wrapper

الجمعة 19 أبريل 2024

مختصرات :

• خليل مزهر الغالبي – العراق



لخاصية السرد لرواية – مشكلة سبينوزا- لإرفين د.يالوم " ترجمة " خالد الجبيلي " .... تظمينها الفني في ارتكازها النسبوي لسردين متوازين ولزمنين مبتعدين سجلهما البناء بمتوزايته المقاربة والمقارنه في حوارات مستطردة مستنطقة وكاشفة. وكان عنصر التوازي الأول وتشكيليته بحينية عام 1656 ولمدة عشرِ سنوات وهو يستعرض سيرة الفيلسوف الهولندى الشهير "باروخ سبينوزا" ،وكما معروف هو أحد أهم فلاسفة القرن السابع عشر لتفرده المتعدد وعبوراته

الشجاعة للتابوات انذاك. أما السرد الموازى الاخر فيتناول سيرة الضابط والصحفى "الفريد روزنبرج" وهو المنظر السياسى للحزب النازى الألمانى خلال عام 1910 حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ومعاناته مع ذاته في تأكيد أهميه وجدوى ما يدعيه من تفوق الجنس الآرى على باق البشر.
و من مجانبات الرواية الخارجة عن النص اشارة مؤلف الرواية فى مقدمة الرواية :-أنه لاتوجد تفاصيل درامية كثيرة عن حياة - سبينوزا - والذى عاش منعزلا عن المجتمع ومنكفئا على ذاته خاصة بعد تكفيره من قبل طائفته اليهودية لنقده آراء الحاخامات ورفضة لفكرة شعب الله المختار وبعض نصوص التوراة والتى يراها محرفة ولاتتفق مع العقل.(المقدمة)ص7...
و اعتمدت الرواية على صدمة الضابط والصحفي النازي"الفريد روزنبرغ" بعد قرائاته المتأثرة بالفيلسوف القومي الالماني الكبير " جوته "، و المنعطفة بتساؤله عن تعجب " جوته" الكثير بالفيلسوف "سبينوزا". ومنه يمكن من استقراء التلاقي البيني للصحفي النازي المنعطف بقوة مع قوة الحجة لعقل الفيلسوف "سبينوزا" الرافض لإمتياز اليهود كشعب مختار،وبمعناه علو كعبهم بين البشر ،وعقلية "سبيينوزا" المتحررة المتضمنه رافضه للفكر النازي ومن خلال سبقه الرافض لفكرة شعب الله المختار ،خاصة ان الصحفي الالماني يرى امته هي الاولى بذلك العلو، وهي من اساسيات الفكر النازي. وازاء هذا الاصطراع البيني نالت الرواية النصيب الأول في حوارية و تسجيل احداث و وقائع اعتمدت التناول السايكولوجي ، لإختصاص الكاتب كطبيب نفساني ، وتكون رؤاه لكل من الفيلسوف المصاب بمحنة الحصار والاخر الصحفي المصاب بالمرض النازي ،وتقاطعه لمايراه سبينوزا وما يريد ان يعرفه الصحفي عن هذه الرؤى.
و هذا ما أثار العديد من الإشكالات في كيفية مقاربة السرد الموازي مقاربة واعية لدى الكاتب وعلى مستوى الأدوات الإجرائية الفنية، أوعلى مستوى التأويل واستنطاق النص بشكل لايفسد من دلالة المعاني الحقيقية للبنى العميقة،وهذا مايمثل عقدة الرواية المتمحورة في السرد واسباب توازي "سبينوزا" الدرامي للسرد مع الصحفي "الفريد روزنبرغ" حيث تولى الصحفي نهب مؤلفات ومقتنيات متحف سبينوزا خلال اجتياح المانيا لهولندا لإيمانه أن تلك الأعمال لها أهمية كبيرة لما اسموه «مشكلة سبينوزا» كما أتضح خلال محاكمات "روزنبرغ" بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وفى الوقت الذى يصعد نجم "روزنبرج" بتنامى علاقته بهتلر ودوره فى الحزب النازى. تراوده دائما اشكالية تقديره لأفكار "سبينوزا" المتحرر من هيمنه وسلطة الحاخامات اليهود،ومن رفضه لمعتقداتهم والمكلل ببدأ مسيرته فى التأمل والكتابة رغم معاناته من الإقصاء والتهديد بالقتل.
ومع الحياة القصيرة للفيلسوف "سبينوزا" ألف خلالها كتابين هما –الأخلاق- والاخر- رسالة فى اللاهوت والسياسة -والذى نشرهما دون كتابة اسمه تجنبا لغضب السلطات المدنية والدينية والتى حظرت نشرهما لاحقا.هذا الفيلسوف الذى عاش بإيمان تفوق العقل وأهميته في تحرر النفس من عبودية العواطف والانفعالات المقلقة.
ولكون الأدب وليد الخيال حتى وإن استقى مادته من واقع الحياة، إلا أنّ مهمة الأديب هي في خلق عالم روائي خاص به، يبني مؤسساته، و يبدع شخصياته، و يدير العلاقات فيما بينهم، فلا تتوقف عبقرية الأديب في هندسة عالمه الروائي فقط، بل في قدرته على مزج الواقع مع الخيال، وقد يستند المؤلف على حدث تاريخي، كما في روايتنا هذه، إذ الوجود التاريخي لسبينوزا وقرار طرده من الطائفة اليهودية، وتفاصيل علاقة "ألفريد روزنبرغ" مع الحزب النازي وعلاقته بهتلر، ومع ذلك تدور في ذهن القارئ الأسئلة...كيف لقامة الأدب الألماني (غوته) الذي يرى فيه "روزنبرغ" مثلًا أعلى للعبقرية، أن يشيد باسبينوزا اليهودي! بل كيف يعقل أن يصاحب كتاب (الأخلاق) لاسبينوزا جيب غوته ولا يفارقه!
يقول مؤلف الرواية "الإرفين يالوم :-(ظللت ملتصقًا قدر الإمكان بالأحداث التاريخية، واعتمدت كثيرًا على خلفيتي المهنية كطبيب نفساني لأتخيل العوالم الداخلية لأبطالي - سبينوزا وروزنبرغ - وقد اختلقت شخصيتيّ - فرانكو و- يعقوب- ليكونا بمثابة مدخل إلى نفسية أبطالي، وبالطبع، فإن جميع المشاهد التي ظهرا فيها، خيالية)*1.
وبرغم تجانب التوليف الفلسفي للسرد لكن انتباه الكاتب في اضفاء التخيل في السرد وتماهيه مع الروح الادبية للعمل الروائي هذا، ليحميه في خروجه الى طابع السرد الأدبي. فلا سعة لإقناع الكتابات الفلسفية ولا مجال للعواطف لتنطلق من عقالها لاضفاء الانصات وبالتالي القبولية بدون اضفاء الروح الادبية للسرد الروائي.ليكون ألمام المروي بلا إفراط أو تفريط وبتحليل مقترح لا يتوقف عند الإحالات إلى التسطح في تناول السير الذاتية لمتني الشخصيتين لا في ذات الشخصيتين بل في متعلقات الاحداث البينة بينهما.
فبعد قرار (الحرم اليهودي) على سيبوزا حتى مماته، منع "سبينوزا" ان يتعامل مع أي يهودي ولمدة عشرين عامًا، بما في ذلك أخيه " غابريل" وأخته لتبدأ مشاكل "سبينوزا" في الرواية حين يزوره "يعقوب" وابن عمه "فرانكو" ويشكو له "يعقوب " من الأفكار الإلحادية التي بدأ يرددها "فرانكو" بعد أن شهد إعدام والده اليهودي حرقا من قبل محاكم التفتيش في البرتغال، و كيف بدأت شكوك "فرانكو" تحوم حول معتقداته اليهودية، إذ كيف يمكن أن يتخلى الله عن شعبه المختار في محنتهم، ويترك لمحاكم التفتيش أن تسومهم سوء العذاب بسبب تمسكهم بديانتهم و تقاليدهم اليهودية، و كيف اضطر بعضهم إلى اعتناق المسيحية ظاهريًا ، أو الهجرة من البرتغال إلى هولندا التي كانت أرض التسامح الديني في ذاك العصر.
و صارت زيارة (يعقوب،و فرانكو) فخ للإيقاع بسبينوزا من البعض،واتهامه بالهرطقة انتقامًا منه بسبب خلاف مالي بينه و بين " دويرت رودريغز " الجشع.
وهذا ما تحقق حين صدر حكم الحرم (النبذ) بعد أن أصرّ "سبينوزا" أمام الحاخام "مورتيرا" على أفكاره الفلسفية فيما يخص الله.
ولابد هنا ولابراز ماهية "سبينوزا" الفكرية وتأثرة البدئي –بديكارت" الذي يعد الأب الروحي للمنهج الفلسفي العقلي،فإسبينوزا هو الديكارتي المتفرد الذي استطاع أن ينهج ويطبِّق المنهج الديكارتي تطبيقًا جذريًّا في المجالات التي استبعدها - ديكارت – نفسه لخشيته من رجال الدين من منهجه، خاصةً في مجال الدين،وفي مجال الكتُب المقدسة والكنيسة والعقائد و جلسات الحوار، عكس –سينوزا – الذي تعرض للتهديد حد الطعن عكس - ديكارت - الذي كان صديقًا لرجال الدين.
يقول " ديكارت" (إني احترم لاهوتنا، وأدعي أكثر من أي شخص آخر بأني سأنتقل إلى السماء، ولكن بعد أن عرفت معرفة يقينية بأن الطريق مفتوح أمام الجاهلين والعلماء على السواء وأن حقائق الوحي التي تقود إليه أعلى من عقلنا . لم أجرؤ على اخضاعها لضعف استدلالاتنا . أشرع في فحصها بنجاح ، رأيت أنني في حاجة إلى معونة خارقة من السماء ، وإلى أن أكون أكثر من انسان)*2 . ليذهب"سبينوزا" لأخضاع مسائل اللاهوت لأحكام العقل و منطقه كما في قوله (لذلك عقدت العزم على أن أعيد من جديد فحص الكتاب المقدس بلا ادعاء وبحرية ذهنية كاملة ، وألا أثبت شيئاً من تعاليمه أو أقبله ما لم أتمكن من استخلاصه بوضوح تام منه ، وعلى أساس هذه القاعدة الحذرة وضعت لنفسي منهجا لتفسير الكتب المقدسة ) ومنه قيل عن سبينوزا من قبل: إنه فيلسوف مُقنَّع يقول نِصف الحقيقة ويترُك النصف الآخر للذكاء أو للتاريخ أو للتطوُّر الطبيعي.
وبقي عقل وفهم "سبينوزا" المحصل للكثير من الراهنية ومن فاعلية التساؤلات التي خاضها حول قضايا عصره، فكتاباته معاصرة لنا في العمق من جهة التحليل والتفكيك. حيث استطاع أن يعارض - ديكارت - دون أن يتنكر له، محافظا على رؤى – ديكارت – للكثير من المفاهيم والمواضيع مثل( النفس، الجسم، الطبيعة والله. لأن نظام العلل ونظام الأشياء كنسقين منفصلين عند ديكارت صارا متوحدين مع – سبينوزا- لأن الله يوجد في الطبيعة وليس جوهرا مفارقا لها.
وان للقاء الشخصين "جاكوب ميندوزا " وابن عمه المشكك بالله " فرانكو بنيتز"الذي احرقت محاكم التفتيش والده لمجرد عثورها على كتاب التورات لديه ولم ينجيه الله وهو من شعب الله المختار وفق استقائئنا لذلك، هذا الحرق الذي اثار غوائر التسائلات المشكة لديه ،واتى طالباً العون من "سبينوزا" ليمحور الكاتب الروائي الكثير من الحوارات في سرد الرواية وفق تنضيج مفصلها الفكري،ما هي لقائات الجلسات الحوارية بين" لوزمبرغ" مع رؤساءه بمعية طبيبه
" ابفلباوم " وما تخللها من كشف لماهيته الفكرية وتأثره بالمفكر الالماني المعروف "تشامبرلاين " (الذي كان له تأثير كبير على توجهات حركات رابطة الشعوب الجرمانية فولكيش في مطلع القرن العشرين وأثّر لاحقًا على معاداة السامية في السياسات العرقية النازية. في الحقيقة، أشير إلى تشامبرلاين بأنه «يوحنا المعمدان الخاص بهتلر»)*3
لقد فهم " لوزمبرغ" "تشامبرلين " بأنه (يبحث ويدعوا الى المسيح الذي تجرأ وتحدى الحاخامات الفاسدين/ المسيح الذي طرد صرافي العملة من المعبد)*4.
وتبقى الرواية لقراءات متعددة بجنباتها المختلفة التلقي للقاريء المنتبه بعقله المستقل اولا عن التأدلج ليكون ازاء فهم منحاز للحقيقة المفروزه لأحداث وموضوعات و رموز عالية الشان التاريخي والمهمه ازاء حضورها الفكري كالفيلسوف "سبينوزا" الذي يعد من اوائل دعاة العلمانية .
..............................................................................................................
*1 رسالة في اللاهوت والسياسة -باروخ سبينوزا- ترجمة حسن حنفي مراجعة فؤاد زكريا
*2مقالة -هل تزعزع الرواية الفلسفية الإيمان؟- رائدة نيروخ .موقع المحطة ادب وفنون.
*3 ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
*4 الرواية ص 51.

 ****

 

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html

رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم

https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79

*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :