طباعة

*بقلم: عبد الكريم ساورة

‎عندما تصبح مستعدا يا أبي أطلق النار.. فأنا واحد من أبنائك الثلاثة الذي سيفتحون قلبهم لرصاصة العمر. لا تتردد يا أبي فالحياة قصة مثيرة وذنب عظيم بين عاشقين في جحيم اسمه الوطن.


‎إنها رسالة مقتضبة، حروفها من الدم، وضعتها "حياة "  ذات 19  ربيعا، على مكتبها الخشبي وغادرت المنزل في الصباح الباكر.
‎هل يستطيع الأب أن يقتل أبناءه ؟ وهل يتحول الوطن إلى قاتل أكبر؟
‎قصة هروب فتاة في مقتبل العمر من حلقة الجمر،  إلى دائرة الرحمة ، الضفة الأخرى حيث يوجد الله، سؤال كبير للذين يحاولون صناعة أقدارنا بالكذب. أليس كلما كان الكذب أكبر صدقه الناس أكثر، كما يقول أحد أكبر العارفين؟
‎حياة ذات الوجه الملائكي، رحلت ولم تحمل معها سوى جسدها النحيف وكتب صغيرة عن الجهاد وعجائب السماء السابعة وذكريات أليمة تقصف كل سقوف جوارحها.
‎هل سيكون الوطن ، الحضن الجديد رحيما بها ؟ هل سيختار لها البندقية والرصاصات التي تناسب لون عينيها النائمتين؟ أم سريرا متنقلا بين المجاهدين؟
‎ليست الأولى أو الأخيرة، التي تم تلقينها في الليل، علوم أمراء العمائم، وبركتهم وحلمهم في تصفية الظلم والفقر والشيطان. إنه سحر جديد ينتظركم جميعا ليستجيب لشهوتكم النائمة.
‎أطلق النار، في كل اتجاه وبدون رحمة، أول وآخر درس تعلمته الصغيرة وكل شباب الوطن العربي الهاربين من عجز الحاكم ، إنه دين جديد ، دين الموت .
‎أطلقوا النار ولا تلتفتوا إلى الوراء، احرقوا المراعي وكل أنواع الورود التي تهجم على وجهكم القاحل ، لا تنسوا أن تسفكوا دماء كل حديث عن الحب إنه رذيلة وخطيئة كبرى.
‎اعلموا جيدا، أننا لن نقبل بكم كفصيل يحفر الآبار ويزرع الألغام،  وتذكروا جيدا أن القتل والرصاص لا يصنع الإنسان. أشعلوا النار في كل أشجار العوسج لكن طعم ورائحة أزهاره لن تستطيعوا وقف زحفها الآسر .
‎عندما تكون مستعدا...أطلق النار ، إنه نداء فتاة ذات صفحة بيضاء كالماء ، تفضل الموت في قرارة نفسها ولأخويها برصاصة الرحمة بواسطة أبيها وفي ركن بيتها الدافئ، بدل أن تموت في سرير بارد  بين ذئاب جائعة.
‎انتبهوا جيدا لمذكرات بناتكن، وأحلامهن ؟
‎ـ كاتب مغربي

آخر تعديل على السبت, 08 تموز/يوليو 2017

وسائط