wrapper

التلاتاء 16 أبريل 2024

مختصرات :

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


ليس هذا وقتُ تصفية الحسابات مع الجمهورية العربية السورية، ولا هو الظرف المناسب لمعاتبتها ومكاشفتها، فهي جريحةٌ مكلومةٌ، حزينةٌ منهوكةٌ، مشغولةٌ مهمومةٌ، تتعرض كل يومٍ لعدوانٍ إسرائيلي أمريكي سافرٍ، وتتلقى غاراتٍ حاقدةً غاشمةً، قاسيةً مؤلمةً، تنتهك سيادتها

وتمس سلامتها، وتستهدف أرضها وجيشها، وتلحق الضرر بسكانها ومنشآتها، ضمن مخططٍ قديمٍ موغلٍ في الخبث والكره، ومصرٍ على الثأر والانتقام، وعازمٍ على تفكيك الجيش العربي السوري وإزاحته عن الجبهة الشمالية لفلسطين، ليتمكن الكيان الصهيوني من تشريع وجوده وبسط نفوذه وتوسيع احتلاله، وقضم المزيد من الأرض العربية والسيطرة عليها، وتذليل العقبات أمام مساعي التطبيع وجهود إقرار السلام في المنطقة، على قاعدة الاعتراف بإسرائيل والقبول بها كأي دولةٍ طبيعيةٍ في المحيط والإقليم.
 
لم يكن الكيان الصهيوني يوماً يقف متفرجاً على ما يجري ويحدث في بلادنا العربية، ولم يكن على الحياد أبداً في أي صراعٍ أو خلافاتٍ تشهدها دول المنطقة، بل غالباً ما يكون طرفاً وشريكاً، أو مخططاً ومنظماً، أو راعياً وممولاً، أو ضامناً وكافلاً، ولا يمكن لعربيٍ عاقلٍ سويٍ أن يبرئه من سوء النوايا وفحش المقاصد، وأن يطهره من الذنوب والآثام والخطايا والجرائم، فالذئب لا يتوب عن الغدر والافتراس، والثعلب لا يعرف العيش دون خبثٍ ومكرٍ، وكذا "إسرائيل" التي جمعت في سياستها الخبث والمكر والكذب والخداع، وحب القتل والسعي بالفساد، وزرع الفتنة ونشر الرذيلة، وإشاعة الكره وبث الفساد، ماضية في سياستها لا تغير، ومصرة على منهجها لا تبدل، إذ تحركها أهدافها وتدفعها غاياتها وتوجهها مصالحها.
 
إن من يستهدف سوريا اليوم ويوجعها، ويوغل فيها وينتهكها، ويجرحها ويثخنها، ويعتدي عليها ويقصفها، هو نفسه الذي يعتدي على الفلسطينيين ويقتلهم، ويدمر بيوتهم ويخرب مساكنهم، ويقتل أبناءهم ويعتقل رجالهم، ويعمل على طردهم من بلادهم وانتزاعهم من أرضهم، وهو نفسه الذي كان وما زال يغير على لبنان ويستهدف بنيته المدنية ومقاومته الوطنية، ويعتدي على أهله وسكانه، ويزعزع أمنه ويقوض أركانه، وما كان يوماً يستثني اللاجئين الفلسطينيين من عدوانه، أو يتجنبهم في غاراته، بل كان يبدأ بهم ويضيق عليهم، وهو الذي كان سبباً في شتاتهم وتمزيق وحدتهم، وتفريق قوتهم وتوزيع مقاومتهم، وكان يتطلع إلى تفتيت قوتهم ليتفرغ إلى أهلهم المرابطين في فلسطين والصامدين في أرضهم، إذ يخشى من وجود قوةٍ تناصرهم، أو مقاومةٍ تساندهم، أو عمقٍ لهم يقف معهم ويتصدى للمؤامرات التي تستهدفهم.
 
ليس من الشهامة والرجولة، ولا من النبل والمروءة، أن نشمت بعدوان العدو على أيٍ منا، أو أن نفرح لاستهدافه شعوبنا وأوطاننا، وانتهاكه سيادتنا وتدنيسه لمقدساتنا، فهو كما يعتدي على سوريا وفلسطين اليوم، فإنه سيتجرأ على غيرهما غداً، وسيستهدف سواهما عندما يريد، ولن يصده عن غيه سوى القوة، ولن يمنعه عن عدوانه سوى المقاومة، فهو عدوٌ لا يفهم إلا لغة المصالح، ولا تصده إلا أرقام الخسائر وأعداد الضحايا، ولكنه يوم أن يرى أنه لا يُقَاومُ ولا يُصَدُ، ولا يخسر ولا يفقد، ولا يعاني ولا يتألم، فإنه يمضي قدماً في غيه، ويواصل صلفه وعدوانه مستغلاً صمت العرب وغفلة الشعوب، وإنشغالها فيما يرديها، وابتعادها عما يغنيها، ولعله اليوم فرحٌ بالشامتين بغاراته والفرحين بعدوانه، أكثر من فرحته بما حقق على الأرض.
 
إنه لأمرٌ محزنٌ ومؤلمٌ، بل هو مؤسفٌ ومخزي، ولا يتوافق مع العروبة ولا ينسجم مع الإسلام، عندما نسمع أن في الأمة من يؤيد العدو في عدوانه، ويقف معه ضد إخوانه، ويرفع عقيرته بالشكر له وكأنه ينتصر بعدوانه على الشام لهم، أياً كان الخلاف مع نظامه، وعدم التوافق مع سياسته، فهذه والله ليست من شيمنا ولا هي من عاداتنا، فمتى فرح العرب بعدوان غريمهم على جارهم، ومتى أغمضوا عيونهم على بني جلدتهم بينما العدو يغير عليهم.
 
قد لا يكون السوريون يتطلعون إلى نصرتهم وتأييدهم، ومساعدتهم وتمكينهم، فهم يعلمون أن الواقع صعب والظروف غير طبيعية، ولكنهم يأملون صمت البعض إن هم عجزوا عن النصرة، وسكوتهم دون شماتة، والامتناع عن التعليق فرحاً أو التعقيب سعادةً، فهذا ما لا يليق بنا، ولعله يضر بنا وينعكس سلباً علينا، إذ يستغرب العدو أن يرى مناصريه ومؤيديه عرباً أو مسلمين.
 
أيها العربُ لا تنسوا أبداً أن أهل الشام، ولا أقصد دمشق خاصةً بل عموم سوريا العربية، هم الذين وحدوا الأمة على المقاومة، وحركوا جيوش الإسلام الموحدة نحو فلسطين، وشارك أجنادها في حطين وعين جالوت، وقتل أحد طلابها في القاهرة كليبر الفرنسي، وفجر جول جمال في عرض البحر سفن العدو وأغرق مدمراته، وصحح علماؤها مفاهيم الولاء وقواعد البراء، ورسموا للعالمين من بعدهم صوراً رائعة للعلماء الأجلاء، الذين لا يوالون سلطاناً ظالماً، ولا ينافقون حاكماً فاسداً، ولا يؤيدون خليفةً مرتهناً، وجال الشيخ العز بن عبد السلام على نجوع مصر وبلداتها، يحرضهم كما أهل الشام على الجهاد والمقاومة، وعلى مفاصلة العدو وحرمة موالاته، حتى تنزل عليهم نصر الله وعادت حواضر مدنهم إليهم من جديدٍ.
 
اللهم أعزنا بالشام وبغداد، وشد أزرنا بالقاهرة وصنعاء، وقوي أمتنا بالجزائر والرياض، وامنن علينا بأمن طرابلس وسلامة تونس، وتفضل علينا باستقلال بلادنا وعزة أوطاننا وأنفة شعوبنا وكرامة أهلنا، وأعد إلينا الخرطوم بلاءاتها، وعمان بأصالة أهلها، والمغرب بشرف نسبه وطهر أهله، وشعوب الخليج العربي بصدق انتمائهم ونقاء عروبتهم وصفاء إسلامهم، فإننا بهؤلاء المتضامنين ننتصر، وبأمثالهم الشرفاء نفوز، وبأصالة قيمهم وعلو مقامهم نتجاوز محننا ونتغلب على أزماتنا.
 
بيروت في 2/3/2021

****

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 27/ ـ28 فيفري مارس 2021 ـ

https://fr.calameo.com/read/00623359483d1f3663339
https://www.calameo.com/books/00623359483d1f3663339

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 27 et 28 mois (février et mars 2021
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://fr.calameo.com/read/00623359483d1f3663339
https://www.calameo.com/books/00623359483d1f3663339
*****
أرشيف صور نصوص في فيديو نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) lien الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=B92-d7N_CK0&feature=youtu.be

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الأربعاء, 03 آذار/مارس 2021

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :