wrapper

الخميس 18 أبريل 2024

مختصرات :

بقلم :علي الجنابي | بغداد 


 
(لوحةُ صراعِ ذِي فَهمٍ مع ذِي دِرهَم)...
عَانقني بإشتياقٍ, بعدَ عَقدينِ من فراقٍ. رفيقُ دراسةٍ فَشِلَ فَقذَفَها بيمينِ الطَّلاقِ. فإنطلقَ يسعى تارةً في خانةِ حلّاق, وتارةً في حانةِ السُّراقِ, حتى أستقرَّ مقاولَ بنيانٍ عملاق, يَستَرزقُ من كلَّ قبيحةٍ مُنَقِّبَاً في أذيالِها في الأفَاقِ, ففارقَه الحقُّ والإملاق,

ورافقهُ الرِقُّ والنفاق, ولكن باتت تخضعُ لِمَا في جيوبهِ الأعناق. أنا بَادَلتُهُ بإنسياقٍ ذاتَ العِناقِ. عِناقٌ بإستحقاقٍ, بيدَ أنّهُ كانَ ذا رِيبةٍ وبِلا مَذاق, أوهكذا إنبثقَ مني, أوهكذا هي تقاريرُ العِناق, إن إرتقَت زُوراً وأثّاقَلَت عن حَملِ أصالةٍ وأخلاق, فتَرى العناقَ قاسٍ ثقيلاً مَالَهُ مِن خَلاق، فُقِدتْ مِنهُ لَمَسَاتُهُ وهمسَاتُهُ وعَهدُهُ والوِثاقُ, ونَسَمَاتُهُ وبَسَمَاتهُ وَوِدُّهُ والوفاقِ!
تَبادَلنا كذلك بَسمةً مِن كَذِبٍ مُتَمَدِّنٍ كانت عليلةً بداءِ الخُناق! ثُمُّ....
إنفَجرَ فُجأةً بِقهقهةٍ سَاخرةٍ ما رَغِبْتُ فيها أن أشَارِكَ, فَأنا لا أجِيدُ حِياكَةَ بَسَماتِ الكَذِبِ, ولستُ خبيراً بِكُنهِ التّضاحِكِ.
أفَحَقّاً نَشرُ عَبَرَاتي -لَحظةَ راحَتي- في صحيفتي دفعَتْ رفيقي لهُزُوٍ مُتهالِك؟ 
أسررتُ مُندَهِشاً: إنَّ (أَخا الجَهَالَةِ فِيْ الشَّقَاوةِ يَنْعَمُ ) وهوَ وَحدهُ لها مالِكٌ! فهلّا غَضَّ طَرفَهُ عن خَلَجاتي إن لم يَنقدْ أو يَتفاعلْ أو يُباركْ؟ فما عَبَراتيَ إلّا نَفَحاتٌ مِن فضائيَ وصفَحاتٌ لبَعضٍ مما سلكتُ من مَسالِك ؟ ففضَائي صَفِيُّ نَقيٌّ وبِعَمَدٍ من أهل فكرِ الضادِ سَقفُهُ مُتماسِك. كانت أنجُمُهُ حُزمةً من أصفى عَقيدةٍ سَماويةٍ, ورُزمةً من أوفى عُلومٍ هَندسيةٍ, ولَزمةً لأوَتَادِ خَيمةٍ بَدويةٍ, تَنبَجِسُ منها حِكَمٌ زكيّة, فُرُشُها رملٌ طاهرٌ, ظِلُها كرَمٌ باهرٌ, وَتَدُها بأسُ قاهرٌ, وحَرفُها يَعِدلُ سِجلّاً من قَولِ أديبٍ مُعاصرٍ, ظنَّ  قائلُه أنّهُ مُعجِزٌ وسَاحِرٌ .
في فضائي هنالِك هِلالٌ غشّى جَلَساتِ رِيفٍ بِسَمَرٍ عَفَويٍّ لَفظُهُ, وخِلالٌ من جِلبابٍ كَشَفَ عن ساقيهِ مُتناسياً رَفعُهُ وخَفضُهُ. ودِلالٌ لوَجهٍ حاسمٍ إن بايعَ, وبَاسمٌ هو رفضُهُ, ثم تِلالٌ يُحِيطُها دَجاجٌ وخَريرُ ماءٍ, ولِتغريدِ الطّيرِ منها حَظُّهُ.
وفي فضائي جَذلٌ وإبتهاجٌ من أماسيّ في مَقهىً شعبيّ , وجدلٌ وإنزعاجٌ من نِزاعٍ أبَدِيّ , عَمَّن سَيدفعُ أجرَةَ شايِّ سهرةٍ بَهيّ. مقهىً عَصْفُهُ قصصٌ وأخبار , وَ وَصْفُهُ مقامٌ بَغداديّ وأوتار, وَرَصْفُهُ مَوَدَّةٌ وتوقيرٌ وإيثار.
كذلكَ أفقُ فضائي مُزخرفٌ كذلك بمطالعةٍ لجبالٍ من شعرٍ وأدبٍ , وتلالٍ من تاريخِ حضاراتٍ صَبَب, ولغاتٍ وعِلمِ عقيدةٍ عن بصيرةٍ مُنتَخَب,كلُّ أولئكَ كانَ متوجاً بخدمةٍ مشرّفةٍ طويلٌ أمدُها تحتَ رايةِ موطني: في رُبَاهُ خُلِقَ الجَلالُ و الجمالُ والسناءُ والبهاءُ, وفي هواهُ عِطرُ الحياةِ والنجاةِ والهناءِ والرجاءِ, فغايتُهُ تُشرِّفُ ورايتُهُ ترفرفُ, لا أطيقُ إلّا أن أراهُ سالماً منعَّماً وغانماً مكرَّماً, وسَيبقى في عُلاه ، قاهراً عِداهُ: إنّهُ مَوطني.
وختاماً: في فضائي صَولاتٌ في صالاتٍ غربَ الأرضِ, ذي زَخارُفَ فاخِرةٍ , تَغشاها أجوَاءُ مُجونٍ فاقِرة. مَصابيحُها تَتَراقصُ!كأنّها نفوسُ عشّاقٍ حَائرة! أو رُبَما تتحَكَّمُ بِنَفسِها كديمقراطيتِهم الخائرة! أنوارُها تتلوّنُ بلمحِ البصرِ, ويّكأنها جماهيرٌ مُتمرِّدةٌ ثائرة! كانت صولاتٌ بعد الغروب بكبرياء, في أروقةِ صالاتٍ شَهباء, أتَمَطّى بِخُيَلاء أنّي أجيدُ لسانَ أهلِ تلك البلدةِ الشقراء, مُتَشَرنِقاً ب (جينز) يعَلوهُ ثوبٌ لونُهُ سَماء, بخَتمِ مرساةٍ حمراء, ولتنتَهيَ الصولةُ بمغنيةٍ تَهَبُ أغلى ماتملكُ وبسخاء, هَبَطَت من عَرشِ منصتِها صوبَ مقعدي في زاويةٍ من الصالةِ ظلماءَ, تَصحَبُها دائرةٌ من إنارةٍ خضراء, تردفُها نظراتٌ مِمّن حَضَرَ السهرةَ الضوضاء, ولِتُنهيَ وصلتَها بين يديَ مابين تَفاخرٍ منّي وتَصَنّعٍ في إِصغاء.

ذلكَ هوَ -يارفيقاً في عقدِ فتوةٍ سَبَق- فضائيَ وما يَطِلّ , فَلِمَ سَخَرتَ منّي ومِن قهقهةٍ لا تَمِلّ ! فما فضاؤكَ إلا مُعتِمٌ ولا قمرَ فيه يَهِلّ! وَلَئن بَدا ظاهرُ فضائِكَ لامِعاً وَنيساً, فباطنُهُ دامِعاً تعيساً! تراه سَيّالاً بِسُحُبٍ من خمورٍ ومن لُحُومِ عُجُولٍ وجَواميس, ومَيّالاً لمَلبسٍ ومَداسٍ مَنضودةٍ في كراديس, وأجهزةِ حاسوبٍ جاهلٌ أنتَ بكُنهِها والمَقاييس, ودليلِ هاتفٍ لكائناتٍ آدميّةٍ بيد أنّها أقربُ للنسانيس, ثُمَّ ماركاتِ عطورٍ جَعَلتَها مِعيارَكَ لفَهمِ معادنِ الرجالِ والنواميس.وإنصافاً أن نذكرَ بسماتٍ كاذبةٍ ونفاقَكَ في الصفقاتِ والتَّدليس, لتَضمَنَ دراهمَ شهواةٍ طاغيةٍ من خلفِ الكواليس.
أفمِن شيءٍ غفَلَ الذكرُ عنهُ ضَمَّهُ فَضاؤُكَ -ياصبيَّ ذاك الحلّاقِ البئيس؟ فضاؤكَ لن يَسعفَكَ في مَواطنِ ضمائرِ ومَقاطنِ بصائرِ أنيس, بل قد يَبرُقُ هُناكَ, أين؟ هنالك حيثُ مُغنية الدائرةِ الخضراءَ, فهنالك سيُحَمى ماعِندَهُ من وَطيس.
فأيُّ الفَضَائينِ لهُ حقٌّ أن بضحكاتِهِ يَزأر؟
لا سِباقَ, بل سَأذَرُكَ مُحتَفِظا بضحكاتِكَ, وأنّكَ بذاكَ الحقِّ أجدر, فلا رصيدَ لك إلّا أن بضَحِكاتِكَ تَجعرَ وتجأر. وإستمتِعْ يا أنتَ مريئاً بِعَومٍ في بحرِ موائدٍ موجهُ يتلاطمُ ويكثر, ثمّ نَومٍ بخُرطومٍ في الليلٍ يعزفُ ويَشخر, مقطوعةً نوطاتُها كراتُ من كبابٍ, و كوماتُ من كُرّاثٍ,وخَمرٌ مُحضَرٌ يُعصَرُ, وهنيئاً لك بخيالٍ لصَفقةِ بناءٍ لمَشفىً, أو لقاعاتِ عَسكَر, تُتِمُّها بتضاحكٍ أحولٍ  وغِشٍّ أَعوجٍ اَبتَرٍ.
ولكن مهلاً! كيفَ لكَ أن تُسرفَ في قهقهةٍ فلا تَفترُ ولا تَقترُ!بل صادحةٌ وبصوتٍ كصوتِ الذي لهُ الإنسانُ أنكَرَ!
مسكينٌ رفيقي ذاك, وفَزِعٌ فكلّما رأى نبضُهُ سنا الأقلأمِ إنتفَخَ ثم أدبَرَ.
قصفتُ رفيقي بعناقِ وداعٍ رّطَّبَ فيهِ الخواطرَ وأجبر, ثمَّ تمتمتُ ناظراً على آثارِ خطاه:
(سَلامٌ على مَن لَفِظَ صدى العلمِ العظيم, لكنَّهُ حَفِظَ ندى الفهمِ الكريمُ وجُذورَ الأصالةِ الأولى وبهِما يصدحُ ويبقر).

 


***

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 25/ ديسمبر 2020 ـ جانفي 2021

https://fr.calameo.com/read/006233594d978f067c2c3

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 23 et 24 mois (octobre et novembre 2020
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://www.calameo.com/books/0062335945021221c6506
*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على السبت, 16 كانون2/يناير 2021
المزيد في هذه الفئة : « الطيف والسهاد. مرآة الأنا »

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :