طباعة

‎مرام عطية | سوريا ـ   

 

الفصلُ المدرسيُّ الخصبُ غابَ كانونهُ البرتقاليُّ فغدا صحراءَ قاحلةً ياأمَّي ، صارَ نهبَ الزمهريرِ والأنواء، نوافذهُ المكسورةُ مشرعةٌ على تياراتٍ بحريةٍ مشبعةٌ بالرطوبةِ ، و بابهُ الغارقُ في الهشاشةِ صدأتْ مفاتيحهُ ، مواربٌ على رياحٍ شرقيةٍ قارسةٍ ،

الفصلُ الدراسي الحلو سرقَ الشتاءُ كنوزه الفريدةَ فصارَ طعامهُ شديدَ الملوحةِ، و نبتتْ على مقاعده مسلاتٌ وأشواكٌ ثخينةٌ ، لم يجدِ معها ارتدائي الثيابَ الصوفيةَ ، فقد زحفتْ قطعانُ صقيعهِ تحتَ معطفي الشتويِّ ، غرستْ مخالبها في جسدي الغضِّ ، ونهشتْ أنيابه خبزَ عزيمتي ، أقدامها الوحشيةُ سحقت زهورَ طموحي ، فانهارت أرتالُ قواي العقليةِ و الروحيةِ . أمامَ مقصلةِ البرد ارتعدَ جميعُ المدرِّسين ياأمِّي ، فغاب بعضهم عن حصصُ الرياضياتِ والعلومِ واللغة العربيةِ ، و انحدر مستوى عطاءِ الباقين ، جفَّتَ قريحتهم ، ضعفتْ بصيرتهم ، وغامتْ عيونهم في ضبابِ القيمِ ، ضاعتْ في أزقةِ الحاضرِ الشاحبِ علومهم ، وهم يبحثون عن سحابةِ دفءٍ تهبطُ عليهم من سماءٍ ، ويترقبونَ إشراقةَ شمسٍ تشعلُ في قلوبهم السكينةَ . سامحيني أمي إذا انخفض تحصيلي الدراسيِّ ، لأن البردَ كان يحاضرُ في فصلنا الدراسيِّ بغيابِ المدرسين وحضورهم ، يتراكمُ الجليد على أوردتنا ، فتسقطُ قطعُ كلامهِ الثلجيةُ على صمتٍ رهيبٍ ينتظرُ أن يذوبَ على حرارةِ موقدِ أرجوكِ لاترسليني إلى مقصلةِ البردِ في هذا الزمنِ العاتي الفقيرِ من الرحمةِ ، هذا ما قالتهُ لي عيناهُ الدامعتانِ ، خطاي تأبى العودة إليها ، تخشى رهابَ الصقيعِ، فلا تغفلي عن ضعفي و يأسي . كم أنا ممزقٌ وجائعُ الروحِ ياكنزي !! أمي ضمِّيني لحضنكِ الدافئِ لأحيا ، أحتاجُ حنانكِ لأخيطَ قمصانَ روحي الممزقةَ ، أحتاجُ سحبَ يديك لتهمي طفولتي بالحبِّ والأمانِ . هكذا حدثني جذعُ طفلي المائلُ تحت عصفِ الريحِ، وهذا ماأخبرتني به يداه المرتجفتانِ تحت سياطِ البردِ الرهيبةِ . ياإلهي ! كم أحتاجُ من سلسلكَ العذبِ لأعتذرَ من طائري الجريحِ !! وأنتُ أيتها الأمومةُ الساكنةُ دمي ، كم تحتاجين من الصبرِ والأمل ، وأنت تمضغينَ الألمَ لتهدئي ، وتسكني خيامَ السلامِ بعد ذاكَ الضياعِ !!

ــــــ

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الإثنين, 11 آذار/مارس 2019

وسائط