wrapper

الجمعة 26 أبريل 2024

مختصرات :

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


يعتبره اليهود منذ آلاف السنوات، أنه العيد الأكثر أهميةً وقداسةً بالنسبة لهم، والأهم بالنسبة لأتباع دينهم المشتتين في الأرض والعائدين إلى "الوطن اليهودي"، كونه يجمعهم ويوحدهم، ويخصهم ويميزهم، فهو اليوم الذي عليه يتفقون وله وينتظرون، وفيه يلتقون وعليه يلتفون، وبتعاليمه يلتزمون وبطقوسه يحتفلون، يقدسه المتدينون ويحترمه العلمانيون، وتخضع له الحكومة وتعطل فيه الدولة، وتتوقف فيه مظاهر الحياة العامة، الحركة والمواصلات والإعلام والسفر والتجارة وغيرها.


 
فهو العيد الذي يرتبط بتاريخهم القديم ويتصل بمستقبلهم الموعود، الذي حافظ على انتمائهم قديماً، وحصن شخصيتهم وفرض هويتهم حديثاً، وتزداد أهميته عندهم عاماً بعد آخر دينياً وقومياً، لما يرتبط به من أحداث وتتصل به وقائع جديدة، تجعل منه عيدهم الأكبر، ويومهم الأشهر.
 
يعتقد اليهود أن هذا العيد يطهرهم من كل ذنب، ويخلصهم من كل معصية، ويبرؤهم من كل جريمة، ويجعلهم صفحةً ناصعة البياض نقيةً طاهرة، لا رجس فيها ولا نجس، ولا عيب فيها ولا نقيصة، فيه يرضى الرب عنهم ويباركهم، ويسبغ عليه نعمه ويسعدهم، بعد أن أقبلوا عليه طائعين مختارين، صائمين ملتزمين، مصلين داعين، صادقين مؤمنين، معترفين نادمين، خاضعين لحاخاماتهم الكبار يطهرونهم، ومن الآثام يخلصونهم، وبدجاجة الرب يباركونهم، التي إليها تنتقل معاصيهم، فتطهر أجسادهم وتسمو أرواحهم، ويعودون إلى الرب الذي  -بزعمهم- باركهم وجعلهم شعبه المختار وأبناءه الأطهار.
 
لا يكتفي اليهود في هذا اليوم بالصلاة والدعاء لأنفسهم، أو أداء طقوسٍ غريبةٍ يعتقدون أنها تكفر عن الآثام والخطايا، وتغفر الذنوب والزلات، بل يدعون "الرب" لغيرهم ويترحمون على سواهم من اليهود، أحياءً وأمواتاً، ولكنهم يخصون المجرمين من قادتهم، والقتلة من زعمائهم، والمتطرفين من أحبارهم، والمتشددين من حاخاماتهم، ممن أوغلت أيديهم في دماء الفلسطينيين والعرب، بمزيدٍ من الدعاء والبركة، بحجة أنهم خدموا الشعب اليهودي وحافظوا على دينه ومعتقداته، وقاتلوا من أجل حقوقه وممتلكاته.
 
يظن اليهود أن صيام يومٍ أو أكثر يطهرهم من ذنوبهم، ويخلصهم من معاصيهم، ويغفر لهم خطاياهم وجرائمهم، ويجعل منهم أناساً صالحين وشعباً مسالماً، لا يظلم ولا يقتل، ولا يبغي ولا يبطش، ولا ينفي ولا يطرد، ولا يسفك الدماء ولا يستنزف الأجساد ولا يزهق الأرواح، ولا يحرم الخلق من حقوقهم، ولا يجردهم من ممتلكاتهم، بحجة أنهم غويم، خلقهم الله لخدمتهم والسهر عل راحتهم، فقد خلقهم الرب بهذا الشكل ليكونوا عبيداً لهم وأجراء عندهم، فلا إثم بقتلهم، ولا معصية بعقابهم، ولا يسخط الرب عليهم باستخدامهم وظلمهم، واستعبادهم وضربهم، وحصارهم وتجويعهم، ولعل بعض حاخاماتهم يصفون غيرهم بأنهم صراصير ضارة يجب أن تقتل، أو أفاعي سامة يجب أن تحبس.
 
الطهارة والبركة، وطلب المغفرة والرحمة، وادعاء الصدق والبراءة، لا يكون بمزيدٍ من الظلم والقتل، والعدوان والقهر، والاحتلال والغصب، ولا يتحقق وأيديهم بالدماء الطاهرة ملوثة، وسلاحهم ضد المدنيين والمستضعفين مثخناً، ومستوطنوهم يعيثون في الأرض فساداً، يعتدون على السكان ويحرقون بيوتهم، ويتلفون محاصيلهم ويعطبون سياراتهم، وإنما تكون بالصدق والعدل، والامتثال للحق والإذعان له، والاعتراف بالخطأ والعدول عنه، والتراجع عن العدوان والكف عن المزيد منه، وإعادة الحقوق إلى أصحابها والامتناع عن انتزاعها منها أو منافستهم عليها.
 
الله عز وجل، الحكم العدل، السلام الحق، والأديان السماوية الصافية النقية، التي لم تستبدل ولم تُغيرُ، لا تقبل بالظلم ولا تباركه، ولا تسكت عنه ولا تهادنه، ولا تدعو إليه ولا تشجع عليه، فإن كان اليهود يتطلعون إلى رضا "الرب" ونيل بركته، وهو الإله الخالق الغفور الرحيم، فهذا الهدف لا يتحقق بقرنٍ فيه ينفخون، ولا بوقٍ به يصدحون، ولا بصيامٍ زائفٍ أو صلاةٍ ناقصةٍ، وإنما يتحقق بتوبةٍ نصوحٍ، وإنابةٍ صادقٍ، وطهارةٍ فعليةٍ، لا يختلط فيها عدوانٌ أو احتلالٌ، أو ظلمٌ وبغيٌ، أو اغتصابٌ وتدنيسٌ، مع الدعوات بتطهير النفس، والمباشرة بحياةٍ جيدةٍ تقوم على الصفاء والطهر والنقاء.
 
هل يظن الإسرائيليون أن الله عز وجل سيغفر لهم المجازر التي ارتكبوها، والمذابح التي نفذوها، وعمليات القتل التي يمارسونها، وسيتجاوز عن جرائمهم في حق آلاف الأسرى والمعتقلين الذين يحبسون حريتهم، ويضهدون إنسانيتهم، ويحرمونهم من أبسط سبل الحياة الكريمة، أم أنهم يأملون أن يغفر الله عز وجل خطاياهم ويتجاوز عن آثامهم بحقِ الشعب الذي انتزعوه من أرضه وطردوه، وحرموه من بلاده وشردوه، وتسببوا في معاناته وعذاباته لأكثر من سبعين عاماً وما زالوا.
 
ألا يعلم اليهود أن أحد أهم شروط قبول التوبة والمغفرة، والصفح والعفو والمسامحة، هو إعادة الحقوق إلى أصحابها، والاعتذار منهم وطلب السماح من كل أجيالهم، والتعويض عن جرائمهم وقبول ما يطلب منهم، والندم والاستغفار عما مضى، والعزم على الإقلاع عنها وعن مثيلاتها، وإلا فإن التوبة باطلة، والاستغفار فاسد، ومظاهر التذلل كاذبة، وطقوس العبادة زائفة.
 
فهل يصدق الإسرائيليون في عيدهم، ويكونون عباداً مخلصين لربهم، ويتوبون إليه توبةً نصوحاً، ويتخلصون من أدرانهم وآثامهم، ويلتزمون بالحق ويقبلون به، ويعودون عن ضلالتهم، ويطهرون أنفسهم بطرد الأشرار من بينهم، أم أنهم يكذبون على أنفسهم وعلى الله ربهم، ويخادعون الله وعباده، ويصرون بصلفٍ وعنادٍ، وحقدٍ وكرهٍ، على اقتراف المزيد من الذنوب وارتكاب الكثير الخطايا، فبذا ترد توبتهم ولا تغسل حوبتهم، ولا يستحقون مغفرةً ولا يستأهلون رحمة.
 
بيروت في 18/9/2021

****

Pour acheter le dernier ouvrage littéraire publié par « elfaycal.com » dédié aux écrivains arabes participants:
« Les tranchants et ce qu’ils écrivent! : emprisonné dans un livre » veuillez télécharger le livre après achat , en suivant ce lien:
رابط شراء و تحميل كتاب « الفيصليون و ما يسطرون : سجنوه في كتاب! »
http://www.lulu.com/shop/écrivains-poètes-arabes/الفيصليون-و-ما-يسطرون-سجنوه-في-كتاب/ebook/product-24517400.html
رابط لتصفح و تحميل الملحق الشهري العددين ـ 29/ 30 أفريل ـ ماي 2021 ـ
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
Pour FEUILLETER ou télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéros 29 et 30 mois (avril et mai 2021)
format PDF, cliquez ou copiez ces liens :
https://fr.calameo.com/read/006233594eba57a00a174
*****
أرشيف صور نصوص ـ في فيديوهات ـ نشرت في صحيفة "الفيصل
archive d'affiches-articles visualisé d' "elfaycal (vidéo) liens روابط
https://www.youtube.com/watch?v=LTuxqpDqnds

‎ـ تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des 
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce 
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of 
freedom of expression and justice click on this 
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le 
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
https://www.paypal.com/donate/?token=pqwDTCWngLxCIQVu6_VqHyE7fYwyF-rH8IwDFYS0ftIGimsEY6nhtP54l11-1AWHepi2BG&country.x=FR&locale.x=
* (الصحيفة ليست مسؤولة عن إهمال همزات القطع و الوصل و التاءات غير المنقوطة في النصوص المرسلة إليها .. أصحاب النصوص المعنية بهكذا أغلاط لغوية يتحملون

مسؤوليتهم أمام القارئ الجيد !)

 

آخر تعديل على السبت, 18 أيلول/سبتمبر 2021

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :