والاشتياق بذات الوقت هو مصدرُ قلقِه السحيق لحزنٍ غائر في أعماقه ، وأسىً ممتدٍّ في أفقِ مداه ،ولومٍ لنفسهِ بلا سابق إنذار ، فأقضّ كل ذلك مضجعَه ، وأوجع فؤاده ، فانهال بنفسه ليأكل عشبَه بنار الفقر ، ويجعل من وحدته مساراً وجدانياً علَّ فيه شيئاً من اطمئنانٍ لفؤادِه ، فأحال دمعتَه التي أجرتْها مقلُهُ الى ومضةِ أملٍ ، وهو يُخفي في هواهُ سرَّهُ الذي أذاعه شوقُه .
وإعلانُه إفلاسَه ... هو الآخر مبعثُ أوهامٍ ربَت ونمَت وأنبتَت حتى تجذّرت فيه الى غياهب ذاته البعيدة ، وهو الآفةُ التي تصيب القلبَ ، ويسودهُ الحرمانُ ، ولا تشفيه إلا لحظةُ أمانٍ ، وبصيصُ نشوةٍ ، وفرشاةٌ تطوي ألوانَه بين شعيرات قصبتها اللينة ، وهو ينوء قبالة بحرٍ مائجٍ لايحيد هو عن مدّهِ ولا جزرِه .
و(الكامح) لاينظر الى إفلاسه كمَنْ يتخبّط في الظلام ، بل هو موقِنٌ أنّ أصدقَ آيات تعبيرِه هي تلك الكلمات التي يخطّها بيمينه ، ويعبّر عنها بشعوره اللامتناهي ، ويبصرها بوجدانه ، ويرصّها على رصيف ماضيه ، ويعانق لبِناتِ بيتهِ عمراً ، ويراود فيه لحناً مسترسلاً ، ويركب فيه زمناً قد ارتمى في أحضانه متسمّراً ، بلا شكوى تثقل عليه ساعاتِه ، ولا ملامةٍ تستوجب له ندماً ، ولا حذرٍ من رصاصةٍ تكون هي الأولى وليست الأخيرة .
إن شاعرنا (الكامح) يعترف أن الكلمات الحقيقية لديه هي تلك التي تواسيه عند غربته، وترافقه عند وحدته ، وهي التي لايجد بدّاً من الصبر على ما فيها من معنى محزون ، ولفظٍ موزون ، وصورةٍ ترسمه حيّاً ، ودواةٍ يبحر في أثرها على هدىً ، في شعورٍ تعمّهُ اللوعة والعذاب ، وقد بدا نهباً لحيرةٍ ملأتْ حياتَه ، وهزّت زواياه ، وهو مازال مستلقياً على بياضِه ، وقد ملَّ من كونهِ مقاتلاً في سوح الميادين ، يرتمي على نقائها موثوقَ الجانب ، مسافراً بأجنحته الى عالمٍ من رؤىً كثيفة ، وخيالاتٍ متعددة .
إن أملاً طويلاً مازال لدى شاعرنا ، وهو يجوب شوارع وجدانه ، وقد لاحَ ذلك الأمل من أول وهلةٍ تبخّرَت في ذاته حرارة الأسف والشجى .
تلكم - بلا شكّ - هي تجربة شاعرنا الناهضة في ديوانه الذي امتلأ كؤوساً من مقامات البوح، ما أثارت دهشة الغادي والرائح ، رغم الوجع الذي ارتمى خليلاً لاينفكّ في أحضانه .
و(الكامح) لايعرف إلّا أن يكون صادقاً في مداده الذي راود ذاتَه طيلة سنيِّ عمره ، دون افتعالٍ أو كذبٍ لآماله الأثيرية التي يلتمسها في عشقٍ بَدَأَ بخطوة ، وللآن لمّا ينتهِ ، وتلك هي الصورة النبيلة للوصل والبعث التي تلفّ شاعرنا بنورٍ يمتدّ في المدى سفراً.
و(الكامح) معروف بوجدانه الذي ينمو قصيدةً وهو يجوس خلالها أبياتَه خائفاً يترقب ، تتجاذبه الحيرة بشواظها وهو يناجي كلماتهِ متعذباً متحرّقاً ، فيفيءُ الى ملاذه الذي اكتحلتْ عيناهُ بنجمهِ ، راجياً أن لا يودّعه وهوغارق مابين قوافيه ، تائه في جوٍّ من الشعور بالانكسار ، وقد تضمّنَ خلوةَ نفسهِ وهواجسَ أحلامهِ التي جعلت قلبَه مضطرباً .
امّا دموعُه التي جرت على مقلتيه فهي الأخرى مصدر زادِه المنشود لبغْيَتهِ المثلى ، فقد أقبلَ بشِعرهِ المتصل بقلبه لا بعقله ، في شغفٍ بالغٍ ، ونَهَمٍ ليس له حدّ ، وهو يبحث عن مقومات ذلك الشغف ليصنع منه مزاجَه الخاص ، ويتعلّم حكمة الموت حيث تسوقه أشباحه التي مرّتْ على صحارى ذاته ، وهنا تكمن مأساة شاعرنا (الكامح) ، فجميع سنيّهِ تكاد لاتخلو من عبق موتٍ نازحٍ لايسلم منه شيخ أو جنين .
ولأن شاعرنا لايقنع بالاعتكاف في محراب صلاته ، فإنه يشقّ مدارج البوح ليستشعر بوجوده الخالي وقد فاض عفويةً وعشقاً ، ولأن قلبه المكلوم قد ارتوى منه ، وأن حسّه الفائر قد ماج بعبابِه ، وأن حياته المليئة بغبار الذكريات وكؤوس الأسى وخوالي الحروف بدأت تمضي وتمضي بلا مبالاةٍ ، حيث شواطيه تضيع بين مفاتن الحياة ، وهو يسير في طريقِ حيرةٍ ، تنتثر على مدارجه ورودٌ نضرةٌ ، وترفُّ على جوانبه رياحينُ نافحةٌ .
لقد حرصَ (الكامح) على توظيف الموسيقى لهذا اللون من الاشتياق المغمّس بالإفلاس ، وقد توهّجتْ منه أسئلة الذات ، واستغاثة الكلمات ، وأحزان جمّة قد سمَت في جسده الكحليّ ، ومنفىً يُرغَم فيه ،وهو يقتفي أثرَ نفسه بخطىً متلاحقة الى مدى لامنظور .
ذلكم - بلاريب - هو مصدرُ شعورٍ لخيباتٍ اجتمعت في بوتقةِ أمنياتِه ، وصمتٍ ممتدّ في فيافي الدنى ، وهمسٍ لايرويه كأس خمريّ في عباب الليل ، بغرضٍ شعريّ محكَمٍ ، اتحدّت ْ جميعُها لتشكّلَ إطاراً يتكوّن من خبراتهِ النفسية وقدراتهِ الشعرية .
*****
*مختصرات صحيفة | الفيصل | باريس لمختارات من منشورات الأشهر الأخيرة ـ 2023
* 2023
Aperçu de dernières publications du journal « elfaycal.com » Paris , en ces derniers mois. 2023
https://youtu.be/dn8CF2Qd_eo
Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط تصفح و تحميل الديوان الثاني للفيصل: شيء من الحب قبل زوال العالم
https://fr.calameo.com/read/006233594b458f75b1b79
*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://youtu.be/zINuvMAPlbQ
https://youtu.be/dT4j8KRYk7Q
https://www.youtube.com/watch?v=M5PgTb0L3Ew
ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of
freedom of expression and justice click on this
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون
مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)