wrapper

الجمعة 19 أبريل 2024

مختصرات :

بقلم : جمانا سمير العتبة  | الأردن

 

" غرب الراعي يا صبية
بِعِبّكْ بيض القز
بعد الخير يا بنية
دلب التوت بينعز" من رواية "احتضار عند حافة الذاكرة"

 

بهذه الأغنية الشعبية والتي كانت تغنيها النساء الفلسطينيات تحديدا في مدينة الخليل في الحقبة العثمانية في مسمانا "السفر برلك" والتي كانوا يسحبون الرجال والشباب من بيوتهم ليشاركوا في الحروب العثمانية .. ابدأ الكتابة عن قلم بحث خلف الاغاني الشعبية لقصص تروي تاريخ ويحاكي المواقف والقصص التي تثبت تاريخا كاملا ..

كثير ممن حاول التأريخ عبر الرجوع للكتب الدينية او الآثار وتحليلها ولكن تميز قلم الكاتب والباحث أحمد حرباوي باستحضار المواقف وكلمات الاغاني لتفسر ما كان يجري تاريخيا لتوثقه النساء عبر كلمات الاغاني .. فهي توثق الحدث والمشاعر في تلك الفترة ..

قلم أبدع في فلسفة الموقف .. فقلم الكاتب يوصف الصورة ويترك للقارئ ليكتب فلسفته الخاصة .. وهنا تكمن مفارقة الكاتب .. فالموقف الذي يكتبه وراءه كثير من الكلام الذي لم يكتب .. فيجعل من القارئ كاتب آخر يكمل ما بدأه الكاتب ..

" حدقت بريجيتا به بشكل واضح، لا يمكن له أن يتوه عن وجهها، نظر إليها مطولًا فعرفت أنه رآها فابتسم الاثنين بطريقة لا إرادية، حاول العسكر اقتيادهم إلى القطار، فأمسكت بريجيتا بليلى وحملتها، فتعلقت عيني إيلي بهذه الطفلة ذات الشعر الأحمر الذي يشبه شعر ليئا، لم يجد تفسيرًا لما يحصل لكنه اكتفى بابتسامة أخيرة، انتهى القاضي من تلاوة بيان السلطنة وحكم الاعدام، بدت نهايتهم جميلة وخالدة أمام الموت في حروب السلطنة أو الجوع و الظلم، اومأ إيلي برأسه لبريجيتا والطفلة بتحية الوداع وابتسم بطريقة جعلت ليلى ترفع يدها نحوه وتنادي عليه، لم يصله صوت الطفلة لكن وصله احساس بالقهر"

بهذا المشهد الصغير .. هناك تاريخ كامل بأحداثه ومآسيه خلف هذه اللوحة التي استطاع قلم الرائع أحمد الحرباوي ان يسلسل الاحداث ليجعل القارئ أمام قصة تاريخ لبلد عانى وما يزال يعاني .

مع فنجان قهوة الصباح سأترك بعضا من المشاهد وكثيرا من التاريخ خطت بقلم تنفس أغانينا وتنفسنا معه تاريخنا .

- "عاد الحاخام أدراجه إلى الداخل، شعر بغصة لم يدر سببها، فمجرد سماعه بإسم إيلي كان كفيلًا بتخريب مزاجه لعدة أيام قادمة، إنه كابوسه الوحيد وعليه التخلص منه بأي فرصة مناسبة، وقف ذلك الرجل الغريب الآتي من القدس في زاوية الكنيس، توجه الحاخام نحوه بإصرار أكبر، بالرغم من أنه كان مترددًا اتجاه ما عرضه عليه، إلا أنه لن يضيع هذه الفرصة، كأن الرب أرسل له ملاكًا من السماء كي يحقق له أحلامه، فكثيرًا ما فكر في كيفية الحصول على مال وفير يستطيع من خلاله أن يتحكم بكل أبناء الطائفة اليهودية في المدينة."

- "أغمضت عينيها فرأت وجه أمها المكسور وهي تقف في الحوض الآخر المقابل لها، تلملم خصلات شعرها وتغني وهي تدوس بأقدامها عنبًا أبيضًا ماؤه صافٍ، عرفت بعد ذلك أنها تدعس عنب النبيذ الأسود، وأمها تدعس عنب الدبس والخبيصة ، فالأسياد يتباهون بأقدام العذراوات التي تدوس عنب خمرهم، لم تغني أمها لمجرد الغناء كعادة نساء الحقول في المدينة، بل فهمت بأنها كانت تلحن بكائها وهي ترثي ابنتها الوحيدة:
يا مدَعْسه قطوفك بكعاب الحنّة
عين الأفندي ما بترحم تَعَبْ
ما تشَمّري ع الرمانة
ليغار من العنب

يا حاملة قطوفك بقماش سْرِنك
قولي للفندي ما يكتر شُرب
لولا العازة وجورة خالي
ما رضينا ناكل من صحن الجُرُبْ "

- "لم يستطع أن يعود من يافا إلى الخليل فراهن على زوجته وأبنائه وبيته، في محاولة أخيرة منه كي يعوض خسارته، لكنه فشل، فاستثمر ما تبقى من ماله في الأرض في محاولة أخيرة منه لتسديد مبلغ الرهن، من خلال إعطاء ما تنتجه الأرض من عنب وتفاح وتين كل عام إلى المرابي اليهودي، لكنه سيق إلى السفربرلك قبل أن يسدد نصف المبلغ، لم تستطع زوجته تسديد مبلغ الإعفاء من التجنيد والبالغ 40 ليرة عثمانية، بالرغم من أنها قد باعت مصاغها الذهبي، كما أنها لم تستطع تسديد فوائد الربا، فحجز المرابي على البيت ثم على البستان، خسروا كل شيء وأصبحت العائلة ملك لعائلة عمّار بعد أن سددت باقي المبلغ للتاجر اليهودي.
مات أخواها الصغيران في مرض السل، وماتت أمها قبل عام عندما انهار عليها سقف الزريبة بسبب الثلج المتراكم عليه، وأصبحت وحيدة تجلس قرب البئر تغني ما كانت تغنيه جدتها لأمها:
يلّي ساقوا وِلّفِكْ ع السفربرلك
شو بتنفعك غوايش الذهب
الدهب ما بيضللك
فِزّيْ لعند الخواجا
قبل ما يّنَفّقْ ويبيع العنب
الدمع ما بيشطف بكرا خطاوي حبابك
عن عتبة دارك
وما بيروي عطش الغربة ساقي بِقِرّبة ولا بفخار"

 

- "تحدث الشبان عن ضرورة تحرير فلسطين وتوحيد الأمة من خلال إعادة إحياء دولة دينية عادلة على غرار العثمانية التي سقطت قبل عقود، تشنجت لمياء من كلامهم، تسمرت مكانها وحدقت في الفراغ، أصغت إليهم باهتمام شديد، وفجأة احمرت عيناها، وتيبست ملامحها، وضربت بقبضة يدها على الكرسي الخشبي"

- "تكلم الشباب اليافعين وذاكرتها بدأت تنهار، شاهدت والدها عند بركة السلطان وهو يودع الناس في موكب الترحيل إلى حرب لم يعد منها، وأمها التي سيقت كخادمة عند الأفندي وماتت دون أن تدفن بالمكان الذي طلبته، إيلي الذي ضحك قبل موته دون أن يودع ابنته الوحيدة، ودون أن يعرف بأن زوجته ماتت ودفنت في مكان لا يعرفه أحد، الجوع والقتل، والدم المسفوك في الساحات، والأطفال فوق أكوام القمامة، والنساء اللواتي بكين بلا توقف، وشفاه عصمت أفندي وهي تسحب من جلدها احساسها بالحياة، خفقان قلبها الأبكم، ونشيجها الطويل في الطرقات والجبال، كل شيء عبرها مثل موجة صقيع باردة خدرت مفاصلها"

 

الكاتب والباحث أحمد الحرباوي :
ولد عام 1992 فلسطين
روائي وكاتب، حاصل على شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية وماجستير علم الجريمة، عضو الندوة الثقافية في مدينة الخليل.

أعماله :
- رواية أمرُ من السُكر
- رواية: في كانون يموت الحب حياً
- رواية:خيانة مقدسة
- قصة قصيرة: تحت حلم القبيلة
- رواية : احتضار عند حافة الذاكرة

 

***

 

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

آخر تعديل على الجمعة, 11 شباط/فبراير 2022

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :