wrapper

التلاتاء 19 مارس 2024

مختصرات :

*رأي بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي




لم يكد يجف حبر اتفاقيات السلام الجديدة الموقعة مع الكيان الصهيوني، التي أبرمت على الهاتف، وتم إملاؤها بمكالماتٍ مشتركةٍ وفرضها برسالةٍ واضحةٍ، وقبل أن يتم التوقيع الرسمي عليها في البيت الأبيض، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحضور شهودٍ عربٍ مرغمين ورعاةٍ دوليين راغبين، حتى انطلق قطار التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني على مختلف الصعد وفي كل الميادين والمجالات.


 
فقد تسابق الموقعون العرب في حجز المقصورات الأمامية والمقاعد الأولى، تمهيداً لكسب المزيد من الأرباح، وتوقيع العديد من الصفقات، حيث فتحت الأبواب التي كانت مغلقة، وأعلنت القنوات التي كانت سرية، وكشف الغطاء الذي كان يخفي العلاقات السرية، ويغطي الاتفاقيات الباطنية، وأصبح الموقعون من العرب في حلٍ من أمرهم، لا حرام يمنعهم، ولا قانون يردعهم، ولا أخلاق تضبطهم، ولا قيم تصونهم، ولا مفاهيم تقيدهم، ولا عروبة تلزمهم، ولا إسلام يهذبهم.
 
انطلقوا بنظرةٍ قاصرةٍ وفهمٍ مغلوطٍ، ووعيٍ ضحلٍ ومعرفةٍ محدودةٍ، دون ضوابط أخلاقية ولا كوابح إنسانية نحو شهواتهم، تحركهم نزواتهم، وتطغى عليهم مصالحهم، وهم يظنون أنهم كسبوا في غزوتهم، ورجعوا منها بفيءٍ ينفعهم، وغنائم تسعدهم، وأن المستقبل سيكون لهم وسيبش في وجوههم، وستشرق شمسه لهم مع الذين عاهدوهم وسالموهم، وواثقوهم وآمنوهم.
 
نشطت رحلات السفر المدنية، وبدأت شاشات المطارات تعرض مواقيت السفر إلى تل أبيب والإقلاع منها، وبات المجال الجوي العربي مفتوحاً أمام حركة الطيران والملاحة الجوية الإسرائيلية، وأصبحت الطائرات الإسرائيلية قادرة على الهبوط في المطارات العربية للصيانة والتزود بالوقود، وكذا الطائرات العربية تستطيع الهبوط في المطارات الإسرائيلية، والاستفادة من مختلف الخدمات التي تقدمها.
 
وأخذت مكاتب السفر والسياحة العربية تقدم عروضاً سياحية، وبرامج ترفيهية، وتعرض للسياحة الصيفية على شواطئ البحر المتوسط، بما ينافس السياحة إلى المصايف التركية ومنتجعاتها السياحية الشهيرة، فضلاً عن السياحة الدينية وزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، والطواف على المناطق المقدسة الإسلامية والمسيحية واليهودية، وكأن المسجد الأقصى قد أضحى معلماً سياحياً دينياً إسرائيلياً، يمكن للسياح المسلمين زيارته والصلاة فيه، علماً أن الصلاة فيه شبه محرمة على أكثر من أربعة ملايين فلسطيني يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبعض سكان القدس أيضاً.
 
وتعاقدت مكاتب عقارية عربية مع أخرى إسرائيلية، واتفقت على أن تفتح لبعضها فروعاً متبادلة لتبادل الخدمات والمنافع، والاستفادة من الفرص والإمكانيات، وبدأت الشركات الإسرائيلية في تقديم عروض سكنية ومنتجعاتٍ سياحية، وعقاراتٍ تجارية، وغدت صور المواطنين العرب تظهر على الصفحات الإعلانية والمشاهد الترويجية لمختلف السلع والمنتوجات وأغلب العروض والخدمات، وعما قريب ستظهر في الأسواق الإسرائيلية منتجاتٌ يفضلها المواطنون العرب، ويحرصون على اقتنائها.
 
وأخذت الأضواء تتسلط على صحراء النقب الفلسطينية الممتدة الأطراف، الذهبية الرمال، الساطعة الشمس، التي ما زالت تحمل آثار البداوة بأصالتها وخيامها ومضاربها، ففيها النوق والإبل، والمواشي والمراعي، ومساحات الصيد المفتوحة ومجاهل الصحراء الجميلة، حيث تتطلع شركاتٌ إسرائيلية بالتعاون مع شركاتٍ عربيةٍ أخرى لبناء ميادين سباق الهجن الشهيرة، ليجلبوا إليها كبار المهتمين بها في المنطقة العربية، خاصة أن المنشغلين بهذا النوع من الأنشطة إنما هم من علية الطبقات العربية الحاكمة والغنية.
 
لم تتوقف الاهتمامات العربية في سوق السياحة والاستثمار وميادين الاقتصاد الإسرائيلية عند سباق الهجن والسياحة الترفيهية التي يتقنها "اليهود" عموماً، فضلاً عن السياحة الدينية المشبوهة، فقد امتدت إلى الأندية الرياضية المختلفة، حيث عمدت شركات عربية إلى تقديم عروضٍ مغرية لشراء أندية إسرائيلية شهيرة، رغم علمها أنها أندية عنصرية إرهابية، تدعو إلى ممارسة القمع والقهر ضد الفلسطينيين، وتنادي بطردهم من أرضهم وإخراجهم من "أرض إسرائيل" بالقوة، وتقدم الدعم إلى المنظمات الاستيطانية المتطرفة، وإلى الأحزاب الدينية المتشددة، التي تمارس العنف والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين خصوصاً وضد العرب عموماً، ويهتف جمهورها على مدرجاتها "الموت للعرب"، "الحرب على العرب".
 
ودبت الحرارة في الخطوط الهاتفية السلكية والخلوية، ولم يعد محظوراً على المواطنين العرب الاتصال عبر شبكات الاتصال الإسرائيلية، وأخذ الإسرائيليون يتصلون عشوائياً وبصورة مقصودة ومنظمة بمواطنين عربٍ، يتبادلون وإياهم التهاني، وينشرون مكالماتهم المصورة والمسجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتنشر وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية بعضها، ويعلقون عليها ويستضيفون محللين سياسيين وخبراء اجتماعيين للمشاركة في التعليق والتعقيب عليها، وبلغ ببعض المواطنين العرب الاتصال المباشر برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يجد الوقت الكافي والفرصة المناسبة لتبادل الأحاديث والابتسامات والضحكات معهم.
 
أما في الكواليس والخفاء، وفي السر وبعيداً عن الأنظار، فإن شركات السلاح على اختلاف أنواعها تعمل بصمتٍ، وتتعاقد بهدوءٍ، وإلى جانبها هيئاتُ التنسيق الأمني ومؤسسات العمل البحثي، وشركات الحماية والحراسة، ومعها شركات كبار الضباط الأمنيين والعسكريين المتقاعدين، الذين يهتمون بأعمال التجسس والمراقبة، والسرقة والهكر والاختراق، وجمع المعلومات والتنسيق بينها والاستفادة منها، وهي شركاتٌ كبيرة تعمل في كل مكان، وسيكون لها دورها الكبير وأثرها السريع والمباشر على تنامي العلاقات الإسرائيلية مع الأنظمة العربية التي وقعت، وتلك التي ستحذو حذوها وتوقع.
 
ما كان الإسرائيليون الذين يعانون من الركود الاقتصادي الكبير، والشلل في مرافق الحياة العامة، يحلمون يوماً بهذا الفتح الكبير والكنز العظيم الذي انفتح عليهم فجأةً، وكأنه مغارة علي بابا الأسطورية، الغنية بالذهب والكنوز والجواهر، فقد انفتحت الصناديق الائتمانية العربية على اتساعها، وانطلقت الرساميل المالية الكبيرة نحو الاستثمار في الكيان الصهيوني، والاستفادة من التقدم التكنولوجي والتقانة الاليكترونية الإسرائيلية الحديثة، وفي تثمير رؤوس الأموال، ونقل الخبرات، فجاءت اتفاقيات السلام العربية لهم على طبقٍ من ذهبٍ، وكأنهم كانوا معها على موعدٍ ليخرجوا من أزمتهم، وليعالجوا مشاكلهم، ويجدوا حلولاً لتحديات اقتصادهم، وتداعيات كورونا التي أضرت بهم وعطلت اقتصادهم، فهل يدرك الموقعون ما يُراد بهم ومنهم.
 
بيروت في 14/9/2020
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

****

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 21/ 22 أوت ـ سبتمبر 2020
https://www.calameo.com/read/0062335949a20a9470fc4
https://www.calameo.com/books/0062335949a20a9470fc4
‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 21 et 22 mois (août et septembre 2020
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://www.calameo.com/read/0062335949a20a9470fc4
https://www.calameo.com/books/0062335949a20a9470fc4

*****
‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

آخر تعديل على الإثنين, 14 أيلول/سبتمبر 2020

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :