wrapper

السبت 27 أبريل 2024

مختصرات :

*بقلم: د.كفاح جرار | الجزائر


تختلف دفاترنا وكراساتنا يوم كنا صغارا، عن دفاتر وكراريس أولاد اليوم، ذلك ما ألاحظه وأستغرب له من قراءتي ومراقبتي لكراريس من أعرف من أولاد وفتية، كانت دفاترنا بحق محطات للحكمة والفن والعشق والدين، ما زلت أذكر مثلا جملة "لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله" مصحوبة بقلوب وأسهم وعبارات رقيقة، و"لا تكن للعيش مجروح الفؤاد إنما الرزق على رب العباد" و"الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان"..

فكيف حدث هذا التغيير الخفي بين عقليتنا وعقلية اليوم؟.. إنه السقوط، ربما سقوط التربية والتعليم وقبلها المسؤولية الأسرية، حيث تخلت كل مؤسسة عن مسؤولياتها معتمدة على غيرها.
بمناسبة الذكرى والنسيان، هل يذكر ويتذكر فتيتنا ماكان في مثل هذا اليوم قبل سنوات ليس طويلة جدا، نحو سبعة عقود؟.
20 أوت تلك ذكرى، على الأجداد والآباء أن يحملوها لأولادهم، على الأقل في جلسة مسائية نعيد فيها إحياء الثقافة الشفوية التي نكاد ننساها وتنقرض، حيث كفت الجدات عن لعب الحافظ والناقل للثقافة الشعبية التي ربما كان جيلنا آخر من حظي بمعرفتها، لقد قضت عليها تلفزيونات العصر وأجهزتها اللوحية.
ثم من لاحظ فيكم حجم التشابه العجيب القائم بين جناحي الوطن العربي، وهمزة الوصل فلسطين، سوريا مثلا تكاد تتطابق مع المغرب، وخاصة في الفلاحة والتجارة والحرف اليدوية، والعراق مع الجزائر حتى في النخل، ولبنان مع تونس، وخاصة في الزهو والطرب، وليبيا كالأردن، وموريتانيا مع الكويت وهكذا..
لقد ابتلي الأشقاء في العراق ببلايا متعددة ومتنوعة، على رأسها الفساد، والمقارنة صالحة، كما ابتلي الأشقاء في ليبيا بقبلية وعصبية وعصاباتـ أين منها أزمة سوريا ونكبتها، وكأن مشرق الوطن يأبى إلا أن يتماثل مع مغربه حتى في القتل والفوضى والفساد، فليس أغنى من العراق المشرقي إلا ليبيا المغاربية، كالجزائر التي حباها المولى جل شأنه بكل خير.. ولكن، من ينعم على الجزائر بحكماء يتساوون مع حجمها وتاريخها وتراثها؟.
لقد قالوا اللعب في العراق بدأ يخشن، أي تميز بالجدية والقسوة بعد الفرز الطائفي والمذهبي العميق الذي يعانيه، وسياسة الغابر المالكي المطعون بانتمائه القومي والديني، وهو الذي غذى الفساد ونماه ورعاه.
ولكن أي معنى يحمله ذلك لنا نحن الذين غطسنا في الفساد فأعجبنا واستمرأناه ورضينا به كأنه قدرا مقدورا، فالذين يعتاشون منه كثرة كثيرة، وهم الذين ينفقون أضعاف دخلهم الشهري، أو على الأقل زيادة على دخلهم بدينار واحد، فهذا الدينار رغم تفاهة قيمته المادية غير أنه مال فساد.
وكانوا قديما في الفترة الاستعمارية يعتقدون أن فرنسا قدرا مقدورا وحتما مقضيا، لا يمكن الفكاك منه والخلاص، بل وحرم بعضهم محاولة التفكير في الخلاص منها، وحملوا الله تعالى، جهلا وزورا، مسؤولية التحرر منها، حسب ظنهم كما يزعمون "لجهلهم وغباوتهم" أنه جل شأنه من جاء بها، ومن جاء به الله تعالى نتركه له، فهو الذي يذهب به، أليس هذا منطق الدجال وفتنته ومنطلقه؟.
بمناسبة الحديث عن الدجال وفتنته، أذكر أيام الطفولة، أنهم كانوا يخوفونا ويخوفون أنفسهم بموشيه دايان، الذي كان وزير حرب إسرائيل، فهل فيكم من يذكر ذلك المجرم القاتل؟.
لقد كانوا يقولون لجهالتهم عن دايان "الأعور" أنه أعور الدجال.
الأمر نفسه يتكرر اليوم ويتردد على ألسنة الذين يزعمون أن الكيان الصهيوني المدعو لعبا بالتاريخ والفكر والدين "إسرائيل" لا يمكن الخلاص منه إلا يوم القيامة، ومع الخلط جهلا بين الساعة والقيامة والحساب، فإن الذين يرهنون تحرير القدس من الصهاينة بالساعة كأنهم يتقاعسون عن التحرير خوفا من الساعة وأملا في مزيد من الدنيا.
الكبار يذكرون ذلك، وكثيرون منهم كانوا يعتقدون بصدقية ذلك.
أعود إلى الداعين والعاملين والمصممين على السقوط، لنوضح لهم بلسان الفرد والجماعة، أن ذلك لا يهمني ولا يعنيني في شيء، لأني ببساطة ضد سقوط أي شيء وضد من يعملون للسقوط وينظّرون له، ويقاتلون من أجله، وكل إيماني وقناعاتي وعملي قد وجهته للبناء والإنماء والفكر والإعمار، فإن أسقطت جدارا فلكي أبني قلعة أو منزلا يأوي محتاجا، وإن هدمت منزلا فلكي أبني مدرسة أو مصنعا.
ولكن ليس فينا من يكره سقوط المطر أو السقوط في الحب، أو سقوط الكيان الصهيوني واندحاره، وأيضا لن تنصلح أحوال الرعية إلا بصلاح أعمالها ورؤوسها، وقد أخالف هنا الذين يلقون بالمسؤولية على الحكام وحدهم، ويطلبون منهم ما لم يقم به الأنبياء والرسل أنفسهم، على اعتبار أن الخلل والاعوجاج في جزء كبير منه، يكمن في الرعية نفسها، فهل توافقوني الرأي، أن ما بنا من سوء وبلاء بفعل أيدينا من أفراد وجماعات؟.
للمناسبة طالما بدأت الحديث عن الوقت الحاضر، فهل لاحظتم مثلا أن مدنية اليوم هي حضارة اللدائن أي البلاستيك، حتى وردها وأزهارها بلاستيكية، فما هي حقيقة علاقتنا مع آفة العصر البلاستيكية؟.

 

آخر تعديل على الجمعة, 08 أيلول/سبتمبر 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :