wrapper

الأربعاء 01 ماي 2024

مختصرات :

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 

 

صورٌ من معركة سيف القدس  وصمتُ العربِ الرسمي عجزٌ مهانةٌ
الفلسطينيون يكرهون الحربَ والإسرائيليون يصنعونَ الموتَ 

الحربُ موجعةٌ مؤلمةٌ، قاسيةٌ شديدةٌ، كريهةٌ مذمومةٌ، طاحنةٌ ضروسٌ، تدمي القلوب وتقصف الأعمار، وتخلق الحزن، وتتسبب في اليتم، وتفجع الأسر والعائلات، وتثكل الأمهات، وتضعف نفوس الأخوات، وتكسر ظهور الأباء، وتتلف الأموال وتدمر البلاد، وتنشر الخراب وتنثر الدمار،

وتهدم الحجر وتحرق الشجر، فلا يحبها أحد إلا الظالم، ولا يتمناها شعبٌ إلا المستوطن، ولا يعمل لها إلا المستعمر، ولا يخطط لها إلا الغاصب، ولا يفرضها إلا المعتدي، وكذا الإسرائيليون اعتدوا علينا ظلماً وعدواناً، فرضوها علينا عنوةً وإكراهاً، وأوجعونا بها، وآلمونا بآلتها، وأصروا عليها واستمروا بها، وساندها الظالمون، ودعمها المستكبرون، وسكت عنها المتخاذلون، ودافع عنها الفاسدون، وبرر لها المنافقون، وما زالت في غيها سادرة، وفي ظلمها ماضية.
الفلسطينيون شعبٌ يكره الحرب ولا يعشق القتل، ولا يحب الخراب ولا يستهوي الدمار، ولا يقبل بالظلم ولا يسكت عنه، بل يتمنى كغيره من شعوب الأرض، أن يعيش في وطنه حراً عزيزاً، وفوق أرضه مستقلاً كريماً، تربطه علاقاتٌ طيبة بالآخرين، وتجمعه مصالح ومنافع مشروعة مع الشعوب، ويشترك مع الدول في حفظ الأمن وشيوع السلام، ومحاربة الظلم ووقف العدوان، ومساعدة الشعوب على النهوض والتطور، والدول على الاستقرار والازدهار، ولدى الشعب الفلسطيني بتعداده الذي يقترب من الخمسة عشر مليوناً، وينتشرون في كل بقاع  الأرض، ويقيم أغلبهم في الوطن ثابتاً فيه، الكثير من الطاقات العلمية والكفاءات المهنية، والعقول الفلسفية وأصحاب النظريات الإنسانية والمفاهيم الاجتماعية، ما يجعلهم رواداً بين البشر، وأساتذةً للعالم، وخير أمناء على قيمه وحقوقه، وأحرصهم على حرية الإنسان وكرامته.
لكن هذا العدو الحاقد الخبيث، الظالم المستعلي، القاتل البغي، اعتدى علينا فما أبقى لنا شيئاً من حقوقنا، ولا سمح لنا بمواصلة دورنا واستكمال رسالتنا، وشغلنا عن العمل المبدع والانتاج المبهر، إذ احتل أرضنا، واغتصب حقوقنا، ودنس مقدساتنا، واعتدى على حرماتنا، وأمعن في قتلنا ومصادرة ممتلكاتنا، وطردنا من منازلنا، ودمر بيوتنا، وحرمنا من مستقبلنا، وقاتل فينا أحلامنا، واغتال طفولة أبنائنا وبراءةِ أطفالنا، وجعل مبلغ علمنا وغاية أملنا استعادة وطننا، وتحرير أرضنا، وتطهير مقدساتنا.
لهذا فلا يستغربن أحدٌ إن حمل الفلسطيني بندقيته وقاتل، وامتلك السلاح وقاوم، وبحث عن كل سبيلٍ وناضل، وطرق كل الأبواب ليثبت، وسلك مختلف السبل ليصمد، وتحالف مع الصادقين ليقوى، وتعاون مع المخلصين ليستمر في مقاومته، فهذه هي سنة الشعوب التي أحتلت أرضها واغتصبت حقوقها، وطرد أهلها وشرد شعبها، أن تقاوم وتقاتل، وتكافح وتناضل، وهو أمرٌ طبيعي وعملٌ مشروع، تبيحه الشرائع والأنظمة، وتحترمه النُظُمُ والدولُ، وتمارسه الشعوب وتتبعه الأمم، والتاريخ خير شاهدٍ على الشعوب التي ناضلت، والأمم التي قاومت، التي دوماً تنتصر في قضاياها لأنها على الحق، وتنتصر على أعدائها لأنهم على الباطل، وتصر إلى غايتها لأنها مشروعة، وتحقق أهدافها لأنها طبيعية.
الفلسطينيون يصدون الظلم، ويقاومون الاحتلال، ويدفعون الباغي ويواجهون الطغيان، ويضحون بحياتهم ليضعوا حداً للعدوان، ويصرون على التمسك بحقوقهم والبقاء في أرضهم، وما معركة "سيف القدس" إلا للدفاع عن الحقوق، والحفاظ على المنازل والبيوت، والإصرار على الصلاة والعبادة والطقوس، والثورة ضد القتل والانتفاضة ضد الأسر، ولن يتأخر الفلسطينيون عن واجبهم، ولن يهنوا في مقارعة عدوهم، ولن يضعفوا أمامه وإن كان أقوى منهم، ولن يستسلموا له وإن كان يلقى الدعم والإسناد أكثر منهم، وسيدرك العدو شاء أم أبى، أن هذا الشعب القوي الجبار، العنيد المغوار، صابرٌ حتى تحقيق أهدافه، وثابتٌ حتى يستعيد حقوقه، وباقٍ حتى يعود إلى أرضه ووطنه.
يكره الفلسطينيون الحروب لكنهم مجبرون عليها، ويحبون الحياة لكنهم محرومون منها، ويسعون للاستقرار لكنهم لا يتمتعون به، ويتطلعون للأمن والسلام لكنهم يعانون من غيابه، ويستغربون صمت العالم وعجزه عن نصرتهم ومساندتهم، وقادة العالم يعلمون أن الفلسطينيين مظلومون، وأنهم أصحاب قضية حقٍ مضى عليها أكثر من سبعين عاماً، وأن الكيان الصهيوني ظالمٌ معتدي، قاتلٌ مجرمٌ، فاسدٌ مبيرٌ، يقتل البشر ويدمر الحجر ويحرق الشجر، ولا يبالي بقانونٍ ولا يحترم شريعةً، ولا يخاف من عقوبةٍ، ويتحدى البشرية بصلفة، ويجابه الإنسانية بجرائمه، إلا أن تصده القوة، ويقف في مجابهته الحق، ويتحدى أصحابه ظلمه، ويصبرون على عدوانه وأذاه، ويعدون العدة للثأر منه والانتقام، ومواجهته والانتصار عليه.


صورٌ ومشاهدٌ من معركة سيف القدس صمتُ العربِ الرسمي عجزٌ مهانةٌ


بعد تسعة أيامٍ من الحرب الضارية الضروس التي يشنها العدو الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، والتي ما زالت مستمرة وتتصاعد عنفاً وتزداد ضراوةً، وتتوزع على أرجاء القطاع الصغير، وتتكسر قذائفه على جسده الضعيف، وتتوالى على أهله المدنيين دون رحمةٍ أو هوادةٍ، حيث يستخدم في حربه المقيتة أحدث ما لديه من أسلحةٍ متطورةٍ تمتلئ بها ترسانته العسكرية، تتقدمها القاذفات الأمريكية العملاقة، والطائرات الحربية المقاتلة، وعشرات القطع البحرية، ومعها مدافع الميدان والدبابات، التي تدك القطاع وتزلزل أرضه، فتهدم بنيانه وتدمر عمرانه، وتحرق حقوله وتسوي بالأرض مساكنه وبيوته، وتقتل أطفاله ونساءه، وشيوخه ورجاله، وتحدث في أرجاء القطاع خراباً غير مسبوقٍ في بنيته التحتية، وشوارعه وطرقه العامة والفرعية.
 
أمام هول المجازر اليومية والقصف الوحشي المجنون، تقف الدول العربية تراقب الأحداث وكأنها لا تعنيها، وتتابع مجرياتها وكأنها لا تهمها ولا شأن لها بها، فالحرب ليست عليها ولا تقلقها، وهي لا تنعكس عليها ولا تؤثر فيها، وإسرائيل ليست ضدها ولا تعاديها، فقد سالمها أكثرهم وعاهدوها، واعترفوا بها وطبعوا معها، فغدت صديقةً لا عدوةً، وجارةً مسالمةً لا عدواً بواقاً، وأصبحت بالنسبة لهم مهادنةً لا تنكث، وآمنةً لا تغدر، وصادقةً لا تكذب، ومظلومةً لا تظلم، ومضطهدةً لا تعتدي.
 
محطات التلفزة العربية الرسمية ما زالت على حالها لم تغير شيئاً من برامجها، ولم توقف مسلسلاتها وأفلامها، ولم تمتنع عن بث الأغاني وعرض الحفلات الراقصة، ولم تخصص جزءً من وقتها لتغطية الأحداث وتسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية، واكتفت بخبرٍ مجزوءٍ تبثه عبر نشرة أخبارها عن الأحداث الجارية، وقد يتقدم الخبر ولكنه دوماً يتأخر، ويعرض بطريقةٍ سرديةٍ عامةٍ، وكأن الأحداث وصفيةً عن شعبٍ آخر وأمةٍ غريبةٍ.
 
وقَلَّ أن تستضيف محطاتهم خبراء عسكريين أو محللين سياسيين، ليشرحوا ما يحدث، ويسلطوا الضوء على ما يجري، فالأمر لا يهمهم كثيراً ولا يعنيهم، ولا يريدون لشعوبهم أن تنشغل بها أو أن تقلق، ولا أن تتعاطف معها أو تتأثر، بل إن بعضهم إن استضافوهم يحمل المقاومة المسؤولية، ويعتبرها المسؤولة عما يقع في القطاع، إذ تجرمها في الدفاع عن أهلها، وتخطئها في إطلاق صواريخها، وتراها تتفرد في القرار الوطني ولا تشرك العرب فيه، وتطالبها بالكف عن العدوان والامتناع عن استهداف المدنيين الإسرائيليين، وتحمل فصائل المقاومة المسؤولية عن تفجير الأحداث واندلاع الحرب، إذ أنها بادرت بالقصف وبدأت الحرب.
 
يستغرب الفلسطينيون كثيراً هذه المواقف العربية الرسمية، التي تخلو من النخوة والشهامة، وتعوزها الرجولة والأصالة، وتفتقر إلى العزة والكرامة، وليس فيها شيءٌ من النبل أو أثرٌ أواصر القرابة، إذ كيف يقبلون على أنفسهم نصرة العدو على أبناء أمتهم، ويصمتون على جرائمه، ولا يحركون ساكناً ضده، علماً أن الفلسطينيين لا يطالبونهم بالقتال نيابةً عنهم، ولا يستحثونهم ليكونوا على الجبهات قبلهم، بل كل ما يتمنونه أن يقوموا بالتخذيل عنهم، وتحريض المجتمع الدولي ضد الكيان الصهيوني، ورفع الصوت السياسي للضغط عليه وعزله، ومحاسبته ومعاقبته، فهذا أقل القليل غير المكلف، وأضعف الإيمان غير المخزي.
 
ربما رأينا من حكومات بعض الدول الغربية والأجنبية مواقف مختلفة، أشرف وأكثر نبلاً، وأصدق وأكثر جرأةً، وسمعنا من مسؤولين غربيين أصواتاً أعلى ونبرةً أشد ضد العدو الإسرائيلي، يطالبونهم بالتوقف عن العدوان والكف عن اقتراف جرائم القتل والتدمير، ولكن الأنظمة لم تشعر بالغيرة والغضب، ولم تحركها النخوة أو تحرجها الشهامة، واستمر صمتها وتواصل عجزها، وشذ خطابها، وأهمل إعلامها وشوه بصوره قضيتنا، وحَرَّفَ بتصريحاته حقيقة الأحداث ومسؤولية الاحتلال وجرائم جيش العدوان.
 
لا يستغرب الفلسطينيون وحدهم صمت الأنظمة العربية وعجزها، بل إن شعوب البلاد العربية نفسها يستغربون استخذاء حكوماتهم وسلبية أنظمتهم، ولا يترددون في إبداء غضبهم والتعبير عن سخطهم، ولكن بطش السلطات كبير وسوطهم مؤلمٌ قاسي، لا يرحمون من يعارضهم، ولا يسكتون عمن يخالفهم، ولا يقبلون بمن يتهمهم، ولا يصغون السمع لمن يستحثهم أو يحرضهم، بل ينقلبون عليه ويتهمونه، ويسجنونه ويحاكمونه، وما علموا أن شعوبهم لن ترضى عنهم ولن تقبل مهم ما لم ينتصروا لفلسطين وأهلها، وأن العدو الصهيوني لن يرضى عنهم ولن يقبل بهم حتى ولو اتبعوهم وكانوا لهم عوناً، أو أيدوهم وكانوا لهم خدماً، تلك هي طبيعتهم، وهذه هي جبلتهم التي أخبرنا بها القرآن الكريم ونقلها لنا وحيُه جبريلُ الأمين.

 

****

 

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 29/ 30 أفريل ـ ماي 2021 ـ
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 29 et 30 mois (avril et mai 2021)
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174
*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=LTuxqpDqnds

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

آخر تعديل على الخميس, 20 أيار 2021

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :