طباعة

ـ جهاد مقلد. ـ سوريا


تسلل إلى خيمة صديقه فوجده يُلمّلِم أغراضه سأله:
إلى أين ياصديقي؟ هل ستهرب؟!
_ لقدجاءنقلي من هذه الصحراء
_ حظك جيد، ولكن إلى أي مكان؟


_ لافرق. أين شاؤوا. المهم ترك هذه الصحراءاللعينة، لحرِّها، وشرّها.
_ أما أنافسأهرب هذه الليلة
_ إنها مخاطرة كبيرة، ولكن اطمئن لن يمنعك أحدٌ، عليك الانتباه إنما سِرّ بذلك الاتجاه ولاتحِدّ عنه، بعدها ستحتاج إلى مسيرة يومين تقريباً، بعدها تلتقي بطريقٍ للقوافل.
_ أعلم بأن الصحراء مرعبة وتخيف الهاربين، ولكنني سأهرب على أي حال.
_ ليس لدي سوى خف جمل كنت ألوكه أُسكت جوعي به هذه الأيام، قبل وصول قافلة التموين هذا اليوم.
سأهديك إياه لعله ينفعك.
ولكن انتظرلعلّهم غداً يوزعون علينا حصصنا من التموين، فأعطيك من حصتي فوق حصتك ربما يساعدك...
_كلا لن انتظر بل خذ حصتي أنت لقد حسمت أمري وانتهى الموضوع.
سأهرب من هذا المعسكر اللعين.
كان هذا الحديث يدور بين شابين في معسكرٍعثماني في إحدى الصحاري الإفريقية، في القرن التاسع العشر بين شابين من بلاد الشام قدر لهما أن تكون خدمتهما قسراً هناك
ما أن انتصف ليل الشاب حتى تسلل هارباً دون أن يلحظه أحد.
ارتفعت على الهارب شمس الصحراء اللاهبة، لقد كان كل همه الوصول إلى أي مكان يلوذ به من حرارتها اللاذعة، بعد نجاته في الخروج هارباً.
فلاطعاماً يحمله ولا زاداَ يقتات به سوى بعض الماء وحفنة من الزبيب، والتمر، وخف الجمل الذي أهداه إليه صاحبه، وَوَدّهُ به. لم يكن هناك من يردع أحداً عن الهرب،لذلك لم يكن يخاف من المطاردة، فالصحراء المترامية الأطراف كفيلة بمنع أي جندي من المغامرة’ لِبُعّدها وقفّرها، لكن بطلنا غامر، وفعل، ونجح.
ما أن أشرقت شمس الصباح حتى كان قد ابتعد عن النظرمسافة كافية، وهو يعلم أن أحداً لن يهتم لهروبه. لذلك لن يخشى مطاردتهم. سار تحت الشمس الحارقة ساعات طويلة.
فجأة! وجد أمامه جثة رجلٍ ملقىً على بطنه، يتأبط صاحبها الرمال الحارقة.
اقترب منه، نظر إليه، قَلّبَهُ. وجد بأن الروح قد خرجت منه للتو. ومازال جسده طرياً.
فكّرَ، تفحصه جيداً. يبدو من ثيابه بأنه من معسكرهم. وليس إلا طعنة خنجرٍ اخترقت ظهره وأودت بحياته.
حفر الرمال الناعمة بيديه لدفنه، فتشه قبل ذلك ثم وضع كافة حاجياته التي وجدهامعه جانباً.
نزع عنه ثيابه وحِذاءه، ثم واراه التراب.
ووضع جميع أشياءه في قطعة قماش، حملها معه. ليفيد منها.
وقبيل العصر بقليلٍ تكررَ المشهد. عثر على جثة أخرى قُتل صاحبها بنفس الطريقة كرر تصرفه هنا كما فعل مع القتيل الذي قبله، مستغرباً مما رآه من تلك الجرائم.
إلا أنه تابع سيره مع إن التعب قد أعياه. كانت حرارة الشمس قد خَفَّت كثيراً عند ماحان العصر...تمدّدعلى الأرض ليرتاح على الرمال وهي مازالت تحتفظ ببعضٍ حرارتها، استيقظ الهارب قبيل منتصف الليل وكان كغيره من الناس في تلك الأيام لاتنقصه معرفة الزمن من خلال النظر إلى النجوم في السماء.
لمّلم اغراضه لاكَ خُفَّ الجمل قليلاً لعلّه يسكت شيئاً جوع بطنه. فطن إلى أن حاجيات القتلى ربما تحوي بعض الطعام. تذكر بأنه لم يجد مع القتيلين ماءً ولم بحاجة للماء فمعه مايكفيه، وربما كان القاتل قد سلبه منهم قبله.
ولما كان الظلام حالكاً، لذلك أجلَ البحث في المتاع، وصبرعلى جوعه حتى طلوع الفجر.
عندها خفف ممالايلزم وما يعيق سيره بعد أن وجد في متعلقاتهم عدة قبضات من الزبيب، والتين المجفف...الخ
وما أن بزغ فجره المنتظرجتى انطلق. في الإتجاه نفسه الذي دلّه صاحبه إليه.
لم يكن ينقصه الماء فالقربة التي أحضرها معه تكفيه يوماً آخر، ومع ذلك كان لابد من الاقتصاد في الماء.
سار وقد بدأت الشمس تلسع ظهره لكن الريح من خلفه كانت تدفع به إلى الأمام وتساعده على السير لحسن حظه. وبقي سائراً حتى منتصف النهار تقريباً.
من البعيد لاحت له شجيرة صحراوية
منفردة. غَذّ السير إليها لعله يستظل بها، وقد أعياه التعب، والسيرعلى الرمال الحارقة.
وكانت المفاجأة الكبرى حين اقترب، لقد شاهد رجلاً مدداً في ظلها. اقترب منه بحذر شديد، وهو يتساءل عما أوصل هذا أيضاً إلى هنا؟ اقترب نحوه، فلاحظ أنه يطوق حقيبة ًمن الجلد إلى صدره أماهو فيبدو وكأنه ميتاً أوفاقد للوعي!
رفع الحقيبة من بين يديه، فأعجزه وزنها الكبير، تفحّصهُ جيداً فبدا له أن الرجل يعاني من تعب شديد، وربما نتج ذلك عن
ضربة شمس. لحظات وتململ الرجل قليلاً ثم فتح عينيه...سقاه بعض الماء وسأله عما أوصله إلى هنا.
فقد كان الرجل في حالة يرثى لها. ومع ذلك فهم بصعوبة من حديثه المتقطع.
وهو يتأتئ:
إنه واثنين من رفاقه سرقوا من المعسكر مافيه من أموال، ورواتب وطبعاً كانت العملة آنذاك ذهبية وفضية فقط وتزن الكمية الكبيرة الكثير.
عرف أيضاً منه بأنهم اختلفوا معاً في الطريق بينما كانوا يتناوبون على حمل هذه الحقيبة ريثما يصلون مكاناً آمناً يقتسمون ما فيها. لكن الرجل الأول الذي وجده الهارب مقتولاً. أصرعليهم أن يقتسموا الأموال على الفور، وقال لهم:
إنه سيذهب في إتجاه آخرغيروجهتهم، وبسبب مشادة بيني وبينه اضطررت إلى قتلته.عندها تابعنا السير، وبعد مسيرةعدة ساعات حاول رفيقي الثاني أن يغدربي. لكنني تغلبتُ عليه وقتلته.
لم ترق للهارب القصة كثيراً، ووجد فيها الكثير ممايريب فالطعنات في القتيلين تكْمن في الظهر. لذلك توقع غدْره وحرص ألا يسير أمامه بل بجانبه... بقيا معاًعدةساعات.
تماثل الرجل للشفاء إلى حدٍما، وحمل الهارب له حقيبته الجلدية.
الصحراء ما تزال في حرّها ولهيبها، وإن كانت الشمس قدبدأت تميل إلى المغيب. إلا أنهما تابعا المسير حتى إلى ما بعد منتصف الليل، وفي البعيد تراءت لهما أضواء باهتة جداً
استبشرا بها خيرا. ولم يكن لدى أحد منهما خبرة في تلك المناطق، ولكنهما يعرفان بأن طريقاً للقوافل، لابدأن يلتقيان به
قررا الاستراحة بضع ساعات. ثم تابعا السير. بدا شك الهارب برفيقه يظهر للعيان، لذلك حرص على البقاء حذراً وصاحياً.فهم
ناما بعد غروب الشمس بقليل شعر الهارب بأن شكّهُ في محلّه. فقد انتبه لحركة مريبة من رفيقه
عندما لكزه اللص بعصاه بلطففهم من تلك الحركة انه يحاول التأكد من ثقل نومه فأخذ الهارب يتظاهر بالنوم. بعد أن فهم نيته!
تظاهر حينها بأنه غارق في النوم، وفجأة
لمحه يرفع خنجره ويهوى به عليه، إلا أنه كان فطيناً. على الفور تدحرج بسرعة البرق جانباً، وانقض على الرجل الذي كان قد هوى بجسده على الرمل بعدما فقد توازنه بسبب ضربته الخائب،
وغاص خنجره في التربة لم تمض دقائق على معركتهما إلا وكان موت الرجل سيد الموقف... الآن أصبح كل شيء ملكاً للهارب.
قام بدفّن اللص في مكانه، وخفف مما لاحاجة له به؛ ثم تابع سيره بما استطاع حتى تفاجأ برؤية قافلة من الجمال تقترب وتتجه إلى القرية التي رأى بصيص أنوارها في الليلة
السابقة. انضم إلى القافلة حتى دخلت القرية، وبوصوله معها إلى القرية، ترك القافلة وابتاع جملاً ودابّةً، وتزود بحاجته من المؤونة. ثم تابع سيره إلى غايته.
*من المجموعة القصصية (عباءة قوس قزح)

****

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العدد 18 أفريل ـ ماي 2020
https://fr.calameo.com/books/0062335944f419a9f59a7
‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 18 en 
format PDF, cliquez ou copiez ce lien :
https://fr.calameo.com/read/0062335941cea7efc8cef

*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الخميس, 02 تموز/يوليو 2020

وسائط