رغم اختلاف النقاد و القراءات التي تناولت "الأسلوبية و البِنيوية " و " المحتويات النصية" لنزار قباني ظل حتى بعد وفاته منذ عقدين من الزمن مرجعية لكثير من المبدعين الشباب و علما من أعلام الشعر العربي الحديث المعاصر.
بهذه الذكرى و المناسبة اختارت لكم " الفيصل" نصا اعترافيا كتبه " نزار قباني" كتبويب لمجموعته المعروفة" حبيبتي و المطر" ـ أصدق ما كتبه ـ و وظف في هذا التقديم الشخصي للأديب بعض الإجابات عن أسئلة كان المنشغلون و المهتمون بأدبه يطرحونها بشكل من الريبة أو بشيء من التردد حول حقيقة نزار " الشاعر" و نزار" الرجل و الإنسان".
ـ التحرير الثقافي
****
اعتراف :
"دعوني اعترف لكم أني بالرغم من سمعتي كشاعر حب، فإني نادرا ما وقعت في الحب ـخمس مرات ربما في عمري كله ـ.
قد يبدو الرقم متواضعا، و لكنه حقيقي و صادق. لا يعني هذا أن مطالبي من المرأة التي أريد أن تكون حبيبتي مبالغ فيها و مستحيلة التنفيذ. لكنها مطالب شخصية جدا و بسيطة.
ـ أولها أن تكون من أحبها تشبهني، و ثانيها أن تكون أمي ـ يعني تكون حنونة جدا، و أن يكون في جزءا منها. أو بمعنى آخر أن تكون هناك أرض مشتركة نقف عليها معا.
ـ لا قدرة لي على حب امرأة تسير في الاتجاه المعاكس لاهتماماتي و نزواتي الصغيرة. لا قدرة لي على عشق امرأة لا تقتسم الفكرة بيني و بينها نصفين، و الدمعة نصفين، و الكرة الأرضية نصفين.
ـ لا قدرة لي على امرأة لا تنعجن بي و لا انعجن بها ـ امرأة تبقى منفصلة عني.
و لتلك الأسباب كانت معظم علاقاتي النسائية غير ناجحة. و من هنا التصقت بي تهمة " الدنجوانية" ( الدونخوانية) ، و هي ليست في طبيعتي و لا تركيبتي. تجارة الجواري ليست حرفتي. و لهذه الأسباب كانت ثورة النساء . و ثورة النساء هي مجموعة من أرق مجموعاتي الشعرية. كانت في مرحلة عملي في السفارة السورية بأسبانيا، و هي فترة تعتبر عندي من أشد الفترات حزنا في حياتي، إذ أن مكتوبا على مطار مدريد "مطار الحزن و العشق".
فالعربي بالذات دون خلق الله كلهم، عندما يذخل إسيانيا يشم رائحة بلده، أيا كانت، و يشم رائحة القاهرة و دمشق و بغداد ، يشم رائحة حلب و اللاذقية و الأسكندرية، و الخرطوم.
إن مدريد من مدن الأحزان و ليس من باب التبجح و الغرور أن أقول لكم أنني في مدريد كنت أرى عيون العرب، و أصلي في مساجد العرب، كنت أدرك أنني مع أحفاد طارق بن زياد. أحسب أنني مع أبناء عمي في دمشق، و أخوالي في القاهرة، و أصدقائي في بغداد. و أقول أيضا أن النساء هناك ثائرات من أجل الثورة، لا من أجل شيئ آخر في روح كل امرأة ثورة. أحسب أن هذه الثورة على الأوضاع و الأشخاص. و لكن الثورة على نفسها كانت هي أولى الثورات.
و لأنني شاهد رئيسي على تلك الثورة العلنية التي سوف تنزل عقوبتها علي الرجال؛ كنت أنا شاعر الثورة، أو شاعر الفضيحة، كما أطلق عليّ أحد نقاد هذا العصر الحجري الذي انتهك فيه شرف القصيدة.
و إنني هنا أود أن أقول أن قصائد هذه المجموعة كلها كتبت في لحظات عصيبة على نفسي و على الرجل الشاعر بداخلي، و لعلها أصدق ما كتبب أنذاك في ثورة النساء."
في مثل هذا اليوم الحزين من الـ 30 نيسان 1998 سافر للأبد و رحل "نزار قباني" و ثوراته النسائية إلى حيث رجعة و خلدت ثورة الشعر لديه و رحل ممتطيا قطار الموت على حد وصفه :
"أريد الرحيل بأي قطار مسافر
فإن حروب النساء بدائية
كحروب العشائر
فقبل المعارك بالسيف
كانت هناك الأظافر"
من (تمهيد ديوان "حبيبتي و المطر")
***
طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:
: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
@elfaycalnews
instagram: journalelfaycal
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce lien:
آخر تعديل على الثلاثاء, 01 أيار 2018