wrapper

السبت 20 أبريل 2024

مختصرات :

*بقلم: د . كفاح جرار | الجزائر


يا حماة القدس لا تقولوا يا وحدنا فلستم وحدكم أبدا وإن خذلكم الجميع، ولكن كيف ذلك ونحن في زمن "العصر" والقوة حيث لا تنفع لغة الشعر ولا لغة الخشب؟.


للعصر هنا معان عدة، كالوقت والزمن والفعل نفسه، ومن ينكر أننا نعصر عصرا، وفينا من يعصرون أدمغتهم تناقلوا أخبار تقاعد الجنرال كأنهم الأوصياء، ثم تناقلوا أخبار من انتقدوا الجنرال "وطيحوا" له، ثم تبعه السيدة لويزة وبلخادم ونكاز، وعاد نكاز ليتصدر الواجهة من جديد، ومن يسمعهم يعتقد أن أخبار الغرف السرية كلها تصب في آذانهم وعلى ألسنتهم؟.
السوريون اليوم كانوا قلب الحدث وباتوا يبتعدون عنه رويدا، تاركين الميدان للعراق وكورده، وأما مصالحة فلسطين، فإنها الخبر المبتذل بين كل أحداث العالم، فلسطينيون يعرفون عدوهم ويجمعهم سيسي على طاولة الصلح، ما هو الابتذال إن لم يكن هذا هو بالضبط؟. السوريون الذين ثاروا في الوقت الغلط على الرجل الغلط والمذهبية الغلط، ليسوا نادمين بالتأكيد على ثورتهم، لكنهم أخطأوا عندما اعتقدوا أن العالم سوف يقف معهم ويدعمهم، ما يعني أنهم لم يتعلموا من تجربة بل من مأساة ونكبة شعب فلسطين، الذي كان وظل وسيظل وحيدا في الميدان بعدما فر حديدان وحديدوان وتخلى عن سلاحه وترك النسوة والأطفال في ليلة يقولون عنها ليلاء، لكنها كانت دموية كحال الأقصى اليوم، ومن ساعتها لم يعد الفلسطينيون يستنجدون بدول العرب إلا نادرا.
قال لهم القذافي يوما أثناء حصار شارون لبيروت انتحروا، وفي المحصلة فر القذافي واختبأ في قناة صرف صحي ولم ينتحر، فكان هتلر أكثر صدقية ورجولة مع نفسه.
السوريون لم يتعلموا الدرس ولم يفقهوه بعد، وليتهم تعلموا من الجزائر التي ناصروها يوما، مع أن بعض الفلسطينيين لم يتعلموا الدرس الجزائري بدورهم، وهم الذين شبوا في حضن أكاديمية شرشال وبسكرة، وما زال فيهم من يراهن على أندلس وقد دمرت حلب وبغداد التي سرقوا نونها، فلم تعد هي نفسها بغدان التي قرأنا عنها، كما أن اليمن الذي لم يعرف السعادة قط، انقسم بين ثائر حوثي متحالف مع ساقط عفاشي، ضد رئيس هو للمرة الأولى من الشطر الجنوبي، وقد كان الراحل عرفات الذي علق أوسلو برقابنا ورهن مستقبلنا لرجالاته، يتغنى بالشطر الثالث قاصدا فلسطين، التي صارت اليوم أو كادت أن تكون نسيا منسيا في زمن السيسي وانتفاضات الردة والتحالف العربي الذي فضحته جزيرة قطر بعدما حصروها وعصروها، وانقسمت بلاد بلقيس، رحم الله البردوني الذي غنى لعيني أم بلقيس، بين آل الأحمر وآل الأصفر وآل الحوثي، وأنبياء عصر الردة، وآل الشمال وربع الجنوب، وقد قيل إن عباس انضم لمحكمة الجنايات الدولية لكي يبرئ الصهاينة وليس كما اعتقد البلهاء والسذج وفيهم الطيبين، أنه سيدينها ويحاكمها، فهو قد أضمر محاكمة حماس وإدانة قطاع غزة التي تجرأ وانقسم وهو المقسوم تبعية وجغرافيا وصهيونيا، بانتظار أن يحفر رجال القسام خنادق وأنفاق تصل الشطر الغزي من الوطن بالشطر المقدسي الذي يزعمون زورا أن عاصمته القدس وهي لم تكن يوما، ونرجو أن تكون.
وفي وقت العصر هذا، لا وجود للأبرياء ومن يزعمون أنهم لا يعلمون، وقد قيل لو كان في زمن النكبة "جزيرة" و "عالم" ماذا كنا سنرى من مجازر، وأزيد لو كان في زمن مكماهون ودورفيقو وقت النزول الفرنسي على شواطئ سيدي فرج، ماذا كنا سنرى من مجازر، لو قيد لكاميرا أن تسجل أعمال بعض البشر الدموية السوداء لشاهدنا ما يذهل، فمن يعي ويستوعب لكي يعمل، وقد آن أن يولي عصر الحكماء؟.
لا غرابة إذن أن تدع أمريكا اللقيطة إسرائيل اللقيطة الأخرى، طالما كانت كندا وأستراليا من الدول التي قامت على جماجم الشعوب والأمم، أما من يزعمون أن الكيماوي يمكن صناعته من سم الفئران وأشياء أخرى تباع عند العشابين وحوانيت العقاقير، فهذه نكتة ليس إلا، ومن يقول لو كنا مكان مصر لمسحنا إسرائيل مسحا من الخريطة فهذه أيضا مجرد طرفة ليس إلا.
ومن يدعي أن الأطلسي ومن ورائه الصهاينة يخشون سطوتنا وقوتنا فهذه كذلك مجرد طرفة ولكن سمجة، فعندما شكل صدام حسين الديكتاتور الحائر شبه خطر على الصهاينة قصفوا مفاعله النووي تموز في جوان 1981 وخسفوا به الأرض خسفا، ولم يرد عليهم بعملية أو صاروخ وحتى رصاصة واحدة، وإنما ترك أمرهم كما يقول الأسد، إلى حين، ولم يأت هذا الحين بعد، وقد زعم حزب المقاومة الذي صدقناه يوما أنه يحارب الصهاينة فاشتد القصف على غزة، فهرع حزب المقاومة لتحقيق انتصارات في القصير السورية باعتبارها بوابة الدخول إلى القطاع المحاصر، هل بعد ذلك من غم وهم وسوء؟.
لقد شبعنا مقروضا وبقلاوة وقلب لوز بالكلام فقط، بينما هم في المشرق يعشقون الكنافة والموالح أي اللوز والفستق والبندق والكاجو وما لذ وطاب من أشياء نستوردها ولا نزرعها، وهذه من حلويات الفطر وأما حلويات الأضحى فتتمثل في الشحم واللحم والبوزلوف، فهل عرفتم قيمة العصبان؟.
قد أتخمونا بالظواهر الصوتية، مع أنه إذا جاز لأحد أن يتباهى بحبه ودعمه اللامحدود لفلسطين فهي الجزائر التي لم تقل يوما "قد عملنا وصنعنا" فارحمونا يرحمكم الله ويخلصنا من الأسد والنمر والفهد معا، وحديقة الحيوانات المتوحشة جميعها.
للمرء أن يستعيذ من مفاهيم هذا العصر ومصطلحاته ومفرداته، حيث لم يعد الرجل يعي من الأمر شيئا، وقد أقسم الرحمن بعزته، أن يبعثن عليهم فتنة تدع الحليم حيران، ولعل هذا هو زمن الحيرة.
قد قال قائلهم يوما لا تنفروا في الحر، وقال غيره لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال غيرهم ائذن لي ولا تفتني، ساعة زعم أنه لا يقوى على مقاومة الحسناوات الشاميات الروميات الغسانيات الفاتنات، وربما لهذا السبب كتب جورجي زيدان فتاة غسان، ليت هذا كان في زمن الممانعة الذي نعيش، ربما استطاع أن يجاهد دون أن يزعم فتنة، لكن الله تعالى علم خبيئة قلوبهم فثبطهم وكرههم في ثواب القتال.
وفينا أيضا من يحرض على الجهاد، ونحن لسنا في زمن جهاد اصلا، حيث غاب عن أذهان الناس معنى القتال ومعنى الجهاد، فالأول فرض عين واجب لا مفر منه ولا مندوحة عنه، والثاني فرض كفاية من قام به سقط عن غيره، وعندما سقطت بلادنا تحت نعال الغير سقط الجهاد وارتفع لواء القتال، لكن من يقاتل، وقد كان عندنا وزارة حربية أصبحت بعد كامب ديفيد وزارة دفاع، أي نحن ندافع ولا نهاجم ونقاتل وبلادنا محتلة وسليبة فهل أكثر من هذا تزويرا وتزييفا للواقع والمستقبل، أي للتاريخ؟.

 

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :