wrapper

السبت 20 أبريل 2024

مختصرات :

فراس حج محمد ـ  فلسطين


في تعميم وصل عبر البريد الإلكتروني للأدباء والكتاب الفلسطينيين، وقد وصلني بطبيعة الحال نسخة منه، يدعو فيه الاتحاد كتاب فلسطين ويتمنى عليهم "كتابة مقال حول الهجوم على محمود درويش حيث تخصص جريدة جزائرية ملحقاً ثقافياً خاصاً بهذا الشأن".


تطرح هذه الدعوة العديد من التساؤلات أولا حول دور الكتاب والأدباء، مهما كان جنسهم، ومهما كانت بلدانهم، ومهما كانت قضاياهم، ويضع الغاية من الكتابة موضع المساءلة الحقيقية، فالدعوة تحمل نفَس الفزعة القبلية التي تعيد الكتاب إلى عصور من التردي والتعبية البغيضة، فمن كتب عن درويش مدافعا قبل هذه الدعوة سيختلف عنه إن كتب بعدها. فالكتاب لا يحتاجون إلى إثارة أو استثارة أو استكتابا عاما، وكأن الكتاب في امتحان حصة تعبير محدد الموضوع، ويصححه لهم سعادة أو عطوفة أو ربما معالي الأمين العام. فلماذا هذه الفزعة (الجاهلية) في دعوة اتحاد الكتاب من أجل استكتاب الكتاب للانتصار لمحمود درويش، على خلفية مقال سليم بركات. على الرغم من أن سليم بركات طالته الشتائم أكثر من درويش، ووجد مئات من الأقلام والمغردين للدفاع عنه بالحق والباطل.
تحمل هذه الدعوة نفسا قبائليا مقيتا وشاذا، ولا تؤشر إلى فكر حداثي تنويري منفتح، وإنما تذكر بمنطق الفزعات الفلاحية والعائلية. فأخونا درويش يعاني من هجمة، فهبوا يا شباب للمساعدة. ومن كان في السابق سيحمل شاعوبا وفأسا او مرتينة وخرتوشا اليوم سيطلق العنان للفيسبوك وتويتير ويللا يا شباب عليهم.
ثانيا: كان الأولى أن يقوم الاتحاد مثلا بجمع المقالات المكتوبة وإصدارها في كتاب ومناقشة فكرة مقال سليم بركات، وأن يحترم جميع الأراء، فالديمقراطية هي شعار المثقف والكاتب والحوار هو عدته وكل عتاده، أم أن الأمين العام يريد أن يخرج "البارودة" من شعار الاتحاد ويضرب بالرصاص على من قالوا رأيا مخالفا في حق محمود درويش. فهل وضعت البارودة في الشعار من أجل هذا الهدف؟ كما أن الاتحاد لماذا لم يحترم تاريخ سليم بركات وعلاقته مع درويش، ويدافع عنه أيضا، فقد نال نصيبه من التشويه وضرب "الرصاص". كان الحري بالأمين العام أن يعتبر سليم بركات شاعرا فلسطينيا بامتياز.
ثالثا: إن اتحاد الكتاب الفلسطينيين وهو يدعو إلى فكرة مناصرة درويش بهذا التعميم، من أجل قضية هي في أساسها نقدية، صحفية، عابرة، لا تستحق كل هذه الجعجعة، فهل قصد الاتحاد تضخيم المسألة، لأهداف شعبوية تقليدية رجعية من أجل تعزيز مكانة الأمين العام؟ وبلا شك في أن هذه الدعوة ستضاف إلى تقرير الأمانة العامة في المؤتمر القادم، سأذكركم بذلك؛ فقد أوردت الأمانة السابقة التي بقي أغلب أعضائها، مع تغيير الأمين العام إلى تعداد قضايا على أنها إنجازات يخجل طالب ثانوية عامة أن يذكرها في "ملف إنجازه"، ويترفع كاتب مبتدئ حتى من ذكرها في سيرته الذاتية. لقد بدت لي تلك "الفزعة" كأنها تجارة رخيصة لا قيمة لها ولا هدف، بل هي ضارة، لا تؤدي إلى أي طريق سوى طريق التصاغر المستمر بلا نهاية في السياسة، وها هو الأمين العام يحاول أن تدخل الثقافة والكتاب إلى الطريق ذاته، إنه نفس الدكتاتور العربي.
وأما رابعا فإن اتحاد الكتاب بما فيه من هيأة إدارية أو ما يحب أن يطلق على نفسه "أمانة عامة"، صار دوره هامشيا تافها، وهو يبحث عن صغار الأشياء، مع احترامي الكبير لمحمود درويش بوصفه شاعرا كونيا، وعدم اعتباره متهما لنجيش له فزعات، فليس هدف الاتحاد رعاية مثل هذه "الاستكتابات" اللحظية البائسة. بل لقد تردى الاتحاد أكثر في مواقف أكثر بؤسا عندما فتح صفحته وأطلق بياناته "خطابات تعزية وتهنئة"، وسبق لي أن كتبت في هذا وحذرت من تقزيم دور الاتحاد إلى هذا المستوى، أم أنهم يجمعون "الهشيم" ليوم الانتخابات القادمة، ليصنعوا منها جذوعا لشجرة "القائمة الفصائلية" التي حرقت ورقتها منذ أن أفسدت السياسة كل شيء؟
على اتحاد الكتاب بهيئته العامة أو مؤتمره العام المتمثل بعموم كتاب فلسطين أن يوقفوا مهازل الاتحاد القاتلة، وعليهم أن يشكلوا "جبهة رفض" حقيقية على الأرض تمنع انجرار الاتحاد إلى قعر الهاوية، وإنني أدعو إلى عقد مؤتمر جديد وعاجل بعد أن بلغ السيل الزبى، وعلى كتلة الكتاب الواعين غير الفصائليين أن يشكلوا جبهة رفض قوية تجاه ما يحدث، ويشكلوا طريقا ثانيا للوقوف ديمقراطيا في وجه كل من يحاول تقزيم دور الاتحاد وحشره في الزوايا المظلمة أو جره إلى اللعب بالعواطف وهشيم الأفكار, على الكتاب أن يصحوا ويفرضوا معادلة إعادة الاتحاد إلى الحياة قبل أن يموت كليا.
حزيران 2020

****
ثبات الأمومة يتفوق على الأبوّة العابرة



على ما يبدو أن الأمومة هي الأثبت، هكذا تؤشّر حادثة محمود درويش الأخيرة، سواء أكانت حادثة أبوته للطفلة التي أصبحت اليوم سيدة على أبواب الأربعين، مجرد تأويل بلاغي أم أنها معلومة حقيقية. هل شعر درويش بحنين ما لتلك النطفة التي ألقاها في رحم تلك المرأة وغاب عنها بعد أن مرّ في سريرها ومرت به مرور العابرين. العملية كلها إن أوتي صانعها درويش من الحظ الجنسي لا تستمر سوى إحدى عشرة دقيقة على رأي باولو كويلو. عرف درويش أم لم يعرف بأمر تلك النفطة ومآلاتها الحياتية، تبقى نطفة لا وزن لها، لا تصنع ذاكرة ممتلئة بالحنين لتكون كفيلة بإحداث معنى الأبوة، هنا، وبهذا الشكل، تتحول النطفة إلى مجرد سبب طبيعي لإحداث خصب الأمومة، ولا تحمل في حد ذاتها أية قيمة خاصة.
وعلى ذلك فالأمومة أمر ثابت مستقرّ دائما بيولوجيا، إن هذه المعايشة المستمرة في الأحشاء لتلك النطفة العابرة هي التي تخلق شرعية الأمومة وعقلانيتها، بينما عبور النطفة "من الصلب إلى الترائب" عبورا طارئا، لا يعطيها عقلانية حضور الأبوة. لأجل ذلك فإن درويش لم يسأل المرأة عن "الجنين" وتحاشى معرفة الابنة، لأنه لا شيء يشده إلى ذلك، فلا معايشة ولا قصدية في إحداث فعل الأبوة، فظلت الطفلة ذات نطفة عابرة مغتربة الأب، لكنها محكومة بأمومة متأصلة لا تموت.
حادثة درويش على بساطتها إلا أنها تدفع بسؤال الأبوة إلى الواجهة. فكيف تحدث الأبوة إذا كانت النطفة وحدها ليست سببا كافيا لإحداث الأبوة؟ يبدو أن هذا حقيقي فعلا. أحاول هنا افتراض حادثة درويش مع مئات الحالات بل آلافها في هذا العالم، فعلها كتّاب وسياسيون، وفعلها أناس عاديون وعابرون، فعلها أغراب ومغتصبون، كلهم ألقوا بنطفهم في أراحم نساء، خلّفوا لهن صناعة الأمومة على مهل، وهم لا شيء يشدهم إلى فعل الأبوة وصناعتها. الأمر لا يتعلق بقسوة القلب ولا شهوة أن يكون لك ابن أو لا. أظن أن العابرين بنطفهم إلى أرحام النساء لا وقت لديهم ليكونوا آباءً، ولو آباءً سيئين.
في موازاة حادثة درويش النجم، الشاعر الرمز، يمرّ في الأثناء خبر صحفيّ لساعي بريد، يتبين أن له (1300) ابن. هل هذا معقول؟ ليست إمكانية أن يكون كذلك، وإنما هذا العدد الهائل من الأبناء المصنوعين في علاقات عابرة، هذا الكم الكبير من النطف المراقة في الأرحام يلزمه تخيّل رجل يحمل صهريجا من الحيوانات المنوية، يقدم منه دفقة لكل امرأة صاحبة رسالة وتنتظر قدومه مع الرسالة والدفقة المنوية معاً. لا أريد أن أناقش "سهولة" الحصول على المرأة بهذه الطريقة المبتذلة. ولكنه مع كل هذا لم يصبح أبا. ولكن تلك النساء كلهن أصبحن أمهات، وكنّ جديرات بلقب الأم وحقيقة كونهنّ أمّهات.
هذا يفترض إمكانية أن يكون لدرويش أبناء وليس ابنا واحداً أو بنتا واحدة، ولكن هؤلاء جميعا المعلن عنها والمخفي، وقد يكون المخفي أعظم، لم يجعلوا من محمود درويش الشاعر أبا جديرا بهذه الصفة، لأنه لم يسع إلى خلق الأبوة ورعايتها.
كلنا يعرف، ربما، إن تأمل جيدا كيف تصنع الأمومة، أو كيف تصنع المرأة من ذاتها أُمّاً. أمّا الأبوة فأمرها غامض قليلا، أو ربما يلزمها ما يلزم الأمومة من عشرة ومداومة، لا بد من حضور الأب الدائم ليشرف على هذا التخلق منذ أن علقت تلك النطفة في الرحم، الأم والأب معا أبوان، والدان يتابعان ويسهران ويتأملان، هذا الانتظار هو الذي يدفع صاحب النطفة الذي يصرّ على أن يصبح أبا أن يقرّب أذنه إلى بطن الأم ليسمع رفسات الجنين، لينتشي، وتزداد سرعة دقات قلبه، فيتدفق الدم في كل أنحاء جسمه؛ شاعراً بالزهو وبالفخر والسعادة. المرأة تنادي بصوتها الرخيم صاحب تلك النطفة وتمسك يده وتضعها على بطنها ليتحسس الجنين وإن كان الفاصل بينهما ثلاث ظلمات. الأبوّة تصنع بالمراقبة والمداومة والترقب ولا تصنع بقذف النطف في الأرحام، تُصنع بتلك اللهفة المجنونة لاستقبال قاذف النطفة نطفته، وهي كائن كامل الخلق حيّ يصرخ ويتشبث بالحياة.
من أجل ذلك فإن أي ذكر أناني، يريد إشباع غريزته في العبور بنطفته إلى رحم امرأة ما لن يكون أبا جديرا بالأبوّة، وكذلك الشاعر المغرور بقصيدته والمشغول عن كل ما عداها، ويراها الوارث الحقيقي له، لن يكون أيضاً أباً جديرا بالأبوة البشرية، بل تكفيه أمومة القصيدة وأبوتها. وأظن أن درويش صاحب النطف المقذوفة في الأرحام لتخلّف أبناء وبناتا، لن تكون تلك النطف المكونة بعد ذلك أناسا من لحم ودم أبناء لدرويش فقد حرم من أبوتهم، أو ربما لم يسع لمثل هذه الأبوة الناقصة. يبدو أن درويش في مثل هذه النتيجة سيكون مجرد "ذكر" باحث عن الشهوة ليتخلص من أوجاع الغريزة في أرحام النساء العابرات أو المقيمات، أبكارا أو متزوجات، ولن يهمه ولا يعنيه الأمر أن يكون له ابن أو ابنه، فكل ما كان يريده من حاجة عضوية مماثلة للأكل أو الشرب قد حصل عليها. بالنسبة للشاعر ذي النطف العابرة للأرحام سيقف الأمر عند هذا الحد فقط، لذلك قال لسميح القاسم: "إن جاءت السيدة سلم عليها وقل لها: سافر... وسيعود قريبا، ولا تسألها عن الجنين". هذا التجاهل عينه هو الذي قوّض تماماً المعنى الحقيقي للأبوة، وجعل النطفة مجرد سبب للحياة مرت بشكل عابر إلى رحم المرأة لتكون الأمومة هي الثابت الوحيد في حالة درويش، هذه الحالة التي تبدو على بساطتها ليست سهلة عند التفكير في مآلاتها الوجودية وتفكيك المفاهيم الاجتماعية التي ستكون هي الأولى في حالة درويش أكثر من كونها قضية نقدية إلا من باب تأويل التأويل، وتضخيم المعنى وتحميله بلاغة لا يستحقّ أن يكونها.
حزيران2020

***

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العدد 18 أفريل ـ ماي 2020
https://fr.calameo.com/books/0062335944f419a9f59a7
‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 18 en 
format PDF, cliquez ou copiez ce lien :
https://fr.calameo.com/read/0062335941cea7efc8cef

*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الأربعاء, 17 حزيران/يونيو 2020

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :