wrapper

الجمعة 29 مارس 2024

مختصرات :

 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


لا يملك الفلسطينيون جميعاً إلا توجيه الشكر والتقدير للشعب اليمني العربي الأصيل، الذي انبرى بغيرةٍ عربيةٍ، وشهامةٍ رجوليةٍ، وحكمةٍ يمانيةٍ، ومسؤوليةٍ قوميةٍ، وأمانةٍ دينيةٍ، في خطوةٍ جريئةٍ كريمةٍ، وسابقةٍ عربيةٍ نبيلةٍ، تنم عن أخلاق الشعب اليمني العظيم، الذي ما انفك يحب فلسطين وأهلها، ويضحي في سبيلها وينصر شعبها، على لسان زعيم حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي، بدعوة حكومة المملكة العربية السعودية للإفراج عن عشرات المعتقلين الفلسطينيين في سجونها بتهمة الانتماء إلى حركة حماس، ودعم وتأييد حركاتٍ إرهابية، وعرض مقابل الإفراج عنهم جاهزية بلاده لإطلاق سراح طيارٍ وأربعة أسرى من الضباط والجنود السعوديين، الذين شاركوا في قتل الشعب اليمني وحصاره، وتسببوا في قتله وتجويعه وعذابه.


 
تمنى عبد الملك الحوثي على القيادة السعودية قبول العرض والمبادرة إلى سرعة تنفيذه، إن كانت تحرص على حياة ضباطها وجنودها، وتريد أن تستنقذهم من الأسر وتعيدهم إلى عائلاتهم وذويهم، وترغب في التراجع عن خطأها وتصحيح ما أقدمت عليه سلطاتها، إذ أن اعتقال الفلسطينيين بتهمة العمل من أجل قضيتهم ومساندة شعبهم جريمةٌ مقيتةٌ، وفعلٌ قبيحٌ، وعملٌ مخزيٌ، وسلوكٌ خبيثٌ، وخطأٌ فاضحٌ لا يغفر لهم بسببه، ولا يسكت عنهم من أجله.
 
إذ لا يرُضي اعتقالهم أحدٌ غير العدو الذي فرح بما قامت به السعودية تجاههم، بينما غضب العرب والمسلمون الأحرارُ لما أصابهم، وأحزنهم ما تعرضوا لها، وساءتهم محاكمتهم وسوء معاملتهم، وأعربوا عن رفضهم للسياسة السعودية الجديدة تجاه المقاومة الفلسطينية، وطالبوها بالتراجع عنها توبةً وإنابةً وندماً وأسفاً، فما قامت به عيبٌ بكل المعاني، وغير أخلاقي في ديننا، ومنافي كلياً لقيمنا، فهو فحشٌ كبيرٌ يخرم المروءة، ويخل بالشرف، ويجرد من القيم، وربما يخرج مرتكبه من الملة ويطرده من الأمة.  
 
لا أجد مبرراً قيمياً ولا مسوغاً أخلاقياً لأولئك الذين استنكروا على اليمنيين مبادرتهم، واتهموا الذي أطلقها بالانتهازية، وأن له مآرب سياسية ودوافع ومصالح خاصة دفعته لإطلاق هذه المبادرة، وقالوا بسوء نيةٍ أنه يوظف مبادرته لخدمة إيران وإرضاءً لها، وأنها هي التي طلبت منه إطلاق هذه المبادرة لتحسين صورتها والخروج من أزمتها، واعتبروا أن عرضه المقدم يسيئ إلى المملكة العربية السعودية ويشوه صورتها، ويضعها في نفس الدائرة المقيتة مع الكيان الصهيوني، الذي تجري معه المقاومة العربية عموماً صفقات تبادل أسرى على مدى سنوات النضال كلها، يجبرونه فيها مكرهاً صاغراً ذليلاً على الإفراج عن مئات الأسرى والمعتقلين العرب والفلسطينيين، مقابل بعض أسراهم أو رفات جنودهم وبقايا أشلائهم.
 
ألم يكن جديراً بمن أطلق عقيرته منتقداً، وأسال حبر قلمه مهاجماً، وظهر بصورته وصدح بصوته على شاشات الفضائيات غاضباً، وسمح لنفسه بالتشكيك في صدقية أصحاب المبادرة، وطعن فيهم وأخذ يكيل إليهم الاتهامات الباطلة جزافاً، أن يعترف أن الحكومة السعودية هي التي أخطأت وأساءت، وأنها هي التي ارتكبت هذه الحماقة واقترفت هذا الجرم، وأنها التي وضعت نفسها في هذا الوضع الحرج، فأضرت نفسها وأحرجت مؤيديها، وأساءت إلى سمعتها، وصنفت نفسها بإرادتها وعن سابق قصدٍ وتصميمٍ منها حليفة للعدو الصهيوني وصديقةً له، الذي فرح لإجراءاتها وسعد بسياستها وأيدها وشجعها عليها.
 
ألم يكن حرياً بهم أن ينتصروا لدينهم وينحازوا إلى قيمه النبيلة ومفاهيمه الإنسانية الرفيعة، ويتصالحوا مع ضمائرهم ويحيوها من مواتٍ يستعيذ من عيبه الموت، ويطلبوا من الحكومة السعودية الإفراج غير المشروط عن المواطنين الفلسطينيين، الذين تشهد دوائر الدولة الرسمية أنهم لم يخالفوا قوانينها، ولم يرتكبوا جنحةً فيها، أو مخالفةً لنظمها، وأنهم كانوا مقيمين شرعيين، خدموا البلاد وعملوا في مرافقها كأفضل مما عمل أبناؤها، وكان لهم فضلٌ كبير في تنشئة أجيالهم وتربية أبنائهم، وساهموا في تعمير بلادهم ورفعة أوطانهم، وتطوير بنيتها المدنية والفكرية والثقافية، وأنهم كانوا جزءاً من النسيج الاجتماعي العربي المسلم للشعب السعودي العزيز، فادعوا من ناصرتم بالباطل إلى التوبة والإنابة، ولا توبة إلا بإعادة الحق إلى أهله وتعويضهم، وإبداء الندم عما اقترف بحقهم، والاعتذار منهم وطلب السماح منهم.
 
أيها السادة الغيارى على الأمة وقيمها، والأمناء على آمالها وأحلامها، كونوا شجعاناً أقوياء صادقين مخلصين، وضعوا مخافة الله عز وجل نُصْبَ أعينكم، وقولوا كلمة الحق ولا تخافوا، وقفوا مع المظلوم ولا تترددوا، وأغيثوا الملهوف ولا تقصروا، وانصروا الضعيف ولا تجبنوا، وامتازوا اليوم بمواقفكم وأروا الله عز وجل صدق نواياكم وجريء أفعالكم، وإياكم أن تساووا بين من سعى لخلق الفرح في قلوب الفلسطينيين البؤساء، وزرع الابتسامة على وجوه أطفالهم ونسائهم التعساء، وانتصر لهم وأيدهم في قضيتهم، واعتبر مقاومتهم جهاداً ونضالهم شرفاً، كمن بكاهم وأحزنهم، وآلمهم وعذبهم، واضطهدهم وحاكمهم، وصنف مقاومتهم ارهاباً، وعدّ نضالهم عدواناً، وارتضى أن يكون مع العدو ضدهم، يشبههم في فعله ويبزهم في ظلمه، ويسبقهم إلى رقابنا بسيفه.
 
أيها السادة هل تغير الزمان وتبدلت القيم واقتربت الساعة وأصبحنا نعيش في نهاية الزمن، إذ بتنا ننهى عن المعروف وندعو إلى المنكر، وأصبحنا نُقْبِلُ عن الشر ونتجنب الخير، ونحرض على الفحش ونسكت عن الشرف، ونشجع على الرذيلة ونحارب الفضيلة، فاعتقال الفلسطينيين وتعذيبهم رذيلة، والدعوة إلى تحريرهم والإفراج عنهم فضيلة، والذين يعتقلونهم يفتقرون إلى أبسط مفاهيم الأخوة ومعاني التضامن، والذين يسعون لخلاصهم ونجاتهم هم أهل الشرف والمروءة، وأصحاب السؤدد والفضيلة، وغير هذه المعايير اعوجاج وسواها انحرافٌ.
 
بيروت في 28/3/2020

****

روابط لتحميل الملحق الشهري العدد 16 فيفري 2020
https://pdf.lu/3Rba
https://www.fichier-pdf.fr/2020/03/17/------16--2020/
‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
‎لتحميل الملحق الشهري العدد 16 فيفري 2020
‎و مشاركته عبر التويتر أو الرسائل القصيرة هذا الرابط الخاص:
https://pdf.lu/4AJK
‎المسنجر و البريد الإلكتروني و واتس آب استعملوا هذا الرابط :
Fichier PDF ‎⁨ « ملحق الفيصل الشهري العد16فيفري 2020 »⁩.pdf
‎لمشاركته على موقع أو مدونة يجب نسخ هذا الرابط و لصقه على محرك البحث:
Pour télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 16 en 
format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :
*****
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
@elfaycalnews
: journalelfaycal
‎ـ أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الثلاثاء, 31 آذار/مارس 2020

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :