طباعة

ـ كتب: لخضر خلفاوي"

 

في كل مرة تزداد سوءا وضعية العالم العربي على مختلف الأصعدة ، لا أدري لماذا تجتاحني في بعض الفترات ذاكرتي المستقاة من الماضي البعيد من آواخر القرن الماضي ؛ تحديدا بحادثة شخصية مهنية في فترة تواجدي بالمنظمة الدولية « مراسلون ـ أو محققون ـ بلا حدود » باريس .. Reporters sans Frontières
Reporters without Borders


ـ كنت طيلة قرابة الثلاث سنوات بالمنظمة أقوم بالتحقيق في قضايا متعددة و مختلفة لها علاقة بالصعوبات و المخاطر التي يواجهها الإعلام العربي في المغرب و المشرق العربيين ، القسم الذي كنت أنتمي إليه و أنشط فيه على غرار الأقسام الدولية الأخرى المتعلقة بآسيا و أمريكا الجنوبية و أفريقيا و باقي جهات العالم.
كنت أدقق و أبحث بكل حيادية و نزاهة في كل حادثة متعلقة باعتقالات و سجون و تصفيات جسدية و اغتيالات راح ضحيتها إعلاميون عرب بشكل خاص.
لقد قمت طيلة تجربتي الماضية تلك بالكشف ـ إعلاميا ـ عن العديد من التجاوزات و الخروقات و تبيان مدى الحيف المجاني الذي كانت ترتكبه حكومات جمهورياتنا العربية الصورية و مملكاتنا المملوكة بأيادٍ غربية لسلاطيننا و ملوكنا الأشاوس على شعوبهم لا على أعدائهم !
ـ عندما يتم تأكيد أي ملف و أي قضية « صحفي ضحية و مستهدف » تقوم إدارة المنظمة باعتماد خطة دعائية رسمية دفاعية لمساندة ضحايا الأنظمة « الشمولية العربية برمتها » ملوكية كانت أو جمهوريات موزية ـ بطيخية ـ زفتية. لأن كل التهم و المبررات التي كانت تُلصق بإعلاميينا في المغرب العربي أو في الشرق الأوسط متعلقة بـ « بالمساس بهيئات نظامية. و القذف، و التشهير الكاذب و الإضرار بالمصالح العليا للوطن أو بمملكة ما ؛ أين جعلت أعزة أهلها أذلاء و أراذل القوم أعزاء و أفسدوا القرى و المدن و باعوا الوطن باسم التنسيقات الأمنية و باتفاقيات الشراكة و بالمصالح العليا ـ و مرادفاتها الواطية ـ !قواميس الجناية الخاصة و الجنح و التهم التي كانت تتخفى وراءها أنظمتنا تلك تصل بعض الأحيان إلى سقف « علم الخيال » و لا تهمها إن كانت مصدر مضحكة و سخرية أسيادهم في العالم الغربي الذين وضعوهم على سدة الحكم قبل أكثر من مئة عام !
ـ عندما تنهي إدارة و مجلس المنظمة خطة العمل لإطلاق حملة تضامنية تحسيسية إعلامية وطنيا و عالميا للضعط على تلك المسوخ العميلة الحاكمة، يقوم كل قسم بعمله حسب الجهات و القارات بإعداد ملف حسب اللغات المعتمدة لدى كل بلد.
كنت أقوم بترجمة البيان الرسمي و كذلك المراسلات الاحتجاجية الرسمية التي ترسلها المنظمة إلى كل سلطة و حكومة في تلك الجمهوريات و المملكات العربية الكارتونية سياسيا.
ـ لا أخفيكم ، كنت كلما تعلق الأمر بصحفيين و مثقفين في الوطن العربي أصاب بغصة عميقة تذبح القلب و أشعر بالحرج أمام زملائي لتحجر أنظمتنا و تعاملها الأركائيكي التخلفي مع حرية التعبير و الإعلام ككل؛ كيف لا و أنا قادم لاجئا هاربا من بطش نظام بلدي الدموي العصاباتي وقتها، و قد تركتُ من خلفي رقما قياسيا عالميا من حيث عدد الإغتيالات التي استهدفت الصحفيين الذين تجاوزوا المئة في العشرية الدموية التي هندستها ألوية التقتيل من المؤسسة العسكرية و الجمعات المتطرفة باسم الدين!
ـ في مكتبي توجد على جهاز الكمبيوتر الرسائل و البياتات الإحتجاجية النموذجية، لكننا نغير في كل مرة بعض التفاصيل البيانية و نغيرُ أسماء الضحايا و كذلك بيانات الجهات الحكومية و الرئاسية و الملكية حسب الحالة. مع حفظ المستند في ملف خاص مؤرشف.
عند طبع البيان الإعلامي الإحتجاجي باسم المنظمة نرسله بصفة رسمية إلى دواوين و مكاتب مقرات الرئاسة و العروش الخاوية! .. كان الإرسال يتم حصريا عن طريق الفاكس، حيث كانت وسيلة الفاكس في القرن الماضي من إحدى صيحات التواصل و البريد الإلكتروني إن شئنا توصيفه بهكذا نعت!
كنا نملك كل بيانات و هواتف و أرقام الفاكس لكل رئاسة عربية أو سلطة ملكية.
عادة في دول المشرق التي كانت تحت الاستيطان البريطاني نرسل « الإحتجاج التدخلي » أو المرافعة بنسختين (عربي ـ انجليزي)، و دول المغرب العربي ( عربي ـ فرنسي) كلّ حسب الموروث الإستعماري!
كنت دائما اعتبر أن معظم أنظمتنا العربية أنظمة عميلة مُطبِّعة ـ تحت الطاولة ـ مع « الكيان الصهيوني » ؛ و منها ـ وقتها ـ القليل الذي تجرأ في الإعلان عن ذلك دون حياء و تبادل السفارات و الشراكات الإقتصادية الثقافية و الكل يعرف من هي هذه الدول التي مهدت للمشروع الكبير لاستفحال سياسة ابتلاع أو دفن القضية الجوهرية و هي حق الشعب الفلسطيني التاريخي في تقرير مصيره و طرد الإستيطان الصهيوني الإسرائيلي .. كنت واثقا إلى أبعد الحدود أن مسلسل الخيانات و التنازل للعدو الإستيطاني على حساب الفلسطينين سيستمر بأكثر عهر و أكثر مجون و دعارة أخلاقية تاريخية.
ـ ما كان يحزّ في نفسي و فاجأني كثيرا و أنا قادم جديد إلى حياة و محيط غربيين غريبين على ثقافتي ؛ أن السلطة الفلسطينية التابعة وقتها للراحل « ياسر عرفات » كانت أكثر بطشا للحريات بشكل عام و للصحافة بشكل خاص !
ـ أذكر أني حررت العديد من الرسائل الإحتجاجية الرسمية الموقعة باسم المنظمة الدولية ـ مقرها باريس .. و من بين هذه الرسائل العديدة و الكثيرة أذكر أني رسالت السادة :
( الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، الرئيس السوري الراحل حافط الأسد ، الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي ، الرئيس الجزائري ليامين زروال، رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، أمير دولة الكويت الراحل جابر الأحمد الصباح ، الملك الراحل حسين بن طلال، الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، العقيد الليبي الراحل معمر القذافي ، و لم أتذكر صدقا إن قمت بإرسال إحتجاجنا و تدخلنا إلى حكام المملكة السعودية ، في حين أذكر جيدا كل من رئيسي الحكومة العبرية (إسرائيل) إيهود باراك و بنيامين نتنياهو، باعتبار هاذين الأخيرين ينتميان إلى منطقة الشرق الأوسط و مسؤوليتهما في التجاوزات و الخروقات التي راح ضحيتها عدد من الصحفيين عرب أو أجانب أثناء تأدية مهامهم اليومية و الأحداث المتعلقة بمعضلات الإحتلال و الإستيطان.
ـ ما أذكره وقتها أن أكثر الحملات و الإحتجاجات و الرسائل التي كنت أرسل من باريس النسخة العربية منها الكثير موجه إلى الرئيس المصري الراحل حسني مبارك مناصفة تقريبا مع رئيس الحكومة الإسرائيلي الثعلب الأسطوري في تاريخ الدولة المارقة في الشرق الأوسط ألا و هو « بنيامين نتنياهو ».
كنت ذات مرة بصدد تحرير مستند رسالة إحتجاجية رسمية باسم المنظمة موجهة إلى « فخامة الرئيس حسني مبارك » .. كنت أرقن و أحرر البيان الإحتجاج للفت انتباه الرئيس الراحل حسني مبارك و تذكيره حول قضية اضطهاد و اعتداء و سجن بعض الصحفيين المصريين. كما ذكرت في بداية المقال، عند القيام بهكذا عمل ، نفتح الملف و نستخرج نسخة من الإحتجاج السابق و نبدأ في تغيير بعض التفاصيل و شخصنتها حسب الوجهة و تفاصيل القضية و هي طريقة تستعملها كل المؤسسات إعلامية كانت أو إقتصادية ربحا للوقت و من باب التنظيم.
راجعت البيان الإحتجاجي مرارا و هي المرحلة الوحيدة التي تجعلني متوترا بعض الشيء قبل إرسال البيان إلى وجهته (مقر رئاسة الجمهورية العربية المصرية) .. فالجهات المرسل إليها هي سلطات و حكومات رسمية دولية و لا يجب ارتكاب أي هفوة مهما كانت درجتها.. عندما تأكدت من مراجعة نص بياني و طبعه ـ كون لا أحد في المنظمة يستطيع إعادة مراجعة محتوى ما كتبته بالعربية ـ كترجمة للبيان الرسمي المكتوب بالفرنسية من قبل الزملاء أو مدير المنظمة.. ثقتهم في كانت كبيرة للسماح لي بإرسال هكذا وثائق و مراسلات إلى حكومات و رائاسات جمهورية و دواوين الملوك .
عند وضعي البيان على جهاز سكانير « آلة الفاكس » و إدخال بيانات الإرسال و هممت بوضع سبابتي على الزر الأخضر لتأكيد الإرسال إلى « فخامة الرئيس حسني مبارك »، لمحتُ بسرعة البرق منتبها بأعجوبة إلى ـ مصيبة ـ في أعلى البيان؛ كان مكتوبا « إلى فخامة الرئيس حسني مبارك نتنياهو »! كاد قلبي أن يسقط من صدري هلعا ، لا خوفا من « حسني مبارك » ـ عسى أن يغفر له الله ـ بل لتبعات تأويل سياسيا ما ستستقبله « الرئاسة المصرية » و ما قد يحدث من ردة فعل .. إلخ و ردة فعل زملائي في المنظمة!..
ـ لا أدري كيف خطفت تلك الورقة من مسطح سكينير الإرسال و انتزعتها مسترجعا أياها دون أن تمرّ في لحظات إلى الرئاسة المصرية!
حاولت بكل الإحراج الخاص الذي كنت أعيشه أنذاك أن أتظاهر بالهدوء ثم عدت جاريا إلى مكتبي و حذفت من المستند كلمة « نتنياهو » من كنية « حسني مبارك » ، لا أدري كيف فاتتني تلك الزلة عند محو محتوى البيان الإحتجاجي السابق المرسل لرئيس الحكومة الإسرائيلي الأبدي « بنيامين نتن ياهو » !.
ـ تحصيل الحاصل لكل هزائمنا التي تورط فيها جِبل و رهط من قادة و حكام و ملوك العرب في القرن الماضي ؛ الذين كان لساني السليط النابي يعتبر معظمهم بأبناء الكلب : أن نبوءتي ـ بالصدفة ـ صارت واقعا و أبناء أبناء الكلب في هذا القرن الأحياء أسقطوا كل الأقنعة و لم يعودا يستحوا من خياناتهم التي كانت تمارس تحت الطاولة و دبورهم مدبورة مُلوّطة بفحولة « إسرائيل » و بتشجيع أمريكي ، فشاركوا في صفقة العصر ـ الصفعة ـ القاتلة للقضية الفلسطينية و ظهرت طوابير متسارعة لقادة عرب و ملوك أكثر دعارة و انبطاحا، مرتمين في حضن العدو الصهيوني ، معترفين بالكيان و أحقيته في طمس الهوية الفلسطينية و الأرض الفلسطينية و القضية الفلسطينية .. لقد رحل معظم قادة العرب من القرن الماضي و خلف بعدهم قردة أكثر مسخا منهم ؛ ألا يحق لي بإضافة « نتنياهو » إلى أسمائهم عند كل حديث فلا ضير في ذلك ماداموا أصبحوا مستأنسين راضين بمآرب و مقاصد التَّصهين المعمّم على البلاد « العرَبْعِبْريّة » بامتياز .. هذه كل القصة مع حكامهم و ملوكهم و بقي « بنيامين » النتن! يبني « إسرائيل » الكبرى لبنة لبنة!
 ـإدارة التحرير ـ  باريس

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

****

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 25/ ديسمبر 2020 ـ جانفي 2021

https://fr.calameo.com/read/006233594d978f067c2c3

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 23 et 24 mois (octobre et novembre 2020
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://www.calameo.com/books/0062335945021221c6506
*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على السبت, 23 كانون2/يناير 2021

وسائط