wrapper

الجمعة 26 أبريل 2024

مختصرات :

‎ما زال المجتمع التونسي يتعرض إلى ضربات قوية في صميم هويته العربية الإسلامية‫..‬ و هو ضحية سياسيه و مشرِّعيه الذين رسخوا تقاليدا لا تمت الصلة بإرث و هوية هذا الشعب المسلم العربي منذ 1956، حيث منذ هذا التاريخ و القيادات السياسية في البلاد القليلة جدا و المتعاقبة تلعب على وتر المساواة بين الرجل و المرأة باسم التحضر و التقدم و الانفتاح على ثقافات أجنبية غربية ‫!‬


‎و التاريخ يشهد دائما منذ العهد البورقيبي الذي تكرس فيه الفكر التحرري و إيهام المرأة بالحرية البغيضة على المقاس الغربي، و توصلت الفكر البورقيبي إلى ‫"‬ تحريم و منع‫"‬ تعدد الزوجات و تجريمه و معاقبة مرتكبيه و منح المرأة أحقية ـ تطليق ـ زوجها كلما سمحت لها أهواء نفسها، باسم ‫"‬ المساوة و العدل و التحضر و الثقافة‫".‬ و تواصل فعل مسخ المقومات الشرعية و الثقافية للموروث العربي و الإسلامي في المجتمع التونسي إذ توصلت منظمات تعتقد بالثقافة الغربية قلبا و قالبا و رفعت دعوى لإلغاء المادة 73 التي تحظر زواج التونسيات ـ المفترض ـ أنها مسلمات من الزواج بغير المسلمين‫.‬
‎بل كان في العهد البورقيبي فكر تغريبي رهيب يحشر نفسه في المسائل العقائدية لمواطنيه؛ و توصل بورقيبة شخصيا إلى الافتاء بأن صوم رمضان ليس ضرورة و بإمكان كل من يرى عدم قدرته و انزعاجه من الصوم أن يفطر‫!‬
‎فكانت دائمة مسألة الدين و الشريعة تشكل هاجس النظام المتحكم في أنفاس الأفراد منذ الخمسينيات إلى غاية هروب بن علي، حيث كان ينظر للحجاب و اللباس الإسلامي تهديدا لثقافة الجمهورية البوليسية بالنيابة عن فكر غربي مؤيد لكل سياسات قمع الحريات الدينية و بالأخص الدين الإسلامي، و في ذات الوقت تحمي و تعمل على راحة بال تابعي الديانة اليهودية و المسيحية المقيمة في تونس منذ زمن بعيد‫!‬ كان في عهد بورقيبة أو بن علي خصوصا ارتداء الحجاب و اللحية بالنسبة للرجال من الأمور التي تفتح أبواب جهنم على أصحابها، و المساجد كانت خاوية و مقتصرة إلا على كبار السن ‫!‬ اعتقالات و مضايقات و إلى غير ذلك من الممارسات التضييقية التي مورست على كل من اختار إراديا طريق الالتزام و تطبيق السنة الشريفة و السلف الصالح في منهج حياته‫!‬ توصل بالنظام البوليسي التقليدي في تونس فيما مضى أن منع آذان الفجر ؛ لأنه يزعج ‫ـ مرقد و نوم السواح ـ الضيوف الكرام داخل ما يسمى عاصمة ـ الثقافة العربية ـ تونس سليلة فكر "الزيتونة" و العلماء و ريح الخلافة الإسلامية و قلعة الفكر الإسلامي التنويري ، و التقدمي ! ‬
‎فليس غريبا على ‫"‬ قايد السبسي ‫"‬ و هو امتداد لنظام ‫"‬ بورقيبة و بن علي‫"‬ أن يرى هو أيضا في الدين الإسلامي و الشريعة ما توهمه نفسه الضالة بـ ‫"‬ عوج و عدم صلاحية‫"‬ الأمور الشرعية الإلهية‫!‬ و عليه يرى وجوب تقويم الشرع الإلهي حتى يتلاءم و أهواء و نزوات بعض المنظمات و الأفراد الممسوخين بالثقافة الاستعمارية الاستدمارية للهوية الحقيقية للتوانسة، فرأى وجوب المواساة في الميراث بين الجنسين و إعطاء الحرية الكاملة للمرأة في الزواج من غير المسلم‫!‬ و لأنه لا يعرف جيدا هذه المسألة الفقهية فيما يتعلق بالميراث و يجهل تماما أنه ثبت أن ‫"‬المرأة ترث أكثر من الرجل ، عكس الفهم السطحي للنص القرآني ؛ إذ ترث المرأة نصف ما يرث الرجل و في 30 حالة ترث فيها مثل الرجل أو أكثر منه‫"‬ حسب المفكّر و الدكتور د/محمد عمارة ‫..‬ و لأن السياسي و الحاكم في البلدان العربية معظمهم متعجرفون و يدينون بالولاء للغرب و لثقافاتهم حفظا على مصالحهم يفعلون أشياء لا تصدق و لا تطبق حتى في البلدان الغربية ، حيث يتمتع المسلم‫(‬ و الحمد لله ‫)‬ بكامل حقوقه في المواطنة و الحق في الاعتقاد و لا يُرمى إلى السجن و ينكل به لمجرد انتمائه لحزب ما أو ارتدائه لحجاب أو قميص أو ملتحٍ‫!‬ و لأن الحكام أمثال ‫"‬ السبسي ‫"‬ و كل ما ‫"‬ يشبهه في البلاد العربية علي تقصير تام و مجحفين في حقوق مواطنيهم و شعوبهم فأخذوا يفرقون شعوبهم إلى طوائف و أحزاب و شيع و تيارات متضادة متناحرة للاستمرار في البقاء ‫!‬
‎لا أريد أن أرتكز على رأي ‫"‬ الأزهر‫"‬ في هذا الإشكال العميق و الخطير الذي أثاره ‫"‬ ـ قائد الحملات الصليبية الجديد ‫"‬ المسمى ‫"‬السبسي‫"‬ في تونس، إذ يقول ‫"‬ الأزهر الشريف ردا عليه‫:"‬ آيات المواريث بالقرآن لا تقبل الاجتهاد‫"‬ ؛ رغم أني مع هذا الرأي و لأنني شخصيا لا أثق في فتاوى و آراء ‫"‬ الأزهر‫"‬ في العصر الحديث حتى لو أصاب؛ هذا ‫"‬ المجمع التاريخي ‫"‬ الذي كان مرجعية الأمة الإسلامية جمعاء ، حيث صار ورقة و مؤسسة سياسية تحت سلطة الحاكم، أكثر منها دينية محايدة ، إذ تصدر الفتاوى حسب أو تحت طلب ‫"‬ النظام القائم و ليس طبقا للشرع الإلهي دون شريك ‫!‬ مثل الأزهر مثل ‫"‬ دار الإفتاء التونسية‫"‬ و هذا موضوع آخر الحديث فيه له شجون‫!!!‬
*
‎ لا تتوقف تونس في مفاجأة العالم العربي و الإسلامي من خلال بعض المتنصلين عن هويتها بإذكاء نار المسخ و الإنحلال المطلق ، بل تزامنا مع ‫"‬ هراءات‫"‬ السبسي و مؤيديه جاءتنا تونس من خلال بعض المنظمات الممسوخة العقيدة و الأخلاق حيث أتت بـ ‫"‬ منكر‫ و فاحشة النية و القول " ـ ‬ ما سبقهم به من أحد من العالمين ‫!! حيث طالبت هذه الأشكال المحسوبة على تونس الأصيلة و على لسان " الناشطة ‬ ‫"‬ عبير بنت سلطان‫"‬ بأحقية تعدد ‫"‬ الأزواج، و أن للمرأة التونسية القدرة الجنسية لتحمل أكثر من رجل‫ ، و أن هناك الكثيرات من التونسيات تواقات و مؤيدات لهذا المشروع العظيم الذي يكرس و يدعم بصفة ملموسة مسألة المساواة بين الرجل و المرأة و تحقيق العدالة !!‬
‎‫حتى في الدول الغربية المعروفة لا توجد قوانين إطلاقا تشجع على أحقية المرأة في تعدد الأزواج ، بل القانون فيها يعاقب كل تعدد بين الطرفين ليس فقط على الرجل!!! ‬
‎‫السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تونس من خلال هذه المنظمات تسير بل تتسارع إلى مسخ كلي للهوية التونسية الحقيقية ؟ و لماذا تطرح هكذا مسائل لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي و الاجتماعي الكارثي الذي تعاني منه البلاد، فإذا كانت بعض الناشطات و أتباعهن عندهم مشكلة عدم إشباع جنسي، فلماذا التنديد و المطالبة دستوريا و قانونيا بأحقية تعدد " البعول و الذكور" ‬، مثلهن مثل اللواتي ذهبن إلى سوريا باسم ‫"‬ جهاد النكاح‫"‬ كان عليهن ـ هن أيضا ـ باسم ‫"‬ حرية النكاح و المساواة ‫"‬ طلب ترخيص من السبسي و أعوانه من المحسوبين على العلمانية بتنظيم ‫"‬تجمعات إشباع جنسي واسع النطاق و شامل ‫"‬ على مستويات ملاعب كرة القدم في مقابلات الترجي أو النجم الإفريقي و هكذا ننتهي من وجع هذه الأصناف و هذه الأشكال من الناشطات باسم الحرية و المساواة ، لأن المرأة التونسية لحسن الحظ موجودة في أعماق التراب التونسي تكدح في الحقول و المعامل و في كل قطاع إلى جنب زوجها و أخيها اليد في اليد من أجل التغلب على صعوبة العيش و النظر في حاجيات أطفالها و أبنائها و بناء مستقبل أفضل ، المرأة الحقيقية التونسية ليست تلك التي تحج إليها وسائل الإعلام و كاميرات القنوات الغربية من كل حدب و صوب لتغليط الرأي العام الوطني و الدولي بالحديث عن واقع هامشي لا يمت الصلة بالانشغالات الحقيقية للشعب التونسي برمته، و كأن الشعب التونسي همه الوحيد الرئيسي القدرة الجنسية لناشطاته أو العطش ‫"‬ القحبوي‫"‬ الذي يعشش في مخيلة كل واحدة منهن ‫!‬ تذكرني هذه التطورات المخزية في المجتمع التونسي بمزحة صديق لي فيما مضى ، لما كنت أجادله في أمور و ممارسات لا تمت الصلة بالثقافة العربية الإسلامية تحدث في تونس ، فيرد عليّ‫:‬ ‫"‬ يا صديقي لا عليك ‫..‬ نحن بحاجة إلى فتوحات إسلامية جديدة‫!"‬ ‫..‬ الديمقراطية كمفهوم سام لتنمية البشر و المجتمعات هو تحسين ظروف معيشتهم بالنسبة لبعض الدول العربية يعد للأسف بمثابة الوباء الفتاك، مثل بعض التنظيمات و التشكيلات المغرضة فيها  كمثل ‫"‬ الحمار‫"‬ الذي أهدوه وردة فأكلها‫!‬ الله يرحم بعض الديكتاتوريات ‫!!‬ ‫. خلاصة الحديث اليوم : "‬يا توانسة كونوا دايما رجال ، و حافظوا على بلادكم من ‫"‬ القحاب و من الدواعش‫، لا تتركوا تونس تصبح " ماخورا كبيرا باسم التفتح و العدالة و الديمقراطية و المساواة !‬

 رئيس التحرير (ل .خ ) | باريس*

آخر تعديل على الإثنين, 21 آب/أغسطس 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :