طباعة

 ـ كتب: علي الجنابي | بغداد ـ العراق 

 

لا ناقةَ لقارئٍ في مَقالٍ يَسمِرُ بغُثاءٍ من قيلٍ مُعتَرٍّ مُجتَرِّ بتَرديد.
ولا طاقةَ له في مقالٍ لا يَعمُرُ المُقامَ بنبأٍ من ذِكرٍ فريدٍ سَديد، ولا يَجمُرُ المرامَ بخَبءٍ مِن فكرٍ حَميدٍ رشيد. وعَسى مَقاليَ هاهُنا يَضْمُرَ مِمَّا ألزمَني به مدادي من فَرْضٍ قعيدٍ عَتيد، ولعلَّهُ يَجْمُرُ بكلِمٍ من نفخاتٍ من خَطبٍ عَميد، وتِلكُمُ لعمرُ بني الأقلامِ ضالَّة مدادي بتَأبيد، وذلكُمُ هو عندَ القلمِ صدرُ وعجزُ القَصيد.


 
إعلَمْ يا ذا عِزِّ، أن الحَيَواتَ مِنَحٌ كُبرى بِتَمجِيد، لا تُجارى حتّى بنعمةِ الدّينِ الرَّشيد، ولا تُمارى بما حَمَلَ مِن زَكَواتٍ ومِن تَوحِيد، ولومَا مِنحَةُ الحَياةِ لَمَا كانَ للزَّكَواتِ مِن رَصِيد، ولما كانَ للتَّوحِيد من تَغريدٍ وتَخلِيد. بَيْدَ أنَّ مِنحَةَ الحَياةِ منحَةٌ مَغْلُولةٌ بصَفَدٍ مِن نُحاسٍ غَيرِ حَميد. صَفَدٌ هَوَى بِلَذّاتِها إلى وادٍ سَحيقٍ حالكٍ بَعيد، وإذ الصّفَدُ مُناطِحُ أَعْنَاقِ كُلِّ كَبِدٍ رطبَةٍ ومُقْمَحٌ وشَهيد، وإذ هوَ مُلافِحٌ صَدرَ كُلِّ وَالدٍ وَوَليد، ومُنافِحٌ بذرَ مَا وَلَدَ لوالدٍ مِن حَفيد. وذاكَ هُوَ لعمري صَفَدُ الفَناءِ بتَنكيد، إذ يُحاصِرُ الوَجدَ وما جنى، والمجدَ وما بنى كُلَّ آنٍ بِتَهديد، ويُناصِرُ هَدْمَ الشَهواتِ وصَدْمَ النَّشواتِ بتَرديد، فلا سَفرةً تَسري بتَمهيد، أو وفرةً تغري بتمديد. ولا طَفرةً تَجري بتَشيِيد، أو ظفرةً تَمري بِتَجديد، ولا حتّى زفرةً تَدري بتَخميد، إلّا وتَرى صَفَدَ المَوتِ مُسْتَتِراً وراءَها بِتَهديدٍ وتَجريد، فَضَاعَ مِنَ المِنحَةِ تَوَسُّمُ عَبَقِها الحَميد، ومِنَ الفَرحَةِ تَبَسُّمُ ألَقِها بتَنهيد. ورَاعَ كُلَّ نفسٍ صَفَدُها وما إحتَمَلَ مِن رَغَدٍ بتَقييد، ومَاتَ أملُها وما إشتَمَلَ من سَعدٍ بتَأبيد ، وباتَتِ المِنحةُ مِحنَةً بفَزعٍ وتَنكيدٍ، والحَيُّ فيها كأنَّهُ فَزِعٌ شَريدٌ، جَزِعٌ طَريد، وإذ تَراهُ بالسَّاهِرَةِ صائماً لا يَبغي إِسْتَجَابَةً لشِرعَتِها ولن يُريد، وسائماً فيها لا يصغي لإِسْتِطَابَةٍ مِن جُرعَتِها ولعَلَّها تُفيد، وقائماً يُعَقِّبُ في طَوِيَّات سِرِّ ذاكَ الصَّفَدِ العَتيد، وهَائماً يُنَقِّبُ عن تفكيكِ اللّغزِ العَنيد، علَّهُ يَحظى بِعَيشٍ سَعيد، لا صَفَدَ فيه مُكَبِّلٌ مَريد، ويَرضى بجَيشٍ من بَنِينَ ومن مالٍ رَغيد، وإذ تراهُ صُبحاً قد أَطَّرَ صَفَحاتِ جَرائدِهِ بتفاؤلٍ بَليدٍ قَصَّهُ في ثنايا القَصيد ؛ "سبلُ البَحثِ عنِ السّعادةِ" بإصرارٍ وَبتَرديد، وعَطَّرَ نَفحاتِ مَوائدِهِ بتساؤلٍ عَنيدٍ رَصَّهُ في حَوايا الثَّريد؛
" أنّى لسَّعادةٍ تتماشى مع ميقاتٍ بأجلٍ مؤَكَّدٍ أكِيد! ومُصَفَّدةً بصَفَدٍ عُتُلٍّ عَقِيدٍ وقَعيد. وأنَّى لسَعادةٍ تَتَلاشى بقَرصةٍ مِن بَقٍّ في جَسَدٍ أو أصغر أو أزيد، ولا تَتَحاشى رَصَّةً في شَقٍّ في لَحْدٍ لها يُريدُ ليَستَعيد؟".
 والْحَقَّ أَقُولُ؛ ما تلكَ بسعادةٍ! وكَذَبَ السُّعداءُ وما قالوا بتَقليد! وأفٍّ من سَذاجةٍ في قيلِهم بتَسهيد! فما هذهِ المِنحةُ إلّا مِحنةٌ بِكَبَدٍ وبتَقييد، ولا سَعْدَ فيها، ولا فيها رَغدٌ إلّا بِفَكِّ الأصفادِ بتَنديد. ولن تُفَكَّ الأصفادُ إلّا بأمرٍ من القَهَّارِ المَجيد. وما فَكُّ الأصفادِ بكائنٍ مَهمَا بَلَغَ أبنُ آدمَ مِن تَرديدٍ ومِن تَجديد، وإذ تَراهُ قد رَكَنَ الى فَرَحٍ بَئيسٍ، ومَرَحٍ تَعيسٍ يحسبهُ سَعادةً بتَحشيد، وإنّما الفَرَحُ والسّعدُ نِدّان يختصمانِ بِتَوطيد، فالفَرحُ سَرابٌ ودُنو بقِيعان، والسّعدُ سَحابٌ وسُموّ في العَنَان، فكَلَّما غارَ الإنسانُ في سَرابِ القيعانِ، توارى عن سَحابِ العَنَانِ.
الفَرحُ هَباءٌ إنسيٌّ آنيٌّ مُتَزمِّلٌ بِكَبَدٍ ومُتَرَجرِجٌ في المَكان، والسّعدُ بَهاءٌ حِسيّ أبَدِيٌّ غيرُ مُتَظَلِّمٍ بصَفَدٍ ومُتَدَرِجٌ في الزَّمان.
الفرحُ جامِحٌ للقَطْفِ، ويَستَمنِي القَطفَ بالبَنان، السَّعدُ مانحٌ للعَطْفِ، ويَستَغني العَطفَ بالحَنان. الفَرحُ والسّعدُ ضِدّانِ لا يَتَحادّانِ ولا يَتَحدّانِ.
ألا وإنّ للسَّعدِ فَلَقَةً، بأمرٍ من ربِّ الرّوحِ مُنفَلِقة. ألا وإنّها تَضيقُ في بريقِ جاهٍ مُخِلٍّ مُقَلَّدِ، وتَقصُرُ في بسماتِ مَالٍ مُذلٍ مُلحِدِ. ألا وإنّها تَستَفيقُ وتَبصُرُ...
 في شروقٍ إذا شَجَى، وفي غروبٍ إذا سَجَى، وفي مثاباتِ غيمةٍ تَتَمَلَّأ بثوبِ أحرامِها مُلَبِّيَةً بتَلَبيد. في نَبَضاتِ شَمسٍ بضِياءٍ تَتَلأَلأُ، في لَمَضاتِ قَمرٍ على إستحياء تَتملأُّ، وفي وَمَضَاتِ نجومٍ تَتَلألأ مُتهجِّدةٍ بتَمجيد. في بِحارٍ زَرقاءَ لغَضَبِها تَجنُّ، في قِفارِ صَمَّاءَ بِحَطَبِها تَأنُّ، وفي نظراتِ ثمارٍ تَتَعَالى وزهورٍ تَتَأَلَّى بعطرِها فَوّاحَةً بصَعيد. في نَضرةٍ لنَخلٍ ذي جَريدٍ، في نظرةٍ لجبلٍ ذي جَليد، وفي حَضرة حَبلٍ سرِّيٍّ لوَليد. في حِافلةٍ من نَحلٍ تَهبُّ، في قافلةٍ من نَملٍ تَدبُّ، وفي نَظَراتِ فَرخةٍ لأمِّها مُفتَقِدَةٌ ومُتَفَقِّدةٌ بتَغريد. في تَحايلٍ لعرشٍ طاووس، في تمايلٍ لكرشِ جاموس، وفي تَغَنُّجِاتِ لَبوةٍ بينَ ذَراعي بعلِها مُداعِبَةٌ بتودّدٍ وتَجسيد. في صَمَمٍ من حَصىً غَافيةٍ، في لَمَمٍ من هَوَامٍ خافيةٍ، وفي تَمَوجاتِ تلالٍ، ولموجِ البحرِ مُحاكِيَةٌ بتَقَليد. في جُبَّةٍ من زيتونٍ كَميدٍ، في قُبّةٍ لحلزونٍ سعيدٍ، وفي رَقَصاتِ نَبتةٍ كأنَّها أينَعت بينَ الصخورِ مُتَقَصِدَةً بتَعميد، فَغَشِيتُهم مَلاحَةً، وعلى نواصيهمُ تَتَمايلُ بتَسنيد. في حَيّةٍ في البَحرِ تَسبحُ، وعلى بَطنِها للبرِّ تَكبحُ، تَارةً تَخسرُ، تارةً تَربحُ، ولرزقِها مُطمئِنَّةً بلا لهاثٍ ولا تَشديد.
  تلكمُ هي المَفاتِحُ للصَّفَدِ المُرعِبِ الطَّريد، ولصَفَدِ الفناءِ هي تُحَيِّدُ وتُبيد. فَسِرْ في مِنحَةِ الوَهَّابِ وأرمِ الخُطى هَونَاً، قَاصَّاً قَاصِدا وحامِداً لربِّ المِنحَةِ الرَّشيد.

 

****

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)


 

 

آخر تعديل على الإثنين, 30 أيار 2022

وسائط