wrapper

الجمعة 19 أبريل 2024

مختصرات :

*قراءات بقلم: الأستاذ صالح جبار خلفاوي | العراق

 



 
ـ الفيصل ـ باريس ـ ملف إبداعي: يواصل الأديب و القاص العراقي رائد الرواية التفاعلية العربية  " صالح جبار محمد الخلفاوي" بالتنسيق مع " الفيصل"

في عمليات التنقيب في نصوص مبدعين عرب "نخبة كانوا أو مبتدئين" و محاولة قراءتها كما تبدو له كأديب و كقاص و كقارئ متميّز له مكانته على الساحة العربية ، فاختار لنا "صالح جبار " في هذا الملف ـ الدسم ثقافياـ هذه المرة "10" نصوصا أدبية متميزة استهوته و استهوتنا لمبدعين و أدباء من أرض الكنانة .. من خلال هذا الملف نقول لقرائنا الميامين و المتتبعين " أصعدوا إلى "مصر" فإن لكم في حروف مبدعيها متعة و مستقر إلى حين:



المبدعة "نادية محمد"، الشاعر المتألق "عبد الناصر الجوهري"، الشاعر " محمد عبد الحميد عوض"، الشاعر " كمال محمود أبو الحسن" "، القاص " خيري الأزغل"، المبدع" مجدي أحمد"، الروائي الأديب "عصام سعد حمودة"، الأديبة المتميزة القاصة" وداد معروف" ، المبدع الصاعد المثير للتساؤل"ابراهيم أمين مؤمن" ، و القاص المبدع المتميز "مدحت ثروت".

 

1
زيارةٌ: لـ للشاعر عبد الناصر الجوهري - مصر

بلغة انسيابية رائعة يكتب الشاعر المصري عبد الناصر الجوهري قصيدته زيارة . يختار ثيمة ليست مطروقة بكثرة .يتناولها بنمط متفاعل لمجريات معتادة . رغم بساطتها. 
.......
لأنَّها
مبْتورةٌ أطرافُها
تخشى الوقوفْ
لأنَّها مُسنَّةٌ
والسُّكريُّ قد غدا مُسْتوطنًا
أودعها طريحةً،
تحْملها الكُفوفْ
لأنَّها تُخفي جراحًا في الحديثِ، 
ما اشتكتْ حتى مواجع الظروفْ
لأنَّ ما بها... بها 
وساكنٌ حتى الرُّفوفْ

يعود عبد الناصر ليصف لنا حجم مأساة المرأة المسنة والعلاقة مابين العقاقير وقطتها البيضاء . المجتمع ينسى من يكبر.

حُجْرتها قد زُيِّنتْ فوارغُ العقاقير بها
قطَّتها البيْضاءُ أفلتتْ مِنَ الحكَّةِ؛
كى تعْتزلَ اليوم الضُّيوفْ
أزورها
مُودِّعًا
خلفيْ عذاباتِ الحروفْ
وقِطَّةً حولي تطوفْ
وحيدةٌ وفي الجوار مثلها
منْسيَّةٌ
ما مِنْ عطوفْ
لأنَّها
بين ابتساماتٍ تداري خلفها
كلَّ الأنين،
لم تزلْ غافلةً
ما أدركتْ وقت الحتوفْ
لأنَّها
زيارةٌ 
كانتْ تَرَانا في الحياةِ
كُلّنا حتمًا ضيوفْ.

القصيدة تعتمد التفعيلة والشاعر يدور حول فكرته التي تعصف به. لأنه امام حالة ميؤس منها\ ما أدركت وقت الحتوف\ إنها النقطة التي يحاول الجميع التغاضي عنها لكن لامناص منها فهي الخاتمة الحتمية.
اعتماد البعد الدلالي لبعض الكلمات لم ترد اعتباطا إنما تعمدها ليعطي بعدا جميلا لنصه .\ كانت ترانا في الحياة كلنا حتما ضيوف \ كلمة ضيوف تحتمل التأويل ضيوف – زوار \ ضيوف – راحلين الى الأبدية .
يقول عنه لخضر خلفاوي :

"الشاعر المبدع المصري عبد الناصر الجوهري هو غني عن التعريف و له مشوار مع الإبداع الشعري من خلال تتبعي لبعض نصوصه أدركت أنه لا يكتب لملء "فراغات " ـ الطول و العرض ـ للنص الشعري لإعمار الفضاء ببناء فوضوي أو تسويد الصفحات الاستهلاكية. يمكنك أن تشعر بمتعة لغتنا و هو يحوّرها و يشكلها كما يشكّل صانع الزجاج الساخن المحترف لانتاج مزهرياته و تحفه .. على سبيل المثال في نصه "زيارة" يغرر بك بناء نصه فيغويك بحس صوره فتجد نفسك خارج النص و ما أنت بخارجه"

2

مراسيم دفن لـ كمال محمود أبو الحسن الشاذلي | مصر

كمال محمود أبو الحسن الشاذلي وقصيدته – مراسيم دفن تطمئن حينما تقرأها أن الشعر في أرض الكنانة بخير.
شكل القصيدة على شكل مقاطع أستثمر فيها شاعريته واستحضارا ته في الجمع بن السحيق والمعاصر لأجل صورة زاهية .
‏
‎لا تَبْتَئِسْ إِنْ وسَّـدُوكَ الثَّرَى
‎قُمْ ناجِ شيطانَ الغزلْ
‎واعذرْ مجونَ أبي نُوَاسْ
‎فقبلَهُ صاحَ المَلِكْ:
‎اليومَ خمرٌ وغَدَاً...قُرُوحْ
*****
‎الطائرُ المكلومُ بعدَ اليومِ لن ينوح
‎لا تَرْتَجُوا أبا فِرَاسٍ كي تُذَلَّ دَمْعَتُهْ
‎العينُ عَافتْ كُحْلَهَا وحنينَها
‎والبئرُ غارَتْ مِنْ قَديمْ
‎لكنّهم عنها عَمُونْ
*****
إذا الليل أضناني بسطت يد الهوى وأذللت دمعا ... – يشهق بها أبو فراس الحمداني ليأخذها محمود \ العين عافت كحلها وحنينها \ تستمر القصيدة في البوح العميق .
‏
‎لا تَسْأَلُوا ذَا الزَّهرَ سِرّ شَهْقَتِهْ
‎بل سَائِلوا مَنْ يُدْمِنُونَ القطفَ
‎لحظةَ الغُرُوبْ
‎رَصاصةُ مِنْ خُوذَةٍ طائِشةْ
‎قد عَجَّلتْ مراسمَ الدفن الحثيثةْ
‎دمُ الحُسيْنِ لن يجفّ !
‎لا تأمنوا الطوفانَ في. . .أفراحِ غدّ!!!
*****
ترتبط الشهادة في التاريخ العربي والإسلامي بدم الإمام الحسين بن علي لما يمثله من رمزا في الثبات والعقيدة . فالرصاصة عند الغروب تعجل في مراسم دفن الشهيد وعزاؤه في ذلك \ دم الحسين لم يجف \ 
‎المجدُ للرِّيحِ العَصُوفْ
‎اِزَّاورَتْ كلُّ الزوايا القائمة
‎تداخلتْ كلُّ الخُطـــــوطْ 
‎على تُخُومِ المَشْرَحَةْ
‎لاشيءَ يستدْعِي النُّوَاحْ
‎كلُّ الدماءِ سُجِّرَتْ
‎بِوجْهِ ذاكَ الأُخْطُبُوط
‎تُعيدُ رسمَ الهمهماتِ.....دائرةْ
*****
‎لاعُذرَ للمَصْلُوبِ جوعاً في سُوَيْعاتِ الأفُولِ 
‎قُربَ ساحاتِ التســوّلْ 
‎إنْ لم يجرِّدْ سيفَه السُّفليَّ في ثُكْنَاتِهِم.....
‎إنْ لم يعفِّـرْ سِحْنةَ الوجهِ الأثـــــيمْ
*****
‎المجدُ للأحجارِ تهوِي في غياهبِ الأُسُونْ
‎تُغربِلُ الأقلام مِنْ قِناعِها المُوَشَّى
‎وتُوقِظُ الأحلامَ مِنْ نشيدِها المزيَّفْ
‎تـدُكُّهُم...: 
‎مَنِ ارْتَدَوا عَبَاءةَ "ابنَ العُلْقُميّ"
‎مَنْ أدْمَنُوا ترديدَ مَزْمُورِ التزلُّف
‎وشَرْعَنُوا الدِّياثةْ
‎مَنْ عبَّأوا أنهارَنا نَجَاسة
‎مَنْ صيَّروا تاريخَنا مِرْحَاضَ قَيْءْ
*****
‎المجدُ للأَحْجَار تَهْوي في غياهِبِ الأُسُون 
‎تُحرِّك النزيفَ نحوَ باحةِ التجَلَي...
‎تصطادُ مِن مَأساتِنا ابتسامةَ التطهُّرْ
‎هَـواؤُها يُعيدُ نبضَ الذَّاكِرَةْ... يَمُدُّها بالأوكسجين
‎والعارُ للطَّاغُوتِ والطَّلْعِ الخـَؤُونْ
‎العارُ للشِصِّ الذي صادَ العُيُونْ
*****
‎لاشيءَ يستدعي الفَخَارَ سِوَى الكَفَنْ
‎بَياضُهُ لا جيبَ لَهْ
‎لا بيعَ فيهِ 
‎لا شراءْ
‎دمٌ بدمْ
‎والقبرُ أُولَى المُعجِزاتْ
‎هابيلُ يَحْيَا... ثَائِرا

قضية الشاعر الخيانة ومن ولغوا في التاريخ \ ‎مَنْ عبَّأوا أنهارَنا نَجَاسة\
‎مَنْ صيَّروا تاريخَنا مِرْحَاضَ قَيْءْ\ هؤلاء جعلوا من حياتنا \ ‎مَنْ أدْمَنُوا ترديدَ مَزْمُورِ التزلُّف\ وشَرْعَنُوا الدِّياثةْ\ إشارات واضحة لما يعتمل تحت السطح أو المخفي يصنع منه \ هابيلُ يَحْيَا... ثَائِرا\
ما قاله لخضر خلفاوي:
"الأستاذ المبدع "كمال محمود أبو الحسن الشاذلي" جدير أن تقرأ نصوصه و يسعدني أن يقع نصه بين يدي الأستاذ صالح جبار لتفكيك جمالية التشييد اللفظي و الصوري المستعمل من قبل مبدعنا المصري "كمال محمود"..



3
يقول عنه الأديب الشاعر لخضر خلفاوي :

ـ" الشاعر الأديب "محمد عبد الحميد عوض" كاتب أنيق في تشكيل نصوصه، ممتع في أدلجة أفكاره بأسلوب سلس غير معلن.. أنيق الموسيقى و الإيقاع الشعري.. جدير أن يقرأ له …."

*السير على الماء : للشاعر "محمد عبد الحميد عوض | مصر
‏‎ وطنى في أعشاش الطير
‎ طعامي من كبد الريحِ
‎ وخبزي قمر الأقمار
‎أعرف سرّ الليلِ وأغمسُ قلبي...

أحدى الأوصاف التي تطلق على الصغار الذين يموتون وهم لم يبلغوا التكليف ان أرواحهم توضع في حواصل طيور الجنة. كذا وطن الشاعر محمد عبد الحميد عوض هو يصرح\ ‎أعرف سرّ...الليلِ وأغمسُ قلبي...\ المعرفة هنا معرفة روحية لذا يقتفي الأثر \ أتوضأُ بالنور... أتسرّبلُ  بالنار...\ وهي الثورة
‏
‎ فى ملكوت الأخطار....
‎ وعند نزال الروح مع المجهولِ 
‎ أتوضأُ بالنور... أتسرّبلُ  بالنار...
***
‎عبثاً حاول ظلِّى ...أن يقتفى الأثر
‎ ليغنم بالإبل القرشية..
‎لكنى كنتُ نسيج عناكب 
‎  وهديل حمامٍ عند الغار
‎ طلع البدرُ.. وحنّ الجذعُ 
‎ وطالت أعمار 
‎  حين رأونى رؤيا العين
‎ لارؤيا  القلب ولا....زاغت أبصار

يستخدم السيرة النبوية ويضع نفسه جزيئه من سفر مجيد \ لكنى كنتُ نسيج عناكب\   وهديل حمامٍ عند الغار \ يتوقع أن هذه الخصيصة تجعل منه متسربلا بالنار – الثورة. يحاول الشاعر مع إضفاء هذه الصفات ادلجة النص على ما رسخ في داخله من إيمان .
‏ 
‎   أنتعلُ الماء.... أخطو فوق اليمِّ 
‎  كأنى صرتُ كليماً... 
‎  أضربُ بعصاي البحر ، فتنكشفُ الأسرار
   ***
‎  صوتٌ نورانىٌ نادى...
‎"  كُن عبداً ربّانياً...تجرى فوق اليمّ 
‎   "تركبُ ظهر الريحِ وتعرج للسدرةِ دون ستار

مثل كل المؤمنين بعقيدة لابد إن يتحدث عن المعجزات . وعن الأصوات والأنوار , لاشك أن توظيف القصيدة بها جزء تربوي أو دعوة لأمر ما وفق معادلة شعرية لسهولة الوصول الى المتلقي مع جمالية الطرح لشد الانتباه لذا ابتدأ الشاعر من الجنة وانتهى في الطريق اليها .

4

ومضات للقاص "خيري الأزغل| مصر

الاختزال هو سمة الومضة بقدر ما يكثف في الجملة يتسع المعنى .من البديهيات أن استخدام الكلمات أو الصفات بدون ( أ ل ) التعريف تُصيَّر الجملة ذات معنى واسع وغير محدد
‏
‎عمى: 
تاه؛ اتخذوه دليلا.
*
في ومضة عمي المعنى قريب ومفهوم . فيما لو كان العنوان \عم . لكانت الدلالة اشمل . أيضا تسمى هذه الومضات بالبرقية وذلك لتشبيه ما قلّ ودّل
‏‎شروق:
تنفس الصبح؛ اختنق المستحيل.
*
الآية القرآنية تحمل في دلالاتها معاني كثيرة . والصبح اذا تنفس . في هذا الوقت يصبح الكون كله رئة تطلق الزفير وتسحب الشهيق . من شهيق الضياء الأول للنهار وزفير أخر عتمة لليل . كم من الكائنات تتحرك . وكيف تدب الحركة في المعمورة . أنه الإعجاز السماوي .
‎سواعد:
هوى بفأسه؛ عَلَا بأسه.
*
الفأس صنو الحراثة . المجتمعات الزراعية يكون فيها للفأس مكانة مميزة . باعتبارها من أدوات الحقل . لا يمكن الاستغناء عنها, لذا ارتبطت بقيمة العمل الذي فيه علو الشأن . عكس البطالة .
القاص أستخدم كلمة \ بـأسه \ من معاني البأس –القوة في الحرب – كما في القرآن الكريم \ أذا كان وعد الآخرة بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد \ مع الاعتذار إذا كان هناك خطأ في الآية أنما قصدت المعنى فيها.
‏
‎زواج:
ركض خلف المهر؛ زفوّه إلى القبر.

قيمة ومضة زواج مجتمعية وهي مفصل لمعظم الشبان والشابات لما يمثله الزواج في حياة الإنسان من الاستقرار النفسي وتكوين أسرة . لذا يسعى الجميع الى ذلك . لكن من معضلات الزواج حجم المهر الذي يصل أحيانا الى درجة خيالية ترهق الخاطب . خصوصا مجتمعاتنا الشرقية تعتبره جزء من الوجاهة أو ضمان مستقبل البنت أو عدم الوثوق بالعريس .
كل ذلك يؤدي الى نتائج عكسية خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بين حبيبين . أستطاع القاص ببرقياته الومضية أن يوصل لنا أفكارا عائمة على سطح المجتمع وتشكل أحيانا بعضا من مشاكله . بجمل مختصرة جدا ومعبرة بمعنى واسع عما أريد لها . 


5

مدفأة صيف: للقاص "مدحت ثروت" | مصر


قصة قصيرة:
لم تكن جلستها على كرسيها الهزاز أمام المدفأة أمراً طبيعياً، فالقميص الأبيض الشفاف يكشف أجزاء من جسدها المُتحرق لهفة له، ويكشف حُمرةً ما ظنّت يوماً أنها ستحدث، هامت في جلستها أمام المدفأة الخامدة إلا من نار مشاعرها، رجعت إلى خوالي السنين،
حين كانا معاً يوم زفافهما أمام نفس المدفأة وناره تُشعل حطبها رغم برودة الشتاء المتسربة لفؤادها الثلجي، كانت أنفاسه تمزق شرايينها عبثاً محاولاً إيقاظ إحساسها.
اهتز الكرسي إلى الأمام، فملأت كأسها ورأسها يتدلى مع نهد وحيد أكلت التجاعيد معالمه، طالما أراد وضع رأسه بينهما دون جدوى، قبّل جبهتها مُنتزعاً طرحة الزفاف، فعادت برأسها عنه إلى الوراء لترى كف بصيرتها حين باتت ليلها بجواره على سرير أسود ظنه سيكون بستانه الأبيض وهو فارسها، لكن فارسها ما زال في أحلامها وقد أخذ عروسه وطار، ورأت شفتيه المُكتنزين وهما ملتهبتان عشقاً تناديان شفتيها في هيامٍ عذري يخجل أمام تمنّعها، والآن جفّت شفتيها من حسرة الوقت المُنصرم، تزلزلت أحشاؤها في هذه الاهتزازة الأخيرة حين دقّ برأسها ناقوس ذلك اليوم الذي علمت فيه بإصابتها بهذا الوحش اللعين في ذلك النهد المرمري، وفارسها الأمير المُتوج وحصانه الأبيض قد تلاشت صورتهما ولم تعد أمامها، بل ذلك العبد الذي طالما أحنت رأسه وأذلت كبرياء رجولته إلا أنه أبى إلا أن يترك غرام حياته كبنت يم غارقة في أحزان الموت وظل يجابه معها سكرات الحياة المميتة حتى انتصر لها وانتصرت به. اغرورقت عيناها حين شعرت بذراعيه القويتين تحملانها من الكرسي الهزاز وهو يشم مسك شعرها قائلاً لها: عيد ميلادك عيد حياتي فكل عامٍ أنتِ حبيبتي.

القراءة:
مدحت ثروت قاص متمكن في قصته مدفأة صيف يستخدم الكرسي الهزاز مثالا للثيمة التي يعمل عليها. البطلة في خريف العمر أختار لها مدفأة تحوي ذكرياتها هي ذات المدفأة لكن تغير الحال جعل منها :

\ ، هامت في جلستها أمام المدفأة الخامدة إلا من نار مشاعرها، رجعت إلى خوالي السنين \
يستخدم القاص الفلاش باك \ كانا معاً يوم زفافهما أمام نفس المدفأة وناره تُشعل حطبها \ رمزية المدفأة تمثل المشاعر خامدة \ مشتعلة .

المرض جزء فتاك لما يدور معها خصوصا وهو لم يسمي المرض – الا انه من الظاهر سرطان الثدي –
استئصال نهدها صورة لما دارت عليه العلاقة بينها وبين فارسها \ حين باتت ليلها بجواره على سرير أسود ظنه سيكون بستانه الأبيض وهو فارسها \
حتى السرير لونه أسود مما يعكس حجم الإحباط.

مع كل هذه السوداوية التي غلفت النص ألا أن القاص أبقى في نهاية القصة ضوءا يبعث على الأمل \ إلا أنه أبى إلا أن يترك غرام حياته\ ويستمر في انفراج النص \ . اغرورقت عيناها حين شعرت بذراعيه القويتين تحملانها من الكرسي الهزاز وهو يشم مسك شعرها قائلاً لها: عيد ميلادك عيد حياتي فكل عامٍ أنتِ حبيبتي \

قصة اشتغل عليها القاص بروية استطاع من خلالها استثمار رمزي موفق وربطه مع الحدث رغم افتقاره الحركة .

6

لن أكون: للشاعرة " نادية محمد" ـ مصر

الشاعرة المصرية نادية محمد تبحث في ثنايا روحها عن أسئلتها المحيرة في صيرورة ذاتها حتى الفجر تبقى في دوامتها. هذا السؤال الفلسفي الذي طالما أتعب النخبة .

لن أكون ! كم تلفظت كثيرا بهذه الحروف ؟
لن أكون أنا ! أنا ! من أكون أنا ؟
حتى أقول أنني أنا حين أتى الفجر وخلعت من ثوب أمي كنت لازلت دون أي أنا
مجرد حروف أضيفت للتاء المربوطة ياء منادى أنت

وحتى لما يحل الصباح وتستحيل الشاعرة الى نبتة خضراء والدلالة هنا بقاء طراوة الحياة رغم معاناة السؤال . إنها تعيش منفصلة بوجود مرهف تبحث في أشيائها عن معنى وجودها .

جاء الصباح وكنت نبتة خضراء ثم حمل النهار شموعه الصفراء
وأتتني فكرة سيفا و مهرة سمراء حلم يصعد على ظهر حلم
وأصبح معراج لسماء الحلم السعيد ودون إنذار تناثر زجاج
يرحل النهار مع شموعه الصفراء . لتصبح نادية مهرة سمراء كمجموعة أحلام متراكبة الى أن تصل الذروة في معراجها بعدها تتناثر كزجاج يصعب إصلاحه .

أول حلم دموع وأهات الحب الوليد والحلم الثاني أرصفته أصابها الشلل
وجاء إليها يسعى قال يا أنت هذا معتوه خذي بيده لحديقتك عجبت !
يدي مطوقة بيده بميثاق غليظ
زحف الليل بطيئا بطيئا وسحق هامتي أنا
وأمسيت لست أنا حتى مرآتي لم اعد أرى فيها صورتي

الأوقات والزمن لدى نادية محمد له طقوسه . الليل يزحف بطيئا على جسدها . يفند أحلامها الواحد تلو الأخر بلا رحمة . تعيش زمنين زمنها النفسي والزمن العام. كلاهما يطفئ مرآتها لم تعد ترى صورتها . قتامة المشهد تعكس ضراوة محيطها المثار بمحنة السؤال .
والى الآن ابحث عن أصل ملامحي لا تشبه الصبح ولا المساء
مجرد تاء تأنيث بطعم الكرامة وحروف الانتماء.

تناقض الزمن بمفصليه مع كينونتها يجعلها \ مجرد تاء تأنيث بطعم الكرامة وحروف الانتماء. \ هي في عزلة وغربة لأن ملامحها لا تشبه الصبح ولا المساء. قصيدة تحمل هما فلسفيا طالما ارق أصحابه كذلك تخوض نادية في بحره المتلاطم بصعوبة عسى أن تجد منفذ.

7

* "زيت الورد و أشياء أخرى " للقاصة وداد معروف | مصر


على مائدة فى زاوية من الغرفة وضع قارورة الزيت وزجاجة الماء المثلج ومجمرة البخور, أشار إليها أن تتمدد على السرير, انقبضت من هذا الطلب, لكن إشارة أمها جعلتها تلقى بطرحتها جانبا وتستجيب, ثبتت عيناها فى السقف لتهرب بهما من عينيه, بدأ يتلو عليها آيات القرآن ؛ لا تعرف لماذا خفت صوته وتطلسمت كلماته فلم تعد تفهم ما يغمغم به, قرّب المنضدة منه ومن تحت الغطاء مد يده يدلك جسدها بزيت الورد المخلوط بالزعفران ظل يدعك ظهرها بقوة, تململت من ثقل يده على ظهرها, نهرها قائلا : اثبتى ألا ترى جسدك كيف يتشرّب الزيت ! لقد عقد لك سحر لا يقوى على تحمله بشر, سترين بعد أن يمر الزيت على جسدك كله أن هذا آخر عهدك بوقف الحال.
انفرجت شفاه الأم عن ابتسامة واسعة وقالت : سمع الله منك دكتور صوالحى ، أترجاها من عامين أن تجلس أمامك هذه الجلسة فتأبى علىّ.
صرخت سلمى من سخونة الزيت وناشدته أن يكف!!
مهدئا لها : وهل وضعته على النار؟ إنها الرقية السليمانية التي قرأتها عليه حولّت زيت الورد اللطيف إلى زيت حارق للجن الذى وكل بوقف حالك, ناوليني هذا الماء المثلج يا أم سلمى فقد احترق ولم يتبق إلا أن نطفئ رماده, استشعرت راحة مع قطرات الثلج, عاد للقراءة مرة أخرى وعندما خفت صوته بالطلاسم دعت ربها أن يبرئها من فعل هذا الرجل و قوله ؛ فقد انهزمت أمام إلحاح أمي فسلمت وأنا كارهة. وددت أنى قذفت بهذا الرجل وزجاجاته من النافذة, ربى لا تجعل له علىّ سبيل, لم يجد عندها الإجابات التي توقعها, هذا يؤلمك ويشير إلى ظهرها فتهز رأسها أن لا, يضغط على ذراعها بقوة ويقول : لكن هذا يؤلمك ولا تستطيعين حمل حقيبتك منه. ..فتأتيه الإجابة بلا.
حالتك تقول إنك لا تحبين الإقامة في المنزل؟ فترد بإصرار : بل أحب.
سماع القرآن يهيج أعصابك؟ تبتسم وتقول : بل يهدئني ويخشع له قلب.
أخفى ضيقه وقام يجمع حاجياته وأرتدي جاكتته وخلل بأصابعه شعره الناعم المصبوغ بعد أن تشعث من المعركة التي دارت بينه وبين جسدها المسكون, تأملته بعد أن أكمل هندامه وحمل حقيبته الأنيقة وقالت لنفسها وهى ترمقه بنظرة ساخرة: حتى وإن تواريتم خلف المناصب المرموقة وخلعتم السبح والمرقعات واتخذتم البدل ورابطات العنق واستبدلتم بلقب الشيخ لقب الدكتور لن يغير هذا من حقيقة دجلكم شيئا, وعند الباب نقدته الأم الخمس مائة جنيه الموعودة واستفهمت عيناها عن القادم؟
فقال لها : ابنتك مرهقة جدا ولا تؤمن بأسلوبي فى العلاج ولذا ستطول المدة, أكملي لها التدليك واقرئي سورة البقرة على الماء الذى ستشربه وناولها ورقة بها كلمات مقطعة ورسوم وخطوط مربعات ودوائر قائلا لها : وهذه ترقى بها كل ليلة .
نهضت سلمى سريعا لتتخلص من أثر الزيت على جسدها وتلقى عنها ما لحق بها من أدران الخرافة, خرجت من الحمام متخذة قرارًا أعلنته لأمها : لن أستمر في هذا العبث, فلم يرغب عنى الرجال ولم يتوقف حالي بل أنا التي رغبت عنهم .
جرت أمها خلفها وبصوت يهزه الخوف : أخبريني عن سرك ما الذى جعلك ترغبين عنهم؟ هل استدرجك أحدهم .. لماذا ترفضين كل من يتقدم لك؟ يصفر لونك كلما حدثتك عن عريس جديد !! وضعت سلمى يدها على فم أمها وهى تقول: “لا تكملى ..لا تكملى … مازلت عذراء ولك أن تتأكدي إذا أحببت”.
جلست الأم على المقعد القريب منها مكدودة متوجسة وجلست سلمى قبالتها تهدئها وبصوت باك قالت: دعيني أحيا كما أريد, هل سيختل الكون لو ظللت فيه فتاة دون زواج؟
لن يختل وإنما أنا عقلي هو الذى سيختل . كيف أتركك دون زواج دون رجل يحميك ويدفع عنك الطامعين ويقوم على شؤونك؟
لكنى ناضجة وأعمل وأعول نفسي فما حاجتي لرجل؟
ولو كنت محافظ هذه المدينة ؛ فأنت امرأة قليلة الحيلة لا تستطيعين أن تمشى وحدك ليلا إلا فى حراسة أب أو اخ أو زوج .. بلغت الخامسة والثلاثون ولن أتفرج عليك و أنت تذبلين أمامي .
وهنا أدركتها الثقوب الثلاثة, رأت يد العجوز وهى تعبث ثم قفزها من على ساقيه ونظرة أمها الحانقة وقد دفعتها أن تعود للجلوس مرة أخرى؛ فالسيارة ضيقة وتكدس حجرها بالرضيعة والحقائب هو مثل جدك لم تقفزين. تمثل المنور أمام عينيها وعمتها تنزلها بيدها لتمسك بالدجاجة التي ألقاها ابنها عمدا فتجده فى قاع المنور ينتظر انصراف أمه وينقض عليها ضما وتقبيلا وخفضا ورفعا لم تكن خلال عتمة هذه الثقوب قد تجاوزت التاسعة وحتى بعد أن بلغت الحادية عشرة كان هناك ثقب ثالث ينتظرها لكنه كان أوسع وأكثر ظلاما ورهبة, لا تعرف لماذا هب التي تعرضت لكل هذا السواد الحالك, ربما غيرى كثيرات لكنهن مثلى لم يقلن شيئا ذهبت لتنام بجوار طفلة أختها بعد أن غادرت أختها للعمل, كانت طفلة هي أيضا غرقت في النوم فلم تدر إلا بيد يخلع عنها ملابسها انتبهت فإذا هو عار تماما, ارتعش قلبها لا تعرف أين سحب الدم من جسدها؟ قفزتها خطوة من السرير إلى باب الغرفة, عرقلها فوقعت ..التصق بها …ضعيفة فلم تقو على دفعه كان حريصا (…) لكنه أفرغ ما فى نفسه و كانت هذه هي القاضية, فهذا هو الرجل الذى يريدون أن احتمى بظله؛ العجوز والمراهق والناضج كلهم ذكور وكلهم هتكوا سترى ودنس براءاتي, فى كل مرة انتهكت فيها لم أقل شيئا ..!!
قفزت وعدت إلى مقعدى على ساقى العجوز ولم أقل شيئا
عندما صعدت من المنور شاحبة مكدودة مقطوع فستانى الأحمر لم أقل شيئا
انسحبت من بيت أختى بهدوء بعد فعلة زوجها ولم أقل شيئا
وسيظل فمى مغلقا للنهاية ولن أقول شيئا.

القراءة:
\ وسيظل فمي مغلقا للنهاية ولن أقول شيئا.\ بهذه الجملة أنهت قصتها وبذلك أسدلت الستار عن ما أصطلح في الأدب المسكوت عنه البداية كانت موفقة جدا حيث وظفت ثيمة الدجال بلباس حديث ويسمى دكتور .
السرد سلس استطاعت القاصة الانتقال بالحدث من مكان إلى أخر دون الشعور بقفزة .
\ وهنا أدركتها الثقوب الثلاثة,\ هذه الجملة شكلت طفرة في السرد. بدت وكأنها علامة معتمة عن نص أخر . وذلك لأنها كانت تقدم المبررات لوالدتها عن سبب عزوفها عن الزواج وفجأة يحدث شرخ الفلاش باك .ٍ
الثقوب الثلاث التي شرخت نفسيتها تبدأ من ساقي العجوز هذا المتكأ لم يكن أمينا بما فيه الكفاية . لأنه لم يكن حريصا على أفعاله إضافة إلى إن القاصة استخدمت ثيمة العجوز باعتبار كبار السن في المجتمع يمثلون القيم الأخلاقية الثابتة وهم من يتصدى لها .
الثقب الثاني ويتمثل في سلوك أبن عمتها . وكان سلوكا صبيانيا طائشا لكنه شكل شرخا في عزوفها عن الارتباط .
بقيت الحالة الثالثة وهذا النوع من الثيم يتكرر في ألسرديات العربية عموما . يبدو أنها حالة شائعة في المسكوت عنه . وإلا لا تتكرر .
كانت المفصل الذي انقض ظهر البطلة .كونها كان فعلا في العمق . أدى إضافة إلى بشاعة الفعلة انهيار منظومة العلاقة الأسرية باعتباره زنى محارم هذه المعرقلات أجادت القاصة في إظهارها والتأكيد على الثيمة الأخيرة لتستنتج \ فهذا هو الرجل الذي يريدون أن احتمى بظله؛\
استخدمت وداد معروف الأفعال المضارعة لتحريك الشخوص وبالتالي النص ليبدي مائج فيما طرح من قص مفعم بنكهة سلوك مجتمعي لا يتوقف .

8

بعد البحر: لـ"عصام سعد حمودة ـ الأسكندرية ـ مصر


التقيت به مصادفة، أخبار الأسرة تنساب منه في تلقائية، حين بدأ حديثه عنك بدأ يتحفظ في بعض كلماته، قال أنك مضيت بعد زواجك لبلاد أخرى بعيدة بعد البحر. تضل حروف أخباره وكلماته طريق مستمعي.
أمارس نفس الطقوس التي كنت أمارسها قديما في انتظارك حتى تخرجي من العمل، ساكن هو البحر.. ترتجف المراكب الصغيرة على صفحة مياهه في اهتزازات خفيفة، اختفت النوارس، شباك الصيادين خرجت خاوية.. يمتد شعاع البصر للبعيد بعد البحر.. وشعاع واهن من خيوط ذاكرتي صغيرا أمام البحر في خشوع.. أبحث بعيدا بعد الشمس الغاربة عن مدن أخرى فلا أجد.. شوارع المدينة مجهضة بفعل آلات الحفر.. شبابيك عديدة مغلقة وقد علتها الأتربة السوداء. تسيرين في الشوارع، تقودين سيارة موديل حديث لونها رمادي.. كنت تحبين اللون الرمادي.
صعدت برج إيفيل، مررت من تحت القوس، نظرت تماثيل الفلاسفة الذين حدثتك عنهم.
من باب الكافيتريا ذي الأعمدة الضخمة الكثيرة مثل بهو معبد فرعوني، في ذات المقعد أجلس، مقعدك قد بدا خاويا إلا من عبق أنفاسك.
تحكين لي عن فتاة عشقها جني.. حملها فوق كتفيه طاف بها العالم، مضى بها بعيداً.. طاب لها المقام معه، تزوجت الجن بعد أن نسيت وعودها لحبيبها.. خصلات متمردة من شعرك من تحت الحجاب أسويها بأصابعي، ترتعد أهدابك يتلون لون بشرتك الخمري، عيناك ترتعش، شفتاك تطبق العليا على السفلى تخفي بروزا خفيفا من الأسنان اللامعة.
تزوجت حين جاءني خبر مجيء الجن ليأخذك معه بعيدا لبعد البحر.
تقضين معظم الوقت بين رسائلي يخالجني الشك.. الكافيتريا مازالت صور الأهرامات والمعابد تزين أعمدتها.. النادل مازال يثرثر كثيرا،فتى وفتاة يحدثها عن هنا تحدثه عن فتاة أخذها جني ومضى بها لبعيد.. آخر مازال يكتب.. البعض يتصفح جرائده في رتابة، آخرون يصنعون في الجو تهويمات رمادية اللون من دخان الشيشة.
امرأتي حين أخبروها أن مولودتها بنت أطلقت عليها اسمك في عفوية شديدة. تعرفين.. تحمل البنت نفس لون بشرتك الخمري رغم بياض بشرة أمها..
من الواجهة الزجاجية أراك.. الخطوات ، الوجه، البشرة، الفستان الذي كنت ترتدينه في أخر لقاء بيننا.. أدعك زجاج النظارة المغبش بفعل بخار كوب الشاي المتصاعد لوجهي، أهب. ينقلب المقعد، أقذف بالحساب في كف النادل.. أتجاهل ثرثرته وتساؤلاته الكثيرة. اصطدم بأحد الأعمدة، تشج الرأس أضغط باليد أداوي الشج. في الشارع عيناي تجول فيه، وقد بدا خاويا من المارة.(عصام سعد حمودة ـ الاسكندرية)

القراءة:

بلغة شعرية حالمة يكتب القاص الاسكندراني عصام سعد حمودة نصه الموسوم بعد البحر . النص كتب بأسلوب الرسائل باستخدام المنولوج الداخلي الذي لم يتوقف عن استرجاع كل ما حصل بين البطل وحبيبته وانعكاسه على زوجته .
\ امرأتي حين أخبروها أن مولودتها بنت أطلقت عليها اسمك في عفوية شديدة. تعرفين.. تحمل البنت نفس لون بشرتك الخمري رغم بياض بشرة أمها..\ هذا االنوع من التعلق لا يأتي من فراغ أنما هناك نوع من القرابة أو الصداقة بينهم الثلاثة . فهو يتتبع أخبار حبيبته والعلاقة في داخله لم تنته رغم الزواج . مع امتداد النص هناك فعل مصاحب . امرأة وعشيقها الجني .استخدام رمز الجني في القصة والموروث الشعبي لما له من القدرة في الحصول على الأشياء و التنقل بسهولة ويسر وهو حلم بني ادم عموما . لكن عصام رمز به الى الرجل الغني . لذا كان يرصد جولاتها .
\ صعدت برج إيفيل، مررت من تحت القوس، نظرت تماثيل الفلاسفة الذين حدثتك عنهم. \ استطاع عصام أن يأخذنا الى عالم شعري لسرد مسبوك بعناية فائقة تنم عن قدرة كبيرة .

9

"إبليس في محراب العبودية" للمبدع " إبراهيم أمين مؤمن" | مصر

قال عنه الشاعر لخضر خلفاوي ( هذا الكاتب ، متميز جدا في كتاباته، غريب جدا في أفكاره، و مفاجئ في بعض الأحيان .. اكتشفته الفيصل أو هو الذي اهتدى إلى الفيصل، و شجعناه في النشر و صار ينشر الآن في عشرات المواقع. 
‎ "إبليس في محراب العبودية" للمبدع " إبراهيم أمين مؤمن" |
مصر

‏
‎لم يثقْ عزازيل في أي جني، حتى ولو كان من أحد أبنائه مثل داسم، وداسم يعلم ذلك،لذلك ،تسلّل في جنح الليل سارياً على ماء مثلث برمودا ومعه شمهروش ,تسلّل متّجهاً إلى عرش أبيه إبليس حيث ينام في ظّله.
‎كان يخشى أن يراه أحد الحرّاس الجان فيمنعه الدخول لعدم علم إبليس بقدومه في هذا الوقت من الليل،كذلك من مصاحبته ذاك المطرود من رحمة أبيه عزازيل، وهو العِفريت شمهروش الذى دعاه يوماً إلى الذهاب لقبر آدم والسجود له، وعدم طاعته لأوامره فى غواية بني آدم .
‎وإبليس يعلم علم اليقين أنّه مخلّد ,ولَكَمْ حاول أكثر من جنّي عبر الدهور اغتياله فلمْ يُفلح ,ولقد دُقّتْ طبول الحرب بين مواليه وأعدائه وكان المظفّر دائما،حتى فى هزيمته يفرّ ثم ما يلبث ان يثبت عند مثلث برمودا المحصن ضد كل إنسٍ وجان.
‎إنقضّ داسم على أبيه وسلسله بسلاسل من مادته ،سلاسل من نار، وكتم أنفاسه حتى لا يستغيث بالحرّاس ، كما تلفّظ متوجّعاً ءاسفاً دامعاً من فعلته قائلاً..سامحني يا أبى فإني أُريد لك حسن الخاتمة كما أريد الهداية لبنى ءادم فكفى غواية يا أبتِ، ثمّ أقدم عليه شمهروش واقتلعَ قلبه من صدره ووضعه فى قلب ابنه داسم بعدما اقتلع أيضاً قلب داسم ووضعه فى قلب أبيه إبليس.
‎وكان ذلك أمراً هيناً على شمهروش إذ كان طبيباً لا نظير له ،كان الجان يلقبونه بعيسي ابن مريم الجني لهذا الزمان.
‎خرج داسم بقلب أبيه ومعه شمهروش متخفّياً تاركاً إبليس مُكبّل بالأغلال مكتوم الأنفاس.
‎ولمّا حانتْ نوبة أحد الحرّاس نوى إلقاء نظرة على سيده إبليس ،وجده كما تركاه، فأسرع بفكّه ونزْع لجام النار من على فمه.
‎وبمجرد فكّه أخذ يسأل ويتوعّد قائلاً، أين الحرس وظلّ يردّد كلمات الوعيد والعزْل لغفوتهم وإهمالهم فى حراستهم.
‎ولم تحنْ لحظة تكيّف القلب الجديد مع روحه وجسده ،فنحن ألان مع إبليس جسداً وقلباً ،لذلك توعّد وجار.
‏‎قال داسم متأهّباً:ألان معي قلب إبليس محل الثواب والعقاب ،فهيّا يا شمهروش إلى أتقى أهل الأرض لننفّذ خطتنا واسجدْ له لنبنى سويّاً مجتمعاً عالمياً من الأنس والجان خالٍ من الحروب والرذيلة، تلك التى أنهكتهم وأشقتهم على مر العصور.
‎ونجنّبه الغواية والوسوسة الشرّيرة,وليغفر الله لأبى ويهدِه كما هدانا.
‎لنخطّ صفحات الهداية لمستقبلٍ أفضل لنا وللبشريّة. 
‎مضيا معاً متجهيْن إلى العبد الصبور الشكور..مهلائيل.
‎فلمّا وصلا وجداه ساجداً لربّه ،والأغلال فى عنقه ويديه وقدميه ومكتوباً على جبهته من قِبل أعدائه بين قرني شيطان " الإرهابى الأكبر" .إذ كان المجتمع الدولي كلّه يلعنه شرقاً غرباً.
‎كانتْ الزنزانة ضيّقة لدرجة أنه لا ينام فيها إلا مقرفصاً، ينام كما الجنين فى بطن أمّه.
‎زنزانة لا يدخلها ضوء النهار فهي قطعة من ليلٍ بهيم.
‎ولا يعبرها هواء كأنها متموضعةً فى السماء،لا يكاد المرء يتنفس فيها كالمريض بضيق شرايينه .
‎سمعاه فى سجوده يحمد الله ويثنى عليه ويدعوه بفكّ كربات الناس.
‎ويذكر ويذكر ويردّد ويقصُّ من أمره،وكان من أمره يوم أن حرّض شعوب العالم المستعبَدة كلّها الخروج على حُكّامهم الظلمة الذين منعوا ذِكر الله فى المساجد وسعوْا فى خرابها ، وإقامة دستور الحق الذي يقيم العدل للبشرية جمعاء.فتكالب الحكّام عليه واعتقلوه ووسموه بالإرهابي الأكبر.
‎انتظراه حتى انتهى من سجوده ،وقال شمهروش هيا يا داسم أفعل ما تكبّدنا المخاطر من أجله ،هيّا اسجدْ لابن آدم التقىِّ.
‎هيّا اسجدْ لننهى الوساوس التى نالتْ من بنى آدم فأفسدتهم.
‎بدأ جسد داسم يمتزج مع قلب أبيه الجديد ، بدأ يتعرّف عليه كما يتعرّف الحاسوب على برنامج وضع عليه ,بدا القلب كما البرنامج على الحاسوب يُسطّب على جسده.
‎بدأ البرنامج يعمل على جسده مضطرباً.
‎أعاد العفريت شمهروش القول الطلبى لداسم بالسجود، بيد أنّ داسم تشنّج جسده وتضعضع وظلّ يتألم، وبدأ قلبه يزفر ألسنة من نار تطاولتْ حتى اخترقتْ سقف الزنزانة ثم تقلّصتْ من جديد ولملمتْ نفسها وتركّزتْ فى نقطة فى صدره .
‎بعدها شمخ أنفه وتطاول حتى غاب مداه عن مرمى البصر. 
‎وما إنْ انتهى مهلائيل من صلاته حتى وجد أمامه رجلين .
‎وسمع أحدهما يقول للآخر ها قد انتهى فاسجدْ .
‎داسم :يا شمهروش ألمْ تطلب ذلك من قبل فرفضتُ ولعنتكَ وطردتكَ من مملكتى.
‎ردّ عليه قائلاً.. داسم صديقي ماذا دهاك؟أبوك مَنْ فعل ذلك وليس أنت!! ألمْ نتفق على أمرٍ أزمعناه سويا ؟
‎ردّ داسم ..لمْ أذكر إلا أنّى لعنتك وطردتك وقلتُ لك أأسجد لمنْ خُلق طِيناً.
‎قلتُ لك منذ شهور أنّى سأظلّ أغوينّهم كما تحدّيتُ ربّ خالق الكون من قبل يا.. لا شئ أنت.
‎واستطرد مشيراً بيده إلى مهلائيل باحتقار وناظراً إلى شمهروش بحنقٍ ..هذا ..لم أسجد لنبيٍ وأسجد لهذا الحقير هذا الطّين!! لمْ أطعْ خالق الكون وأطعك أنت يا لا شئ .
‎وباحتقار قال: هذا طين صلصال وأنا نار وقدرة وقوّة وسرعة وإبادة وموت.
‎سكت شمهروش بُرّهة ، وعنّ له الأمر إذ علم أنّ داسم الذى معه الان هو إبليس، وابليس فى مثلث برامودا هو داسم ،فماهيّة الجسد والروح معاً هى القلب.
‎ولقد غُيّبَ عقله عن ذلك رغم أنه الخبير المحنّك فى علوم الطب لشغفه بإنقاذ البشريّة من الهلاك إذ كانتْ رغبته الجامحة مثل العِصابة على العين التى أخفتْ عنه رؤية الأشياء.
‏‎بنور الله استنتج مهلائيل من خلال حديثهما كل ما حدث من أمور وما اتفقا عليه سويّاً .
‎إنقضّ على إبليس وجنّدله وسارع وسارع قبل أن يتحول إلى هيئته الحقيقية فيستطيع الفِكاك من قبضته.
‎إنقضّ عليّه فطوّقه بسلاسل يده ثم جنّدله ثُم ارتمى عليه بثقله ليكتم أنفاسه ,ثُم شدّ بيديه على رقبته ليخنقه، وكيّل له اللكمات ليُضعفه ,ثُم حاول أنْ يفقأ عينيه إذ فقأْ عينيه غنيمة الغنائم ،على إثره سوف يعيش إبليس بعدها أعمى،فتتلاشى قدرته على إغواء بنى آدم.
‎وحاول ان يُحدث ثقباً فى أُذنيْه ليعيش أبكم وحاول قطع لسانه ليعيش أخرس ,بيد ان كل هذا لم يفلح رغم أنّ شمهروش بعد إدراكه حقيقة الأمر كان يساعده بإمساكه لتُشلّ حركته حالما يفعل به مهلائيل الأفاعيل، إذ قلب إبليس الان أسير تشكّله ألأنسي.
‎ولقد كانتْ عزيمة مهلائيل متوثّبة متوحّشة وهو يخنق جسد داسم قلب إبليس ،إذ تجمّع فى مكامن نفسه كل إغواءات البشر عبر كل الدهور،وتراءتْ أمامه كل دماء الضحايا من الحروب القديمة والحديثة .
‎لقد حمّله مهلائيل دوافع الشّرّ فى النفوس الأمارة بالسوء أيضاً،علاوة على الوساوس والغواية، ووضع كل هذا على كاهليه ، فتضاعفتْ قوى يديه حول رقبته لفوران الدم من غضبه.
‎تحوّل إبليس فى تلك الأثناء إلى هيئته الحقيقية وانسلبَ من تحت مهلائيل وبادله شمهروش نفس الفعل فتحوّل ليمسك به قبل أن يهرب.
‎وتصارعا ،ورغم الإعياء الشديد الذى أصاب جسد داسم وقلب إبليس إلاَ أنه وبسهولة استطاع ان يقتل شمهروش، فانفجر دخاناً فى الهواء خرج من سقف الزنزانة ثم لاذ بالفرار مخترقاً كل الحجب قاصداً عرشه على مياه مثلث برامودا.
‎عاد داسم الجسد الحامل قلب أبيه إبليس فى صدره إلى مملكته عاقد العزم على استرداد جسده من أبنه ،فهو يريد الجسد وممسك بقلبه بجنون,ممسك قلبه بجنون.
‎فلمّا وصل المملكة قابله جسد إبليس بقلب داسم فوجده متوّجاً ملكاً عليهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ذاك لأنهم لم يفطنوا إلى ماهيّة تبادل القلبيْن، انخدعوا فى شكّله  المقدّس المرعب شأنهم كشأن بنى آدم يقدّسون المظاهر ويهابونها ولا يبحثون عن الجوهر والأصل ألاَ وهو القلب.
‎تحاورا أمام الجنّ فانعكستْ الأسماء، مما زاد من دهشتهم وحيرتهم،ولمّا امتدّ الحديث أدركوا حقيقة الأمر وأنهم لبثوا مع إبليس المزيف فى العذاب المهين،إذ كان يسخّرهم لخدمة الضعفاء من الجان ويمنعهم عن إغواء الآدميين.
‎رفض داسم أن يُسلّم جسد أبيه له ،حيث أنه ملكَ به قلوب الجنّ خوفاً ورُعباً  ونشر بقلبه بينهم الفضيلة والرحمة والحقّ والعدل ..قلب داسم الطيب.
‎توعّد قلبُ إبليس جسدَ داسم وهدّده بالقتل فلم يستجب.
‎التفّ الجنُّ حول إبليس المزيف وطوّقوه وقتلوه ,فلمّا انتهوا قال لهم اخلعوا قلبه وأحضروه ،فهبّ أحد الحُكماء منهم قال ،قلب داسم الطيب مات مع موت جسدك أيّها الإبليس الملك ،ولا سبيل لإرجاعه ، أنت قدرنا بجوهرك الذى هو قلبك الخبيث الشرير إلى يوم الدين لا بشكلك ،شكل أبنك داسم المسكين.

القراءة:
رغم قراءتي للنص أكثر من مرة لم أصل إلى مغزى الفكرة التي عمل عليها القاص . طبيعة السرد تشبه إلى حد كبير أساليب كتب تعليم السحر . بل استخدمت أسماء تذكر في الأعمال السحرية مثل شمهروش.
الثيمة طوباوية مع أسلوب سردي مسهب . أراد الكاتب ان يوظف نصا سرديا خياليا يعكسه على الواقع المتشنج.

\ قال داسم متأهّباً:ألان معي قلب إبليس محل الثواب والعقاب ،فهيّا يا شمهروشز إلى أتقى أهل الأرض لننفّذ خطتنا واسجدْ له لنبنى سويّاً مجتمعاً عالمياً من الأنس والجان خالٍ من الحروب والرذيلة، تلك التي أنهكتهم وأشقتهم \

التأويل الوحيد الذي من الممكن أن ينطبق على جزء من النص إبليس هو (أمريكا ) من المقصود \أتقى أهل الأرض \ الاستعارات الدينية تختلط بسبب زمن النص .
أنها محاولة كادت تكون رصينة لو فعِّل القاص دلالاته مستنبطا من الاقتباسات علامات تدل على المقصود في الكائن النصي . لا مجرد الخوض بإشارات مبهمة للمتلقي . عموما هي محاولة لا بأس بها ومن الممكن تطويرها بصورة أكثر عمقا وتحليلا.

10

ـ المبدع " مجدي أحمد" ـ مصر

يقول الشاعر لخضر خلفاوي :
"الأستاذ المبدع " مجدي أحمد" مبدع و كاتب نصوص هايكو و ومضيات … إلى جانب موهبته في الرسم، فهو بارع جدا في التحليق بإبداعه و الغوص في خياله الواسع للإدلاء بكل شيء من خلال ست كلمات فقط!"
هايكو: للمبدع "مجدي أحمد" ـ مصر

من بين الأشواك 
يتمتع 
قاطف الوردة
*
متلازمة
أرض
لأنها أصلي... أتطيب بها.
قطف الورد صورة من الصور المخملية . فالمتمتع يمني النفس بوصال الحبيب ليعطيها الوردة . تعبير مجازي للمحبة .
أما معنى الأرض فهو معنى واسع يبتدئ من الوطن والسكن ولا ينتهي بأقل من القبر
من ضمن معانيه يشبه الأم وما تمثله من عواطف الحرص والرحمة ومعانيها الشاسعة
على الدرب
رفيقان
أنا و ظلي

*****

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
‪‪@elfaycalnews‬‬

instagram: journalelfaycal

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce lien:

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :