طباعة

سردواقعي بقلم : حديد ياسين ـ مسكيانة | الجزائر


في بيت جدي كانت هناك خزانة سوداء في  أسفل السقيفة لم أر قطّ أكبر منها، ربما كانت جدتي تضع فيها المؤونة . كانت مكاني المفضل للعب ولأنها مخيفة ويهابها بقية الصغار فقد كنت استفرد ببعض الوقت داخلها حتى أغفو أحيانا، كانت والدتي وقتها  تحسبني  مع أترابي ألهو معهم خارجا أو عند إحدى الجارات؛ في ذلك الزمن لا خوف على أحد ولا من أحد..

كنت أرقب و أنظر من خلال ثقب مفتاحها ثم أخرج بهدوء دون لفت إنتباه أحد . لقد كنت أفضل البقاء لوحدي فلا أزعج أحدا ولم أعهدني صغيرا قد ورطت والدي في أية مشكلة. والدتي  تقول باستمرار  أنني كنت مثالا للصبي الهادئ  تلك الخزانة السوداء كانت تحدثني وكنت أخيف الصبيان بها وأدعوهم للاقتراب منها وإصدار الأصوات.  ولأنها كانت فارغة وعملاقة خاوية على رفوفها   كان  الصوت يتتردد صداه داخلها فاخيفهم أكثر  وأقول لهم أنها تامرني بادخالكم لتأكلكم! فيفر الجميع وأبقى أنا متفردا بغولتي الخشبية الجميلة العملاقة  حدثتني أمي أن لهذه الخزانة قصة مع الجنود الفرنسيين أثناء ثورة التحرير . كان حي "بن بولعيد" إبان الثورة معبرا للمجاهدين لأنه يطل مباشرة على الوادي ومنه الى الجبل كان الأبطال من رجال الثورة يغامرون بالنزول إلى المدينة أحيانا .. وذات مرة كان البطل المجاهد "الهادي راجعي " رحمه الله أخ الرائد "راجعي عمار" الشهيد البطل رمز مدينة مسكيانة والناحية الشرقية للوطن متسللا للحاق بالجبل بعد أن كان في مهمة ما وقد تفطن له ولمجموعته العدو فوقف العسكر على رأس الحي لا يجرؤون على التقدم خوفا، فيطلقون الرصاص والقذائف وبعد أن تخلف البطل الهادي دخل بيت جدي خوفا من أن يصيبه العدو وتسلل عبر السقف وعقد فوق المدخنة قشابيته ( عباءة من الصوف ) وتمكن من الإفلات وبقي الجنود يتقدمون ببطء وهم يمطرون تلك القشابية بالرصاص ويرتجفون رعبا من الفلاقة ( المجاهدين ) إلى أن وصلوا بيت جدي تقول والدتي .. ولما هموا بالدخول قابلتهم تلك الخزانة بجبروتها ولونها الأسود المخيف فارتعد الجنود وبدؤوا يهمسون فيما بينهم les fellagas les fellagas أي المجاهدون ..المجاهدون.. وتسمروا لبرهة ثم اقتربوا منها وفتحوها ولم يعثروا على شيء ثم صعدوا فوق وانزلوا القشابية التي لم يتبقَّ منها شيء من كثرة ما أصابها من  وابل الرصاص .. تستمر والدتي في سردها و تخبرني  مازحة بكل الكنايات الموجبة ؛ أن كل شيء جاهد أثناء الثورة التحريرية الكبري ، الكل جاهد في هذه الأرض من  عباد و دواب وحتى الأواني و الأثاث  والشجر..  مذ تلك  اللحظة و القصة التي رُويت على لسان أمي كَبُرَ  احترامي و زاد  لتلك الخزانة السوداء التي أرعبت العدو و أصبحت أكنّ لها حبا خاصا لحد الساعة واشتاق إليها ولو  كان بمقدوري لاحتفظت بها إلى آخر أيامي .

*****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصر ي الكلمة الحرة و العدل

لتحميل الملحق الشهري العدد 11 أوت 2019

و مشاركته عبر التويتر أو الرسائل القصيرة هذا الرابط الخاص:

https://pdf.lu/I1Ax

المسنجر و البريد الإلكتروني  و واتس آب  استعملوا هذا الرابط :

https://www.fichier-pdf.fr/2019/10/01/-----11--2019/

لمشاركته على موقع أو مدونة يجب نسخ هذا الرابط و لصقه على محرك البحث:

<a href="https://www.fichier-pdf.fr/2019/10/01/-----11--2019/">Fichier PDF ملحق الفيصل الشهري  سبتمبر العدد11ـ  2019 ».pdf

Pour télécharger le supplément  mensuel de "elfaycal.com" numéro 11 en format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الأربعاء, 06 تشرين2/نوفمبر 2019

وسائط