wrapper

الخميس 25 أبريل 2024

مختصرات :

 جهاد مقلد ـ سوريا


_ يا إلهي متى سيتوقف إطلاق النيران؟ ألا من نهاية لصفير القذائف التي تمر فوق بيتنا؟ هذا ما كانت تقوله الزوجة لزوجها، وهي ترتجف رعباً من أن تسقط إحداها على بيتهم، أوفوق رؤوسهم.
_ نعم هذا مرعب جداً، ولكن ابقي منبطحة في الزاواية... لا توقظي البنتين دعيهما نائمتين
_ ومن يشعر بالسعادة مثلهما؟ لاتعرفان لماذا تنبعث تلك الأصوات، ولا الغاية منها.


لم يمر عيد واحد على ولادتهما بعد... كل همهما أن ترضع الواحدة قبل الأخرى من صدري... يالها من مأساة نمر بها!
_ دعيني بالله عليك أفكر كيف سأخرج بكم من هذا المأزق... الدواعش من غربنا وجيشنا من شرقنا... والجميع هدفهما واضح كلاهما يحاول أن يتقدم ليتمركز في بيتنا ليسيطر على القرية... قولي الحمد لله وادعي أن يجد الله لنا مخرجاً آمناً، لكنها ردت غاضبة:
_ اسمع... أنا لا أريد أن أترك بيتي مهما كلفني ذلك... حتى ولو كانت حياتي الثمن!
_ هههه... ساخراً دون بسمة، بل كانت تتغطى قسمات وجهه بأشد صور الألم وهو يرد عليها:
_أتدرين ماذا سيكلفك هذا العناد؟ إن وصلت داعش لا داع لأن أشرح ما تعرفينه... وأن وصل جيشنا سيكون البيت أنقاضاً على رؤوسنا لن يتركوا لهم هذا الموقع في قمة الهضبة مهما كلفهم الثمن... لملمي القليل ممانحتاج من غذاء للأطفال، ولنهرب نحو مواقع جيشنا، وأنا سألملم أوراقنا ونقودنا... هيا بسرعة أرى من النافذة كلاهما يتقدم ببطء نحونا! لم تكن بحاجة لأن تقف وتنظر فرشقات الرصاصات التي تصطدم جدار البيت الحجري كان يقطع أزيزها المتطاول في العادة، لكنها تعود منعكسة عن الجدران بأزيز أكثر ضجيجاً وأقصر زمناً... وكأن ألة تعزف لحناً نشازاً، جوابه أسوأ من قراره... عادت وكررت القول:
_ ما أن يصلوا إلي حتى أقتل نفسي... خذ الطفلتين واهرب بهما... ثم نظرت إليه وهي تحمل رمانة يدوية كانت قد وضعتها مسبقاً في متناول يدها، وقالت متسائلة:
_ هل تحتاج هذه لأكثر من سحب الحلقة حتى أفجرها بي وبهم؟
_ نعم ليس أكثر من هذا... ولكن اسمعي مني... الهرب أفضل وأسلم لنا ولابنتينا... هيا انهضي ألا تسمعين؟ لقد توقف اطلاق النار... دعينا نستغل تلك الفرصة ربما ستكون فرصة نادرة لن تتكرر... هيا
_ خذ الطفلتين بسرعة... لن أترك بيتي، إن قدر لكم أن تعودوا إلى هنا ستجد جثتي لتدفنها، لن تجهلها
لكن الزوج انحنى بحنان وسرعة، ثم رفعها بيده عن الأرض بقوة... لم تمانع هذه المرة... يبدو أنها استجابت للواقع المر... وبسرعة البرق نظر إلى الطفلتين النائمتين، ودفع بزوجته بقوة أمامه إلى خارج الباب على أمل أن يستدير إلى الخلف بعد خروجها ليحمل الطفلتين، ولكن... ما لم يعلمه أن لا أمان لأي شيء يتحرك في هذا الصمت الخادع! ويا لسوء الحظ! ويا للقدر الظالم... وصل أزيز الطلقة إلى أذنيه بعد أن سبقته زوجته صريعة على الأرض، وقد اخترقت رأسها رصاصة لتنتفض لحظات مضرجة بدمائها أمام باب بيتها وتودع دنياها... نظر نحوها وصاح بصوت تردد صداه في أرجاء الصالة التي ساد بعدها لحظات من الصمت، جاءت هذه الطلقة الشاردة أو المبيتة، لتقطع السكون الذي عم المنطقة، لحظات... رمى الزوج نفسه عليها كي يسندها لكنها انسلت من بين يديه بسرعة، وقف مرعوباً كمن دُفع به إلى أتون من نار! وهو يتمتم:
_ أنا من قتلكِ... أنا من دفعك إلى خارج الباب!
لحظات مُرة مَرت عليه قبل أن يستعيد وعيه، ويعلم بمدى مصيبته... وقال إنا لله وإنا إليه راجعون... هكذا شاء... والأعمار بيده وللموت أسباب.
لم يبالِ بما سيحدث له، بل خرج من الباب نفسه وإن كان يتوقع أن يكون هناك من يرصد أي حركة في المنزل... حمل زوجته إلى الحديقة... حفر لها قبراً تحت نخلة كانت تحمل ذكرياته معها وصاح باكياً:
_ أوصيك بحبيبتك... أمانة تحت ظلك... اسقها من عروقك كما أطعمت من قبل مريم عليها السلام... من قبل ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنياً، فكلي واشربي وقري عينا) أوصيك بشهيدة بلا ذنب اقترفته... هال عليها التراب على عجل... ورثاها بجملتين سريعتين:
_ حبيبتي... لقد تحققت أمنيتك بالبقاء هنا... في بيتك رحمك الله... أوصيك إن قابلت ربك أن تدعي لنا بنجاتنا... على الأقل ابنتينا...
يا رب اعمِ أبصارهم وأبصار قناصتهم عنا وارأف بي وبالرضيعتين... أو نجّهما وإجعلني فداء روحيهما... وكأن الله استجاب له... ففي اللحظة التي ضغط القناص على الزناد هكذا توقع وإن كان لم يره... أحنى رأسه ليودع ما أودع في القبر... فاجأته أزيز طلقة وصوت صدمة بسيطة فوق رأسه، رفع ناظريه ببطء شديد وإذ بها رصاصة استقرت بجذع النخلة حيث كان يرفع رأسه... وكأن تلكؤه تلك اللحظة أنقذ روحه ... على الفور رمى نفسه فوق لحد زوجته، ثم بدأ بالزحف نحو المنزل، وهو يخاطب نفسه مشجعاً ويتمتم:
_ إصح يارجل... لا تنس الأمانة المعلقة في رقبتك... الرضيعتان... استمر بالزحف حتى دخل المنزل... حمل طفلتيه بين يديه، تاركاً كل خفيف كان يريد اصطحابه معه.
عادت الضوضاء من جديد تصم الآذان و أخذ القصف المتبادل يزداد، وارتفع دوي المدافع وأزيز الرصاص وأصوات انفجار القنابل في كل مكان حوله.
شَلَع طفلتيه بقوة عن الأرض... وبسرعة البرق طوقهما بيديه الاثنتين على صدره وأخذ يركض بهما باتجاه مواقع جيش بلده.
كان سكان قريته ما بين لائذٍ بأقبية المنازل وما بين هارباً بنفسه وعياله قبل بدء الهجوم على القرية... إلا أن بيته المتطرف عن القرية، وعدم وجود تواصل بين السكان في هذه الضروف فرض عليه وزر هذه الحالة.
مرت سويعات وهو يركض، قبل أن تبدأ رشقات الرصاص تنغرز بالرمال حوله.
ولكن الله أراد لهم النجاة، ألى أن وصل خلف كثيب صغير حماه من رصدهم له، كانت الشمس قد أوشكت على المغيب... عندها وضع طفلتيه على الأرض ليريح ساعديه المتشنجتين.
لكن سكوت إحدى الطفلتين عن الصراخ أصابته بالقلق... تلمسهما واحدة، واحدة... فالليل حل قبل قليل والظلمة حالكة زادها الدخان المعبق في الأجواء.
وكانت الصدمة الأولى المرعبة بعد فراره... إحدى الطفلتين تجمدت الدماء فوق فمها، وصمت القبور في كل ما تلمسه من جسدها، وهذا ما شعر به حين وصلت يده وجهها...
حركها قلبها... لا حياة لمن تنادي... تركها مسجاة قرب أختها التي سكنت هي الأخرى عن الصراخ وربما نامت...
بدأ المسكين بحفر قبر لطفلته والدموع تنساب من عينيه مع كل كلمة ودّعها بها بعد أن ودع قبلها زوجته بنفس الأسلوب منذ ساعات.
بدأت القذائف تتساقط عشوائياً... كان لا بد له من العمل بسرعة... لا أداة للحفر لديه سوى أصابعه وراحتي يديه... يبادلهما عند التعب والألم بكوعيه...
هذه المرة لم تحمي الربوة سقوط قذيفة غرست في الرمال في مكان ليس بعيداً عنه... نعم كان هذا غرق القذيفة في الرمال لحسن حظه لقد أراد الله لهم النجاة من التمزيق! ما أن أنهى عمله، حتى هجم نحو طفلتيه دون وعي وسحب الطفلة... واراها الرمال وحمل الأخرى وأسرع هارباً... لقد علمته الأيام والمعارك أن هناك قنابل موقوته مبرمجة كي تنفجر بعد فترة محددة لذلك عجل بالدفن والرحيل.
لم يبزغ فجر اليوم التالي حتى كان في أحضان معسكر قوات بلده... تناول أحد الجنود الطفلة من يده... وكانت الصاعقة الثانية... عندما قال له الجندي الخمد لله على سلامتك:
_ أتريد منا أن نساعدك على دفن الطفلة خارج المعسكر؟
نظر إلى وجه طفلته مرعوباً وأخذ يصيح:
_ إنها الشهيدة... يا ويلي من عذاب ربي لقد وأدت طفلتي حية... وأخذ يشرح للجنود الذين تفازعوا على صراخه! سأله أحدهم:
_ هل تعرف المكان؟
_ لن أتوه أبداً عنه فهو خلف تلك الهضبة، وأشار إليها
_ هيا ازحف معنا
لم يستغرق الأمر بهما طويلاً حتى أُخرجت الجثة... جثة الطفلة التي لاقت ربها موؤودة
نظر الجندي نحو الأب المفجوع بكامل أسرته... فوجده متوسداً الأرض فظنه يبكي فاجعته... حركه، وقال لزميله:
_ إنا لله وإنا إليه راجعون... أحفر قبرين آخرين، بينما اذهب لأجلب الطفلة الشهيدة من المعسكر...
جهاد مقلد/ سوريا

****

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العدد 18 أفريل ـ ماي 2020
https://fr.calameo.com/books/0062335944f419a9f59a7
‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 18 en 
format PDF, cliquez ou copiez ce lien :
https://fr.calameo.com/read/0062335941cea7efc8cef

*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الأحد, 21 حزيران/يونيو 2020

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :