طباعة

 

ـ أنعاقب مستعمل الأسلحة المحظورة أو صانعها و بائعها و مروجها؟‫!‬

 

***

ليس غريبا على وسائل الإعلام و الحكومات الغربية هذا السلوك المُعتاد عليه من قبلنا . نتحدث هنا عن آخر مجزرة أو كارثة إنسانية و مسرحها دائما دون أي مفاجأة في

وطننا العربي تحديدا بالوطن الجريح " سورية"؛ حيث منذ أكثر من ٦ سنوات و الشعب السوري يعيش أحلك أيامه بعدما تم تفريقه و تشتيت صفه بشتى الأساليب. كما يعلم القاسي و الداني أن المسألة لم تكن بهذا " الانفلات المأساوي" إذا لم يكن هناك ضلوع مباشر لقوى استعمارية قديمة تظهر الْيَوْمَ لنا ـ ويعلم الجميع ـ بمظهر الصديقة ! هكذا دائما تكون النتائج وخيمة عندما تعتمد قوى الداخل مهما كانت توجهاتها و عقيدتها الثقافية ، الدينية و السياسية عند اعتمادها  و مناشدة عون منظمات و دول أجنبية لتغيير الوضع باسم الديمقراطية و حقوقالإنسان .
ليس هذا موضوعنا الرئيس الْيَوْمَ ، فموضوعنا  هذه الضجة حول المأساة الأخيرة التي حدثت في : منطقة " خان شيخون".
و الهجوم الذي نسب إلى النظام السوري في استعماله لأسلحة كيماوية محظورة دوليا .. و تحاول أمريكا على لسان الإدارة الجديدة متصدرة كل الاحتجاجات و التحذيرات  تجاه نظام الأسد ، و تبعت ردة الفعل الاستنكارية هذه عواصم غربية أوروربية تقليدا " تابعة لمصالحهم المشتركة  " منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية خصوصا؛  باستثناء روسيا " بوتين " السفّاح !  
الكل أخذ بشكل مؤكد يتّهم النظام السوري الذي يتبرأ على لسان وزير خارجيته " وليد المعلم" تبرئة كلية و ينظم ـ بشكل طبيعي ـ إلى موقف روسيا التي ترى أن هذه المأساة وراءها التنظيم الإرهابي أو المعارضة المسلحة السورية التي تفجرت مخزوناتها المتكونة من أسلحة كيمياوية محظورة إثر إصابتها ـ عشوائيا ـ أو بالصدفة بقصف معاقل المعارضة من طائرات سورية، و أن ـ الكرة المسمومة ـ كانت بملعب هذه الأخيرة ، التي تتحمّل عواقب ما حدث من تسميم قاتل للأبرياء !
على كل؛ نحن لا ندافع على نظام الأسد و عناصر حكومته، فهذا النظام معروف منذ القدم على الرغم أنه ؛ منذ تغيير الوجوه الوراثية له ، يبقى نظاما شموليا ، قاسيا ديكتاتوريا يعمل بمقاييس قديمة جدا و بدائية في الحفاظ على سدة الحكم، شأنه شأن معظم الأنظمة العربية،  فبوجود " الأسد" أو " شبله " فالأساليب واحدة . و يتحمّل مسؤليته التاريخية أمام الله و التاريخ لما حدث و يحدث لبلاده و شعبه!
لكن نظام " الأسد" المخضرم لم يبتكر هذه الأسلحة الفتاكة بكل أنواعها و لم يصنعها بنفسه.. الكل يعرف من ـ زوّده ـ و زوّد و يزوّد  ـ كل الأنظمة الشمولية في العالم بهذه الأسلحة المحظورة صانعة الدمار و المجازر عبر حقبات متتالية من التاريخ. هذه الأسلحة الفتاكة تأينا في عبارات خاصة إلى غاية ديارنا و موانئنا العربية في صفقات عسكرية مستمرة لمكافحة البطالة في المصانع العسكرية الأمريكية و الغربية و لتشديد الخناق على المعارضة الداخلية بقمعها و تهديدها بسلاح مئة بالمئة صنع أمريكي ، غربي و حتى إسرائيلي .. نفس الدول تمنعنا من الدفاع عن أنفسنا و عن سيادتنا إذا تمّ الاعتداء علينا من قبل إسرائيل مثلا ، و إذا حاولنا ـ يصحى ضميرها فجأة ، هذه الدول الإمبريالية  ـ و تتهم النظام الذي ساندته بالأمس و دعمته سياسيا و عسكريا بالديكتاتورية و بوجوب فتح المجال التعددي و نصرة حقوق الإنسان و احترام حقوق المرأة و المساوة بينها و بين الرجل!! و لا يهدأ لها بال ـ هذه القوى ـ حتى تجبر نظاما معينا ـ حاول الخروج عن طاعتها على التوبة أو تنحيته بإختلاق حرب تدميرية شامله تحالفية و عزله أو تصفيته مثل ما حدث في العراق ، في ليبيا و في مصر و  السيناريو لم يكتمل بعد في سوريا!
ـ لو كانت الدول ( الغربية) الاستعمارية القديمة و المتظاهرة بحقوق الإنسان اليوم جديرة بالدفاع عن " السلام" و حقوق الإنسان ، لقطعت رأس الفتنة من أصله ، و هو عدم بيع أسلحة دمار شامل أو محظورة و فسخ كل الصفقات التي من ورائها يتم ترويج  " آليات الموت و الدمار" ! لو كانت فعلا تحب الحرية و تمقت الحرب لتوقفت بإرادتها عن تصنيع الأسلحة و أغلقت كل المصانع الحربية التي تعمل دون انقطاع!!!
ليس من المنطقي و لا من العدل  أن نتهم و نحظر و نعاقب ـ مستعملا للسلاح ـ مهما كانت قوة فتكه و نغض الطرف عن صانعه و مروجه !!!.
لهذا فإن صراع الحضارات و الديانات و الثقافات بين الغرب و الشرق لن يتوقف أبدا إلى غاية قيام الساعة ، يستمر الغرب بعقلية مريضة نفسية " اسكيزوفرينية" و متعالية عن جميع القوانين و الأعراف و يبقى يمثل دور " الدركي" ضد الآخرين ..  و في ذات الوقت يدعو إلى السلام و الحرية و حقوق الإنسان .. و يبقى المشرق و العالم العربي الإسلامي ببلادته و بخياناته و بوضاعته الفكرية و غباءاته الاستراتيجية ضد مصالح شعوبه .. و ما تقرب بعض قادة الدول العربية من الإدارة الجديدة الأمريكية إلا لديل على حالة " الخضوع و الضعف و الهوان التي آلت إليها أوطاننا بسبب هؤلاء
القادة الذين يمارسون " الدعارة المجهرية و العينية المكشوفة ـ سياسيا ـ  و الحب الممنوع " مع أمريكا و حلفائها!!!!

*لخضر خلفاوي | باريس ( الفيصل)

آخر تعديل على السبت, 08 نيسان/أبريل 2017

وسائط