wrapper

السبت 27 أبريل 2024

مختصرات :

فراس حج محمد ـ فلسطين


تزداد ظاهرة "المثقفين المزيفين" بشكل مقلق ولافت للنظر، بحيث لم يعد يوجد مثقف منتمٍ أو مشتبك أو عضوي، وكلهم، إلا ما ندر، أصبح خارج إجابة السؤال الثقافي: ما هو الدور الذي يجب أن يتخذه المثقف الفلسطيني على وجه التحديد؟ وهو يرى ما يرى من اعتداء صارخ عولمي تجاه وجوده أولا وقبل كل شيء، لأنه لا وجود لمثقف خارج اندماجه بسؤال الحياة والسياسة، هكذا عاش المثقفون العمالقة بالفعل في صلب السؤال وشكلوا إجابته الواضحة. أما المثقف الفلسطيني الذي انعدمت أمامه الرؤية والرؤيا معاً، وأصيب بعمى البصيرة والبصر، وجهل الفكرة والأداة، صار ضغثا على إبّالة في ظل هذا الذي نشاهده ونراه.


لقد أصبح المثقف الفلسطيني، إن انطبقت على أحد هذه الصفة، مقولبا، ومدجنا، وحريصا على مكتسباته الخاصة الذاتية المتقزمة، والعشوائية التي لم تصنع ثقافة ولا تسجل موقفا يخلده التاريخ للمثقف الفلسطيني. ها هو المثقف الفلسطيني مشتبك مع خيالاته وأوهامه وتجريبياته، وبعيد عن خط المواجهة، لسان حاله يقول: "خليني خلاك الله"، يريد أن يأكل وتمتع ويلهيه الأمل لعله يوما يفوز بجائزة!
لقد تابع كل الوسط الثقافي في فلسطين المشهود له أحيانا "بالغباء" ما حدث يوم إعلان "صفقة القرن"، وشاهد ممثلي دول الإمارات والبحرين وعُمان، وفي ظل هذا "الاستحمار" الذي يعيشه هذا الوسط أحيانا، وهذه من ضمن تلك الأحيان، لم يتخذ موقفا صريحا حادا قويا في رفض ما قامت به تلك الدول الثلاث، الموصوفة بأنها عربية وتنتمي إلى "جامعة" الدول العربية. وإنما أخذ يناور ويحاور ويتغابى، فيحمل أمريكا وإسرائيل المسؤولية. كأنه تفاجأ من موقف هاتين الدولتين الراعيتين للإرهاب العالمي، وكأن المطلوب من دولة احتلال أن تنصفه، أو ترجع له حقه، لقد تعامى المثقف الفلسطيني وتغابى بشكل مقزز، وكأنه لم يشاهد ولم يسمع شكر "ترامب" لممثلي تلك الدول على الهواء مباشرة، والتصفيق المتبوع لكلمة الشكر. فهل أصيب المثقف بالعمى ساعتئذ أم أنه شعر بالخجل أم لعله كان يقف على الحياد، وكأن الوطن المسلوب ليس وطنه، ولا ذلك الجسد المقطع هو جسده، ولا تلك الهبة الممنوحة هي مسكنه وملعب صباه ومبيت رأسه!
إن ذلك الصمت الرهيب الذي أصاب الحنجرة الثقافية يضع أمام العقل والمنطق عدة أسئلة تواجه ذلك المثقف الخجول المقولب منزوع الهيبة والروح والفعل والقوة، كأنه هو الصورة البشرية للدولة الفلسطينية منزوعة السلاح. فالمطلوب من المثقف ليس فقط عمل ندوات وأمسيات خائبة، يشبع فيها المتحدثون لطما، بل كان من الواجب عليه فردا ومؤسسات أن يكون واضحا وواضحا جدا في تحديد موقف صلب تجاه كل الدول العربية التي دعمت وتدعم يوميا إسرائيل وأمريكا ومواقفها السالبة والناهبة للحق منذ أكثر من سبعين عاما، وليس مع صفقة القرن فقط.
ماذا كان يخشى المثقف الفلسطيني؟ ولماذا لا يعلن المثقفون الفلسطينيون عن مقاطعة دولة الإمارات والبحرين وعُمان مثلا، ويرفضون المشاركة في الجوائز الثقافية التي تنظمها الإمارات مثلا، تلك الجوائز التي أضحت على ما يبدو رشوة على الوطن؟ لقد أصبحت تلك الجوائز كأنها جزء من عملية تدجين المثقف الفلسطيني، على قاعدة "اطعم الفم تستحي العين" بل أكثر من ذلك، اطعم الفم، واحشِ الجيب بالدولار يخرس المثقف. لقد قطعوا ألسنة المقفين بالعطايا "السلطوية" التي تقدم حاليا في ظل العولمة على شكل جوائز، بعد أن كانت تقدم في التاريخ العربي الذي يعرفونه مباشرة لشراء الشاعر.
لماذا لم يفكر الكتاب الفلسطينيون الحائزون على جوائز من دولة الإمارات بشتى جوائزها التدجينية أن يعيدوا ما أخذوه من دولارات ودروع وتكريمات للإمارات احتجاجا على ما فعلته الدولة مؤخرا؟ لماذا يصرّ المثقفون الفلسطينيون المساهمة في النشر في مطبوعات دولة الإمارات؟ ألأنها تدفع بالدولار؟ فهل كانت تلك الحفنة من الدولارات أهم من موقف المثقف تجاه الوطن والأمة والأجيال القادمة والتاريخ؟ أم أنه لا بد من تسليع الأفكار وإخضاعها لمبدأ العرض والطلب في ظل هذا التشوه الرأسمالي للقيم والأفكار؟ ولماذا لم يصدر اتحاد الكتاب الفلسطينيين بيان استنكار لموقف الإمارات والبحرين وعُمان على غرار ما فعل مع الصين؛ فوقف إلى جانبها ضد ما ادعاه في بيانه الخارج عن سياق المنطق، بأنه انحياز للصين الشعبية ضد أمريكا زعيمة الإمبريالية العالمية؟ أم لعل الصين أقرب من فلسطين. لماذا رفْض هؤلاء المثقفين للمواقف كرفض القحبة للتعريص؛ تقول (أفّيه، وخاطري فيه) كما يقول المثل الفلسطيني؟
هل سيفعل المثقفون الفلسطينيون شيئا في المستقبل؟ لا أظن أن ذلك سوف يحدث بل ستراهم يتابعون وأفواههم مفتوحة مثل أي كائن هلامي ينتظر الطعام والشراب والنوم في أحضان الغانيات كما فعل سفير أحد تلك الدول، وستسمع جعجعة لا طعم لها. فالمسؤولية كل المسؤولية اليوم في هذه المعركة الوجودية تقع على عاتق المثقف الفلسطيني أولا وقبل السياسي، فالسياسي صار أوضح من المثقف وتفوّق عليه، وقاده نحو زريبة ملئية بالرطوبة، يتحسس جيوبه كل حين وانتفاخها بالدولار، ويحلم بالفنادق الفارهة وأن يسفر بحجوزات الدرجة الممتازة على متن الطائرات، ويحكّ جلده كلما عنّت له فكرة تجعله أكثر تشويها وتشويشاً، هذا هو المثقف المقولب الساعي لزرع رأسه في وحول التفاهة، ففقد قيمته واعتباره ومبررات وجوده.

****

 

روابط لتحميل الملحق الشهري العدد 14 ديسمبر 2019
https://pdf.lu/q0nV

https://www.fichier-pdf.fr/2020/01/02/----14--2019/

Fichier PDF ملحق الفيصل الشهري العدد14ـ ديسمبر 2019 ».pdf

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
‎لتحميل الملحق الشهري العدد 14 ديسمبر 2019
‎و مشاركته عبر التويتر أو الرسائل القصيرة هذا الرابط الخاص:
https://pdf.lu/q0nV

‎المسنجر و البريد الإلكتروني و واتس آب استعملوا هذا الرابط :
https://www.fichier-pdf.fr/2020/01/02/----14--2019/

‎لمشاركته على موقع أو مدونة يجب نسخ هذا الرابط و لصقه على محرك البحث:

Pour télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 14 en
format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :
*****
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
@elfaycalnews

: journalelfaycal
‎ـ أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of
freedom of expression and justice click on this
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

 

آخر تعديل على السبت, 08 شباط/فبراير 2020
المزيد في هذه الفئة : « المكافأة أسكن بصمتي »

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :