wrapper

الأحد 19 ماي 2024

مختصرات :

بقلم: د. عبير عبد الرحمن ثابت


‎ تُعد الخطوة التي أقدمت عليها حركة المقاومة الإسلامية حماس من إعلانها برنامجاً سياسياً جديداً سابقة في تاريخ حركات التحرر، وذلك لا يفاجئ أي متتبع لسياق مسيرة

حركة التحرر الفلسطينية منذ بدء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن الاستثناء الجديد هنا يكمن في كون حركة حماس فصيلاً لا يمثل إلا منتسبيه ضمن عدة فصائل فى حركة التحرر الفلسطيني، ولا تحظى بأي اعتراف دولي إضافة إلى رفضها الدخول لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي هي المظلة الشرعية الوحيدة المعترف بها محلياً وإقليمياً ودولياً . ووثيقة حماس السياسية وبكل ما تحتويه خاصة من القبول بدولة فلسطينية بحدود 67 وأنها حركة وطنية مستقلة ولا علاقة لها بأي امتدادت خارجية لم تحدث أي تغيير دراماتيكي في موقف الحركة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا أنها في نفس الوقت تعتبر نقطة تحول هامة تُدشن الحركة من خلالها وبشكل رسمي مسيرة التحول من تنظيم عسكري مقاوم رافض لأي حل سلمى إلى حزب سياسي يسعى للحصول على قبول إقليمي ودولي، وما يجدر الإشارة إليه أن الوثيقة بشكل عام موجهة للإقليم وللعالم وليس للداخل الوطني أو حتى التنظيمي ، وهذه الخطوة تأتى قبيل بدء تصلب حالة البلازما التي تجتاح المنطقة والشرق الأوسط في محاولة منها لإيجاد مكان ما للحركة ضمن خارطة التسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتي تُرسم بوتيرة متسارعة بعيداً عن الأنظار في دوائر صنع القرار الدولي والإقليمي، وهنا يتوجب على حركة المقاومة الإسلامية حماس أن تدرك جيداً أن الشرعية الإقليمية والدولية التي تسعى للحصول عليها ستحتاج استحقاق وطني باهظ جداً إن حصلت عليها منفردة نظراً لأنها تحكم قطاع غزة الذي أصبح إقليم منفصل جغرافيا وسياسيا بسبب الانقسام والذي قارب على عامه العاشر، وعليه فإن عليها اليوم وعقب إصدار هذه الوثيقة السياسية أن تبدأ بمراجعة عملية على الأرض وليست نظرية لما حدث قبل عشر سنوات في غزة، وأن تبدأ في إنهائه بشكل عملي وليس نظري وأن تدرك أن الشرعية الإقليمية والدولية التي ترغب في الحصول عليه ستكون بأقل تكلفة لو أنها حصلت عليها من خلال المظلة الشرعية والعنوان الرسمي للشعب الفلسطيني الممثل بمنظمة التحرير الفلسطينية، وإن كانت ستضطر لتقديم تنازلات آنية مؤلمة لها في هذا الصدد لكنها ستحقق مكاسب إستراتيجية على مستواها الداخلي والخارجي، وهو تماماً عكس ما قد يحدث لو أنها حصلت على تلك الشرعيات عبر أي جهة أخرى . وهنا التساؤل الأكبر الذي يجب طرحه هل إسرائيل وحلفائها تقبل بحركة حماس بوثيقتها الجديدة دون نزع سلاحها وتقديمها لجملة من التنازلات الإستراتيجية . إن أي تنظيم سياسي يستمد شرعيته من شعبه بالانتخاب الديمقراطي وبقدر انجازاته الاقتصادية والسياسية في دولته، وقد تزيد أو تنقص شعبيته وشرعيته ولكنها تبقى هي الأساس لباقي الشرعيات الإقليمية والدولية، أما حركات التحرر الثورية فتستمد شرعيتها من نضالها ضد المحتل وتزيد شرعيتها وتنقص بقدر إنجازها السياسي من نضالها. إن الخلط بين مفهومي الدولة والثورة والعسكري والسياسي يحتاج لقادة عباقرة يجيدون فن السير على حبل معلق في الهواء دون السقوط، فالسقوط يعنى حدوث الكارثة الوطنية وهذا ببساطة التوصيف الصحيح لحالتنا الوطنية . وحالة النهوض الوطني لن تكون بوثائق وبرامج سياسية جديدة بل بإنهاء الانقسام والاتفاق على إستراتيجية وطنية موحدة تجمع الكل الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .

*:أستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :