wrapper

الأربعاء 24 أبريل 2024

مختصرات :

 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


يعيش قطاع غزة اليوم مشاعرَ متضاربة يسكنها الفرح ويشوبها الحزن، وتعلوها البهجة ويكسوها الألم، وتسوده مظاهر مختلفة تمتزج فيها أهازيج الاستقبال وزغاريد العودة بصيحات الغضب وعبارات السخط، وتتداخل فيها شعارات الترحيب وأغاني الثورة، مع سيلِ الذكريات الأليمة والأحداث المحزنة،

لكن الفرحة تطغى، والسعادة تنتصر، والعودة تتحقق، والتعالي على الجراح يكبر، ونسيان ما حدث يسيطر، والعفو عما مضى يتقدم، وباقات الورود تعلو على أكاليل الغار، إذ الفرحة بادية والسعادة حقيقية، وقد طال انتظار هذا اليوم الذي كان سيأتي مهما كانت الأسباب وتعقدت الظروف، فما من وطنيٍ إلا كان يدرك أن الغائب سيعود، والمطرود سيرجع، والخائف سيأمن، والمفجوع سينسى، والمتضرر سيعوض، وستتدافع الأجيال وستتغير الظروف، وستسمر الحياةُ وستمضي سنتها، وسيتفق الخصوم ويلتقي الأنداد.
 
آن لأهل غزة أن يتجاوزوا الأحداث المريرة وأن يداووا الجراح القديمة، وأن ينسوا مرَّ الأيام وسوداوية الذكريات، وأن يواجهوا حقيقة أننا شعبٌ واحدٌ، نعيش في وطنٍ واحدٍ، وتجمعنا قضية واحدة مشتركة، وأننا أسرٌ مختلطةٌ وعائلات متنوعة، أخوةٌ وأشقاءٌ، وأقاربُ وجيرانٌ، فيها الحمساوي والفتحاوي، والجبهاوي والجهادي، وفيها المستقل وابن التيار وغيرهم، يلتقون فيما بينهم ويتعاونون، ويختلفون ويتفقون، لكن لا يتصارعون ولا يقتتلون، فنحن جميعاً ما زلنا نعاني من الاحتلال ونشكو من الحصار، ونتألم من سياسات العدو العدوانية وغاراته الهمجية، ويحزننا صمت المجتمع الدولي المريب وتآمره المشين وانحيازه المخزي، وأننا جميعاً مهما اختلفنا وتعددنا نتوق إلى يومٍ فيه نفرح ونسعد، وفيه يلتقي جمعنا ويلتئم شملنا، وتتفق كلمتنا ويتحد صفنا، ويستقل قرارنا وتقوى جبهتنا.
 
أما وقد التئمت الجراح، وسكتت البنادق، وخفتت أصوات الثأر والانتقام، ورضيت النفوس التي عوضت، وقبلت العائلات بالديات التي دفعت، وأسقطت حقوقها وتصالحت، فأهلاً وسهلاً بالعائدين إلى بيوتهم، والراجعين إلى وطنهم، وحق لهم أن يفرحوا بالعودة وأن يسعدوا بحفاوة الاستقبال، فهذا وطنهم الذي لا يساويه وطنٌ ولا تعدله أرضٌ، وتلك بيوتهم ومنازل طفولتهم ومراتع صباهم، وهنا أمهاتهم وأسرهم، وعائلاتهم وأهلهم، وقد طال بُعادهم، وتعسرت رغم السنين عودتهم، وما كان لهذه العودة الكريمة أن تتحقق لولا أصالة أهلنا وعظيم خلق شعبنا، الذي أكرمه الله عز وجل بالصبر ورحابة الصدر، وبالحكمة ورجاحة العقل، فعفا وغفر، وسامح وأسقط حقه، ولان خطابه ورق كلامه، وصفت نفوسه وراقت قلوبه.
 
لا يَمُنُ أحدٌ على أحدٍ بالعودة، ولا يتفضل فلسطينيٌ على آخر بفتح بوابات الوطن، فالعودة إلى الوطن، كله أو بعضه، حقٌ مقدسٌ يكفله القانون وترعاه النظم، وكما هو بالنسبة لللاجئين الفلسطينيين حقٌ فرديٌ مقدسٌ، لا يُفقَدُ ولا يسقط بالتقادم، ولا تمنعه سلطة ولا يحده قانون، فالعودة إلى أي بقعةٍ من الوطن مكفولةٌ محفوظة، بل مصانةٌ ومحروسةٌ، ويحق لكل فلسطيني أن يمارس حقه بالعودة متى شاء، والقانون يحمي من أراد العودة، وييسر له سبلها، ويكفل بقوته وسيادته أن يشمله العفو الذي يخصه، وأن يطاله الصفح العام الذي صدر، اللهم إلا من جريمةٍ جديدةٍ أو مخالفةٍ أخرى.
 
ما أجمل غزة اليوم وقد لبست حلةً من الطيب والصفح، والصدق والعفو، وازدانت بالرضا والقبول والفرح والسرور، والبهجة والأمل، واستبشرت بغدٍ أجملَ ومستقبلٍ أفضلَ، سعادةً بأهلها العائدين وشبابها الوافدين، وأملاً في مستقبلٍ أبيض لا أسود، مشرقٍ لا معتم، فيه يتعاضد الفرقاء ويتفق الأنداد خدمةً لشعبهم وحرصاً على أهلهم، وتنافساً في خدمة مناطقهم ورفعة مواطنيهم.
 
تعالوا بنا اليوم نفرح ونحن نفتح بوابات غزة المحاصرة لأهلها، ونفتح أذرعنا الحانية لأهلنا، ونقول لعدونا أننا يوماً إلى أرضنا سنعود، وسنحطم الأغلال ونفتح الحدود ونكسر السدود، ونوحد الأرض ونجمع الشعب كله، ومعاً سنفرح بالعودة وسنجللها بصلاةٍ جامعةٍ في المسجد الأقصى المبارك، نجمع فيها شتاتنا الكبير، ونكون فيها صفاً واحداً خلف إمامٍ حاكمٍ عادلٍ واحد.
 
ما أعظمها غزة اليوم وهي ترسم لأبناء الوطن وشركاء الأرض صورةً ناصعةً حقيقية، لا كذب فيها ولا تدليس، ولا خيلاء فيها ولا كبرياء، ولا غطرسة ولا غرور، بل رحمةً وتعاطفاً، وتواداً وتسامحاً، تثبت فيها أن صوت العقل هو الغالب، ورأي الحكماء هو السائد، وتعيد راضيةً إحياء سياسة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فتقول لبعضها من منطلق القومة والتمكين صادقةً واثقةً، اذهبوا فأنتم الطلقاء، فلا ثأر ولا انتقام، ولا غدر ولا خيانة، ولا تآمر ولا مناورة، ولا تخوين ولا تكفير، ولا إقصاء ولا حرمان، ولا طرد ولا تجريد، وإنما تعاونٌ وتعاضدٌ، وتنافسٌ وسباقٌ تجاه الخير العام ونحو الأفضل المنشود، إذ هذا ما ينتظره شعبنا وما تأمله منا أمتنا.
 
غزة أيها السادة جميلةٌ بصورتها، زاهيةٌ بتسامحها، رائعةٌ بتعاونها، عظيمةٌ بانتصاراتها، شامخةٌ بثباتها، قويةٌ بصمودها، عزيزةٌ بإبائها، فحافظوا اليوم على صورتها المهيبة، ودعوا العالم كله يتغنى بها ويفرح لها، فاحضنوا العائدين، وأكرموا الوافدين وبشوا في وجوههم، ولا تقطبوا الجبين غضباً ولا تنظروا إليهم شزراً، فمن عفا لا يرجع، ومن سامح لا يغدر، ومن أصلح لا يفسد، ومن أبرم اتفاقاً لا ينكث، فقد أعطينا العهد وقطعنا الوعد، ونحن خير من يفي بالعهود ويحفظ الوعود، فأهلاً وسهلا بالعائدين، ومرحى بهم إخواناً لنا متقابلين، وكلنا أملٌ بالعودة الكبرى والرجوع العظيم إلى فلسطين التاريخية، الأرض والوطن، الحق والتاريخ، والوعد المقدس الأكيد.
 
بيروت في 14/3/2021

 

****

 

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 27/ ـ28 فيفري مارس 2021 ـ

https://fr.calameo.com/read/00623359483d1f3663339
https://www.calameo.com/books/00623359483d1f3663339

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 27 et 28 mois (février et mars 2021
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://fr.calameo.com/read/00623359483d1f3663339
https://www.calameo.com/books/00623359483d1f3663339
*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=B92-d7N_CK0&feature=youtu.be
https://www.youtube.com/watch?v=SVdWPglMDXM

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الإثنين, 15 آذار/مارس 2021

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :