wrapper

الجمعة 19 أبريل 2024

مختصرات :

 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

 


تعجُ السنة العبرية بالأعياد الدينية اليهودية والقومية الصهيونية، فهي أعيادٌ بالمقارنة مع أتباع الأديان والقوميات الأخرى كثيرةٌ جداً، ولا تقتصر غالباً على يومٍ واحدٍ فقط، بل قد تمتد لأيامٍ طويلة، يؤمن بها اليهود عامةً، ويحرصون على إحيائها ويلتزمون طقوسها المختلفة، وإن كانت غريبة الشكل متعددة الأطوار، وهي أعيادٌ شبه شهرية، وأحياناً يشهد الشهر الواحد أكثر من عيدٍ ومناسبةٍ.


 
أغلب أعياد اليهود توراتية دينية، لكنها متجددة ومتغيرة وفقاً للعصور والدهور التي مرت بها الديانة اليهودية، والأحداث التي واجهها اليهود أنفسهم، وفيها يكثر الصوم بطريقتهم الخاصة، والاستغفار والتوبة والتخلص من الخطايا، ونفخ الأبواق والصلاة، وذبح القرابين وسوق الأضاحي، ولا تخلو أعيادهم من الخزعبلات والخرافات، والأساطير والنبوءات، فكانت أعياد رأس السنة ويوم الغفران والفصح والعُرُش وذكرى خراب الهيكل وغيرها من الأعياد الدينية التي وردت في توراتهم، وأوصى بها حاخاماتهم، وحرصوا على فرضها على حكوماتهم وإحيائها في مجتمعاتهم.
 
أما الأعياد القومية والوطنية اليهودية، فهي كثيرةٌ أيضاً وتوصف بأنها أعيادٌ دنيوية، حيث يكثر فيها الهرجُ والفرح، والزينة والبهرج، والمزامير والمساخر، ويحيون فيها الحفلات الراقصة والمهرجانات الماجنة، ويحتسون فيها الخمور ويتبادلون فيها التهاني.
 
وهي أعيادٌ جديدةٌ وقديمة، موروثةٌ ومستحدثة، وفيها جوانب دينية وملامح توراتية، لكنها أقل بكثير من المظاهر الدنيوية، كيوم خراب الهيكل، وأعياد المساخر والشجرة، والاستقلال والتاسع من آب، والأنوار وعيد الأسابيع، وغيرها الكثير مما يستجدونه ويفرضونه، ويسمونه ويثبتونه رسمياً، ويجعلونه يوم عطلةٍ للفرح وإحياء الذكريات والمناسبات.
 
أما يوم السبت الذي يدعون قدسيته، ويبالغون في التمسك به والالتزام بتعاليمه والعمل بموجب قوانينه، فهو يومٌ مباركٌ عندهم، يمتنعون خلاله عن الحركة والعمل، وتتعطل لديهم الحياة العامة بدءً من الساعات الأولى لليلة السبت حتى فجر يوم الأحد، فلا محلات تجارية ولا أسواق، ولا بنوك ولا مؤسسات، ولا مدارس ولا جامعات، ولا سفر ولا ركوب للسيارات والطائرات، وغيرها من وسائل النقل التي يلزم تحريكها الطاقة "النار"، وهو الأمر الذي يتناقض مع حرمة إشعال النار في أيام السبت.
 
الكيان الصهيوني، بانتمائه الديني وقوميته اليهودية، وبهويته العنصرية العدوانية، بات في أعياده ومناسباته يعتدي على الفلسطينيين ويؤذيهم، ويضيق عليهم ويخنقهم، ويحاصرهم في مناطقهم ويمنع انتقالهم وحركتهم، في الوقت الذي يقوم فيه مستوطنوه بالاعتداء على القدس والمسجد الأقصى المبارك، وكأن أعياده باتت لعنة على الفلسطينيين وشؤماً عليهم، وحرماناً لهم وعدوانهم عليهم.
 
حَوَّلَ الإسرائيليون أعيادهم وأفراحهم، ومناسباتهم وذكرياتهم، إلى أحزانٍ فلسطينيةٍ وأتراحٍ، وأيام معاناةٍ وبؤسٍ، وحزنٍ وألمٍ، فيها يعتدون على الفلسطينيين ويمنعونهم من الحركة، ويحاصرونهم ويفرضون عليهم حالة منع التجوال، ويفرضون في مناطقهم حالة الطوارئ القصوى، وخلالها يقتلون عشرات الفلسطينيين ويعتقلونهم، ويعتدون عليهم ويضربونهم.
 
وفي أعيادهم يقتحمون المسجد الأقصى ويدنسون باحاته، ويهددون هويته ويعتدون على رمزيته، ويفرضون فيه طقوساً يهودية مستفزة، وصلاةً تلمودية غريبةً، تحمل رسائل خطيرة وإشاراتٍ مرفوضة، ويسمحون خلالها لمن شاء من اليهود بالدخول عنوةً إلى المسجد الأقصى، بينما يمنعون أهله من الدخول إليه والصلاة فيه، ويخرجون من فيه من المصلين والمرابطين، ليهنأ اليهود بعدوانهم، ويفرحوا بأداء طقوسهم، التي لا تخلو من معاني التحدي والمواجهة والغطرسة والغرور.
 
لا نعيب على اليهود أعيادهم الدينية الكثيرة، ولا نتدخل في شؤونهم الخاصة، كأتباع دينٍ سماويٍ نعترف به، بل نؤمن بدينهم ونحترم طقوسهم، ولا نعترض على عاداتهم وتقاليدهم في مناسباتهم وأعيادهم، وقد رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يصومون يوم عاشوراء، فسأل عن صيامهم، ولم يعترض عليهم أو يعيب فعلهم، بل دعا أمته إلى صيام يوم العاشر من محرم، إيماناً منه بأن المسلمين أولى بموسى عليه السلام منهم.
 
فليحتفلوا بأعيادهم بعيداً عنا، وليحيوا مناسباتهم حيث كانوا يقيمون في "الديسابورا"، في الشتات الذي كانوا يعيشون فيه، والغيتوات التي فرضوها على أنفسهم، وفضلوا العيش فيها بعيداً عن الفضاء الواسع والعالم الممتد الفسيح، وقبلوا أن يعيشوا في"غيتوات" خلف الأسوار والجدران، حيث لم يكن أحدٌ يعترض على خرافاتهم وأساطيرهم، ولا على عاداتهم وتقاليدهم، طالما أنهم لا يعتدون على أحدٍ، ولا يزاحمون الآخرين على حقوقهم ومقدساتهم، ولا يضيقون عليهم سبل العيش ويحبسونهم، أو يفرضوا عليهم الحظر ومنع الحركة.
 
لكننا لا نقبل أبداً أن يحتل اليهود أرضنا، وأن يطرودونا من ديارنا، وأن يزاحمونا على مقدساتنا، وأن يحيوا مناسباتهم الدينية ويحتفلوا بأعيادهم القومية على حساب أصحاب الأرض وأهل فلسطين التي احتلوا أرضها، واغتصبوا حقوقها، وطردوا منها أهلها، ودنسوا مقدساتها، ونهبوا خيراتها، وزوروا تاريخها، وغيروا واقعها، وبدلوا هويتها، وحاولوا فرض طابعهم الديني وهويتهم الصهيونية عليها، فهذا العدوان لن يستمر، وهذا البغي لن يبقى، وهذا الفساد لن يطول، وهذا العلو حتماً سيتلوه سقوطٌ مدويٌ وزوالٌ أخيرٌ.

 

****

 

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

 


 

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :