وسلم :(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقال أيضا : (عليكَ بِحُسنِ الخُلُق ، وطُولِ الصَّمْتِ ، فوالَّذي نفسي بيدِه ما عَمِلَ الخلائِقُ بمثلِهِما) كما حمل القرآن الكريم في كل سوره  التوجيهات الأخلاقية والمبادئ السلوكية التي مثلت دستورا أخلاقيا للبشرية ومنها قوله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۝ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (سورة الشمس:9، 10).
كما كانت حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم تجسيدا للقيم الأخلاقية في كل جوانبها ورحمة مهداة للبشرية جمعاء. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَرَمُ الْمَرْءِ دِينُهُ ، وَمُرُوءَتُهُ عَقْلُهُ ، وَحَسَبُهُ خُلُقُهُ) وكان دعاء النبي (اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ ، فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ) ومن دعائه أيضا : (اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أنتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أنتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا) ولا غرو ان نجد رد السيدة عائشة حينما سألوها عن خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( كان خلقه القرآن) والله يقول جل وعلا: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4]  ومن خلق معلمنا الأول المصطفى صلى الله عليه وسلم انبثق جيلا قرآنيا فريدا نشر النور الأخلاقي في كل أرجاء المعمورة فكانوا خير أمة أخرجت للناس قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران110)

الإسلام والحضارات السابقة :
وحتى نرى ما احدثه الإسلام من تغيير جذري في البنية الأخلاقية للمجتمعات فلابد وأن نبحث بين أروقة التاريخ عن خصائص الحضارة الرومانية باعتبارها وريثة الحضارات السابقة فضلا عن كونها مثلت المنافس والعدو للحضارة الإسلامية الناشئة فكيف كانت صورة الأخلاق في الحضارة الرومانية؟
كان البعد الأخلاقي في المجتمع الروماني  قاصرا فكانت القسوة الشديدة في علاقة الدولة بمواطنيها فكانت الدولة ترهق كاهلهم بالضرائب كما كانت العنصرية إحدى سمات هذه الدولة فلم تكن هناك حقوق للعبيد الذين مثلوا السواد الاعظم من المجتمع الروماني وكانت نظرة الاحتقار والازدراء لهم هي السائدة ونظرا لان الحضارة الرومانية كانت الوريثة للحضارة اليونانية الملهمة لحضارات العالم القديم فحسبنا ان نسوق رأي احد صفوة المثقفين اليونان وهو الفيلسوف أفلاطون صاحب نظرية المدينة الفاضلة الشهيرة الذي كان يرى  انه لا يجب منح العبيد حق المواطنة!!
وكان التمييز ضد المرأة أيضا فكانت المرأة في عرفهم كائن لا نفس له وأنها رجس ولا حقوق لها ولم يختلف اليونان القدماء عن الرومان في نظرتهم تلك فيقول الفيلسوف أرسطو : "إنَّ الطبيعة لم تزودِ المرأةَ بأيِّ إستعداد عقلي يُعتَدُّ به؛ ولذلك يجب أن تقتصرَ تربيتُها على شؤون التدبير المنزلي والأُمومة والحَضانة وما إلى ذلك، ويضيف: "ثلاث ليس لهنَّ التصرُّف في أنفسهنَّ: العبد ليس له إرادة، والطِّفل له إرادة ناقِصة، والمرأة لها إرادة وهي عاجِزة" وهو أيضا القائل أن المرأة للرجل كالعبد للسيّد ، والعامل للعالم ، والبربري لليوناني ، وأن الرجل أعلى منزلة من المرأة.
أما الفيلسوف سقراط فيقول عن المرأة : "إنَّ وجودَ المرأة هو أكبر منشأ ومصْدر للأزمة والانهيار في العالَم، إنَّ المرأة تُشبه شجرةً مَسْمومة، حيث يكون ظاهرها جميلاً، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً". 
وكانت علاقة الرومان مع جيرانهم لا تخلو من القسوة والوحشية ولا تتضمن أي صورة من صور الرحمة ففي عهد الإمبراطور (فسبسيان) حينما حاصروا اليهود في اورشليم وظفروا بهم أعمل الرومان في المدينة السلب والنهب والقتل واحرقوا معبدها وكان مصير اليهود بين القتل والصلب والعمل في السخرة.
كما حول الرومان مصر عند احتلالهم لها  إلى مخزن للغلال لامداد الامبراطورية الرومانية بالغذاء وفرضوا الضرائب الباهظة على المصريين كما مارس الإمبراطور الروماني دقلديانوس اضطهادا عنيفا ضد المسيحيين في مصر حتى عرف عصره بعصر الشهداء.

ملامح المدرسة الأخلاقية الإسلامية :
في هذا المبحث يجدر بنا أن نلقى الضوء على مقومات الحضارة الإسلامية بسماتها البارزة وخصائصها المتفردة والمستقلة في غايتها ومبادئها والتي تجعل من الأخلاق وجهتها الأساسية
لقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من الأخلاق معيارا اساسيا للمفاضلة بين الأفراد لما للنهوض بالافراد من أهمية قصوي فهم وحدة بناء المجتمع وبهم يصلح ويستقيم جسد الأمة الإسلامية.قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا) وقال أيضا ( مَا مِنْ شَيْءٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ ). 
كما حض النبي صلى الله عليه وسلم على إكرام الكبير وتقديم العون لهم و بر الوالدين والاهتمام بهما قال النبي :  (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا) وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِى‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏(‏أُمُّكَ‏)‏، قَالَ‏:‏ ثُمَّ مَنْ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏(‏ثُمَّ أُمُّكَ‏)‏، قَالَ‏:‏ ثُمَّ مَنْ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏(‏ثُمَّ أُمُّكَ‏)‏، قَالَ‏:‏ ثُمَّ مَنْ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏(‏ثُمَّ أَبُوكَ‏)‏‏.‏
كما أوصى النبي بمراعاة  حق الجار وتأدية حق الضيف قال النبي صلى الله عليه وسلم :( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرمْ ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقلْ خيراً أو ليسكت). 
وفي معاملة الزوجة وتقديرها كان للاسلام الدور المتفرد فقال النبي صلى الله عليه وسلم:  (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) 
كما دعا النبي إلى الستر وعدم المجاهرة بالسوء لما في ذلك من نشر للفاحشة في المجتمع قال النبي :  ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) .

كما دعا الإسلام إلى اللين والرفق  يقول النبي : (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ) و يقول : ( إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ). 
كما دعا الإسلام  للتواضع لما في ذلك من نشر للالفة ودعم للروابط داخل المجتمع  فيقول : ( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ). 
كما دعا الإسلام إلى الأمانه وعدم الخيانة مهما كانت الدوافع قال تعالى  « إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا » (النساء: 58)  وفي الحديث: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك). 
كما دعا لتأدية الحقوق كاملة لأهلها والعدل في القضاء فجاء في السيرة: (كانَ لِرَجُلٍ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَيْنٌ، فَهَمَّ به أصْحَابُهُ، فَقالَ: دَعُوهُ، فإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، وقالَ: اشْتَرُوا له سِنًّا، فأعْطُوهَا إيَّاهُ فَقالوا: إنَّا لا نَجِدُ سِنًّا إلَّا سِنًّا هي أفْضَلُ مِن سِنِّهِ، قالَ: فَاشْتَرُوهَا، فأعْطُوهَا إيَّاهُ، فإنَّ مِن خَيْرِكُمْ أحْسَنَكُمْ قَضَاءً).
كما دعا الإسلام إلى  السماحة في المعاملة  وترك المشاحنة وعدم التضييق على الناس في المطالبة وتقديم العفو منهم  قال النبي:  (رحِم الله رَجُلا سَمْحَا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقْتَضَى) .
كما يعتبر جبر الخواطر خلقا إسلاميا رائعا لما فيه من تطييب خاطر الفقراء والمساكين وإدخال السرور على نفوسهم والتلطف معهم بالكلمة الطيبة والإحسان   قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8]، و قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ [الضحى: 9، 10] .وما أروع قول الإمام سفيان الثوري: (ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم) والجبر كلمة مأخوذة من اسم الله الجبار و الجبار   من الرحمة المتصف بكثرة جبره حوائج الخلائق.
كما يعتبر الإسلام  أول داعيا لتحرير العبيد في العالم قال النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ». 
كما رد الإسلام للمرأة اعتبارها ورفع من قدرها قال النبي صلى الله عليه وسلم «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». 
لقد استطاعت الأخلاق الإسلامية ان تنشئ حضارة أسست لدولة حكمت العالم بأسره لقرون طويلة لذا فالواجب علينا أن نستحضر مفاخر هذه الحضارة  في أنفسنا وأن ننتهز فرصة الشهر الجليل لندرب أنفسنا على مكارم الأخلاق حتى يصير حب  الفضائل سجية مترسخة في نفوسنا.
د. محمد فتحي عبد العال

****

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العدد 17 مارس 2020
https://fr.calameo.com/books/0062335944f419a9f59a7
‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 17 en 
format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :
https://fr.calameo.com/books/0062335944f419a9f59a7


*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على السبت, 09 أيار 2020

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :