wrapper

الخميس 18 أبريل 2024

مختصرات :

الفيصل ـ نشرـ باريس:

إيمانا منها بأهمية الفكر و الإبداع الأصيل و المتميّز و الهادف البناء و الإختلافي في الرؤى لإثراء النقاش الثقافي الأدبي ككل، تواصل " الفيصل" بنفس النوايا و الإصرار لمد يد العون لكل من يفتقد إلى الصوت النزيه للتعريف بقدراته و ملكاته الإبداعية في مختلف الأجناس الأدبية العربيةو ها نحن نقدم بهذه التجربة في سبيل دفع متميزينا من الأدباء الذين غيبتهم من جهة ظروفهم الخاصة و من جهة أخرى سياسات التعتيم و الإبعاد و الإقصاء لخيرة أفراد المجتمع الذين يسكنهم هم واحد ، و هو الارتقاء بالمجتمع و تهذيبه و توعيته من خلال الإبداع و الفكر النيّر.

 

ـ انطلقت في السنة المنصرمة عملية تشجيع الأدباء و المبدعين العرب من كل قطر دون ميز أو حساسية في نشر تسلسلي لكل من يرغب لمخطوطات أعماله الروائية و القصصية و الشعرية، مصحوبا بغلاف من تصميم الفيصل بغية شد انتباه " دور النشر العربية" النزيهة التي تتأصّل و تتنصَّل متبرئة  من تلك الدور المشبوهة و الشبيهة بدكاكين " النشر للرداءة  و النصب و توزيع الاحتيال!". من مسلسل رواية " باب الشمس" للأديب المغربي " حسين الباز" إلى مسلسل "امرأة من الجنوب" للمبدع المصري " خالد الحديدي" جديرة بالقراءة و المتابعة من قبل القراء و المهتمين و كذلك المبدعين. ننشر حيثياتها في فصول (أجزاء)  تشجيعا للمبدع  " خالد الحديدي" ـ مصر ـ على ما يحاول من أفكار جديرة باحترام الجميع.ـ نتمني لكم قراءة ممتعة مع مسلسل مخطوط رواية "امرأة من الجنوب".

كل الحقوق محفوظة للفيصل و للمؤلف، و كل جهة تودّ استغلال هذا العمل الأدبي أو التقدم بعرض نشر لطبعه ورقيا أو إلكترونيا الاتصال بالصحيفة و بالمؤلف لمدارسة ذلك. 

الفيصل  ـ  باريس

****

رواية : "امرأة من الجنـــــ05 ـــــوب

بقلم: خالد الحديدي

ـ  الفصل الخامس:

وصلت السيارة إلى مدينة المنيا والشمس تصلي الأرض بشواظ من النار، نزلت زهرة دون أن تتلفت كثيرا هذه المرة كعادة أهل القرى، فقد أصبحت أكثر تمرسا على حياة المدن. اتجهت صوب موقف سيارات الأجرة واستقلت أحداها بعد أن أعطت السائق الورقة التي بها العنوان. انطلقت السيارة تشق شوارع المنيا المتربة، مثيرة في سيرها عاصفة من الغبار. وصلت السيارة إلى العنوان المطلوب. نزلت زهرة وهي تحضن صرة ملابسها بقوة، خاصة بعد أن عرفت أهمية الأوراق والمنشورات التي تحملها. اقتربت من الباب الحديدي المطلي باللون الأحمر وقرعته قرعا خفيفا، أحست بحركة غير عادية تدب داخل المنزل الهادئ الذي كان يبدو شبه مهجور من فرط الهدوء المخيم عليه. ثم انفتح الباب واطل منه عينان مذعورتان لشاب في مقتبل العمر، اعتاد مداهمة رجال الأمن، عندما لمح الزائرة ذات المظهر الساذج اطمأن قلبه، وابتسمت له زهرة مشجعة.

- السلام عليكم.

- أهلا يا والدتي. تفضلي بالدخول.

قال الشاب ذلك بهدوء لا يخلو من الحذر وأفسح لها الطريق وما كادت تتوسط الفناء حتى قفز ثلاث شباب آخرين من على حائط المنزل المجاور. أثار ذلك فزع زهرة لأول وهلة. ضحك الأربعة وأخذوا ينظرون إلى زهرة في دهشة لم تدم طويلا.

- أنتم جماعة الأحرار؟

باغت هذا الاستفسار الشباب الذي فتح الباب،

- نعم. من أين عرفتي هذا الاسم السري.

- ارسلني لكم عصام عبد الجواد، مهندس في اسمنت اسيوط.

- عصام. يا اهلا بك.

ذابت جميع ثلوج الشك في نفوس الشباب وكان فرحهم بوجود زهرة بينهم عظيما ودخلوا إلى حجرة العمليات، كانت بها كمبيوتر وأوراق طباعة وشعار مكتوب على قماشة وأربعة أسرة، جلست زهرة على إحداها تتأمل هذه الخلية النشطة في اعتزاز ثم فتحت صرت الملابس وأخرجت المنشورات وسلمتها إلى الشاب الذي فتح الباب. فض الشباب المظروف المرفق مع المنشورات وأخذ يقرأ وبين الفينة والفنية ينظر إلى زهرة في اعجاب شديد ثم ردد في انبهار.

- هذه المرأة عظيمة. كما يقول عصام.

التفت الشاب إلى زهرة في اعجاب شديد معرفا نفسه

- نحن مجموعة الأحرار، أنا سالم، وهذا عمر وهذا امجد وذاك ماهر.

كان اعجاب زهرة بهذا العقد الفريد عزيما. أولاد في سن ابناءها يشتغلون بالسياسة ويقدمون على الاهوال والمخاطر.

ما الذي يدفعهم إلى هذا؟ سؤال عويص لم تجد له إجابة.

- بارك الله فيكم يا أولادي.

- نامي الآنواستريحي يا أماه.

أومأ لها سالم في عطف وانهمك في عمله على الكمبيوتر،

كان يسعل بصورة متقطعة اثار ذلك شفقة زهرة، انه يعاني من داء الربو اللعين. جعله يسعل طوال الليل ويدخل ذلك الدواء البخاخ العجيب في فمه ويستنشقه بعنف حتى تهدأ أنفاسه، جلس عمر صاحب الخط البديع يكمل ما بدأه على قطعة القماش المشدودة أمامه. عبارات موجهة ضد السلطة. ظلت زهرة تنظر إلى هذه الألغاز في فضول قروي. امجد يجمع قصاصات ورق من صحف قديمة. تردد في نفس زهرة الطيبة أكثر من سؤال حائر من هؤلاء؟ أين ابائهم وامهاتهم؟ما طبيعة العمل الذي يقومون به. الغاز. الغاز.

قطع طرق مدوي على باب الفناء حبل أفكار زهرة التي كانت اغمضت عيناها في استسلام للنوم، تلفت الشباب إلى بعضهم في حذر وهرع كل منهم يحمل كل ما يمكن أن يدينهم وقفزوا من الحائط إلى المنزل المجاور ومعهم الكمبيوتر والمنشورات. خرج سالم وفتح الباب للرجال الذين يعرفهم جيدا. اندفع الرجال داخل المنزل يبحثون في كل مكان دون أن تثير زهرة النائمة فضولهم. وفي المنزل المجاور اكتشف بقية الأصدقاء انهم نسوا الشعار القماشي مطويا جوار زهرة النائمة. دب الذعر في أوصالهم، اراد عمر أن يقفز عائدا وليكن ما يكون ولكن رفيقيه المذعورين تشبثا به. قد تملكهم خوف شديد على صديقهم في الداخل، والمرأة الغريبة. كانت احسوا بالذعور وهم يبتهلون أن لا يقع الشعار في رجال الأمن. هدأت هواجسهم فجأة نتيجة للهدوء الذي ساد المنزل بعد انصراف رجال الأمن. سمعوا صافرة الأمان التي أطلقها زميلهم. قفز ثلاثتهم السور عائدين، صرخ عمر الذي لم يعرف ماذا حدث

- سالم! لقد نسينا الشعار. - الشعار! . 

-أي شعار؟

كان رد سالم الهادئ بمثابة الماء الذي انصب على النار.

- نسينا الشعار في الحجرة ألم يراه رجال الأمن؟

- لا أدري! لم يكن هناك شعار.

دخل الجميع الحجرة حيث كانت ترقد زهرة وهي نائمة، دار اللغط بين الأصدقاء حول الشعار الذي تبخر في الهواء هل هناك قوة خفية أخذته؟ المرأة الغامضة قطعت قول كل خطيب استوت جالسة واخرجت الشعار من تحت وسادتها وناولته إلى سالم، حدق فيها الأصدقاء وقد ألجمتهم الدهشة.

- هل تعنون هذه القطعة الملونة من القماش؟ لم يصدق الرفاق أعينهم. هذه المرأة فعلا امرأة خارقة هذه القروية تفعل أشياء عظيمة تفوق التصور. غمرت الأصدقاء سعادة عارمة أخذوا يدورون حول زهرة ويهتفون باسمها. كانت زهرة سعيدة لسعادتهم الغامرة وهي لا تدري عظمة العمل الذي قامت به، اشد ما كان يحزنها لماذا يفني هذا الشباب الغض عمره في المخاطر؟ نظرت إليهم متسائلة وقد عاد كل منهم إلى عمله.

- اخبروني يا أولادي. هل أنتم الشيوعيون أم ماذا؟

- نعم البعض شيوعين والبعض الآخر علمانيين. أرجو أن لا تفهميها بصورة مغلوطة، لسنا كفار ولا ملاحدة.

- الحاج إبراهيم في قريتنا يقول عليهم كفار وملاحدة.

بان الحزن والتأثر على الأصدقاء.

- نحن يا والدة نحارب استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وبما أن استغلال البسطاء يتم من قبل رجال الدين، ظنتا الناس أننا نهاجم الدين. طاف في ذهن زهرة طيف الحاج إبراهيم الذي تبغضه وتعرفه جيدا من صباها الباكر رددت في نفسها إن هذا الشاب يقول الصدق.

- إنك محق فعلا يا أبني فيما تقول وأنا أدري بالحاج إبراهيم.

- نحن نهدف يا أمي إلى التوزيع العادل للثروة والتنمية المتوازنة. وإذا نظرنا إلى علاقات الإنتاج السائدة … 

و قاطعته زهرة ضاحكة:

- يا أبني أرجوك لا تتحدث إلى بالألغاز وكلام المدارس أنا امرأة أمية. ابتسم سالم وحدق في زهرة التي تذكره دائما بأمه الراحلة عندما كان يناقشها في الماضي، طيب الله ثراها

- نعم سأتكلم بلغة بسيطة، أنت يا زهرة امرأة ذكية ولكنك لم تجدي فرصة عادلة لتنالي قسطا من التعليم وذلك لأنك عشت في قرية نائية لا تعيرها الحكومة التفاتا. امرأة ذكية مثلك لا تعرف كيف تسافر من قريتها إلى القاهرة وقد عانيت الأمرين في طريقك إلى هنا، كما ذكر لنا عصام. ظل كلام سالم يقع في قلب زهرة مباشرة، فعلا قد قال الحقيقة، عدم التعليم يعطل مواهب الإنسان ويجعله ينقاد خلف من هب ودب، لا يعرف الإنسان الجاهل كيف يميز بين الصديق والعدو،

حتما هذا الشاب يقول الحقيقة طاف في خاطرها شريط طويل من الذكريات المؤلمة منذ رحيلها من القرية حتى وصولها المنيا والمعاناة الشديدة تذكرت رجال الحكومة، أصحاب البدلات العسكرية اللذين زودوا القرية بالوابورات والمعدية والمدرسة الوحيدة. في تلك السنين الغابرة. قارنت في خيالها بين زوجها وأخيه عبد اللطيف عم أولادها الذي له منصب كبير في الحكومة، ويمتلك سيارة وذلك لأنه تلقى تعليما عاليا. ولكن على حساب من؟ في هذه البلاد لا توجد فرص عادلة كما قال هذا الشاب النحيف. ومنذ تلك اللحظة بدأ ذهن زهرة يتضح على أشياء جديدة. عالم الوعي والنضال من أجل التغيير، ذلك العالم الذي يحترق فيه الإنسان كالشمعة ليضيء للأخرين الطريق. وقد زادها ذلك إصرارا للذهاب إلى القاهرة والعودة بابنها سامي لينضم إلى هذه المجموعة التي تريد أن توفر الحياة الكريمة للناس ويكون لها ابن تفتخر به، كم تفتخر أمهات هؤلاء بهم. ظلت هذه الخواطر تطوف في ذهن زهرة حتى بعد أن انصرف عنها سالم وشرع في مواصلة عمله على الكمبيوتر ثم عادت إلى نومها مرة أخرى وعم الهدوء الذي كان لا يعكره سوى سعال سالم المتقطع. بين الفينة والفنية. "فعلا أنهم احرار" ابتسمت زهرة وهي تعانق الأحلام.

في الصباح خرجت زهرة مع هذا العقد الفريد من الشباب إلى موقف الباصات التي تقل المسافرين إلى القاهرة، المحطة النهائية من رحلة العزاب، الشباب في قمة الانسجام مع زهرة التي أحبوها من كل قلوبهم. زهرة قد اعتادت حمل المنشورات السياسية. ها هي تحمل منشورات سياسية جديد من مجموعة الأحرار، بغية توصيلها إلى مكتبة شهيرة في القاهرة، كتب لها الشباب عنوانها، كما أخبروها بأنها عند وصولها إلى هذا العنوان سيقومون القائمين على المكتبة بتوصيلها إلى حيث تريد.لم تعد زهرة تخشى التوهان أو الضياع بعد الآن، فقد اصبحت أكثر تمرسا على حياة المدن. صعدت زهرة إلى الباص وسط صيحات الشباب وهتافاتهم. كانت أشبه بمظاهرة، ينشرون البهجة والسرور على كل الناس حولهم في المحطة ومن نافذة السيارة أشارت زهرة لسالم ان يقترب منها همست في أذنه:

- إذا أردتم تفادي رجال الأمن أقتنوا كلابا شرسة، يكون منبه طبيعي لقدوم الغرباء، غير المرغوب فيهم. حتى لا يفاجئوكم بغتة وأنتم غافلون.

أدهش هذا الاقتراح سالم واقترب من بقية الأصدقاء ليخبرهم ماذا قالت زهرة. ضحك الأصدقاء. ورفع سالم صوته حتى يطغى على صوت المحرك الدائر.

تحرك الباص مبتعدا والأصدقاء يلوحون بأيديهم حتى غاب في أطراف المدينة.

كان الوداع مؤثرا. انطلق بها الباص مرة أخرى يشق وهاد هذا البلد المترامي الأطراف لم تكن هذه الرحلة شاقة كسابقتها. إذ لا تبعد مدينة المنيا عن القاهرة كثيرا، كما أن الطريق أقل وعورة. والباص من النوع السياحي الفخم الذي لم تشهد له زهرة مثيلا يبدو أن الحضارة تزداد كلما اقتربت من القاهرة. أزيز الباص الخافت المنتظم وصوت الراديو الذين يذيع أغاني من ذلك النمط الذي لا تعرفه زهرة كثيرا. وبعد مسيرة ثلاث ساعات لاحت في الأفق البعيد المنازل عديدة الطوابق. ظهرت القاهرة، توقف الباص عند نقطة التفتيش، وشعرت زهرة بالرعب يسري في أوصالها

ما هذا ماذا يريد هؤلاء الجنود اللذين يحملون البنادق؟ سرعان ما تبددت مخاوفها، عندما عرفت إنه إجراء روتيني عادي. تفتيش لأمتعة الرجال وليس النساء، حتى إن الجندي لم يأبه لها في في أثناء تجواله داخل الباص. نزل الجندي وأشار للسائق بالمرور. انطلق الباص في طريقه الأسفلتي وعند أطراف المدينة. ظل الباص في الإهتزاز والأرجحة العنيفة منذ أن لامست إطاراته هذا الشريط الأسود السحري الذي يمتد إلى داخل المدينة الغامضة.

(يتبع)

ـــــــــ

  طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل :

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على السبت, 02 شباط/فبراير 2019

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :