طباعة

الفيصل ـ نشرـ باريس:

إيمانا منها بأهمية الفكر و الإبداع الأصيل و المتميّز و الهادف البناء و الإختلافي في الرؤى لإثراء النقاش الثقافي الأدبي ككل، تواصل " الفيصل" بنفس النوايا و الإصرار لمد يد العون لكل من يفتقد إلى الصوت النزيه للتعريف بقدراته و ملكاته الإبداعية في مختلف الأجناس الأدبية العربية

 

و ها نحن نقدم بهذه التجربة في سبيل دفع متميزينا من الأدباء الذين غيبتهم من جهة ظروفهم الخاصة و من جهة أخرى سياسات التعتيم و الإبعاد و الإقصاء لخيرة أفراد المجتمع الذين يسكنهم هم واحد ، و هو الارتقاء بالمجتمع و تهذيبه و توعيته من خلال الإبداع و الفكر النيّر. ـ انطلقت عملية تشجيع الأدباء و المبدعين العرب من كل قطر دون ميز أو حساسية في نشر تسلسلي لكل من يرغب لمخطوطات أعماله الروائية و القصصية و الشعرية، مصحوبا بغلاف من تصميم الفيصل بغية شد انتباه " دور النشر العربية" النزيهة التي تتأصّل و تتنصَّل متبرئة  من تلك الدور المشبوهة و الشبيهة بدكاكين " النشر للرداءة  و النصب و توزيع الاحتيال!". " باب الشمس" هي رواية جيدة و جديرة بالقراءة و المتابعة من قبل القراء و المهتمين و كذلك المبدعين كتبت و وثقت في أواخر القرن الماضي من قبل المؤلف . ننشر حيثياتها في أجزاء إثراءا للطرح الأدبي المتنوع و تشجيعا من القلب إلى الأستاذ " حسين الباز" ـ المغرب ـ على ما يقدمه من أفكار جديرة باحترام الجميع.ـ نتمني لكم قراءة ممتعة مع رواية " بــــــــــــــــاب الشـــــــــمس"  لـ حسين الباز.

 *كل الحقوق محفوظة للفيصل و للمؤلف، و كل جهة تودّ استغلال هذا العمل الأدبي أو التقدم بعرض نشر لطبعه ورقيا أو إلكترونيا الاتصال بالصحيفة و بالمؤلف لمدارسة ذلك. 

الفيصل  ـ  باريس

****

رواية : "باب الشـــــــ 20مس

بقلمحسين الباز/المغرب

الفصل الثالث:

20/..حين دخل إلى المركز الإسلامي ، شعر خليل بالصمت يعم الأجنحة ، من مكتب الاستعلامات حتى الطابق العلوي حيث المكتبة ، المسجد ليس كالمعتاد ممتلئ عن آخره ، التحيات لا ترد ، صدى تلاوة القرآن يكسر الصمت ، الأطفال لا يلعبون ، ينزل به الفضول إلى الطابق السفلي حيث المقهى ، شلة من رفقائه بلوس ويفوس (Los oeivos) مجتمعة في زاوية ، التحيات لا ترد ، شلة أخرى من الطبقة الراقية في ركن منعزل ، التحيات لا ترد ، الهمسات تشوش صدى القرآن ، هناك مكانه في الحديقة لما يزل فارغا ، يلقي التحية على النادل ، يسأله بعينيه ما الجديد? يخبره بأن المركز يقيم جنازة طفلة ، يلفت انتباه أصحاب النظرات الراقية ، لا شك أنها ابنة مهاجر ثري! يحدث نفسه وهو يستعد للجلوس ، يضع على الطاولة فنجان قهوته وعلبة سجائره ، يسرح خياله بعيدا...
... كان الوقت عصرا حين طلب منه الإمام أن يصلي معهما صلاة جنازة على ميت من موريتانيا ، كان نازلا من المكتبة ، والمسجد فارغ إلا من ثلاثة: الإمام وحارس المركز وصاحبنا...
كانت وقفته الأولى في حياته أمام ميت ، لم يخلع فيها حذاءه ، الإمام أخبره بذلك ، قال له:
- إنها ليست كالصلوات الخمس ، لم ينبس بكلمة ، لكنه سمعهما يرددان (الله أكبر) أربع مرات ثم رآهما يسلمان (السلام عليكم ورحمة الله) صوب اليمين فقط ، ويسحبان النعش إلى الخارج حيث سيارة نقل الموتى ، ومن ثم يعودان أدراجهما، ليتركانه مع السائق سائلا في حيرة: 
- إلى أي قبر أنت ذاهب بالجثة?
- مهمتي حمله إلى المطار
-وهل يوجد أحد في استقباله?
- هنا..? لا.. هناك..!
.. كان السائق الإسباني مستعجلا، الجو كان ممطرا ، وكانت الأشجار تتقطر ندى ، تذكر والده ، لم يصل عليه صلاة الجنازة ، تخيل نفسه ميتا ، رأى عيني أمه في ورقة تقطر دموعا ، فبكى في صمت ، أيقظه من إغفاءته صوت العجلات المنزلقة بأرضية الساحة المبتلة ، ليتجلى له وجه الميت على الزجاج الخلفي للعربة وقد كساه السراب ، رآه يشير بيده مودعا، وإن لم يكن يعرفه من قبل، صرخ بداخله:
..وداعا أيها الغريب.. عشت غريبا.. ومت غريبا.. وها أنت عائد إلى ديارك في كفن الغريب..!
.. يعود من سرحانه إثر صوت النادل يتشاجر مع المشرد ، يطلب منه دفع الدين الذي عليه ، يسمعهما أحد من الحاضرين فيدفع عنه دينه ، لطالما تكررت مشاهد الاحتيال..!
..ينكب خليل على نفسه محاولا كتابة حرف ما ، يجف الحبر في يده ، يمزق أوراقه ، يخرج من حقيبته كتابا ليقرأه، يشعر بضيق شديد ، فيعود للأوراق من جديد:
-"بودي أن أتكلم.. أن أقول شيئا.. أي شيء! لكن الكلام ينتحر بداخل الصمت ، هذا اللحن الأخرس الذي ينبعث من نفق الروح .. بوسعه التغني! هذا الصراخ المحبوس بداخلي بإمكانه التحدي! هذا الصمت الذي يسكن الوجدان هو من يؤنس الليالي الظلماء لما تخاصمها النجوم ، ويعبر البحار النائية مواسيا كلما عصفتها الرياح ، ويعزي الأشجار العريقة حين يعبث بأوراقها خريف في طفولته".
..في طفولته كان خريفا! وها هو يحن إلى جدته وإلى الصمت فيها ، يشعر بأنه ينتظر أحدا ، ينظر إلى الساعة ، يرقب الباب ، يرشف قهوته مرتعشا ، يدخن سيجارة تلو أخرى ، يقف ثم يجلس ، ينظر يمينا ويسارا ، خلفا وأماما ، يخاطب نفسه: "أنا لست على موعد!" ، يهدئ من روعه ، يسمع دقات قلبه ، يشتاق إلى الحب ويبحث عنه في قصائده ، فلا يجد غير عزاء ، يمزق أوراقه ويعود للكتابة :"الحب تماما كما الصمت والانتظار يؤنسنا فيواسينا ثم يعزينا في آخر المطاف! .. وها هي عودتي من جديد .. عدت إلي ، أرشف من حظي الذي أسعفني مرة.. ومرتين تمرد علي، من جديد أمزق دخاني بين كفي ، أحرق نحسي الذي صاحبني ما مرة .. ما مرتين! يا سادتي .. ها هي عودتي .. وهذه هي قصتي..! "
(يتبع)

ـــــــــــــ

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الإثنين, 17 كانون1/ديسمبر 2018

وسائط