wrapper

التلاتاء 23 أبريل 2024

مختصرات :

*بقلم: د.كفاح جرار| الجزائر


أما من صعيدي يقيم الميزان كما ينبغي ويجب؟. مصطفى كامل وزغلول وحتى النحاس لن ينبتوا مجددا في أرض وادي النيل، كما لن يتكرر العقاد والمازني وحافظ إبراهيم، ولكن قد يكون في النهر أروع مما هو في البحر. ولا عتب ولا عتاب على سيسي مصر عندما يطالب قضاته، نعم هم قضاته وليسوا قضاة مصر، بقضاء لا يلتزم بقانون، بل إن الرجل اخترع وابتكر مسألة سوف يحسده عليها جهابذة القانون الدولي والقضاء وحتى كتبة المحاكم وغيرهم.


فالمطلوب حسبه أن يترفع القضاة على القانون وأن يتجاوزوه، وأيضا أن يعملوا بما يرونه صحيحا وسليما، وأما ما تكبلهم به القوانين فعليهم التخلص منه كما يتخلص المتوضئ من رجسه، وهل من رجس أكبر وأعظم من حكم العسكر؟.
لا غرابة إن جاء النقص من ناقص فقد كان هو ولا أحد غيره ممن انقلبوا وداسوا على القانون وترفعوا عليه أيضا، فلا عجب إن طلب من بقية الحاشية القضائية أن تحذو حذوه، باعتباره الثور الكبير الذي يقود القطيع.
ولم يتخلف المتطرفون الارهابيون، عن الرد، كانوا بقدر شراسته وحقده وغضبه، ما يعني أن أقصى التطرف التقى مع أقصى التطرف الآخر، فاكتملت دائرة العنف المصرية، ويعلم الله أين يقود هؤلاء سفينة أرض الكنانة المهترئة الفقيرة الغاضبة الناقمة المقموعة والمضطهدة، حيث يحكم مليون شخص أو أقل أكثر من تسعين مليونا ـ من المغلويبين على أمرهم ـ ، الذين يهزأ بهم من كانوا حفاة رعاة إبل يتطاولون في البنيان، وقد تلاشت بينهم الطبقة الوسطى بفعل القمع والقهر الاقتصادي، فصارت الرشوة في مصر قانونا بحد ذاتها، ومن ذهب إلى تلك الديار يعرف كم تجذرت الرشوة وملحقاتها في قلوب فقراء مصر.
لما كان عسكريا استحق لقب الجنرال الغبي ولما صار رئيسا التصقت به صفة الرئيس الوضيع، فيا لبؤس مصر برجالاتها، والرجل للموضوعية يستحق أن يدرس كنظرية سياسية تتعلم منها الأجيال فن القيادة والإدارة والإستراتيجية العسكرية في إثارة المعارك، ومن أراد أن يتعلم كيف يصنع الأعداء ويكثرهم فعليه بفكر السيسي، إن كان في رأس الرجل أي فكر يعتد به.
والمدهش في السيسي وحكمه وقضائه تعامله المشبوه مع غزة الجريحة المنكوبة، واعتباره لأنصار الشهيد الرنتيسي من أعداء مصر، ويتهمهم بقتاله، والجماعة ما انفكوا يؤكدون نفيهم وتنديدهم بما يجري، ولكن هل تكفي زجاجة عطر لتغيير رائحة حظيرة من البهائم، كم من عطر يجب أن نلقي في الواد النتن حتى تتغير ريحه؟.
الإخوان المسلمون في المقابل، أو ضحية السيسي الأوائل ليسوا حزبا ولا تنظيما، وإنما جماعة، ويعملون بمفهوم الجماعة، وعقلية ونفسية الجماعة، ومثل هؤلاء تصعب هزيمتهم وسحقهم، وإن لم يتدارك الأمر بعض من بقي في جمجته عقل من أهل مصر فلسوف يقولون بعدها سقا الله على براميل الأسد المجرم.
يدهشني من يعارضون السيسي ويمتدحون الأسد.
بين القارئ والحدث
لم يتسن لي ولكثيرين غيري من الصحفيين الكتاب، الاطلاع على رأي القراء بنا، وأقصد بما نكتب ونحلل، وتلك أزمة يعانيها الإعلام الورقي الجديد، وأعتقدها حديثة نسبيا، لم تكن موجودة في عهد الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية والدوريات سابقا، لأن تلك كانت تتواصل مع قرائها من خلال البريد العادي، وتسعفني الذاكرة بكميات لا بأس بها من الرسائل، كانت تحتوي انتقادات ومشاركات وآراء مختلفة، من قراء كانوا يجدون في صحيفتهم صديقا يوميا وأسبوعيا لا يمكنهم الإستغناء عنه، وقد تغير الحال لأسباب يصعب حصرها هنا رغم أهميتها.
وقد أفرز هذا الجفاء بين الصحيفة والقارئ، حالة من الاستكبار والغباء، عند الصحفي أولا والقارئ ثانيا، فاشتغل الأول معتبرا نفسه المعبر الوحيد عن الصدق والحقيقة، وتاه الثاني في متاهات القراءة بعدما أعطى عقله إجازة مفتوحة عن العمل، فبات يتشرب كل شيء كالإسفنجة، دون أن يغربل أو يمحص ويحلل، وقد أتاح لي فضاء الحرية المتوفر في الفيسبوك، معرفة مدى ثقافة القراء وسعة اطلاعهم، إضافة لمعرفتي عن كثب ما يسعد الكتاب ويثلج صدور الصحفيين، الذين أرى معظم أصدقائهم الفيسبوكيين يتمتعون بدرجة عالية من الغباء والبلاهة، مع كمية إضافية من البلادة والجهل.
كان السؤال الفضولي عندي، كيف يفكر هؤلاء؟ وعندما عرفت أيقنت أن عمق الهوة التي بيننا، تحتاج إلى جسر عنيد عتيد، من الصعب إقامته في الحال الراهن.
كما اكتشفت أيضا، وهذا من حسن الحظ والطالع، أن الأحداث العاصفة التي عرفتها وتعرفها منطقتنا ومنها ما يجري في مصر، أننا أمة واحدة قلبا وقالبا وجوهرا وشكلا، رغم غيوم الفرقة وأصوات البؤس، وتمتد من خليج عدن والحديدة الى مضيق جبل طارق وطنجة وما بينهما من بلاد وشعوب تحبل بالآمال والطموحات، وبأتم معنى الكلمة، وما يفرقنا هو الوهم فقط أو هي خيوط العنكبوت اللزجة التي سرعان ما تتمزق وتتلاشى.
فالجميع انصبت أعينهم على ما يجري، وسواء اتفقنا او اختلفنا من اليمن والسعودية والعراق وسوريا والأردن ومصر وفلسطين وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وكأن لسان حالهم يقول، نحن جميعا نقبع في زاوية واحدة وفي بوتقة واحدة وقد حشرنا في وعاء واحد.
ولأن الشعوب كالأشخاص، يعرفون وقت الشدائد والأزمات، ورغم كراهة الحدث الآني فإنه يدل بوضوح على وحدة الأمة وعلى متانة نسيجها وشدة عراها، وتلك ملاحظة لا أعتقد أنها غابت عن أعداء الأمة والمتربصين بها..حتى الجيران الذين يشبهونا في كل شيء كان همهم مثل همنا واقصد ايران وتركيا، جميعنا نشير بإصبع واحد على هدف آمل أن نبلغه قريبا....إنه وحدتنا...

*خبير إعلامي و ناقد .

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :