طباعة

 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


التحديات الضخمة أمام حكومة الائتلاف الهشة..: لم يعد نتنياهو اليوم في مواجهة قضاة المحكمة، أو متهماً أمام محققي الشرطة، أو محالاً من مدعي عام الدولة، الذين يحفظون قدره ومقامه، ويراعون منصبه ومكانته، ولا ينتهكون حصانته وامتيازاته، ولا يمسون كرامته وهيبته، ولا يتطاولون على شخصه أو زوجته، بل يلتزمون النظم، ويحترمون المهل القانونية والدرجات الوظيفية، وهو ما كان يطمئن إليه دائماً ولا يقلق، طالما أنه في منصبه رئيساً للحكومة، أصيلاً أو تصريفاً للأعمال، فقد كان دائماً بالنسبة لهذه الفئة التي تهدد مستقبله محمياً ومصانةً حقوقه.


 
كما لم تعد مشكلته مع حزبه الأم وائتلافه اليميني، أو مع شركائه وخصومه السياسيين، الذين يتمسكون به ويدافعون عنه، ويرفضون إدانته ويصرون على براءته، حرصاً منهم على مصالحهم الخاصة، وخوفاً على أدوارهم الرسمية، وحفاظاً على مكتسباتهم الذاتية، إذ أن وجودهم مرتبطٌ به، وبقاؤهم رهنٌ ببقائه، فتراهم يغضون الطرف عن أخطائه، ويسكتون عن تجاوزاته، ويبررون مسلكياته، ويدافعون عنه ويصدون من يهاجمه ويتهمه، في الوقت الذي يحسن فيه التعامل معهم، ويعرف متي يغريهم بالجزرة ويمنيهم بالمناصب، ومتي يخيفهم بالإقصاء ويرهبهم بالعصا.
 
لكنه اليوم بات في مواجهة العامة الرعناء، ووجهاً لوجه مع السوقة الدهماء، يتصدى له العاطلون عن العمل، والمهددون بالصرف من وظائفهم، والمدمنون على الخمر والمخدرات، والحاقدون عليه والكارهون له، وخصومه السياسيون وأعداؤه التقليديون، الذين لا يقيمون وزناً للمناصب والمراتب، ولا يحترمون القيادات ولا يبجلون الزعامات، بل يجردونهم من حصاناتهم الشخصية، وينزعون عنهم صفاتهم الرسمية، ويخاطبونهم سفاحاً من غير أدبٍ، وصراحةً بدون لباقةٍ، ويهددونهم دون خوفٍ، ويتوعدونهم بلا تردد.
 
أمام الدهماء وحركة الشارع وجموع المتظاهرين بات نتنياهو خائفاً يترقب، وقلقاً يتحسب، إذ فقد احترامه وتقديره، وخسر حصانته وأهدر كرامته، وبات يسمع المتظاهرين ضده والمحتجين على سياسته، يشتمونه ويلعنونه، ويسبونه ويقذفونه، ويلمزونه ويؤذونه، ويتطاولون عليه ويغمزون به من قناة زوجته سارة تارةً ومن قناة ابنه يائير تارةً أخرى، ويتهمونه بالغش والخداع، وسوء الأمانة والاحتيال، ويصرون على إقالته من منصبه ومحاسبته على سياسته، إذ يرونه فاسداً كاذباً غير صادقٍ، مناوراً مخادعاً غير أمينٍ، يقدم مصالحه الشخصية على منافع البلاد ومصالح المواطنين عامةً.
 
لم يتوقف التطاول على نتنياهو على الكلمات البذيئة والمفردات البشعة، بل واصل المحتجون إيذاءه وإذلاله، والتهكم عليه والاستهزاء به، فصوروه جشعاً شرهاً طماعاً أنانياً، يجلس إلى مائدةٍ غنيةٍ بمختلف أنواع الأطعمة والمشروبات، وجاؤوا بدميةٍ تشبهه وكأنها هو، فيما يشبه قصة "الغداء الأخير"، وكأنها تمثل نهايته وترسم خاتمته، ولكن بصورةٍ بشعةٍ مقيتةٍ، تنفر عامة الإسرائيليين منه، وتظهره منبتاً عن شعبه، ومعزولاً عن مواطنيه، الذين يشكون من الفقر والحاجة والبطالة وركود التجارة وجمود الاقتصاد.
 
أما منافسوه السياسيون فيصورونه يصغي إلى زوجته سارة، التي تملي عليه وتطلب منه، وتتدخل في الشؤون الحكومية والمسائل الحزبية، وتستغل منصب زوجها وتستفيد من امتيازات مكتبه وميزانية عمله، وتمارس نفوذها إلى أبعد مدى لإقناع الحلفاء وإسكات المعارضين.
 
كما يظهرونه ضعيفاً أمام ابنه الطائش يائير، الذي يتدخل في التفاصيل، ويبدي رأيه في كبريات المسائل وأخطر القضايا، ويسكت والده عن تماديه في الإساءة إلى الوزراء والمسؤولين وأعضاء الكنيست، الذين ينعتهم بأقذع الصفات وأبشع الكلمات، ويكون له أكبر الدور في تثبيت أو إقالة بعضهم من مناصبهم مهما علت منزلتهم وسمت مكانتهم.
 
لكن اليمينيين المتطرفين والقومين المتشددين لا يكتفون بإطلاق الكلمات وتعميم الشعارات، أو يرضيهم السب واللعن والقدح والتوبيخ، بل يهددون بالقتل ويلوحون بالتصفية، ويذكرون نتنياهو بمصير سلفه رابين، ويذكرونه بدوره في تحريض الجمهور وتأليب المجتمع ضده، مما دفع بأحد الشبان المتطرفين إلى إطلاق النار عليه وقتله، ولعل نتنياهو يشعر بسوء الخاتمة وقسوة المصير، فأمر حراسه الذين زاد عددهم بمزيدٍ من الحيطة والحذر والانتباه، وطلب حلفاؤه من الشرطة الحرص على حياته، وحمايته في بيته ومكتبه وخلال تنقلاته، بعد أن شعروا بجدية التهديدات وارتفاع منسوب الخطر الحقيقي على حياته.
 
نتنياهو الذي يعلم أنه أصبح في عين العاصفة، وفي أتون المرجل الذي يغلي ماؤه، بات يلعب مع الشبيحة وقطاع الطرق، ومع المدمنين وتجار المخدرات، ومع العاطلين واليائسين، ومع البائسين والغاضبين، الذين يرون مستقبلهم في غيابه، وحياتهم في موته، ومصالحهم في رحيله، وهؤلاء جميعاً لا يملكون شيئاً يخافون عليه، ولا يحسبون كثيراً لتبعات قراراتهم، ونتائج أفعالهم، ولا تهمهم الشخصية التي تتقدمهم، ولا الهالة المنفوخة أمامهم، ولا تخيفهم الأخطار ولا تمنعهم الصعاب، بل يرون كل المهام سهلة وكل التحديات بسيطة، فهل ينتصر الغوغاء الإسرائيلي على رئيس الحكومة، فينقلبون عليه ويسقطونه، وينتصرون عليه ويعزلونه، أو تدوسه أقدام الدهماء، وتسحله جموع الغاضبين، وتنهي عهده الفاسد وطموحه الصاعد بطلقةٍ أو بلطمةٍ.
 
بيروت في 2/8/2020

 

التحديات الضخمة أمام حكومة الائتلاف الهشة
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


أرادوها حكومة إنقاذٍ وطنية ووزارة طوارئ عملية، يواجهون بها تحديات وباء كورونا الذي داهم البلاد والعالم، وهدد البشرية واستهدف سلامة مستوطنيهم، واستشرى بين سكانهم واستخف به رجال دينهم، وأصيب به قادتهم وانتقلت عدواه إلى جنود جيشهم، حتى غدا فيهم وباءً يخيفهم وتحدياً يجمعهم، وسبباً لتنازل أحزابهم عن شروطهم السابقة ومواقفهم القديمة، بحجة أنه خطر قومي يهدد أمن الدولة وسلامة المواطنين، ويستحق أن يقدم الجميع في سبيل مواجهته كل التسهيلات الممكنة، وأن يتخلوا عن أطماعهم الحزبية وتطلعاتهم الشخصية، وخلافاتهم البينية ومشاكساتهم الكيدية، من أجل النجاح في مواجهة هذا الخطر الداهم.
 
لكن قادم الأيام أثبت كذب قادتهم وعدم صدق مسؤوليهم، بعد أن تفاقمت أزماتهم، وارتفع صراخ مستوطنيهم، وطفت على السطح مشكلاتهم، واستعصت على الحلول معضلاتهم، إذ لم يكن وباء كورونا هو التحدي الوحيد الذي فرض عليهم التوافق والائتلاف، وإن كان هاجساً يخيفهم ورعباً يهددهم، إلا أن الأيام أظهرت أن الحكومة الإسرائيلية التي قامت على الكذب والخداع، تعرت من ورقة التوت التي تسترها، وانكشفت حقيقتها أمام شعبها، وبدا أمامها الكثير من التحديات الأصعب والتهديدات الأخطر، التي لا تقل عن كورونا التي يشترك فيها العالم كله معهم.
 
الحكومة الإسرائيلية أمام تحدي الديمقراطية التي بدأت تتهاوى أمام معاول شرطة نتنياهو وأجهزته الأمنية، التي أخذت في ممارسة القمع والضرب والاعتقال، وعمدت إلى قمع الحريات وفرض الإرادات، ومنع الأصوات المعارضة وتوجيه الاتهامات لها بخرق الأمن والإخلال بالنظام العام، وتعريض أمن وسلامة البلاد للخطر.
 
وهي أمام تحدي البطالة وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل، الذين فاق عددهم المليون ومائة ألف عاطل، جميعهم ينتظر المساعدات الحكومية، التي باتت ميزانية الدولة عاجزة عن الوفاء بها، في ظل الكساد العام، والركود الاقتصادي الكبير، والإغلاق المستمر لمختلف المرافق الاقتصادية، فضلاً عن المظاهرات والاحتجاجات وأعمال الشغب التي زادت في حجم الأزمة وعمقها.
 
وهي حكومةٌ غير متجانسة وغير متفقة، تدب فيها الخلافات، وتكثر بين أعضائها النزاعات، وتغيب عنهم التوافقات، ويتعذر التنسيق وتندر بينهم اللقاءات، ويتربص أعضاؤها ببعضهم، ويتآمرون على أنفسهم، ويتبادلون الاتهامات، ويتراشقون ببذيء الكلمات وفاحش الألفاظ، ولا يراعون في خلافاتهم الأدب واللباقة، أو التستر والحشمة، بل يجاهرون بتناقضاتهم، ويفضحون أنفسهم في وسائل الإعلام وأمام العامة وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، وتشترك مع الوزراء والنواب في نزاعاتهم، زوجاتُهم وأولادُهم الذين يدلون بدورهم بدلوهم، بكل ما فيه من قذارةٍ وأوساخٍ تضر بهم وتشوه سمعتهم.
 
ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ما زال يتخوف من المحكمة، ويخشى من السجن، ويقلق على مستقبله السياسي، في الوقت الذي بات فيه قلقاً على مصيره نتيجة الحراك الشعبي العام، الذي يطالب بإقالته ومحاكمته، ومحاسبته على تجاوزات زوجته سارة وابنه يائير.
 
وهو يواجه مشاكل كبيرة مع أعضاء المحكمة العليا ونظام تشكيلها ولائحة عملها، ومع وزارة العدل نفسها الذي يريد أن يسيطر عليها ويتدخل في عملها، ويفرض عليها التشكيلات القضائية التي يريد.
 
وبينه وبين المؤسسات الإعلامية على اختلافها تبايناتٌ كبيرة واختلافاتٌ كثيرة، وقد حاول التدخل فيها والتأثير عليها، وفرض شروطه على مسؤوليها ومجالس إدارتها، وهو متهم برشوة إعلاميين كبار ودعم صحفٍ ومحطاتٍ إعلامية تقف إلى جانبه وتؤيده، أو الضغط عليها لتأييده وعدم التعريض به والإساءة إليه.
 
وهو يحاول التدخل في لجنة كورونا والتأثير على أعضائها، وتمرير القرارات التي يريد، وفرض التصورات التي تتوافق مع هواه وتنسجم مع مصالحه، ولو كانت مضرة بمواطنيه وغير متوافقة مع الشروط الصحية الدولية، خاصةً أنه أتى بوزير صحةٍ من شيعته، يحبه ويدافع عنه، ووقف إلى جانبه في معارك الكنيست ضده، وهو رئيس الكنيست السابق ووزير الصحة الحالي أفيخاي أدلشتاين.
 
أما مشاكله مع ووزير الحرب وشريكه الأساس في الائتلاف بيني غانتس، وكبار ضباط الجيش ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي، فهي كبيرة جداً، وتتعلق بسياسته المعلنة في ضم الأراضي، وعجزه عن توفير الميزانيات اللازمة للجيش والأجهزة الأمنية، وعدم استشارته لكبار العسكريين والأمنيين في القضايا المتعلقة بعملهم ومجال اهتمامهم.
 
والحكومة كلها مع الجيش ووزارة الدفاع وقادة الأجهزة الأمنية يواجهون تحدي الجبهات وسخونة ميادين المواجهة، شمالاً مع حزب الله المتأهب للانقضاض عليهم والثأر منهم، وعلى الحدود السورية وداخلها في مواجهة محاولات التصعيد المستمرة على الحدود مع جبهة الجولان المحتلة، فضلاً عن تنامي القدرات العسكرية الإيرانية وتجذرها في سوريا، ومعها قوات حزب الله المدربة والمؤهلة جيداً بفنون القتال المختلفة.
 
والتحدي يمتد جنوباً حيث المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، التي يلزمها عود ثقابٍ واحدٍ ليشعل النار في كل المنطقة، التي قد تنظم إليها جبهات الشمال كلها، مع عدم التقليل من خطورة الأوضاع في الجبهة الداخلية، حيث تتفاقم الأوضاع سوءاً في الضفة الغربية، ويتأهب سكانها للتحرك انتفاضةً شاملةً أو مقاومةً متعددة الوجوه والأشكال، في مواجهة سيناريوهات الضم المختلفة.
 
أما التحدي الوجودي الأكبر للكيان الصهيوني، حكومةً وشعباً ودوراً، فهو الخطر القادم من إيران، أو المنبعث منها من خلال أذرعها العسكرية، أو أحزمة الصواريخ التي نصبتها حول الكيان الصهيوني، وباتت قادرة على الوصول إلى أبعد الأهداف وإصابتها بدقة، وإلحاق أكبر الأضرار بها البشرية والمادية.
 
الحكومة الإسرائيلية آيلة للسقوط قريباً، فلا شيء يحفظها، ولا يوجد فيها من يحرص عليها أو يعمل على استقرارها، فالتحديات التي تحدق بها كثيرة، والأخطار التي تواجهها عديدة، فضلاً عن تزايد الإيمان لدى قطاعاتٍ كبيرة منها، سياسية ودينية، أن نهاية دولة إسرائيل قد دنت، وأن زمان زوالها قد أزف، إذ لم تعمر لهم في التاريخ دولةً، ولم يدم حكمهم ويمتد سلطانهم في تاريخهم القديم أكثر من ثمانين عاماً، فهل فعلاً باتت إسرائيل بكل هذه التحديات التي تواجه، واليقين الذي تعتقد، على أعتاب النهاية وأبواب الانهيار.
 
بيروت في 4/8/2020

 

***

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 20/ 19 جوان ـ جويلية 2020
https://www.calameo.com/read/0062335946b10ecf52424
https://www.calameo.com/books/0062335946b10ecf52424
‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 19/20 en 
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://www.calameo.com/read/0062335946b10ecf52424
https://www.calameo.com/books/0062335946b10ecf52424

*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=


* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الأربعاء, 05 آب/أغسطس 2020

وسائط