طباعة

 ـ كتب: لخضر خلفاوي | باريس*

منذ أيام مررت  بشارع من شوارع مدينتي الصغيرة الهادئة و أنا متجه إلى وجهة بغرض التسوق ، فلاحظت  إعلانا ملصقا على الجدران و أعمدة الإنارة العمومية و مواقف الحافلات..   موزع في أماكن متباعدة من تلك المنطقة الآهلة  ..

إنه بحث في فائدة المفقودين. المفقود يُدعى "ماكس"  و تاريخ  إعلان البحث عنه مؤرخ في الـ 20 من الشهر الحالي ( أكتوبر) ، من المؤسف جدا أن " ماكس" المفقود هو " رضيع" عمره ستون يوما، ,أشقر  يميل إلى الحمرة و "مُنمْرَنْ".. صَعُبَ عليّ حال  و وضع الطفل " ماكس" المسكين، و قد ذكرني  بأسى و أسف شديد بـ "الطائر نزار" قطنا الأخير المختفي منذ أسابيع  الذي لا يكبر "ماكس" كثيرا .. كنت أتساءل في كل مرة: هل  سبب هذه الاختفاءات ازدياد في الآونة الأخيرة نسبة القادمين " الصينيين"  و استقرارهم بمنطقتنا (من ضواحي باريس الجنوبية)،، لأن منذ فترة و اختفاء القطط بشكل ملفت يجعلني دائما أكرر طرح هذا السؤال التشكيكي، بحكم أن الجنس ـ الإنساني ـ  الأصفر  معروف هنا أنه من آكلي القطط و الكلاب دون أي طابو أو حرج! 

البحث عن الحيوانات المفقودة هنا في فرنسا و في باقي الدول الغربية هو سلوك معتاد عليه و عمليات البحث المستمرة و طرق الأبواب كلها من بينها العيادات البيطرية و   جمعيات و مؤسسات حماية " الحويانات من أجل إيجاد حيوان أليف مفقود، .. و قد تُعرض في بعض الحالات مبالغا خيالية كمكافأة لمن يجد الحيوان المفقود، رغم أن المكافأة قد تفوق ثمن الحيوان المفقود بأضعاف مضاعفة، و ذلك لأن القيمة  المعنوية لذلك الحيوان لدى أصحابه  لا تقدّر بثمن، كالألفة التي تنشأ بين أفراد الأسرة و أطفالهم مع ذلك الحيوان لمدة زمنية معتبرة، فبمجرد اختفاء هذا الحيوان قد يحدث شرخا معنويا و نفسيا لدى أصحابه من الأطفال و حتى الكبار القريبين  من ذلك الحيوان المختفي و المفقود، و  قد تتعقّد الوضعية النفسية لدى بعض الأطفال و تنعكس عليهم سلبا في سلوكهم الأسري و الدراسي مما يتحتم على الأولياء على أخذ الطفل المتضرر إلى الطبيب النفساني لمعالجة صدمة الفقد للحيوان، و يتم ذلك في أكثر من حصة نفسية لاستعادة اتزان ر تناسق البناء العاطفي النفسي للطفل المتعلق إحساسيا بالحيوان المفقود.  لهذه الأسباب تكون المكافأة لاستعادة و إيجاد حيوان أو كلب مفقود تفوق قيمته بكثير.  هذا عن الحيوان في أوروبا و العالم الغربي، لا أحدثكم عن الإنسان، و عندما يختفي طفل أو يعلن في " الخط الأخضر الوطني " اختفاء و فقدان طفل قاصر، يدكون الدنيا دكا، و تطير طائرات الهيلوكبتر و تتحرك مدرعات و مركبات الدرك و الشرطة و تبث في القنوات السمعية البصرية و المكتوبة تفاصيل الحادثة و تدوم المتابعة و التحسيس المدني لطلب المساعدة ؛ الكل  يبحث في كل اتجاه و في كل مكان من أجل إيجاد الطقل القاصر المفقود !، 

ـ كما يعلم الجميع أن الجزائر مرت في الألفية الماضية بأصعب فترة أمنية حرجة بعد الاستقلال و المتعلقة بالعشرية الدموية السوداء التي حصدت مئات الآلاف من الضحايا و الأبرياء  و صنعت بذلك "صنم المأساة الوطنية المقيت" الذي لم تنسف بعد نتائجه و تنسى جراحه رغم المساعي الجبارة للمخلصين الذين ساهموا في تكريس الاستفتاء الشعبي الذي أقر بالوفاق و المصالحة الوطنية و قلب الصفحة الدموية العنيفة التي دفّعت الجزائر غاليا!.  إلا أن تفصيلا لم يجعل هذه الصفحة مقلوبة و مطوية بشكل نهائي و هي قضية ما بين الـ 6000 و الـ 7000 مفقود و الذين لم تُعطَ لأهليهم أي معلومة عن تواجد " جثثهم" ! بوتفليقة في عهدته الأولى و أمام احتجاجات و مطالب الأسر و العائلات بإظهار حقيقة ما جرى للآلاف من المختطفين و المفقودين من قبل قوات الأمن و الجماعات المسلحة، ردّ بسخرية و بلكنة جزائرية " المفقودينْ ما هُومشْ في جيبي !"؛ يعني بحكم أنه كان غائبا و بمنأى عن الصراع الدموي  و أوتي به من قبل نفس الجنرالات التي أضرمت في كل يابس و أخضر نار الفتنة ليحكم الجزائر بعد زروال . فإنه كان  عاجزا على الرد و ليست لديه أي قدرة أو سلطة أوصلاحية لإعطاء إجابة  ـ رسمية ـ و تحديد مكان تواجد جثث " الفئران " التي  تم اختطافها في ظروف غامضة و اعتقالها في  أماكن ـ غير معلنة ـ بوجهات مجهولة من طرف عناصر  التنظيمين  المتطاحنين ( أمن  و جماعات مسلحة ترهيبية) قبل إعلان قانون الوفاق و المصالحة.! الآن لا يمكن إعادة طرح السؤال علي الرنفس الرئيس و لا استجوبه و لا مطالبته بحقيقة تواجد آلاف المفقودين ـ قسرا ـ من الجزائرين، بحكم أن الرئيس هو نفسه اختطفه المرض منذ سنوات و هو في تعداد المفقودين و المرض غيّبه إكلينيكيا و عقليا و جعله لا يستطيع حتى إدخال ـ يده في جيبه تخرج بقائمة بيضاء فيها عناوين و أسماء المفقودين ـ ! اسألوا الجنرالين " نزار و العربي بلخير "، اعتقد هذا الأخير انتقل إلى ر……ة ربه و  الآخر ما زال ينتظر!. 

  لو كان بمقدور الزمن العودة إلى الوراء لتمنى هؤلاء الذين تم اختطافهم دون بينة و لا وجه حق أن يكونوا قططا  في أوروبا مثل " ماكس" وربما تبعهم أيضا  القط "مِشْمِشْ" و كل سلالته و تركوا البلد للجنرالات السفاحين و مرتزقة العنف و الحرب  و أبنائهم و زمرهم على أشكال جماعة " وجدة " و  " شكيب و بو شارب و "رمعون شالوم بن غبريط" و ربراب و حداد و "عمار بو الزّوَرّ"!

* ـ مدير التحرير مسؤؤل المشر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien:

آخر تعديل على الثلاثاء, 30 تشرين1/أكتوير 2018

وسائط